صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

12/31/2010

عملوه الكبار ووقعوا فيه الصغار >> (24) مشكلة انجي و حازم..


ادرك ادهم و هم مقبلين علي انجي مدي غباء الفكرة.. بم سيشرح لأنجي سبب مجيء ملك معه؟؟ ماذا سيقول عنها؟؟ قريبته؟؟ ام سيشرح لها ان ابيه تزوج من امرأة و ملك هي ابنتها و انهم .. قصة طويلة كما انها لا تفسر لم اتت ملك وهي لا علاقة لها بلامر..

بالفعل انجي نظرت لملك متعجبة.. بينما احتار ادهم في صياغة منطقية للامر انطلقت ملك..

مدت يدها لتسلم علي انجي وتقول بابتسامة هادئة:" انجي .. انا ملك، بنت مرات انكل عصام، للاسف ادهم ادبس فيا اني اجي معاه.. انا هروح الحمام وبعدين هجيب لنفسي حاجة اشربها.. مش هضايكوا خالص.. مبسوطة اوي اني شفتك..لأني بصراحة سمعت عنك كتير في اليومين اللي فاتو.."

قالت انجي وهي تسلم علي ادهم ولكن كلامها موجه لملك:" سمعتي عني؟ ياريت ميكونش حاجة وحشة.."

ملك :" بالعكس .. اصل ادهم كان مدبس فيا طول الوقت فكان غصب عنه بيكلم حازم و انا جنبه في العربية.."

ثم غمزت لها..وذهبت لتبحث عن الحمام..

التفتت انجي لأدهم الذي كان مبهورا باسلوب ملك في تبسيط الامر، سألته بلهفة:" كان حازم بيكلمك يقولك ايه؟"

ادهم:" طب مفيش اذيك الاول.. هو انا كنت معاكي امبارح ؟؟ دانتي بقالك يجي سنتين مشفتينيش.."

ضحكت انجي:" بس تصدق متغيرتش خالص.. ابوك اجوز؟؟ " ضحكت ضحكة ساخرة..

ادهم:" هو حد بيتغير في سنتين! ايوة يا ستي اجوز.. حبه الاول.. ودي بنتها.."

ضحكت انجي اكثر وقالت:" حبه الاول؟؟!! ده ايه الرومانسية دي.. وانت بقي مدبس فيها ليه؟ "

قال ادهم محاولا تأليف تكملة منطقية لما ذكرته ملك لأنجي:" مامتها مخلياني (البودي جارد) بتاعها..بتخاف علي البرنسيسية.."

انجي ضاحكة:" ايه الضحك ده؟؟ انتا بجد ضحكتني جدا انا بقالي كام يوم مدمرة نفسيا.. شكلها علي فكرة لذيذة و بعدين عايزة اعرف سمعت عني ايه؟ خليها تيجي..بس احكيلي الاول انت هو قالك ايه؟؟.."

في هذه الاثناء كانت ملك خرجت من الحمام ووقفت علي بار المشروبات تبتاع شيئا تشربه، كانت تتابع انجي وادهم بنظرات جانبية عن بعد.. تبدو فتاة لطيفة.. ابتسامتها بشوشة... كانت فكرة غبية ان تأتي معه.. شكلها اصبح سخيفا بشدة.. وجدت انجي تناديها.. وتشير اليها ان تأتي..

اخذت كوبها وذهب اليهم.. قالت انجي:" ملك انتي قلتي انه كان بيكلم من جنبك.. اعدي احكيلي عشان هو مش راضي يكلم.."

كانت هذه دعوة صريحة مباشرة لملك بالتدخل في الامر.. سحبت كرسيا وجلست محدثة ادهم:" وانت مش عايز تقول ليه؟"

ادهم:" لما افهم منها الاول هيا عايزة ايه؟؟ مضايقة ان حازم زعلان منها وفي نفس الوقت عايزة توافق علي عريس.. طب حازم فارق معاها في ايه؟؟ ميتفلق!.."

قالت انجي بقليل من الانفعال:" يا ملك انا وحازم بعيدا عن موضوع علاقتنا.. عشرة عمر واكيد محبش ان رأيه فيا اني غدارة و ببيع الناس.. هو كلمني وقالي كده و هو منهار.. كمان انهياره ده مأثر فيا اوي.. محبش اشوفه كده.."

ادهم:" وانتي مالك بيه بقي!.. شوفي حالك وسيبيه في حاله.. مهتمة بمشاعره ليه؟؟؟"

قالت ملك لأنجي مباشرة:" انتو سبتوا بعض ليه يا انجي؟؟"

انجي:" دي قصة طويلة.. حازم اصله مش سهل.. كان بيخنق عليا اوي.. في اللبس و في الاصحاب و في الخروج.."

ملك:" والعريس ده مش خنيق؟"

انجي:" عادي .. بس مش زي حازم.."

ملك:" وهمة اصحابك اللي كان هو خانق عليهم دول لسة في حياتك؟؟"

صمتت انجي تفكر..

انجي:" لأ اتفرقنا بقي في الدنيا.. اللي اتخرجوا واشتغلوا.. واللي اتخطبوا ومشغولين بيجهزوا..و.."

ملك:" يعني مش حازم اللي فرقكوا؟؟"

صمتت انجي تفكر في الامر من تلك الناحية..

فقالت ملك:" موضوع الاصحاب ده انا اكتر واحدة تسأليني عنه.. دول اهم حاجة في حياتي، انا طول عمري ليا اصحاب أد كده... بس تقوليلي كام حد فضل معاكي اكتر من سنتين اقولك واحدة او اتنين.. الباقي بيروح و بيجي غيرهم.. ده كمان ممكن همة اللي يبعدوا عشان في واحد ظهر في حياتهم.. او لو ولد عشان برضه واحدة ظهرت في حياته و وبعدته عن كل البنات اللي بيعرفهم.. ساعتها كنت بتمني ان انا كمان يبقي عندي في حياتي حد يملا الفراغ الي اصحابي اللي بعدوا سابوه "

قالت انجي:" بس الموضوع مش الاصحاب بس.. حاجات تانية.. كان بيغلس في كل حياتي.. لما اخرج من غيره مثلا .. "

فقالت ملك:" ممم فاهماكي..ده الا الخروج!.. بس سؤال لما تتخطبوا او تتجوزوا ايه اللي هيخليكي تخرجي من غيره؟؟"

تحيرت انجي في الاجابة..

فقالت ملك:".. طب زمان كنتوا متصاحبين و الخروج معاه كان اصعب.. وكان نزولك منغيره بيتكرر كتير.. عايزة تفهميني ان عريسك ده لما تتخطبوا و لا تتجوزوا مش هيخرجك طول الوقت.. لوحدكوا او مع اصحابكوا؟؟ مش هيبقي عندك وقت اصلا تخرجي من غيره.. ده اصلا لو كان لسة ليكي مزاج لكده.."

احس ادهم ،الذي بقي صامتا، بتأثير كلام ملك علي انجي لقد انجرفت معها في اتجاه من الحوار مختلف تماما عما كان ينوي هو ان يذهب بها، كان يريد ان يحدثها بكلاما حاسما، ويضع نقاطا فوق حروفها، هل مازالت تريد حازم ام لا؟ وان كانت لا تريده و ستكمل مشروع خطوبتها مع ذلك العريس.. فلتبتعد عن صديقه وتغير رقم هاتفها و تنساه، حتي يفقد الامل ، لأن بإظهار اهتمامها بتلك الطريقة سيصيب حازم بالربكة و يزيد من عذابه.. ولكن ملك كانت تشرح علاقتهم السابقة تشريحا.. كانت تسأل السؤال و تجعل انجي تفكر في الاجابة الصحيحة.. ما هذه الحكمة يا ملك.. من امتي؟؟ انجي تستمع متاثرة وغارقة في التفكير.. انها ليست حكمة .. يبدوا ان خبرتة ملك في حياة التفاهة.. جعلتها اكثر الاشخاص قدرة علي التحدث في الامر..

قالت ملك:" عارفة انتي معاكي حق! لأ حازم بجد خنيق.."

التفت لهاادهم مدهوشا غير مصدق التحول..

فقالت ملك وهي تزغر لأدهم :" تفتكر يا ادهم حازم مستعد يتغير عشان انجي؟؟"

ادهم الذي التقط الكرة:" مش عارف.. بس انتو بتتكلموا عن واحد كان عيل لسة طالع من ثانوي.. حازم دلوقتي هيتخرج و يشغل.. اكيد فيه حجات كتير اتغيرت في دماغه.. وبعدين سيبان انجي ليه، هخلاه يفكر الف مرة في العلاقة وشكلها.. وكل الغلطات اللي حصلت فيها.."

ربعت ملك زراعيها امام صدرها وقالت ( بألاطة) وكأنها ام انجي او المفوض الرسمي للتحدث باسمها:" لو كده يبقي ممكن انجي تفكر!"

كانت انجي غارقة في التفكير.. فلكزتها ملك بمرفقها.. فانتبهت وقالت:" ايوة .. لو كدة مستعدة افكر!"

كان تحولا ايجابيا في موقف انجي فبعد ان كانت لا تريد حازم و فقط تريده غير غاضبا منها.. اصبحت مستعدة للتفكير في الامر..

اكملت ملك بجدية :" ادهم دلوقتي الكلام اللي جاي ده مش هيوصل لحازم.. لحد منفهم موقفه.. نقدر نثق فيك؟؟"

لقد اصبحت بالفعل المحامي الخاص بانجي وتتحدث عنها بحرف النون..

فقال ادهم متجاوبا مع ملك:" تقدروا! لو تحبوا اقوم خالص ممكن .. انا شايف ان وجودي اصلا ملوش لازمة.."

فقالت ملك :" يا ريت!"

قام ادهم مندهشا من سيطرة ملك علي الموقف، ترك الامر لها فبعد ما رأه من تأثيرها علي انجي.. كان يثق في مزيد من النتائج الايجابية.. بالفعل ذهب ليتمشي بالخارج يتابعهم عبر الزجاج الخارجي للمقهي..

كانت انجي برغم انها صاحبة الامر لا تعلم ما هو الكلام الذي لن يقال لحازم..

نظرت لملك في غباء منتظرة ان تفهم..

التفتت لها ملك و سألتها بحزم:" انتي يا انجي لسة بتحبي حازم؟ باختصار كده"

فقالت انجي:" انا عمري ما نسيته.. "

ملك ضاغطة عليها:" بتحبيه؟!"

انجي:" ايوة .. بس هوة..."

ملك:" خنيق! عرفنا!.. ماهو ادهم قال الواد اتحسن.. وانتي كمان فكري كده.. لبس ايه و اصحاب ايه؟ انتي عارفة انا لسة واخدة حتت خزوق من واحدة كانت عاملة فيها صحبتي واختي.. ودي بذات ادهم كان مصر اني اقطع معاها وانا فضلت اقاوحه.. لوكنت سمعت كلامه كنت وفرت علي نفسي قصة طويلة ملهاش لازمة.. وبعدين اللبس دي حاجة بقي تحاولي تظبتيها معاه.. دي حاجة حلوة اصلا انه بيغير عليكي.. عارفة انا عندي لبس مش قادرة اقولك غالي اد ايه و جايبة من بلاد شكلها ايه.. كله هيتكوم في الدولاب عشان ادهم بيقول عليه لبس رقاصات.. وانا مش مضايقة خالص..كما.. "

قاطعتها انجي:" انا مش فاهمة.. هو انتي وادهم مرتبطين؟"

بقيت ملك فاتحة فمها علي اخر حرف قبل ان تقاطعها انجي، يبدوا انها تحمست و انفعلت في الحديث بشكل (اوفر) ما علاقة ادهم بالموضوع؟؟.. لم تقارن نفسها معه بانجي مع حازم؟؟ احرجها سؤال انجي، كانت ترغب في ان تموت مخنوقة في التو واللحظة.. او يحدث انفجار في المكان فتموت هي و انجي و معهم الحديث الذي دار الان..

ابتلعت ريقها وقالت بارتباك:" لأ مرتبطين ايه.. هو ادهم اصله.. حشري.. حشري جدا.. بيتدخل في حياتي.. وانا بعتبره اخويا.. بجد.. بجد هو زي اخويا.. انا مليش اخوات.. هو زي اخويا.."

انجي:" ايه يا ملك؟! قلتيها عشر مرات.. انتي بتحفظيها؟"

ابتسمت ملك في ارتباك و فقدت القدرة علي التركيز.. لم تستطع ان تجمع افكارها مرة اخري للاقناع انجي.. ولكن يبدوا ان محاولتها الي الان كانت كافية..

قالت انجي:" عارفة .. انا كتير كنت بندم اني سبته..عشان كده عمري ما ارتبطت بحد بعده.. وكنت بقول يا تري مين فينا اللي صح.. وبعدين افكر في قدام.. ازاي كنت مثلا هشتغل وهو بالعقلية دي.. بس دلوقتي انا حاسة اننا كنا فعلا عيال و معرفناش نحافظ علي العلاقة لكن لو اتكلمنا و حطينا حلول وسط دلوقتي ، يمكن تفرق، وخصوصا ان زي ما ادهم قالي حازم عايز يتقدم عشان نتخطب اول لما السنة تخلص.. يعني الموضوع علي مستوي تاني.. رسميات وكلام ناس كبيرة .. مش اتنين متصاحبين.. انا مبسوطة قوي اني اكلمت معاكي.. انا حاسة انك فاهماني قوي.. ملك؟"

كانت ملك تسمعها بنصف انتباه ، فقد كان عقلها مشغولا بـ( العك) الذي قالته منذ لحظات..

ملك:" انا كمان مبسوطة جدا.. ومتأكدة ان حازم بيحبك ، وهتعرفوا تحلوا مشاكلكوا"

بعدما عاد ادهم قالت انجي وهي تنصرف:" ادهم متكلمش حازم.. انا اللي هكلمه.. علي فكرة انا هرفض العريس..مع انه زي القمر" وابدت تعبيرا متحسرا علي وجهها ثم ابتسمت في سعادة..

فقال ادهم:" امشي من هنا يا بت.. طول عمرك عنيكي زايغة زي الولاد.. امشي بدل ما اكلمه انا اقوله البت دي منحرفة سيبك منها"

ضحكت انجي و اشارت لهم مودعة وخرجت من المكان وهي في قمة السعادة..

نظر ادهم لملك.. كان سعيدا بها.. لم تكن بالسوء و السطحية التي تخيلها، يكفي انها استغلت اسلوبها في السيطرة علي امثالها من البنات لتؤثر علي انجي وتوجه رأسها نحو تفكير اكثر ايجابية في علاقتها بحازم..لم فعلت ذلك..حازم و انجي لا يعنيان لا شيئا، لا تعرفهم من الاساس.. لم تدخلت بتلك الصورة القوية محدثة ذلك الفارق الهائل؟ ان التغير في شخصيتها الي الاحسن كان دراميا (كما يقول الامريكان).. اقوي مما توقع واسرع مما تخيل..

اتصلت صافي علي هاتف ادهم حيث انها لا تحادث ابنتها، لتطمئن عن سبب تأخيرها..

فقال ادهم :" معلش يا طنط خدت ملك معايا في مشوار.. لما ارجع يا عايزك في موضوع مهم.. لأ خير. اطمني.. مع السلامة "

عندما عادا في السيارة، كانت ملك تفكر في الكلام الذي خرج منها بتلقائية لانجي ليتها لا تخبر به ادهم..

اما ادهم فقد كان يفكر في حل .. هو يحب ملك.. بشدة.. ماذا ان اخبرها وكان شعورها نحوه مختلفا.. ستحدث ازمة، الامر حساس جدا و شائك..سيصبح تواجدهم معا امرا موترا.. وقد تحكي لأمها و يصبح الموضوع مشكلة بالبيت.. كما انه غالبا ما سيخسر فرصة قربه الدائم منها.. لن يخبرها الان ستكون من الحماقة ان يفعل ذلك..

عملوه الكبار ووقعوا فيه العيال >> (23) المزيد..


عادت ملك الي البيت بالقاهرة في مزاج سيء، نزلت من سيارة ادهم و تركته وهو لم ينزل بعد، مشت غاضبة الي البناية ولم تنتظره، تتبعها هو الي ان غابت عن عينيه داخل البناية.. ثم تنفس الصعداء، لقد كان يحبس انفاسه خشية ان يبوح احدهم عن ما بداخله..
استقبلتها امها بابتسامة شوق والكثير من القبلات ، دست ملك رأسها في صدر امها وتنهدت تنهيدة حارة، احست صافي ان ابنتها ليست علي ما يرام.. سألت عن ادهم اجابتها ملك في حدة" بيركن تحت!"
اما عصام الذي وقف ايضا في استقبال الاولاد قال ضاحكا علي رد ملك الحاد:" انتو اتخانقتوا ولا ايه؟ هتعملوا فيها اخوات بجد وتأنروا بعض؟؟.."
ارتبكت ملك، فهي لم تتشاجر ابدا مع ادهم فقالت: "لا طبعا يا انكل.. بالعكس احنا اتبسطنا جدا بالذات عند طنط هيام.. قصدي ميمي"
قالت صافي مندهشة:" حتي انتي وصلتي لميمي.. "
ابتسمت ملك ابتسامة صفراء لتجاري الحوار الضاحك.. وما ان دخل ادهم من باب البيت، حتي تركتهم جميعا يسلمون علي بعض و دخلت لحجرتها دون ان تنظر له.. كانت مستأة منه لأنها ترغب في اهتمامه!!.. ولكنه لم يفعل شيئا يلام عليه!!.. احاسيسها المتضاربة ..اربكتها ووترتها.. استقرت في حجرتها الصغيرة علي السرير..تفكر بعمق حتي اصابها الصداع..
بعد فترة غير طويلة دخلت عليها امها..
صافي:" مالك يا ملك؟؟ اول مرة احس ان في حاجة مضيقاكي اوي.."
قالت ملك مستفهمة ببرود:" اول مرة ازاي يعني؟؟!"
صافي:" قصدي حاجة مضيقاكي من جوة ..مش الحاجات العادية الهبلة اللي بتعصبك علي طول.."
صمتت ملك برهة ثم انفجر من الكلام منها.. حكت لأمها عن كل تفصيلة حدثت في رحلة الاسكندرية..
استمعت صافي باهتمام.. امسكت اعصابها ورد فعلها خاصة في الجزء الخاص بكريم..و ما ان انتهت ملك تماما..حتي قالت صافي بغيظ:" وهو ادهم مضربكيش انتي كمان ليه؟؟"
اتسعت عينا ملك في ذهول، ثم عقدت حاجبيها وقالت مستنكرة:" نعم؟؟"
فقالت صافي:" اصل اللي حصل فيكي مش كفاية!! يعني مرتين في نفس الليلة كنت مستعدة بكل ارادتك انك تروحي البيت مع شابين مختلفين!! زيك زي اي واحدة مش متربية.. انا يظهر غلط في تربيتك.. يظهر ان انا كمان زيك..كان عندي ثقة اكبر من حجمها فيكي.. "
قالت ملك:" الموضوع مش زي مانت مصوراه يا مامي.. انا لما كنت هروح لكريم كنت فاكرة انها حفلة كبيرة مانت كنتي بترضي اروح الحفلات عند كذا حد من اصحابي و الولاد.. وطلعت مع ادهم عشان بثق فيه.."
فقالت صافي بانفعال و هي تحاول اخفاض صوتها :" انتي فعلا مبتعرفيش تفكري زي ما ادهم قال عنك.. اللي كنت بوافق عليهم دول يا بنتي ..كانوا ولاد صحباتي.. انا نفسي بروح بيتهم وهمة بيجوا بتنا وعارفهام وعرفة تربيتهم..عشان كده كنت بسمحلك.. ولو اني ابتديت اشك اني كنت غلطانة لما سمحتلك بأي حرية من النوع ده.. انما كريم ده تعرفيه منين عشان تروحيله؟!! وادهم حتي لو بتثقي فيه في حاجة اسمها سمعة! تفتكري ليه انا مبرضاش انك انت وادهم تباتوا في البيت واحنا مش موجودين..هل عشان انا مش بثق في ادهم مثلا؟؟ لأ ..عشان ميصحش! "
صمتت ملك، اخر ما كانت تنقصه هو تأنيب امها..
عادت صافي لتقول:" عارفة.. عصام طول الوقت كان مستعجب علي الحجات اللي بسمحلك بيها.. مكانش طبعا عايز يتدخل في اي حاجة عشان ولا يضايقني و لا يضايقك.. بس كانا بيعلق وخلاص.. كنت انا ارد عليه واقوله.."اصل ملك غير اي بنت."، "انا بثق في قدرتها علي التصرف في اي موقف.." ،"اصل انا مربياها من زمان علي حرية التصرف..وتحمل النتائج".. كان يرد يقولي " لأ يا صافي.. انتي بس مبتعرفيش تقوليلها لأ.." يظهر فعلا انه كان عنده حق! "
لم ترد ملك ايضا..
فقالت صافي:" وادهم اللي انتي قال مضايقه منه انه معبركيش في الطريق كله ده .. المفروض انك تفضلي تبوسي رجله لحد ما تموتي علي الرجولة الفظيعة اللي عملها معاكي.. انا كنت بقول يارب يجوزك.. دلوقتي بقول يا رب يبعتلوا واحدة كويسة زيه..لأن الدعوة الاولي كأني بدعي عليه بالظبط.. وهو مايستاهلش يدعي عليه ابدا.."
بدأت الدموع في التراقص في عين ملك و هي تنظر لأمها مذهولة.. لم تحدثها ابدا بكلام مثل هذا، لم تلمها ابدا بتلك الطريقة.. ناهيك عن الاهانة التي شعرت بها للتو في الجملة لمها الاخيرة..
حاولت صافي ان تثبت علي موقفها امام دموع ابنتها الحبيبة.. لن تلين! ذلك اللين هو سبب كل ما فعلته ملك.. كان يجب ان تكون اكثر شدة معها.. ما كان ينبغي ان تخشي شعور ابنتها بيتم الاب..ومحاولة تعويضه بالدلع الشديد.. لقد اسائت تقدير حجم الثقة و مساحة الحرية التي اعطتها لملك .. منحتها اكبر من قدرتها.. لذلك اختل توازنها.. وكادت ان تقع لولا ان ادهم تلقفها .. ولم يكتف بل يدفعها دفعا لتتوازن .. فعل ما فشلت هي امها فيه .. اسعده الله..
خرجت صافي من حجرة ملك تاركة اياها غارقة في دموعها..
بحثت عن ادهم لتجده في حجرته، يتحدث في الهاتف.. اشارت اليه بانها تريد التحدث معه، فقام بانهاء المكالمة فورا..
ادهم:" تعالي يا طنط.. اتفضلي.."
دخلت صافي و اغلقت الباب خلفها.. مما وتر ادهم.. يبدوا انها تريد شيئا هام وسري..اتراه يخص ملك؟
قالت صافي:" انا عارفة بنتي فيها عيوب الدنيا والاخرة ..بس فيها ميزة حلوة اوي.. بتيجي تحكيلي كل حاجة..يمكن دي الحاجة الوحيدة العدلة اللي ربيتها عليها من زمان.. تعمل المصيبة و تجي تحكي عي طول.."
ابتسم ادهم وقد استنتج ان ملك حكت لها ما حدث في اليومين الماضيين:" ليه بتقولي كده عن ملك، دي نسمة! دي كلها مميزات"
قالت صافي:" سيبك من الهزار.. انا جاية اعتذرك عن كل القرف اللي شفته من تحت راس بنتي والاهم اشكرك علي كل حاجة عملتها عشانها، مش عارفة لولا وجودك جنبها كان حصل ايه.. وحتي لو كان الموقف ده عدت هيا منه بسلام.. انا مبقتش اثق في حسن تصرفها لو قابلت موقف تاني زيه ..بجد اشكرك..ربنا يحميك يا حبيبي و يفرح عصام بيك"
قال ادهم ضاحكا محاولا ان يبسط الامر:" يا طنط ده اقل حاجة عندي.. لو عايزاني اقطملك رقبتها من عنيا.. مدام هي حكيتلك عن كل حاجة.. يبقي كمان لازم تعرفي انا كنت مربيها ازاي في الجامعة.. كانت بتتلفت حوليها.."
ابتسمت صافي وقالت:" والله مانا عرفة حتي اضحك.. انا اتصدمت فيها و في نفسي.. باباك كان صح لما قاللي اني غلط.."
قام ادهم ووضع يده علي كتفها وضمها اليه وقال:"معلش، هعتبرك زي ميمي عمتي انا بحضنها كده برضه..انتو الاتنين قصيرين زي بعض.. اسمعي يا طنط.. مفيش حاجة تزعل، ملك الحمد لله زي القردة اهي في اوضتها.. وهي بجد اتعلمت تفكر بطريقة تانية.. مش هقولك ابتدت..لأ هي من تاني يوم علي طول غيرت من نفسها.. دي ميزة تانية فيها انها صريحة مع نفسها.. طب هي حكتلك الصايعة دي عملت ايه في الواد؟؟"
ابتسمت صافي علي مضض واومأت برأسها..
فعاد وقال:"وعموما يا ست الكل انا مش هسيبها هفضل ورا امها.. لامؤاخذة يا طنط.. قصدي هضل وراها لحد متتظبت "
ضحكت صافي اخيرا علي اسلوبه في الحديث ومحاولته الاخيرة لإضحاكها، طمأنها بشدة ان تعرف انه حقا ملازم لملك وانه يهتم به كأنها اخته فعلا..
بالطبع قبل ان يأتي الليل كان عصام يعرف كل تفاصيل الموضوع، اثر ان يصمت حتي لا يضايق صافي ..لا داعي لقول "مانا قلتك!" ومثل هذا الكلام الغير مجدي..كان يكفيه انها اقتنعت بوجهة نظره دون حتي ان يحاول اقناعها.. ولكن ما لفت نظره واثار فخره الشديد هو ابنه.. البطل المغوار في القصة.. كان يعرف انه كله رجولة و شهامة ولكن الواقع كانت تصرفاته تفوق كل توقعاته.. "يا حبيبي يا بني" هكذا قال داخل رأسه قبل ان يخلد للنوم مبتسما..

                                                                            ***

كانت ملك في اليوم التالي كئيبة في السيارة مع ادهم.. مازلت متأثرة بغضب امها منها الذي لم يحدث من قبل، ضايقه حزنها.. عرج بالسيارة علي احد فروع محل القهوة واتي لها بالكابتشينو، ابتسمت وشكرته.. كاد ان يتمزق قلبه.. لم تكن الابتسامة التي انتظرها.. فقال:" انتي رزلة ليه كده انهاردة؟"
ردت باستكانة:" شكرا.."
ذاب قلبه وضايقه اكثر انكسارها، كان يريدها منفعلة حامية كعادتها..
دفعها بيده في كتفها وقال ليحاول استفزازها:" انتي محششة ولا ايه يا بت انتي..مالك ساكتة كده؟"
نظرت له بجانب عينها ولم ترد..
فامسك ياقتها باحدي يديه وجذبها وهو يقود بيده الاخري وقال:" طب قربي بأه اشمك.. انا شاكك فيكي"
كشكشت عنيها خوفا ومالت معه في استسلام وقالت:" والله ما محششة..ايه الهبل اللي بتقوله ده!"
فقال متصنعا الجدية:" مانت خلاص مبقاش يتوثق فيكي.."
كان يمزح ولكنه ضغط علي وترها الحساس فانفجرت باكية.. احس بهبوط في الدورة الدموية .. انخلع قلبه ..حاول ان يركز في القيادة وهو يقول بتوتر وسط نوبة بكاءها الشديد:" لأ ملك!.. متعيطيش كده!.. ملك.. بس!..لا لا لا مش هينفع كده.. بس.. لوسمحتي يا ملك متعيطيش كده"
ثم أوقف السيارة علي جانب الطريق قبل ان يصطدم بشيء ما، واستدار لها وقال بحنان:" بتعيطي ليه كده؟"
قالت ملك بحدة:" وانت مالك؟"
حسنا ليس وقت ان (يتغابي ) عليها الان..
ادهم بلطف :"كده برضه؟؟.. مين اللي ظبتك اول امبارك وضربلك الواد كريم"
قالت ملك وسط الدموع:" انت قلت انك مضربتوش عشاني.."
ادهم مبتسما في حب :" لأ ضربته عشانك.. والله عشانك"
ابتسمت في سعادة ابتسامة بلهاء..
وقالت:" امال ليه قلت..."
قال ادهم بنفاذ صبر:" يا ديني علي رغي البنات!.. متقولي الاول بتعيطي ليه؟"
فقالت ملك:"اصل اول مرة مامي تزعل مني.. قالتلي كلام جامد"
وحكت له عن حديثها معها ..
استمع ادهم، ثم ادار السيارة ثانية وانطلق بها وهو يقول:" يعني افهم من كده ان امك كان نفسها اني اجوزك؟"
صاحت ملك:" هو ده اللي طلعت بيه من كل الحوار ده! اسكت! اسكت يا ادهم بجد انا مضايقة"
فقال ضاحكا:"والله ركزت في كلمة.. طب اسمعي واللي يظبطلك الحوار ده ويصالحكوا علي بعض"
اشرق وجه ملك بابتسامتها الساحرة وقالت:" يبقي راجل جدع"
فقال ادهم بخبث:" مايستاهلش بوسة؟؟"
قالت ملك بازدراء:" ده بقية الدرس.. ولا استظراف؟؟!"
فقال :" لأ دي بقية البلطجة! ولا نسيتي.. وبعدين متعمليش فيها بس جامدة اوي.. دانا زنقتك في الاوضة هناك.. لولا بس ان الموضوع عايز نِفس.. كنتي اتروقتي "
فقالت بغيظ:" عايز نِفس!! وايه الي سد نفسك ان شاء الله؟؟!.. "
فقال ادهم :" افهم من كده انك كنتي عايز تتروقي؟؟"
قفزت في مكانها غيظا وقالت:" انا مقلتش كده! انت سافل وقليل الادب!"
ضحك ليزيد من غيظها وقال:" طب براحة بس علي نفسك.. "
لم ترد عليه ونظرت امامها متصنعة الغيظ، ومن داخلها تبتسم.. كان مضحكا جدا رغم سفالته..
فعاد وقال وكأنه يحدث نفسه:" ربنا يشفي.. الاول مسطلة و بعدين تعيط و بعدين تضحك و بعدين تتنطط و تزعق .. مجنونة!"
ابتسمت و لم تعره اهتماما.. او تظاهرت بذلك..

                                                                             ***

كان استقبال البشر في الجامعة لها هو استقبال الملوك.. ولكن ليس من النوع الذي اعتادت عليه.. بل وكانها انتصرت علي التتار ..وكأنها ومزقت رسالتهم بالسيف وطردت مندوبهم .. نقص ان يهتفوا لها" كلنا معاك يا محمود ..كلنا معاك يا محمود" وهي محمولة علي الاعناق في وضع الجلوس يسرون بها مقلوبة نحو العرش.. ثم يأتي سلامة ويتحسس الظهر الكرسي قائلا بلهفة : "العرش ، العرش"..و... ولكن هذا فيلما اخر.. لنعود لملك..
كان يأتي اليها اشخاصا سواء تعرفهم ام لا ليحيوها علي ما فعلت بكريم.. الذي لم يظهر في الجامعة و يقول المقربون ان هاتفه مغلق بعد ان حدث ما حدث. كان مكروها من معظم الشباب، بالاضافة الي ان قائمة الفتيات الاتي تركهن بعد ان تعلقن به لأنهن لم تتجاوبن معه طويلة، والاطول منها قائمة ضحاياه.. لذا التفت الفتيات حولها.. يضحكن ساخرات علي منظره في الفيديو و يتسألن كيف نجحت ان تفعل به ذلك..
كان ادهم برغم عدم موافقته علي فعلة ملك.. الا انه كان سعيدا برد فعل الناس في الجامعة، وان صورة ملك لم تهتز بسبب ما قاله كريم..
رأت ملك ياسمين تقف حاقدة من بعيد فذهبت اليها مسرعة في حماس، تخوف ادهم الذي كان يتابع عن بعد من ان يري مشاهد دامية ..لذا وقف مستعدا لأن يتدخل في حالة تهور ملك..
الا ان ملك فاجأته بانها انقضت علي ياسمين واحتضنتها .. وكانه لقاء في مطار.. هل جنت؟؟ لم يفهم تماما ظل متابعا في عدم فهم، كانت انفعالات وجه ياسمين غريبة وهي تستمع الي ملك التي كانت غير ناظرة لها.. تجلسان جنبا الي جنب علي ما يشبه السور و الاثنتان وجههما الي الامام.. كان وجه ياسمين الابيض في الطبيعة محتقن بشدة.. تعقد حاجبيها في جدية و تقضم اظافرها غل.. ماذا تقول لها ملك؟؟
ملك يا ادهم كانت تقول الاتي
ملك بحماس:" ياسسو .. وحشتيني موت.. لازم احكيلك انتي اول واحدة عن اللي حصل.. بجد انا عارفة انك هتفرحيلي عشان احنا (بست فريندز) واكتر من الاخوات.. بس مش عايزاكي تزعلي مني.."
ياسمين:" لأ يا حبيتي انتي اختي.. تعالي نعد واحكيلي.."
وجلستا بالفعل..
ملك:" كريم طلع واطي اوي انا مش فاهمة هو كان متخيل اني ايه؟؟ هبات معاه؟؟ مش عارفة جاب الفكرة دي منين؟؟.. بس انا ظبته.. شفتي الفيديو؟؟"
ياسمين:" امممم.. برافو عليكي.."
ملك:" ادهم كمان راح ضربه و بهدله عشاني"
ياسمين:" والله؟!"
ملك:" ماهو دا اللي جاية اقولهولك.. بعد مواقف ادهم معايا.. انا بقيت بحبه.. اوعي تزعلي مني احنا اخوات انا عارفة انك بتحبيه.. بس اكيد عشان احنا اخوات وانتي بجد بنت جدعة جدا .. مش هتستخسريه فيا.. وخصوصا انه اختارني انا"
ياسمين:" ايه؟ ازاي؟؟"
ملك:" قالي انه بيحبني .. وانا كمان قلتله.. قلنا لباباه ومامتي ..هنتخطب اول لما نتخرج.. اخر السنة يعني.."
ياسمين:...............................
ملك:" مفيش مبروك يا ياسسو.. انا متاكدة من طبية قلبك وانك مستحيل تزعلي من حاجة زي كده، اللي بيني و بينك اكبر من كده.. انتي عارفة ايه اللي حببني فيه اكتر.. كلامك انتي عنه.."
ياسمين:...........................
ملك:" بس في مشكلة صغيرة اوي.. انا عارفة انك كمان متسامحة و هتقدري.. هو طلب مني اني اقطع علاقتي بيكي.. بيقول انك صايعة.. واخلاقك زي الزفت.. انا طبعا معترضة علي رأيه فيكي.. دانتي اختي.. بس اعمل ايه؟؟ بحبه و مش عايزة ازعله.. انا هسلم عليكي اخر سلام عشان حتي السلام عليكي منعني منه.. بيقول مش عايزين شبهة..بس انا اتخانقت معاه علي الكلمة دي.. ميصحش يقول كده عنك دانتي اختي.."
قامت و قبلتها من الناحيتين و احتضنتها .. ثم تركتها و ذهبت لأدهم اقبلت عليه بيدها الاثنان ممدوتان للأمام.. كان علي وجهه كل امارات الغباء.. فقالت وهي تقترب:" امسك اديا!"
لم يفهم شيئا ولكنه مد يديه بحركة تلقائية وامسك بيدها الممدودتان.. قفزت بحماس واستادرت وهي تنظر لياسمين التي مازالت تجلس محتقنة الوجة.. وابتسمت لها ابتاسمة صفراء..
ادركت ياسمين ، ان ملك علمت بما فعلت هي بها وها هي تنتقم منها بسرقة ادهم..
عندما عادت مبهوتة الي شلتها التي كانت تقف بالقرب منها، كانت غير قادرة علي التحدث فجلست علي اقرب كرسي لهم ويبدوا انهن لم تلاحظن وجودها فسمعت الحوار التالي من المفترض انهن صديقاتها المقربات:

-" ملك روقت كريم"
- "يستاهل هو كان يطول ضفرها"
-" بصي اصلا الناس كلها مبسوطة منها ازاي ومتلمين حواليها.. علي فكرة هي لايقة اكتر جنب ادهم عن كريم تفتكروا ممكن يتصاحبوا؟؟"
-" دول هيبقوا وهميين مع بعض ..هي اصلها احلي من ياسمين ولايقة عليه اكتر.. "
- عايزين علي فكرة نكتر خروجنا معاها.. "
-" متيجوا ندخلها فريق التشجيع"
-" فكرة تحفة.. دي هتعمل شغل جامد..هي اصلا زي القمر..وبعدين الناس بتحبها اكتر من ياسمـ.."

اشارت فجأة احدهن للمتحدثة الاخيرة ان ياسمين تجلس علي مقربة شديدة..
تركت ياسمين الكلية والجامعة كلها وخرجت مسرعة.. يجذم البعض انهم رأوها تصرخ بهستريا داخل سيارتها و اخرون انها كادت تدهس مجموعة منهم وفي تقود بسرعة جنونية متجهة الي خارج ساحة الانتظار..

                                                                              ***

ضحك ادهم بشدة حين سمع القصة من ملك في السيارة في الطريق الي البيت، قال متعجبا:" بجد بتبهروني.."
ملك :" مين احنا؟؟"
ادهم:" البنات...يعني انا قفشت علي كريم رحت ضربته، لكن انتي قتلتيها من غير ما تلمسيها.."
قالت ملك متفاخرة:" اصل دي بقي بجد خبرة.. فن حبس الدم ده تخصصي"
فقال ادهم:" ربنا ما يحكمك عليا.. اصلك لو حبستي دمي..هسيح دمك.."
اصبحت تعشق تهديداته.. تستمتع بسماعها..
قام ادهم بالاتصال بانجي حبيبة حازم.. واتفق معها ان يلقاها بمقهي قريب من بيتها..
التفت لملك التي شعرت بالضيق وقال:" هوصلك واروحلها.."
ملك:" وانتو هتعدوا لوحدكوا.. ميصحش"
ادهم:" من امتي الاخلاق دي كلها.."
ملك:"لأ مش حكاية كده.. حازم صاحبك ممكن يضايق.."
ادهم:" يا بنتي انجي دي متربية معايا كانت معانا فالمدرسة من واحنا اطفال..الي فرقنا انها سابت حازم من سنتين بس قبل كده مكنش بيعدي يوم منغير منشوف بعض كلنا، وبعدين حازم عارف اني هقابلها وهنكلم عليه.. ثم انتي مالك اصلا؟"
ملك:" انا غلطانة َ!"
ادهم بدون مقدمات:" تحبي تيجي معايا؟.."
كان قد استشعر من كلامها بقليل من الاهتمام.. اتكون غيرة؟؟ اعجبه نبرتها الحانقة.. لذا عرض عليها ان تأت معه.. كان تصرفا غبيا فانجي تتوقعه بمفرده للتحدث في امور خاصة بينها و بين حازم ربما لا يعرفها سوي ادهم.. ولكنه لم يتمالك سوي ان يعرض هذا العرض.. فقد كان سعيدا بما قد يكون غيرة..
قالت ملك:" ماشي" وهي تمثل عدم الاكتراث.. وبداخلها ارتياح لأنها ستذهب معه لتري ما تكون انجي..

12/30/2010

عملوه الكبار و وقعوا فيه العيال >> (22) تغيرات جذرية


استعدت ملك وبدأت في ارتداء ملابسها ،هاتفتها سارة فقامت ملك بالرد وهي تضحك:" سارة انتي من ساعة ما مشيتي وانا قاعدة بضحك لوحدي.. مش قادرة انسي منظره وهو بيجري بالبوكسر.." ثم اصابتها نوبة ضحك حتي دمعت عيناها وبعد ان تمالك نفسها قالت :" لأ .. مش هينفع انا معزومة عند عمة ادهم.. زمان ادهم هيعدي عليا دلوقتي..هعد لحد بلليل خالص.. تيجي فين؟؟ دي عزومة عائلية... يا حبيبتي طبعا انتي اكتر من عائلية .. بس عندي انا مش عندهم همة.. ماشي.. لو خلصت معاهم بدري هكلمك..باي"
انها المرة الاولي التي تذهب الي مكان بدون سارة صديقتها و تابعتها المخلصة.. لقد المها فراقها في القاهرة ولكنه كان امرا حتميا.. انما هي الان في الاسكندرية معها وقد اختارت بملء ارادتها الذهاب بدونها.. ماذا يحدث لها؟؟ امس في وسط مجتمعها الذي اشاقت لالتفاف افراده حولها .. كانت شخصية اخري وقد رأت الاندهاش في اعينهم جميعا.. تخلت عن عجرفتها و تعاليها.. حتي توضح لأدهم انها تعلمت الدرس.. حتي يرضي عنها.. والان هاهي تتخلي عن اهم عنصر في حاشيتها الملكية.. سارة .. لتذهب مع ادهم .. وليس هذا فقط ، لقد عقدت العزم ان تعتذر لجيلان علي كل ما بدر منها.. فهي دائما كانت لطيفة معها ولا تستحق منها ما فعلت.. كما انها صارت من العائلة الان ولا يصح ان تكون هناك شوائب عالقة في الجو.. بالاضافة الي ... نعم نعود لنفس النقطة... انها قريبة ادهم وصديقته المقربة.. وسيسعد ان قامت بالاعتذار لها.. ماذا يحدث؟؟ من ليلة واحدة صار ادهم هو السبب و الحافز والمحرك الاساسي لتصرفاتها.. برغم من ان فكرة ان يحركها شخص كانت تؤلم كبريائها.. الا انها كانت سعيدة.. ان الشخص هو ادهم..
انتقت ملابسها قبل ان تلبس .. اردات شيئا ... ها نحن مرة اخري... يرضي ادهم!، برغم صعوبة ذلك فالغالبية العظمي من دولابها في نظر ادهم "ملابس الراقصات".. ولكنها توصلت لشيء ما.. وقفت في امام المرأة العريضة عرض الحائط بحجرة الملابس.. ترتب هندامها و شعرها.. تعجبت انها فعلا مازلت تبدوا جميلة و انيقة.. ولم يمس تغطية اكتافها علي سبيل المثال شيئا من جاذبيتها..
اتصل بها ادهم ليخبرها انه امام باب الفيلا.. خرجت مسرعة في حماس ولم تنسي ان تأتي بشالها في حالة اعتراض ادهم علي ملابسها..
ككل مرة يراها .. يحاول السيطرة علي قلبه الملهوف.. وضع يده علي صدره في حركة تلقائية وكأنه يعيد قلبه لمكانه.. ركبت السيارة وهي تقول مبتسمة:" علي فكرة.. انت المحظوظين.. انا عمري ما بركب جنب حد.. انا اللي بحب اسوق.."
فقال ببرود وهو يتأملها في اعجاب:" الكلام ده مع العيال السيس اصحابك.."
ثم نظر الي الشال في يدها وقال وهو ينطلق بالسيارة:" يادي الشال الحيران اللي ساحباه معاكي في كل حتة.. متحترمي نفسك في اللبس اسهل بدل مانتي حايسة نفسك بحاجة تتغطي بيها"
قالت ملك كاذبة:" لأ انا جايباه معايا ستايل.. الموضة كده .. البنات تمشي في ايدها شال"
ادهم:" ربنا يشفيكوا.."
قالت ملك:" انا عملالك مفاجأة.. عشان تعرف اني انا كمان بعرف اتصرف و باخد حقي، مش عبيطة اوي زي مانت فاكرني.."
صمت عاقدا حاجبية محاولا تخيل ما فعلت، ثم قال:" هببتي ايه؟"
فاعتدلت في كرسيها وقالت لتشوقه:" لما نوصل عند عمتك هوريك.."
ادهم:" ربنا يستر.."

                                            ***

ما ان دخلت علي هيام حتي لاقت ترحبيا منها فوق الرائع.. كانت العائلة كلها ترحب بها في حفاوة، تعجبت خصوصا لجايلان التي كانت تبتسم و ترحب بها برغم كل ما بينهم.. واجلسوها وجلبوا لها مشروبا ووقفت هيام تشعر في جمالها و تشابهها مع امها.. وما ان هدأت عاصفة الترحيب وانفض المولد ، ذهبت هيام للمطبخ لاستكمال الطبيخ و صادق لحجرته..و اخو جايلان لمذاكرته.. تاركين ادهم و جايلان و ملك معا..
اول شيء قبل ان ينطق احدا بحرف، توجهت ملك الي جايلان وجلست بقربها وقالت:" انا عايزة اعتذر لك يا جايلان.. انا مش عارفة اتصرفت معاكي بقلة الذوق دي ليه؟ وبرغم كده انتي قابلتيني دلوقتي وضحكتي في وشي.. احنا دلوقتي عيلة .. ومش عايزاكي تكوني زعلانة مني.. انا اسفة بجد"
وقف ادهم متعجبا اولا ثم فخورا بها، وكأنها ابنته التي تعب في تربيتها و قد جني ثمار تعبه ، احس ان ما يحدث الان هو نتاج عمله..
ابتسمت جايلان، كانت عاطفية ، طيبة، علي سجيتها مثل امها وقالت:" طبعا لازم اضحك في وشك وارحب بيكي.. انتي ضيفتي.. مينفعش حتي اكشر في وشك.."
كان كلامها علي قدر بساطته لاذعا لملك.. التي رأت المقارنة بين تصرفها مع جايلان في بيتها وتصرف جايلان المختلف تماما معها.. صمتت في احراج..
فعادت جايلان لتقول:" بس مدام طلعتي جدعة واعتذرتي.. انا مش زعلانة منك.. احنا بجد عيلة .. ولسة كمان لما..." كانت تشير بيدها نحو ادهم الذي ادرك من معرفته العميقة بأبنة عمته التي (بتدلق ) الكلام، ويصعب ان تبقي سرا، ما هي علي وشك ان تقول .. ستتحدث عن حبه لملك و سعادتها في ان يرتبطا رسميا..
فقاطعها قائلا:" خلاص يا بنات يا حلوين.. بوسو بعض.. وخلصونا من الحوار ده"
فقالت ملك:" وانت مضايقك في ايه.. لو مش عاجبك.. متسمعش.."
وقالت جايلا:" صحيح وانت ايه اللي حشرك في كلام البنات.. "
قال ادهم متعجبا:" ياسلام؟ .. دلوقتي بقيت انا المحشور!.. نسيتوا لما كنتوا هتقطعوا بعض؟؟.."
قامت ملك واحضرت حقيبتها واخرجت منها (لاب توب ) صغير الحجم.. احدث واثمن ما انتجت شركته، ثم قالت:" تعالي يا ادهم شوف بقي.."
فتحته ودخلت علي الانترنت ، حملت موقع (يوتيوب) بحثت عن الفيديو الخاص بكريم ثم ضغطت علي "تشغيل".. واعطته لأدهم.. دست جايلان رأسها معه لتشاهد..
كانت الانفعالات علي وجه ادهم.. تعجب عاقدا حاجبيه لرؤية كريم مع ذلك العنوان.. ثم ابتسم ومازال متعجبا و عاقدا حاجبية.. ضحك ضحكة صامتة اهتزت كتفيه لها عندما وقع كريم من فوق السور.. اما جايلان فكانت تضحك ساخرة.. قالت:" مين العبيط ده؟؟" واستمرت في الضحك الي ان انتهي الفيديو..
نظر لملك كان علي وجهه تعبير غريب ابتسامة ساخرة مع نظرة جادة مستنكرة ، لم يضحك بالصورة التي توقعتها ملك.. فقالت:" انت ازاي ممتش من الضحك؟؟ ايه رأيك؟؟.. انا الي عملت فيه كده..عشان تعرف اني مبسبش حقي.. زي ما هو بيجيب سيرة البنات ، ادي كل الناس هتجيب في سيرته"
قالت جايلان:" هو مين ده..متفهموني؟"
فقال ادهم لملك وكأن جايلان لم تتحدث:"مش هقدر انكر انك شاطرة..والفيديو يضحك جدا.. قمة الاهانة.. بس انتي عارفة انك كده اذيتيه طول عمره.. الفيديو ده هيفضل يطارده طول حياته.. ممكن كمان عشر سنين ولاده وهمة بعملوا سيرتش يلاقوا ابوهم في فيديو بيجري بالبوكسر .. ده بيشتغل مودل اعلانات.. تفتكري في حد هيخليه يعمل اعلان تاني؟.."
جايلان ضاحكة:" اعلان بوكسرات.. البوكسر الذهبي.. يتحمل عض الكلاب" وضحكث ثانية علي نكتتها..
فقالت ملك لأدهم مدافعة عن موقفها:" طب ما هو كان عايز يئذيني، وبعدين اذي بنات كتير..يستاهل! "
فقال ادهم:" مفيش شك انه يستاهل..كريم واطي و وزبالة، بس مينفعش الواحد يوطي مستواه زي الناس الواطية.. وبعدين اللي كريم اذاهم همة كمان يستاهلوا لأنهم رخصوا نفسهم..الموضوع دايرة و بتلف.. لعلمك هو افتكرك واحدة منهم!.. كريم فالاول لو تفتكري كان بيحترمك جدا لدرجة انه فكر يخطبك ، يعني هو بيحترم اللي بيحترموا نفسهم زيه زي اي راجل .. وانتي بغبائك اديتله ايحاء انك من البنات الزفت اللي بيعرفهم.. فكان متوقع منه ان يتصرف معاكي زيهم..... تصدقي اتعصبت!.. اقفلي السيرة دي.. نرفزتيني!.."
فقالت جايلان:" هوة ده بأة كرييييم؟ لأ طبعا يا ادهم يستاهل.. برافو عليكي يا ملك"
نظرت له ملك نظرة"صدقت!"
فقال ادهم:" لأ.. كان ممكن تعمل حاجة تانية.. تروح الجامعة وتمسح بكرامته الارض قدام الناس، تضربه، حتي تكسرله ازاز عربيته.. حاجة تأثيرها قوي عليه بس في النفس الوقت مش هتفضل وراه العمر كله.. انتي كده كأنك زيه يا ملك!"
سرحت فيه ملك.. كم هو نبيل.. حقا رجل بعمني الكلمة.. الرجولة ليست عنفا وصوت عالي.. بل مواقف ..مثل هذا الموقف الان، برغم حقارة كريم.. فهو غير راضي عن التصرف معه بمثل حقارته.. وجدت انها صمتت اكثر من الازم يجب ان ترد، موقفها صار ضعيفا..
قالت ملك:" اصلا الناس بتنسي بسرعة.. انا حبيت افضح كدبه قدام الجامعة اللي مشي يقول فيها انه مسافر معايا لوحدي.. كلهم هيعرفوا انه كذاب وهو اللي بيطاردني زي المجانين.. بعد كده هيفضلوا يكلموا عليه اد ايه يعني؟ شهرين تلاتة؟ سنة؟ بعد كده هيحصل حاجة تانية تشغلهم.."
فقال ادهم بهدوء مانعا نفسه من العصبية:" ملك! كريم مكنش بيكذب لما قال انو مسافر معاكي لوحدك!!!!.. اللي وصل له الفهم ده انتي!.. انتي كل ده ومفهمتيش غلطتك؟؟... تبقي مصيبة لو لسة"
صمتت ملك، لحظة ثم فاجأته بردها..
"لأ انا بس بقاوح دلوقتي عشان مش عايزاك تشوف اني غلط تاني.. انا عملت كده في كريم عشان اهم من اني اندمه .. انك متشوفش اني بتصرف غلط وتعرف اني ممكن اتصرف صح"
بهرته جرأتها واعترافها.. ولا اجدع رجل يمكن ان يقف و يعترف صراحة بأمر مثل ذلك، ياه يا ملك فقط لو سخرت اندفاعك ة قوة شخصيتك وجرأتك بطريقة ايجابية لسويتي الهوايل..
لمعت عينا جيلان بخبث.. كان هذا تصريحا قويا من ملك يدل علي اهتماما شديدا بأدهم ورأيه بها، هنيئا لك يا عم! هكذا نظرت لأدهم ثم قررت ان تتركهم في تلك اللحظة.
قال ادهم محاولا ان يكون جادا ويمنع ابتسامة السعادة ان تمزق فمه:" وانتي يهمك قوي انا شايف ايه ليه؟"
ترددت ملك مفكرة فيما قالت، والانطباع الذي تركه قولها، ثم قالت بارتباك:" يعني.. عادي.. انت قلت اني عبيطة فانا بثبتلك العكس.. " هي نفسها حيرها السؤال.. لم هي مهتمة بما يظن بها؟؟
انقذتها من الحيرة هيام.. دخلت لتعلن ان الاكل قد جهز وعلي الفتيات الحلوات ان يأتين لنقله الي السفرة..
لسعت ملك نفسها اكثر من مرة عندما امسكت بالخطأ اكثر من حلة بدون مساكة الحرارة، كان التعامل مع المطبخ وادواته ، شيئا غير مألوفا تماما بالنسبة لها.. لدرجة ان هيام وجايلان كانتا تضحكان علي جهلها الشديد بما يجب عمله..
جلست الاسرة وملك وادهم علي السفرة، عائلة مرحة جدا.. كانت هيام تحكي عن مغامراتها مع صافي ام ملك اثناء الطفولة.. وعن تفاصيل قصة الحب بينها و بين عصام..والكل يستمع ويضحك.. يتشاركون التعليقات المرحة..ربما سمعوها للمرة الالف ولكن رد فلعلهم لم يتغير.. احست ملك بدفء حميم وسطهم ، لم تحسه ابدا الا في حضن امها.. كان الجو خالي من الجفاف والترقب والزيف الذين اعتادت عليهم.. الكل يضحك علي سجيته.. شعرت برغبة في ان تنتمي لهم... من الان وصاعدا ستتحدث عنهم مستخدمة لفظ" عيلتي" التي طالما سمعته من اخرين وتعجبت من استخادمهم له كعذر لعدم تلبية دعوة منها.. لقد ادركت الان لما قد يعتذر شخصا عن اي شيء في العالم ليكون مع عائلته..
اما ادهم فلم يمس طبقه.. برغم وجود ما يفضلوه من الطعام الشهي.. كان غارقا في شيء اخر.. كانت ملك تبتسم.. لم تختفي ابتسامتها لحظة منذ ان جلست معهم علي السفرة، لم يمتع ناظريه بابتسامتها ابدا فترة طويلة مثل تلك.. خشي ان تفوته لحظة ..فلم ينقل عينيه عنها، ظل متابعا لها برغم من ان الجميع كان متابعا لهيام.. كم هي رائعة حين تكون طبيعية بلا عجرفة.
قالت هيام:" مبتاكلش ليه يا ادهم؟؟ انت مش عاجبني من امبارح... تطلع تجري زي المجنون وانهاردة مش عايز تاكل.. دانا عملالك كل اللي بتحبه.. مالك يا حبيبي؟"
قال ادهم راميا كلامه ناحية ملك:" لأ امبارح يا ميمي كنت هصور قتيل.. في حد عصبني قوي.. بس خلاص خد اللي فيه النصيب"
هيام:" انت هتقولي.. هو انا مش عارفاك.. نسخة من ابوك.. كان مربي المدرسة كلها والشارع.. طب وانهاردة مبتاكلش ليه يا استاذ سوبر مان؟"
فقالت جايلان:" بيحب جديد!"
سعل ادهم سعلة صامتة وحاول ابتلاع الطعام بكوب ماء، اما ملك فقد رفعت عينها عن الطبق وانتبهت لجايلان باهتمام شديد..
قالت هيام منبهرة:" ياخواتي.. بيحب مين قولي يا رويتر..؟"
جايلان بعد ان قرأت التحذيرات في عين ادهم:" لا يا ماما ده تخمين..انا معرفش"
هيام متشككة:" شكله اداكي شلوت من تحت الترابيزة عشان تسكتي.. قولي انتي يا ملك اكيد عارفة .. مانتي في معاه في الجامعة..ها واحدة حلوة؟؟ ان عارفة ذوق ابن اخويا..اكيد قمراية.. "
قالت ملك :" مش عارفة يا طنط ...انا..."
قاطعاتها هيام:" مبلاش طنط دي.. قوليلي يا ميمي.. انتي عايزة تكبريني.. دانا اصغر من امك بكتير... مش بكتير اوي يعني، بس اصغر برضه.." وضحكت بمرح
فعادت ملك لتقول مبتسمة :"حاضر ياميمي، عموما انا مشفتوش مع حد، يمكن بيحب من برة الجامعة؟"
فقال صادق زوج هيام:" متقول يا ادهم! سايبهم يضربوا اخماس في اسداس.."
فقال ادهم متصنعا التعالي:" يا انكل في حوارت كده ملهاش معني.. احسن حل ليها انك متردش"
فقالت هيام:" ملهاش معني؟! طب والله لاعرفك الكلام اللي ملوش معني بجد"
ثم التفتت لملك وقالت:" عارفة يا ملوكة ادهم وهو صغير كان بيحب مين وعايز يتجوزها؟"
فقال ادهم متوسلا:" لا يا ميمي.. لا يا ميمي.."
قالت حبيبة بلهفة:" مين؟"
هيام:" زوزو شكيب!..في طفل برء يبقي كل طموحه انه يتجوز زوز شكيب؟؟؟"
ضج الجميع ضحكا..
فقال ادهم مدافعا عن نفسه في احراج:" ايوة كانت حلوة وشعرها طويل.. ايه المشكلة؟؟ تنكروا انها كانت حلوة.."...
وعلي نفس المنوال استمر استمتاع ملك بالجوالعائلي المرح ، الي ان انتهي اليوم و عادت مساء الي البيت بعد ان اوصلها ادهم. كانت تريد ان يستمر اليوم، كانت تتمني ان تبيت الليل معهم حيث صحبتهم المسلية و حيث وجود ادهم..
قال لها و هي تترجل من السيارة:" مش مضايقة انك بايتة لوحدك؟؟ انا مش عارف مامتك سابتك ازاي؟؟؟"
ردت:" انا غالبا هكلم سارة تبات معايا.. ثم ان مامي بتثق فيا، دي مش اول مرة اسافر لوحدي"
فقال:" قصدك مامي مبتعرفش ترفضلك طلب!.. دلع مرئ!!!"
اخرجت لسانها له وكأنها تكيده بعد ان قالت:" المهم في الاخر اللي عايزاه بيحصل!"
رد ادهم وعلي وجهه ابتسامة غامضة تميل الي الشماتة:"مش لوقت طويل! بكرة هتتعودي.."
فقالت في عدم فهم:" هو ايه ده؟ واتعود علي ايه؟"
ادهم بقلة ذوق مقصودة:" امشي من هنا يلا.. انتي هترغي معايا؟ اتفضلي خشي قدامي.."
نظرت له ملك بازدراء ردا علي اسلوبه، ثم مشت الي الداخل، فاطل برأسه من الشباك وقال قبل ان ينطلق بالسيارة:" بلاش وحياتك البصات دي.. ده لمصلحتك.."
لم تلتفت حتي لا تظهر علامات السعادة العارمة علي وجهها.. لسبب غير مفهوم كلما هددها بأمر ما كانت تشعر بسعادة .. اتراها جنت؟!
بالفعل اتت سارة و صديقة اخري للمبيت معها ، امضت الليل تتحدث عن ادهم حتي كادت الصديقتان تسبان ادهم و كل اهله..
في الصباح و حيث انه صباح السبت ، لم تتحمس ملك للذهاب مع سارة و الصديقات لمحل القهوة الشهير كعادتهن، بل انتظرت ان يحدثها ادهم لتعرف مخططاته لليوم، اصابها الاحباط عندما اخبرها انه لديه بعض الامور لينجزها تتعلق بسيارته قبل السفر.. كانت تتمني ان يدعوها للخروج او حتي لتمضية الوقت عند جايلان ولكنها صبرت نفسها بأنها ستمضي معه اقرب الي ثلاث ساعات في طريق العودة.. لذا لم تذهب مع صديقاتها و بقيت ترتب حقيبتها للسفر مع ميكو، وتحاول انتقاء ملابس للطريق، كانت ترغب في ما يجعلها فاتنة و بدون ان يعلق ادهم عليها تعليق سخيف..
كان احباطها اكثر في الطريق عندما مر عليها ادهم وكان معه شخصا علي الهاتف.. فلم ينتبه حتي لملابسها.. وظل يحدث الشخص نفسه الذي عرفت من الحديث انه حازم صديقه، تقريبا طوال الطريق .. ظلا يتحدثان عن مشكلة حازم مع انجي، وعن لقاء ادهم بها، وماذا سيقول لها.. وما الخطوة التالية واشياء من هذا القبيل..
كانت ملك محبطة و مغتاظة لأن ليس هذا ما تخيلته عن رحلة العودة.. ما لم تعرفه ان ادهم عندما رأها لم يسمع حازم تقريبا لمدة دقيقتان برغم ووضعه للهاتف علي اذنه.. كان كل ما يفكر فيه هو انه يرغب في ان يخبرها انه يحبها.. وقد ظل صامتا اثناء حديث حازم ، يحاول تهدئة نفسه و منعها من فعل ذلك.. وقد اثر ان يحدث حازم طوال الطريق ويطيل في الحديث عن المشكلة حتي يشغل نفسه عنها..

عملوه الكبار ووقعوا فيه العيال >> (21) الثاني!... (الدرس المستفاد)


ارسل ادهم لملك رسالة وكانه كريم :" ملك اسف سأضطر لتأجيل الموعد لساعة اخري.. "
ثم اتصل بجايلان:" جوجو .. مفتاح الشقة التانية اللي تحت عندك.. طب هعدي نزليهولي.. مش مهم انا مش عايز النضافة في حاجة.. هحكيلك بعدين.. لما ارنلك.. انزلي بيه.."
كان زوج عمته يملك شقتين في نفس العمارة، الثانية دور ارضي شبه مهجورة يستخدمها اخو جايلان في الدراسة مع اصدقائه ، اواحيانا في استضافة الضيوف القادمون من القاهرة.. ستقوم تلك الشقة بدور هام في خطة ادهم..
بعد ان حصل علي المفتاح اتصل بملك من هاتفه وهو امام فيلتها..
ردت ملك:" ايه تاني؟!"
ادهم:" نفسي مرة اسمع اول كلمة منك حاجة غير ايه! ..اطلعيلي انا برة عايزك.."
ملك باستنكار:" نعم! بقولك انا خارجة مع اصحابي.. همة هنا اصلا.."
ادهم:" سيبيهم واطلعي بدل ما ادخل اجيبك قدامهم .. انتي عارفة لو جبتك هجبيك ازاي.."
امسكت ملك شعرها في قلق ثم قالت:"ليه بس؟؟..طب عايز ايه يعني؟؟"
فقال:" مش هأخرك.. عايزك في حاجة مهمة اصلي بفكر في ياسمين و عايزك اكلم معاكي عنها.."
لم يكمل جملته وكانت علي باب الفيلا.. مشت مسرعة عبر الحديقة الي البوابة اصابها الضيق لقوله انه يفكر في ياسمين.. لم لم يفكر فيها هي؟؟ ذهبت اليه بسرعة لتفهم الموضوع..
كان ادهم ينتظرها خارج البوابة ، كان يمكن ان يجبرها علي الخروج عن طريق التهديد ولكنه لغرض ما في نفسه، اردا ان يكون الدافع نابع منها.. فاستخدم حجة ياسمين لأنه يعلم فضول ملك في تلك الامور.. بالفعل وجدها قادمة نحوه في وقت اقصر مما توقع.. مالذي...؟؟ اهي حقا ترتدي ذلك؟ اين الاكمام؟؟ والارجل؟؟ يشبه بيجامتها ذات الحمالات؟؟ عندما اقتربت .. صمت فاغرا فاه.. كيف يمكن للمرء ان يكون يهذه الحلاوة! كيف سيلقنها الدرس الان وهو كل رغبته ان ينال رضاها .. تمني ان تتبسم.. تمني ان يخبرها عن قلبه الذي يكاد يحطم قفصه الصدري ويخرج ليعانقها.. حاول ان يبعد تفكيره المنجذب لها ويذكر نفسه بافعالها ، حاول بشدة.. وقد نجح حين تذكر انها كانت ستذهب بارادتها للكمين المنصوب لها عند كريم.. كم هي غير مسؤولة ومتسرعة..
وقفت امام شباكه وقالت:" احكيلي بسرعة.."
فقال وهو يحدق بها بنظرة سافلة مقصودة:" انتي نسيتي تلبسي ولا ايه؟"
ملك في غيظ:" انت مالك بأة .. هو انا خارجة معاك.. "
ادهم:" طب اركبي بدل ما الناس تتلم علينا بالانتي لابساه ده!"
لفت لتركب، نظر اليها عن قرب اكثر وقال بوقاحة مبتسما:" اموت انا.."
التفتت له ورمقته بنظرة ازدراء وقالت:"عربجي!" ا
بتسم ابتسامة غامضة وادار السيارة وانطلق فقالت:" رايح فين.. احكيلي واحنا واقفين.. انا مش فاضية"
ادهم:" دي لفة صغيرة.. مش هأخرك..اسمعي بقي دلوقتي انا حاسس ان ياسمين هيا البنت اللي بحلم بيها..و..."
كان يقود السيارة ويحكي لها قصة طويلة غير واضحة المعالم.. وكانت ملك تركز بشدة محاولة ان تفهم.. ولم تهتم انهم ذهبا بعيدا عن بيتها..
اوقف السيارة امام البناية التي بها الشقة، نظرت ملك حولها فجأة وقالت:" ايه يا ا وقفت هنا ليه؟؟ رجعني بأة.. بقولك خارجة... و العيال في البيت.."
قال ادهم :" لازم اعمل حاجة فوق، تطلعي معايا ولا تخليك هنا يا مز.." في الكلمة الاخيرةغمز بعينه في بنفس الوقاحة والسفالة التي صارت اسلوبه منذ ان ركبت معه .
نظرت له ملك بساخفة ردا علي اسلوبه ،ثم قالت ملك بجدية :" هستناك.. بس تعالي بسرعة باة انت مأخرني..وبعدين مفهمتش من مشكلتك دي حاجة"
خرج من السيارة و هو يتلفت حوله وقال بدون ان ينظر لها:" طبعا المنطقة هنا مش راقية اوي زي فيلتكوا.. اوعي حد ياخد باله منك بالانتي لابساه ده، احسن انزل ملاقيش ولا انتي ولا العربية"
تلفتت ملك حولها في تخوف وقالت:" لأ طب استني.. هطلع معاك.."
فقال ادهم متصنعا الرفض:" كده؟! ..بمنظرك ده؟!.. ممشيش وانتي جنبي كده.."
ثم صمت قليلا وذهب وفتح حقيبة السيارة واخرج منها علما كبيرا للناديه المفضل.. نزع منه العصا والقاه لها قائلا:" حطي ده عليكي.. اعتبريه شال! احسن الناس هنا ممكن تموتني وتخطفك.."
امتثلت ملك في امتعاض و مشت معه الي مدخل البناية وهي تضع العلم عليها.. كان منظرها مضحكا جدا.. منع ادهم نفسه من الضحك ..كانت خطته تسير بمنتهي السلاسة..
دلف الي الشقة معها واضاء النور.. طلب منها ان تجلس علي الاريكة القديمة الموضوعة في الصالة الي ان ياتي بما اتي من اجله في الداخل..لم ينس ان يرمقها بنظرة سافلة قبل ان يدخل قائلا:" طب متحلقي لصحابك و خليكي معايا .." قالت بنفاذ صبر:"علي فكرة مش ظريف خالص.. خلصني بأة يا ادهم!"
تركها قليلا ثم ناداها من الداخل:" ملك.. تعالي بليز امسكي مني الحجات احسن كتير وهتقع.."
دخلت اليه وهي متأزمة.. كانت حجرة نوم .. وجدته واقفا فيها ممسكا بمجلة واحدة..فقالت:" حجات ايه اللي هتقع؟؟ ايه اشيلك المجلة؟"
فقال:" بصراحة دي حجة عشان اجيبك هنا.. مش قادر ابعد عنيا عنك.." ونظر لها بنظرة اقل ما يصفها انها فجة!
فقالت ملك غاضبة و هي تستدير لتخرج وقد شعرت بالتوتر:" علي فكرة انا ابتديت اضايق من الهزار السخيف ده.. انا سكتالك من الصبح.. انت مش ظريف علي فكرة وانا اضايقت!"
امسك ذراعها ليمنعها من الخروج وقال:" مين قالك اني بهزر!"
زاد توتر ملك، ماذا الان هل عليها ان تضربه لتخرج!
فقالت:" طب اتفضل سيب ايدي دلوقتي وروحني احسنلك!"
جذبها اكثر اليه وقال ببرود:" احسنلي؟! هتعملليي ايه؟"
فقالت وهي تبعد رأسها للوراء وقد بدا عليها التوتر الشديد:" انا مش خايفة منك.. انا بس مش عايزة يحصل بنا موقف سخيف واحنا المفروض اهل"
فقربها منه اكثر وقال:" انا كمان مش عايزك تخافي مني.. انا عايز اقرب منك اكتر.. " وبالفعل شبه لصقها به
دفعته بيدها الحرة فامسك بها بقوة، لقد ساء الموقف كثيرا..اهذا يحدث حقا؟؟ هل يحاول فعلا شل حركتها وهي تقاومه؟، لم تتخيل ابدا انها قد تتعرض لشيء كهذا.. انها خائفة الان.. لكنها لن تستسلم .. حاولت جاهدة الافلات ولكنه كان محكما قبضته عليها..
قال ادهم :" مش عارفة تعملي حاجة صح؟ لو عملت فيكي اي حاجة دلوقتي، اخرك هتصرخي.."
شعرت ملك فعلا بالعجز.. كانت خائفة بشدة.. كيف ستخرج من هذا المأزق؟؟.. كيف وثقت به وصعدت معه؟؟..
حاولت مرة اخري الافلات ودموعها تنهال من عينيها.. ولكنها لم تستطع فسندت رأسها في يأس الي صدره وقالت باكية:" بليز يا ادهم سيبني.. مش انا المفروض زي اختك ومامي موصياك عليا.. انت جرالك ايه؟ فين رجولتك معايا ؟؟.."
ذاب قلبه .. كاد ان يبكي معها، كيف فعل بها هذا، فليذهب الدرس الي الجحيم ان كان سيبكيها هكذا.. ترك احدي يديها ووضع يده علي رأسها.. فحركت رأسها في خوف بعيدا عنها و اصدرت صوتا باكيا مذعورا.. لم يستطع حتي ان يربت عليها.. اي حركة منه الان ستصيبها بالفزع
تركها وابتعد عنها .. خرج من الحجرة وذهب للخارج.. خرجت خلفه مسرعة وقالت بلهفة:" انت بجد طلعت راجل!" وفتحت الباب لتخرج
فقال :" رايحة فين استني؟"
ملك في توتر شديد وارتباك:" هروح.. متغلش نفسك بيا.. انا هتصرف.. مرسي.. مرسي.."
فصاح فيها:" اتفضلي اترزعي هنا .. انتي مبتتعلميش حاجة؟!"
ودفع الباب في عنف ليغلقه..
توجهت ملك للاريكة بسرعة اتقاء لشره وجلست منكمشة علي نفسها وقلبها يرتجف..
فقال ادهم منفعلا:" انت ازاي غبية كده! عندك ثقة في نفسك.. جميل.. بس ميبقاش بالغباء ده، احكيلك كمية الغباء بتاعك انهاردة.. عشان تعرفي ان اي حد صايع ،مش هقولك اوي... نص صايع بس، هيعرف يضحك عليكي.. انا خليتك تسيبي اصحابك بمزاجك.. وجبتك في عربيتي لحد هنا بمزاجك، وخليتك انت اللي تتطلبي مني انك تطلعي معايا.. وكل ده وانا عمال ابصلك بصات وارمي كلام المفروض يخليكي تحسي اني نيتي ناحيتك مفيهاش اي اخوة.. لحد ما وصلتي انك واقفة معايا في الاوضة.. ومش بس كده، كتفتك وولا قدرتي تعملي معايا حاجة.. لو كنت عملت فيكي اي مصيبة كنتي هتبقي انتي ضحية نفسك و غبائك! انتي متخيلة انك فوق الكون.. فاهمة كل الناس.. محدش يقدر يعملك حاجة عشان يأما بيقدسوكي يأما بيخافوا منك.. متحامية في لسانك الطويل.. لكن في الاخر اهه طلعتي بق.. ولا عرفتي تعملي حاجة .. ولسانك الطويل منفعكيش!"
جلست ملك تنظر له ومشاعرها مرتبكة.. فهي اولا اطمائنت انه لا ينوي شرا حقا، وكان ما رأته منه قبل قليل هو تمثيلا، وغاضبة انه جعلها تبدو غبية حقا، ومنبهرة بقدرته علي افتعال كل هذا الموقف وتركيبه و ترتيبه ليقف في النهاية و يلقي تلك الخطبة.. واخيرا شاعرة ولأول مرة بخطائها..
حاولت ان تتحدث فصاح فيها ان تصمت فهو لم ينته..
اكمل قائلا:" احكيلك بقية غبائك وغرورك..احكيلك المصيبة االي جبتيها لنفسك من صحبويتك لكريم و ياسمين.."
وحكي لها تفصيلا ما حدث منهم و معهم ومتخللا القصة عبارات (التهزيق) لملك..
صمتت مذهولة.. نعم هي ادركت من اول لحظة ان ياسمين شرسة.. قد تلتهم شخصا حيا ان جاء علي مصلحتها ولكنها لن تجرؤ ان تفعل ذلك معها هي، ملك العظيمة، صدمها انها جرؤت بمنتهي البساطة..
كذلك كريم كانت تعلم انه زير نساء ولكنه امام قدرتها الخارقة لن يستطيع سوي ان يفكر في كيفية نيل رضاها، صدمها ان تعرف ما ظنونه بها و محاولته لاستغالال ذلك..
يبدو ان ادهم محقا فهي تظن انها اقوي من كل الناس ، واعلي من يجرؤ ان يمسها احد بسوء.. اما ما اذهلها حقا هو تصرف ادهم.. تكبد كل هذا العناء ليأتي لها بحقها.. كم هو شهم.. تصرفه يفيض بالرجولة.. ثم ذلك الدرس الذي لقنه لها.. انه بارع بكل المقاييس.. لقد اخافها فعلا وجعلها تمر بكل المشاعر التي كانت ستمر بها لوكان الموقف حقيقيا.. لم تعرف من اين تبدأ.. وماذا تقول..
شعر بحيرتها فقال:" الاعتذار هيكون بداية لطيفة"
قفالت ببطء :" اسفة يا ادهم.."
فعاد وقال:" بس كده؟!"
فقالت:" لأ و متشكرة.. عشان ضربت كريم عشاني.."
ادهم مستنكرا:" عشانك؟؟ لأ مش كل حاجة بتحصل في الكون عشانك!.. انا ضربته لأنه طلع مش راجل معايا.. عشان ضحك عليا وحاول يأرطسني.."
احرجها رده الجاف فصمتت.. لن ترد عليه ، لا يستحق منها بعد الان اي نوع من انواع الحدة او السخافة..
قالت علي استحياء:" وهو موضوع انك بتحب ياسمين ده..."
فاطعها ادهم:" فيلم بعمله عليكي.. عشان تعرفي انك حمارة.. لسة كنت بقولك انها لما بس بتتكلم بتعصب.. اقوم بعدها اقولك بحبها.. وانتي صدقتي عادي..:"
رن هاتف ادهم، رقم غريب.. رد ليجد صوت فتاه تخبره انها سارة صديقة ملك .. وانها تحاول الاتصال بملك منذ فترة الي ان اكتشفت ان ملك نسيت الهاتف بالبيت، فاخرجت رقم ادهم منه واتصلت لتطمئن عن سبب غيابها الطويل..
اعطي ادهم الهاتف لملك وسمعها تقول:" مفيش يا سارة.. مش بعيط! هحكيلك لما اجي.. لأ .. متجيبليش سيرة زفت ده تاني... انتي مش هتصدقي هو طلع واطي ازاي.. لأ مش عايزة اتنيل.. كده يا سارة، خلاص مليش مزاج!.. انزلوا انتوا.. لأ متستنونيش لأني بقولك مش هخرج.. اقفلي دلوقتي ولما ارجع هكلمك احكيلك..باي"
انهت المكالمة و نفخت في ضيق..
برغم كل ما حدث الا ان ضايقه بشدة ان يري ضيقها، اين الابتسامة الجميلة.. حسنا لقد سبب لها الكثير من الضيق والاستياء والخوف ايضا ، يكفي هذا.. لقد تعلمت الدرس المستفاد.. يجب ان يرفه عنها، ولكن بحدود سيتمالك نفسه معها، فقد لاحظ انها تبدي اهتماما به اكثر حينما لا يبدي هو اهتماما بها..
قال لها:" طب يالة قومي عشان تروحي تغيري.."
نظرت له ملك في عدم فهم وقالت:" اغير ايه؟"
ادهم بتلقائية :" اللانجري اللي انتي لابساه ده.. تلبسي بقي لبس خروج عشان نخرج.. انتي فاكرة اني هخرج معاكي كده.."
قالت مصعوقة:" لانجري؟؟!! انت عارف ده منين؟؟ وبكام؟"
رد ادهم يمازحها:" ومش عايز اعرف.!. خدي خدي " وناولاها هاتفه وقال " كلمي سارة صحبتك قوليلها اننا هنخرج معاهم ده اذا مكانش عندك مانع طبعا"
ابتسمت ملك وقالت:" اكيد معنديش!.. هبعتلها مسج احسن مش قادرة ارغي.."
تأملها وهي ترسل الرسالة، تامل ملابسها وقال ليمازحها:"ربنا يشفيكي يا بنتي.. حد يجيب هدوم بيت غالية كده؟؟"
ثم اتي بالعلم وقام واتجه للباب وفتحه ثم وقف بجانبه منتظر ملك ان تأتي لتخرج امامه.. انتهت من الرسالة وتجهت للخروج من الباب اسند يده علي ظهرها ودفعها امامه برفق
وهي تقول:" دي مش هدوم بيت!! انت مبتفهمش حاجة في اللبس.."
فوضع العلم عليها قائلا:" طب استري نفسك بس بدل لما نتخطف انا وانتي"
ابتسمت في سعادة وهي تمشي بجانبه، نظرت اليه في انبهار.. لم يضايقها ان يجعلها تغير ملابسها.. لقد دخل تلك الشقة بالنسبة لها شخصا و خرج شخص اخر..
اثناء ذهابهم في الطريق اتصلت صافي بأدهم، كانت منفعلة جدا..
" يا ادهم.. ملك مرجعتش البيت لحد دلوقي وانا مأكدة عليها ان مفيش سهر.. وتليفونها مبيردش.. وكلمتهم في الفيلا قالولي انها خرجت وسابت صاحباتها و بعدين بعدها همة كمان خرجوا.. انا مش عرفة اجيبها منين دلوقتي.. ومش لاقية نمرة سارة صحبتها و..."
قاطعها ادهم:" ملك معايا يا طنط.. اهدي مفيش حاجة.."
صمتت صافي برهة ثم قالت:" اديهاني.."
فناولها الهاتف وما ان قالت ملك "ايوة يا مامي " حتي سمع صوت صافي من مكانه..
"انا مش قلت مفيش سهر.. الساعة 10 .. بتعملي ايه برة لحد دلوقتي.. انا غلطانة اني سبتك تسافري.. كنت فاكراكي مسوؤلة.. "
ملك:" يا مامي والله حصل حوار كده اخرني.."
امسك ادهم منها الهاتف وقال: انا اللي اخرتها يا طنط.. هي من ساعة ما خرجت برة بوابة الفيلا وهي معايا.. بس زي ما بتقولك اتعطلنا في موضوع كده.. كنا بنحل مشكلة مع ناس اصحابنا.. "
صمتت صافي، لقد ارتاحت لمعرفة ان ملك كانت مع ادهم طوال الوقت..لقد ظنت ان ملك انتهزت الفرصة للسهر مع اصدقائها.. كانت حقا تثق بادهم وتأتمنه علي ابنتها.. لولا العيب لطلبت منه ان يبيت معها..
صافي:" مشكلة ايه؟ خير.."
ادهم:" لأ ده حوار تافه جدا بس ضيعلنا الوقت كله.. عشان كده بستأذنك يا طنط انك تسمحي لملك تسهر انهاردة شوية زيادة.. انا هكون معاها وهوصلها لحد باب الفيلا.."
لم تفهم صافي موضوع الحوار و المشكلة والوقت الذي ضاع ولكنها كانت تثق في كلام ادهم.. لذا قالت:" ماشي يا ادهم.. عشان خاطرك انت بس انهاردة.."
بعد ان اغلق الخط التفت لها وقال:" بصي لما بتكسبي ثقة حد بيكون متفاهم وسلس معاكي ازاي.. انا مكذبتش عليها في ولا كلمة.. وخدت كمان موافقتها علي سهرك انهاردة.."
فقالت ملك بصدق خالص:" بجد متشكرة يا ادهم.. علي كل حاجة .."

                                                                ***

عادت للبيت لتغير ملابسها.. اخذت وقتا لتختار شيئا لن يعلق عليه ادهم، حاولت قدر الامكان ثم خرجت له في السيارة..وقد اتت بشال علي سبيل الاحتياط..
عندما ركبت بجواره تفحصها من اسفل الي اعلي .. ثم لم يعلق
فقالت ملك متسائلة عن اي خطأ:" ايه في حاجة؟"
فقال ادهم بضيق:" اه في.."
نظرت ملك الي ملابسها تبحث عن شيء وقالت:" ايه؟ شايف ايه؟"
فقال ادهم :" شايف واحدة حلوة قوي.."
رفعت ملك رأسها و ونظرت باحثة عن اي فتاة في الشارع، لتري تلك الحلوة التي يغازلها امامها قائلة:" انهي واحدة؟"
ضحك ادهم بشدة علي غبائها.. ولم يوضح لها الامر..
فعادت لتقول محاولة ان تدراي غيظها:" لأ قوللي هي فين مش يمكن تبقي جارتنا فا اعرفك عليها.."
انفجر في الضحك مرة اخري ولم يرد..

                                                                    ***

بعد كل تلك الاحداث ..في نهاية الامر حققت ملك غايتها.. لقد دخلت علي الجميع ومعها ادهم.. وحازا علي اعجاب المعجبين وحقد الحاقدين.. وصار حديث الساعة الشاب الوسيم الذي تشاجرت معه ملك قبل ان ترحل ثم دخلت معه عندما عادت.. كانت ملك مختلفة في اسلوبها هذه المرة فقد اهتمت ان تسلم علي كل الناس ، وتخبر المقربون انها افتقدتهم..وتبتسم في مرح لكل من حياها من بعيد..حتي لا يظن ادهم والناس عموما انها تعتقد انها فوق الكون.. كانت مشرقة مرحة..وقد احتار فيها الناس.. هل غيرتها القاهرة؟ ام انها تحب جديد؟؟

                                                                         ***

موقف حدث في صباح اليوم التالي بدون علم ادهم:

اتصلت ملك بكريم ، تحدثت بقمة الدلال..
ملك:" كوكو .. مش عايزاك تزعل من ادهم..انا عرفت اللي كل اللي حصل.. انا وهو دبينا خناقة لرب السما امبارح.. وعرفته فيها حدوده معايا.. هو مش هيعمل كده تاني..... انا عايزة اعوضك عن موقف امبارح و الحفلة اللي باظت..لأ استني اسمعني بس.. انا اللي عازماك في حفلة عندي في الفيلا علي البيسين.. مش عازمة حد غيرك انت و سارة صحبتي و صاحبها.. ممم احنا الاربعة بس..بس احنا عاملينها فوطة بارتي.. ايه ده؟ مش عارفها؟ امال عاملي فيها الواد اللي مقطع الحفلات، دي احدث موضة في امريكا.. ايوة تيجي لابس فوطة بس.. خلاص هاتها معاك وابقي اقلع والبسها عندي.. وانا كمان هكون لابسة فوطة... بلاش قلة ادب!... اكيد هيكون يوم تحفة جدا.. مستنياك يا كوكو .. بس اسمع كلمني وانت قريب من البيت واركن في اي حتة و سارة هتطلع تدخلك بعربيتها.. عشان مش عايزة السيكيورتي اللي برة يشوفوك، بيحكوا لمامي كل حاجة... اه احنا بندخل صاحبها كده كل مرة... اوكي كوكو.. باي"
انهت المكالمة و قفزت في سعادة ثم وقفت ترقص رقصة النصر مع سارة التي كانت تضحك في مرح..
بالفعل اتي كريم، مثلما امرت ملك دخل الي الفيلا في سيارة سارة مختبيء في دواسة الكنبة الخلفية.. اوقفت سارة السيارة بالداخل وطلبت منه ان ينزل و يتوجه لحمام السباحة، ثم يخلع ملابسه و يرتدي الفوطة.. وستذهب هي لتخبر ملك بقدومه .
قالت وهي ذاهبة:" البس الفوطة بسرعة، انا وملك هنلبس الفوط و نيجي حالا"
بالفعل توجه كريم الي مكان حمام السباحة ، تلفت حوله ليتاكد من عدم وجود خادمة او عامل في المكان ثم بداء في خلع ملابسه.. الي ان صار بالجزء الاسفل بملابسه الداخلية ، وما ان تناول الفوطة ليفلها علي وسطه حتي سمع صراخا.. ارهف السمع.. انه صراخا بالفعل..
كانت ملك تقف في الشرفة ممسكة بهتفها وتحدث احد رجال الامن عليه كانت تصرخ في هلع:" يا مصطفييييي ، يا حاااااامد، يا عطيييية.... حراااااميييي... حرامي مجنون عند البسييين... الحقوه ..بيقلع هدومه... سيبوا الكلاب عليه.. سيبوا الكلاب..."
وكانت سارة تقف بجوارها ممسكة بكاميرا رقمية تصور بالفيديو ما يحدث..
نظر كريم خلفه محاولا الوصول لمصدر الصراخ ولكنه وجد كلبين عملاقين يجرون نحوه، واربعة رجال منهم اثنان من الامن يجرون خلفهم..كلهم اتون نحوه يطاردونه... جري بملابسه الداخلية مذعورا من الكلاب ..متحفظا علي الفوطة بيده.. وصل اليه احد الكلاب و تشبث بالفوطة فتركها له كريم وجري بأقصي سرعة نحو سور الفيلا.. ثم تعلق بالسور وقفز من فوقه وهرب جريا في الشارع بما يرتدي... لحسن حظه ان الفيلا في منطقة هادئة لحد ما والا كان موقفه في الشارع لا يحسد عليه.. ان نجح في الوصول لسيارته لاهثا..
قالت ملك للرجال الذين لم يتمكنوا من اللحاق به:"خلاص خلاص..سيبوه ، ده يا حرام يظهر مجنون.. بس خلوا بالكوا بأه ليجي تاني"
ثم دخلت مع سارة الي الحجرة وهما في قمة الحماس والاثارة، اتت بالاب توب الخاص بها وانزلت الفيديو الي يصور كريم وهو يخلع اخر جزء من ملابسه قبل ان يجري مذعورا بملابسه الداخلية..
قامت بتحميل الفيديو علي (يوتيوب) تحت عنوان:" شاب مجنون بالبوكسر يحاول لفت انتباه فتاة مش معبراة مقتحما فيلتها بالاسكندرية.. مضحك جدا"
و(اليوتيوب) ان كنت من الجهلاء، هو موقع يستطيع اي انسان تحميل اي فيديو عليه و يدعوا الناس للمشاهدته.. وتلك الفديوهات المضحكة والتي تختص بالضحك علي شخص في مازق تنتشر بين الشباب بسرعة انتشار النيران في ارضية ممسوحة بجاز..
لم تنسي ملك ان تبعث دعوة مشاهدة خصيصا لزميلتها ندي النمامة الحشرية لتضمن انتشار الخبر عن كريم في كل الجامعة..
وبذلك يكون كريم عبرة لكل من تسول له نفسه ان يتفاخر بملء فمه ويتحدث عن الفتيات بتلك الطريقة

عملوه الكبار و وقعوا فيه الصغار >> (20) رحلة ساخنة


اثناء الطريق لم تتحدث ملك كثيرا، كانت سارحة تحاول تخيل عدة سيناريوهات لما سيحدث في الاسكندرية، كيف ستقابل كريم؟ ما رد فعل جمهورها هناك؟ كيف ستتخلص من ادهم؟ لما هو صامت الان؟ .. ما علاقة هذ السؤال برحلة الاسكندرية؟ لم تشغل بالها بصمته؟؟
رن هاتفه فقام بالرد..
"الو.. ايوة انا.. مين؟ لأ مش عارف انتي مين ؟"
انها فتاة! اثارت المكالمة اهتمام ملك و فضولها فانتبهت لها جيدا..
ادهم:" ايه ده؟؟ انجي؟؟! انتي فينيك يا بنتي؟ سمعت انك هتتخطبي... طب اهدي بس.. احكيلي قالك ايه طيب.. مممم ....مممم....ما هو مضايق اوي يا انجي انتي مشفتيش حالته.. ده طردني من البيت في وسط العصبية.. ممم ... معلش يعني وانتي رديتي عليه ليه اصلا مدام انتي مش طايقاه كده؟.. مالاخر يا انجي.. انتي لسة بتحبيه؟ ... طب انا افهم ايه كم سكوتك ده متردي عليا... بتحبيه و هتتخطبي لغيره؟؟؟ انتي بتعيطي ليه دلوقتي؟؟ بصي يا انجي انا في اسكندرية دلوقتي.. ممكن لماارجع نتقابل.. لازم نتكلم بس تكوني هديتي.. اهدي بقي دلوقتي .. سلام"
كاد فضول ملك ان يقتلها، ارادت ان تسأله عن المكالمة و عن انجي و عن الشخص المضايق ولكنها ابت ان تبدو فضولية.. امسك هاتفه ثانية واتصل باسم ما وما ان رد الشخص حتي صاح ادهم:" حازم انت اتهبلت؟! انت كلمتها ليه؟؟ لخبطلها حياتها وتفكيرها و خليت شكلك وحش.. البنت مكلماني منهارة.. ايه الكلام الهباب اللي قلتهولها ده.. هي يابني خانتك ولا حاجة؟؟.. واحدة مش مرتبطة و جالها عريس ووافقت .. ليه تكلمها تلومهاو تغلط فيها كده؟؟ .. قصتكوا خلصت وفات عليها وقت كتير.. عموما انا لما ارجع هنزل اكلم معاها.. في ايه يعني؟ في موضوعكوا!.. معرفش في امل ولا لأ! ..انا سألتها اذا كانت لسة بتحبك سكتت... مش عارف يا حازم.. لما ارجع يا حازم.. بلاش زن.. سلام... سلام..سلام يا حازم"
وانهي الكالمة..
لم تتمالك ملك نفسها هذه المرة سألت:" ده صاحبك اللي عرفتني عليه وانا مع ياسمين؟"
ادهم دون ان ينظر لها:" ايوة.."
ملك:" و البنت دي صاحبته؟"
ادهم بنفس الاسلوب:" كانت.."
ملك:" وسابوا بعض وهي جالها عريس؟"
ادهم:" اه.."
ملك بغيظ:" متحكي يا ادهم.. انا هجر الكلام من بقك!"
نظر اليها بطرف عينيه نظرة احتقار ولم يرد
ملك مستفسرة بعصبية:" هو انت مخاصمني او حاجة؟"
التفت لها ببرود وقال :" مخاصمك انتي؟! انا عشان اخاصم حد لازم يكون فارق معايا اصلا.. انا ساكت عشان مصدع وياريت متزوديش الصداع"
لم يخاطبها بتلك الطريقة الجافة من قبل.. هي معتادة علي سخافاته و لكنها كانت في اطار ان يغيظيها او يلاعبها.. او اي كان ..ولكن كانت دائما هناك لمحة اهتمام في سخافته عليها.. ولكن الان يبدوا انه غير مهتم بها.. ضايقها جدا الاحساس.. لم هو غير مهتم؟ ماذا حدث ليفقد اهتمامه.. فتحت مرآة السيارة امامها لتتأكد من طلتها الجذابة.. عدلت خصلات شعرها بيدها.. لم تر في نفسها ما يجعله يفقد اهتمامه.. مازالت جميلة جذابة كعهدها الدائم..
اما هو فكان يتابعها بجانب عينيه ، احس بتوترها و لم يفهم سببه.. لم تنظر في المرآة ؟ هل تتوقع مقابلة شخصا؟جرت العادة ان يلتقي المسافرون في استراحة الطريق المشهورة.. كانا بالفعل قد اقتربا من الاستراحة.. وكان سيتوقف لليدخل الحمام.. اذن لن يتوقف سيمسك نفسه الي ان يصلا.. لن يدعها تقابل ايا كان الذي ترتب من اجله شعرها.. علي الاقل ليس وهو معها..
ارادت ان تجذب انتباهه بأي شكل، كانت ترغب بشدة في فهم سر تجاهله المفاجيء لها، فقالت:" مامي و باباك لايقين قوي علي بعض.. ربنا يسعدهم"
ادهم باقتضاب:" يا رب.."
احبطت من بروده، فصمتت برهة ثم صرخت وضعت يدها علي احدي عينيها:" في حاجة دخلت في عيني.... مش عارفة افتحها.. انا اتعميت"
التفت لها ادهم ملهوفا حاول ان يري وجهها من موضعه و هو يقود الا ان شعرها المتناثر عليها ويديها التي تغطي وجهها منعته.. وتره صراخها .. فاوقف السيارة بجانب الطريق و هو يقول مخضوضا:" دخلت في عنيك ازاي .. الشباك مقفول؟؟؟"
بعد ان وقفت السيارة و ادار ضوء الانتظار التفت لها قائلا بطريقة حانية حاول ان يجعلها جادة علي قدر استطاعته:" طب وريني كده.. وريني بس.. شيلي ايدك؟"
لقد نجحت.. لمست الاهتمام في نبرته.. فاادارت وجهها اليه.. بعيونها التي كادت ان تفقأهم باصابعها ليدمعا.. واشارت الي احداهم وقالت برقة بالغة متصنعة الالم:" دي.."
نظر لوجهها الموجه له نظرة واحدة ثم ادار رأسه بعيدا في تردد.. ثم عاد واقترب ليري ما الذي دخل بعينها عن قرب في توتر... ولكنه لم يجده لأنه لم يكن يبحث.. كان يتأملها.. كل سم من وجهها.. كم هي جميلة.. سبحان الخالق.. ان هذا الوضع خطيرا حقا.. ستحدث كارثة ان لم يبتعد الان.. خبطها علي رأسها برفق وقال بجدية:" بصي قدامك ! مفيش حاجة في عينيك"
مسحت ملك عينيا بيديها مرة اخري..(تنحت) لثانية ثم اسندت ظهرها الي الكرسي بينما ادرا هو السيارة بتوتر.. وانطلق بها مرة اخري.. لقد رأت الاعجاب بعنينه واضحا.. انها تعرف نظرة الاعجاب جيدا حين تراها.. حسنا هذه المرة الاعجاب كان قويا و ظاهرا وهذا هو الجديد.. ولكن الاجدد منه انها كانت تتأمله هي الاخري، لقد احست بشعور عجيب.. نوعا من الانجذاب .. ليس فقط لملامحه الرجولية الجذابة وانما لشيء خلفها.. وكأن قوة من داخله تشدها ناحيته.. تذكرت يوم ان كان يضايقها وهو يلف يده علي عنقها، ونظريتها عن تشويهه لفكرة (الحضن الاول).. لقد ضايقها الامر وقتها بشدة ورغبت في قطع يده .. ولكن.. لكم تمنت ان يفعل ذلك مرة اخري الان.. لامت نفسها بشدة.. اي سافلة اصبحت؟ كيف تفكر بمثل تلك الامور.. في نظرها تلك الاشياء هي احلام رومانسية سوف تعيشها مع الحبيب المجهول.. والحبيب هو من ستتزوج به.. كيف سولت لها نفسها ان تتمني ان يعانقها ادهم..
تقوقعت علي نفسها في المقعد و ظلت تعيد الموقف في ذهنها الي ان راحت في النوم..
اما ادهم فكأنه لامس سلكا مكشوفا.. ظل منكبا علي القيادة و الطريق متوترا الي اقصي حد محاولا حتي الا ينظر لملك النائمة.. ظل يردد في نفسه.." امسك نفسك.. مش عايزين مشاكل".. لم ورط نفسه و اصر علي ان تركب معه.. انه يجاهد نفسه الان حتي لا يتصرف تصرف يندم عليه لاحقا و يكون كارثة علي مختلف الاصعدة.. كان الغروب قد حل وبدأء الظلا يخيم علي طريق السفر السريع، حسنا لا يوجد ردارات الان .. فليزيد السرعة حتي ينهي تلك الرحلة الموترة في اسرع وقت.. ضغط داسة الوقود وتاكد من وضعه لحزام الامان.. القي نظرة علي حزام ملك ليجده غير مربوطا.. تردد لثواني ثم مال عليها بشدة و تمكن من جذب الحزام من جانبها وثبته في قفله بجانبها الاخر..لن يسامح نفسه ابدا ان- لا قدر الله - تسبب في اذي لها نتيجة لقيادته، كان الطريق المظلم امامه عبارة صورة مكبرة لوجهها الجميل..
بقي اقل من ربع الطريق، رن هاتف ملك.. استيقظت علي صوته ثم نظرت في تكاسل الي الرقم الظاهر انها ياسمين.. نظرت بتوجس الي ادهم ولكنها قررت الرد..
ملك:" ياسسو.. ايه اخبارك؟"
ياسمين:" انا بطمن.. وصلتي؟"
ملك:" لسة..قربنا" ثم سألت ادهم:" ادهم فاضل اد ايه؟" الذي تجاهل سؤالها.
ياسمين مندهشة:" هو انتي مع ادهم؟"
ملك:" ممممم"
ياسمين:" ليه بقي و فين السواق؟"
ملك:" مممم"
ياسمين:" مش عارفة تكلمي طبعا.. طب اسمعي ، هتقابلي كريم؟"
ملك:" بلليل.."
ياسمين:" طب ابقي احكيلي..لازم تخرجوا متضيعوش الفرصة"
ملك:" ماشي.." وانهت المكالمة
قال ادهم علي الفور:" ايه اللي بلليل؟؟"
ملك ببرود:" انت حكيتلي عن مكالمتك.. عشان احكيلك عن مكالمتي؟؟؟"
ادهم:" قولي يا ملك واتقي شري!"
رفعت رأسها بتكبر ونظرت للأمام دون ان ترد..
فمد يده و جذبها من شعرها وقال متسائلا بسخرية :" كلميني عن حبوب الشجاعة اللي انتي واخداها!"
صرخت وامسكت بيده لتخف وطأة الجذب عن رأسها وقالت:" بقولها هكلمك بلليل! سيب بقي.."
كان المفروض ان يتركها فقد اعترفت ، ولكن يدها الممسكة بيده بثت فيه احساسا بعدم الرغبة في تركها ابدا.. حسنا انها المرة الاخيرة التي سيلمسها فيها.. فهو ان لمسها مرة اخري، لن يمسك نفسه عنها..
دفعها عنه بقوة كرد فعل غير ممقصود لذعره حتي كادت ان تصطدم بالزجاج الجانبي لولا انها تفادت الاصطدام بيدها..
وقالت:" علي فكرة لو انت مستقوي نفسك عليا.. انا ممكن اجيبلك اللي يمسكوك يعجنوك.."
لم يتمالك نفسه ونقض عهده الذي قطعه مع نفسه منذ لحظة وجذب شعرها مرة اخري و صاح بحرقة:" تجبيلي مين؟ كريم البسكوتة بتاع الاعلانات بتاعك.. هتجبيلي مين ؟"
نجحت ملك ان تفلت منه و صاحت بعجرفة وهي تبتعد عنه اقصي ما تسمح مساحة السيارة:" انت ناسي انك جاي عندي، انا بس لو شاورت هتلاقي الف اتلموا عليك يقطعوك"
ضحك ساخرا وقال:" اه قصدك شوية العيال السيس اللي وقفوا يتفرجوا عليا وانا بمسح بكرامتك الارض عشان جرحتي عربيتي.. لأ فعلا خفت.."
عضت ملك علي شفتيها في غيظ.. فعلا كيف وقفوا جميعا كمشاهدين وقتها..(سييس) هي احسن وصف لهم!
فاعتدلت في الكرسي ونظرت امامها عاقدة حاجبيها وقالت غاضبة كالاطفال:" متكلمش معايا تاني!"
فابتسم ، كانت حلوة وهي غاضبة.. (مأموصة) مثل الصغار..
فقال بنص ابتسامة وقد بذل جهدا لأخفاء قدرا من مشاعره التي تصرخ هياما بها:" مش بمزاجك..اكلمك براحتي!"
قلبت (بوزها) ولم ترد

                                                                          ***

اوصلها المنزل اخيرا.. واطمان انها دخلت من البوابة امامه.. وجد ميكو تخرج لاستقبالها وقد خرج اليه رجلين حياه باحترام وحملا حقائبها من سيارته..
اتصل بابيه وطمأنه و صافي علي وصل البرنسيسة ملك بالسلامة. ثم ذهب مسرعا الي بيت عمته هيام الحبيبة حيث الحمام.. فقد كان علي مهددا بانفجار المثانة..

                                                                         ***

اول ما وصلت ملك اتصلت بسارة و الفتيات الاتي توافدن علي بيتها فورا، ثم اتصلت بكريم الذي اخبرها انه قادما في الطريق و قد رتب لها برنامج حافلا من المرح..
امضت الوقت حتي وصول كريم .. في الرغي مع فتياتها.. الوصيفات المخلصات، حكين لها عن كل تفصيلة حدثت في غيابها، وحكت لهم عن كل ماحدث في القاهرة وعن ادهم و تحكمه الغير مبرر في تصرفاتها..
انتقت من دولابها الذي نقلته في حقائبها ما سترتديه .. يجب ان يكون ظهورها الليلة مبهرا، لقد اشتاق الرعية لمليكتهم الجميلة و يجب ان تكون عند توقاعاتهم.. لا بل اعلي بكثير!
لن اصف ما ختارت لأنه مهما حاولت لن انجح في تصوير الطريقة التي جعلها تبدو مبهرة ، ملفتة ساحرة، مثل فنانات البساط الاحمر، ولكن سأكتفي بالقول بأن علي قدر حسنه، ادهم لن يكون سعيدا به علي الاطلاق..
صرخن الفتيات في حماس عندما خرجت اليهم به من حجرة الملابس .. لو كن من طبقة اجتماعية اقل درجتين تلاتة لقلن " هياكل منك حتة!"، ولكنهن اكتفين بـ:" اووه !" و "واو!" و "اوه ماي جود! تحفة جدا".

                                                                      ***

كانت سعادة عائلة هيام عمة ادهم غامرة بقدومه، بعد ان دخل الحمام، جلس بينهم ينعم بدفئهم العائلي الذي طالما حاوطه، و بعد ان فرغوا منه اخذته جايلان ليتحدثا كعادتهما
فقالت بخبث:" خبر مجي ملك مكسر الدنيا في الجامعة.. كل الناس مستنياها تظهر انهاردة"
قال ادهم بضيق:" جايلان.. انا بحب ملك!"
لطمت جايلان علي صدرها وكأنها الولية بائعة العيش:" ايه؟؟ انت تحب ملك؟ .. ده انت جربت بنفسك جزء بسيط من سفالتها.. ايه اللي عاجبك فيها بالظبط؟؟"
ادهم سارحا:"مش عارف ! بس حاسس اني مش عارف اعد علي بعضي وهي مش قدامي.."
جايلان:" يابني دي ملهاش كبير.. كفاية الاطتها"
ادهم:" ما انا هبقي الكبير بتاعها.. انا مربيها دلوقتي.. متقدرش تكسرلي كلمة"
جايلان ومازالت مندهشة:" يعني انتوا مرتبطين ببعض دلوقتي؟"
ادهم:" لأ خالص.. علاقتنا زي ما شفتي اخر مرة.. اخوات قدام اهلنا و اعداء برة البيت"
جايلان وقد احتارت :" طب وهي بتسمع كلامك بناء علي ايه؟؟؟"
ابتسم ادهم في ثقة وتذكر ملك و هي مذعورة بين يديه وهو ممسكا بالمقص وقال:" بلطجة!"
سرحت جايلان مفكرة ثم خبطت ادهم علي ظهره في حماس:" ايوة كده الرجالة.. متزعلش مني يا ادهم .. انا طول عمري نفسي اشمت في ملك دي.. ربنا يخليك ليا يا حبيبي وتحققلي احلامي دايما.."
رن هاتفه ، اندهش عند رؤية اسم احمد .. فهو لم يحدثه منذ الموقف اياه..
ادهم مرحا:" اخيرا رضيت عني.. فينك يا واد؟"
احمد بجدية شديدة:" بقولك ايه؟ مش معني اني بكلمك .. اني مش قافش.. بس الحركة دي رجولة مني مش اكتر... عشان تعرف ان مش انا اللي بعد قاعدة خالتي و بجيب في سيرة البنات.."
تذكر ادهم حواره مع احمد في الموضوع فقال باهتمام:" حاجة علي ملك؟"
احمد وهو يضغط علي كل حرف في انفعال:" ايوة.. كريم باشا اللي وقفت تدافع عنه قدامي وتقوللي الولد مغلطش في حاجة .. اتفضل اسمع بيقول ايه علي ملك... قريبتك!"
وحكي له بالتفصيل ما سمع ورأي في جلسته مع كريم وشلته..
وضع ادهم الهاتف عن اذنه بعد انتهاء المكالمة.. كان يسمع صوت الدماء تمر في شرايين وعروق رأسه..
جايلان:" مالك يا ادهم..شكلك عجيب.. انت ودانك احمرت كده ليه؟؟ انت ايه؟ ضغطك عالي؟.. مترد ياله .. مالك؟"
لم يرد عليها بل تركها وتوجه للباب، نادته عمته :" علي فين يا ادهم؟" لم يرد ..لم يسمعها اصلا، خرج و هو ينوي ارتكاب جريمة.. بمن سيبدأ بكريم الحقير..ام بملك الغبية الكاذبة.. كانت تحدث كريم طوال هذه المدة دون علمه! ثم بطريقتها الغبية رسخت في ذهنه فكره انحلالها.. له كل الحق كريم ان يظن بها الظنون و يتلهف لقضاء وقت ممتع معها حيث تبقي ليلتين بمفردها.. وليس فقط ذلك بل يجلس ليتفاخر بملء فمه عن الامر وسط اصدقائة الذين لا يتخيرون عنه..
ماذا سيفعل الان؟ هل يتركها تتحمل عواقب تصرفاتها الغير مسؤلة؟ لن يسطيع ذلك.. ثم انه يجب ان يجد كريم ليقنه درسا علي الاستخفاف به ...ولكن كيف سيعلم مكان مقابلتهم؟ وهل سيلقاها كريم بتلك النية الخبيثة في مكان عام؟؟ فكر قليلا، توصل الي ان شغفها بالظهور سيدفعها اكيد للخروج في مكان معروف حتي تصنع ظهورا خاصا كعادتها.. اتصل بجايلان التي كانت في غاية القلق عليه وسألها بعد ان طمأنها،عن المكان المعتاد لتجمع الشباب من عينة ملك وشلتها الليلة، اجابته جايلان بدون فهم علي وعد منه ان يشرح لها لاحقا..
كان في السيارة يفكر..هل سيقصد المكان؟ ثم ماذا؟؟ يمسك بكريم و يقذفه في البحر ؟؟ لا غير كافي.. وغير مهين كفاية.. يحتاج اكثرمن قذفه في البحر ليبرد غضبه.. وماذا عن ملك؟؟ ولا صفعة ولا حتي عدة صفعات متوالية ستكفيه.. تخيل نفسه و هو ينزل صفعا علي وجهها الجميل.. برغم كل الغيظ منها المته الفكرة.. سرح في خدها كم يبدوا ناعما.. هنيئا لك يا كريم الكلب ! خبط بعنف علي عجلة القيادة.. كان لديه من الغضب ما يكفي لتحطيم السيارة.. تمالك اعصابه ..جلس يفكر.. يجب ان يهدأ ، كل هذا العنف المكبوت لديه الان لن يحقق له شيئا.. لربما ارتكب بسببه جريمة (توديه في داهية).. كان غير قادر علي ابعاد ملك عن رأسه... يفكر في الامر من ناحيتها.. لقد اخبرته من قبل انها تعلم حقيقة كريم و هي قادرة علي التعامل معه.. اتراها مدركة لنواياه ؟ وتظن بغرورها و ثقتها الزائدة بنفسها انها تستطيع السيطرة عليه؟؟ ام هي علي عماها تماما و تظن ايضا بنفس غرورها انها جعلته شخصا افضل بتأثيرها الساحر، وقد صاركريم تابعها المحب؟؟ ولكنه استبعد تماما فكرة ان تكون متجاوبة معه وان ظنون كريم بها في محلها..
رن هاتفه.. انها ياسمين.. ماذا تريد الان؟! ضغط زر التجاهل فآخر ما ينقصه هو حوار سخيف معها.. اتصلت ثلاث مرات ولاقت نفس النتيجة.. الي ان ارسلت له رسالة تقول:" ادهم.. اريد اخبارك امرا هاما يخص ملك قريبتك العفيفة! اتصل بي"
لقد انتشرالامر اذا في الجامعة.. الكل صار يعرف بلقاء كريم وملك في الاسكندرية و معهم الاستاذ (قُفّة) الذي هو ادهم..
اتصل بها ..
ياسمين:" لازم يعني ابعتلك مسج عشان تتصل!"
ادهم:" خلصي يا ياسمين.. ها.."
ياسمين:" هدي نفسك.. الموضوع مش مستاهل عصبيتك دي كلها.. انت مالك مهتم اوي كده هو انت كنت ابوها..دي حايلاة بنت مرات باباك!"
ادهم:" قدامك ثانيتين لو مكلمتيش هقفل.."
ياسمين غاضبة:" ايه يا ادهم الطريقة دي.. اتكلم معايا احسن من كده.. انا غلطانة يعني اني قلقانة عليك"
ادهم:" خلصوا ..هقفل!"
ياسمين بلهفة:" استني.. هقولك اهو.. اصل ملك حكيتلي انها هتقابل كريم في اسكندرية من وراك.. وانا عشان خايفة عليها اصلها بقت زي اختي.. كلمت كريم اطمن منه اذا كان بيحبها بجد ولا زي كل بنت عدت عليه.. فقالي ان علاقتهم عبارة عن وقت لطيف وخلاص.. هو حتي مبيفكرش يصاحبها اساسا.. ولعلمك هي كمان قالتلي عليه كده.. انها مش واخداه جد.. شوف انت بقي لما اتنين بيتلسوا ببعض.. في سفرية زي دي!"
ادهم:" وانتي بقي كلمتي كريم اللي انتي اساسا مش بطيقي تسمعي اسمه ولا هو بيطيق يشوف خلقتك.. عشان يصارحك بالموضوع المهم ده!"
صمتت ياسمين و قد ادركت عدم ابتلاع ادهم للكلام.. اما ادهم بمعرفته القوية بياسمين وبتاريخها معه المليء بخطط الايقاع بينه وبين أي انثي تقربه، استتنج الحوار الحقيقي الذي دار بينها و بين كريم.. هي بالتأكيد من بث في رأس كريم فكرة ان ملك هي فتاة من بتوع التسلية ، قد تكون بالفعل اتصلت به لتتأكد من مشاعره التي صارت واضحة ناحية ملك وعندما اخبرها انه يريد خطبتها اخبرته كلام ملك الذي قالته فعلا عن عدم رغبتها في الارتباط بكريم لأنها مازالت تختبره، ولكن بطريقة محرفة.. مثل انها لن ترتبط بكريم جديا لانها غير جدية في العلاقة.. واقد اكدت ملك الغبية المعلومة بدعوتها للقاء كريم هنا وذكر انها بدون امها..
برغم ان كريم ضحية الاعيب ياسمين الا انه مازال حقيرا ..فقد وعد ادهم وعد رجال انه لن يحدث ملك، بينما في الحقيقة ظل يحادثها من وراء ظهره.. كما انه منذ ان وضع ملك في قائمة "فتيات التسلية" بفضل ياسمين فقد صار يتشدق بالامر وكأنه حصل علي وسام الجمهورية..
ادهم:"ياسمين! انا لو سمعت انك جبتي سيرة ملك تاني في الموضوع ده.. امش هحكيليك رد فعلي معاكي هيكون ايه!"
ياسمين منفعلة بشدة:" انت ايه؟ اعمي.. مش شايفها علي حقيقتها.. دي زيها زي كريم بالظبط.. بتتسلي بالولاد.. دي.."
قاطعها ادهم:" فعلا واضح ان ملك زي اختك! اقفلي يا ياسمين متخلنيش اغلط فيكي.. "
واغلق الخط في وجهها..
زاد غضبه من ملك.. لقد نصحها بالابتعاد عن ياسمين و كان ردها "ياسمين دي بنت كويسة" لقد حكمت عليها ظاهريا بمجرد ان رأتها تتشابه مع صديقاتها التي تربت معهن ، غرورها منعها ان تستمع اليه.. هاهي قد اوقعتها ياسمين في مصيبة و لا نعلم الي اي مدي سيكون صداها..
يجب ان تلقن ملك درسا.. العصبية وحتي العنف لن يجدي معها نفعا..
اتصل بها ..
ردت ملك:" ايه يا ادهم في حاجة؟"
ادهم:" برضه ايه؟ مفيش حتي الو.."
ملك:" انا نازلة هخرج مع اصحابي وانت معطلني عن اللبس.. سيبني افك بأة عن نفسي.. بدل الخانقة الي انت عاملهالي في مصر.. اظن هنا ولا في كريم ولا ياسمين.. سبني بقي.."
ادهم:" تصوري اني لمحت واحد شبه كريم اوي راكب عربية زي بتاعت كريم..انتي متأكده انه مش هنا؟"
ملك وقد اصابها بعض التوتر:" لأ.. وحتي لو هنا انا هعرف ازاي .. هو انا بكلمه؟؟.."
ادهم:" انا بس بسألك عشان اديكي اخر فرصة تقولي لو مخبية حاجة.. عشان لو اكتشفت حاجة بنفسي.. ليلة ابوكي هتبقي سودة.."
ملك متصنعة الحزن:" ابويا الله يرحمه.."
ادهم:" قديمة! بس متزعليش اوي كده، ده في احتمال تقابليه الليلة.. "
صمتت ملك تفكر.. هل علم شيئا؟؟ وحتي ان علم.. ملوش حاجة عندها.. ابوها المسؤول الاوحد عن تصرفاتها مات!
ملك:" خلصت سخافة عليا؟؟ ارتحت؟ ممكن تقفل بقي عشان مش فاضية.."
ادهم:" انتي لسة شفتي سخافة.."
وانهي الكالمة دون سلام.. 

جلس في سيارته ممسكا بشريحة الخط الجديد الذي اشتراه للتو.. وضعه في هاتفه و ارسل منه رسالة لهاتف كريم تقول:
" كريم.. انا ملك لا تحاول الاتصال بي علي رقمي ولا ترد علي اي مكالمة منه.. ادهم اخذه مني.. ربما يستخدمه لأكتشاف ما يحدث من وراء ظهره.. يمكنا فقط ان نتراسل علي هذا الرقم.. اين انت الان؟"

ثم قام بارسال رسالة الي هاتف ملك:
" ملك انا كريم.. لقد وصلت ثم قابلت ادهم مصادفة و انا اجلس معه الان.. انه يتصرف بغرابة و يعبث بهاتفي بحجة رغبته في شراء واحد مثله.. اظنه يحاول اكتشاف ما بيننا.. لحسن الحظ انه لم يلمح هاتفي الاخر.. لا تتصلي بي، يمكننا ان نتراسل فقط علي هذا الرقم.."

جاءه رد كريم:
"ملك افتقدك بشدة.. لقد وصلت.. اتريدين ان امر عليكي ام تأتين انت؟ انا اقيم حفلا ببيتي.. اريدك ان تاتي .. ستكونين ضيفة الشرف.. اخلصي من ادهم المجنون واتصلي بي"

كذلك رد ملك:
" اعرف انه صار متشككا، عموما لم اعد اعبأ فهو لا حكم له علي.. متي سنتقابل؟ انا معي الفتيات ونريد الذهاب الي (--) سأنتظرك لنذهب كلنا معا "

اطمائن قلب ادهم ان اسلوب ملك لا يدل علي انها متجاوبة مع نية كريم الحقيرة، برغم انه لم يكن لديه شكا..
فقام ادهم بالرد علي كريم اولا اراد ان يختبر مدي سوء نيته و تصميمه:
"كريم لا استطيع ان احضر الي منزلك لا يصح ذلك.. ارغب في الخروج في مكان ما ومعنا اصدقائي"

كريم:
" هيا يا ملك لا تكوني سخيفة.. لقد ظننت انك بنت متفتحة و ليس لديك عقدا مثل البنات المتأخرين لا يمكن ان اخرج بمكان عام انا لا ارغب في مشاكل مع ادهم.. فقد اخبرته سابقا اني لن احدثك.. الاسكندرية صغيرة وقد يقابلنا مصادفة .. ثم اني قد اعددت للحفل، لا تقومي باحراجي.. انت نجمة الحفل.. "
اذن فانت لست تختبرها يا كريم لتري الي اي مدي تصل حدودها..بل انت مصرا علي ما في رأسك.. وتقوم باستمالتها ..

فارسل له ردا:
" برغم من ان هذا ليس من طبيعتي ولكني اثق بك يا كريم فقد اقنعتني.. سأتي.. ارسل لي العنوان.."

كان رد كريم الاخير:
"هذه صغيرتي المطيعة.. العنوان..."
ادار ادهم السيارة وتوجه الي العنوان..
اثناء القيادة كان يتبادل الرسائل مع ملك منتحلا شخصية كريم، وقد دعها مثل كريم لتاتي الحفل بمنزله.. فكان رد ملك مختلفا عن رد ادهم علي دعوة كريم..
ملك: " حسنا ولكني سأتي و معي خمس صديقات، علي شرط ان مررت علي حفلتك قليلا وحييت اصدقائك يجب ان تأتي بعدها معي الي (--) حيث اصدقائي انا.. موافق؟"

كل ما تفكرين به هو الظهور بكريم يا ملك.. الا تدركين اي اساءة تسيئيها الي نفسك و موقفك.. برغم من انها اتخذت حيطتها و ستذهب بيته ومعها مجموعة، الا انها مازلت غبية!
كاد ادهم ان يرسل لها سبة في رسالة ولكنه لم يريد ان يفسد خطة تلقين الدرس..
اجابها انه موافق وسيتصل بها عندما يصل لبيتها..
وصل ادهم الي بيت كريم.. عمارة فاخرة مطلة علي البحر، ارسل له رسال :" لقد اتيت .. اضغط زر فتح البوابة"
وبالفعل في خلال دقيقتان كان ادهم امام باب الشقة الفاخر.. كما توقع لم يكن هناك اي مظهر من مظاهر الحفل.. ولا حتي صوت موسيقي. . طرق الباب .. حضر قبضته استعدادا للكمة الاولي.. ولكنه فوجي برسالة من كريم علي الهاتف:
" صغريتي.. الباب مفتوح ادخلي.. هناك مفاجأة لكي.."
زاد غيظ ادهم ودفع الباب في غل و دخل، رأي في الاضاءة الخافتة للصالة الواسعة،علي مسافة منه قرب النافذة المطلة علي منظر البحر.. طاولة بكرسيين عليها شمع مضاء وبعض الورود..
ثم قفز كريم من خلف الباب قائلا:" ايه رأيك؟؟؟"
كاد ان يصاب بسكتة دماغية حين رأي ادهم.. فتح فمه و عيناه ذاهلا ..
ادهم متصنعا الرقة :" لأ ذوقك تحفة.. يا كوكو.. " ثم قال بحدة:" هي دي كلمة الرجالة يابن الـ (لفظ منتهي البذائة)" تبعها اللكمة التي تشوقت قبضته لمناولتها...
تراجع كريم خوفا واضعا يده علي وجهه الذي المه بشدة وقال مذعورا:" هي اللي قالتلي تعالي اسكندرية، وهي اللي قالت لي نكلم وماقولكش.... هي اللي قالت والله.."
ادهم:" وانت ايه (لفظ بذي) ؟ هي اللي بتمشيك؟؟.. انت مش اديتني كلمة يا (نفس اللفظ)؟"
كريم:" ما هي قالتلي ادهم ملوش كلمة عليا.. "
ادهم:" ولما انت مقتنع بكدة.. موقفتش في وشي ليه ساعتها وقلتلي وانت ومالك؟؟ ليه قدامي تقولي حاضر و رايح من ورايا تكلمها.. وكمان بتقولها عامل حفلة كبيرة وانت محضرلها كمين.. هتضحك عليها بالشمع والورد؟؟ امال لو مكنتش قلتلك اعتبرها كانها اختي!! .. وعلي فكرة كل كلمة قلتها عليها انت والـ (جمع للفظ بزيء مختلف) اصحابك وصلتني.. وليهم لسة حساب معايا"
كان يصفعه علي وجهه اثناء الحديث عدة صفعات، كان كريم يحاول حماية وجهه، ولكنه كان اجبن ان يهاجم ادهم فهو يعلم انها معركة خاسرة ..
بصق عليه ادهم ثم خرج وتركه.. حتي لم يحذره الا يحادث ملك مرة اخري، بالعكس كان يود ان يفعل حتي يصير من حقه ان يقتله دون ادني شعور بالذنب..
ضحك و هو ينزل في المصعد ويتخيل الراحل انور وجدي في فيلم (امير الانتقام) وهو يرفع رأسه في شموخ قائلا "الأول"، لم يكن يتخيل ان كريم بهذا الجبن، لم يرفع يده حتي ليدفعه عنه.. فعلا صفة الخسة تأتي دائما مع صفة الجبن..
الان حان دور الثاني، "تعاليلي يا لوكي!" قالها بصوت عالي وهو يدير السيارة..