صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

3/27/2011

اللصة :: (5) البـطـل


بداخل مستودع عملاق حيث يستقر المعلم مرعي ويدير كل اعماله من داخله وقف عدوي بين يديه منفعلا..
عدوي:" يا معلم انا محتاج رجالة من عندك ينتشروا اكتر.. كل ما الوقت بيعدي كل ما ممكن تبعد اكتر!!"
المعلم مرعي وهو يجلس خلف مكتب ضخم ذو تصميم بديع لا يليق مع المستدوع القذر، ويدخن الشيشة بينما حرسه الخاص متناثرين في كل مكان، و يقف بجاورة احد رجاله:" اقولك انا كل يوم بيعدي انا بخسر قد ايه وهي مش موجودة؟!! عارف البت دي كانت بتدخلي كام في الاسبوع؟! عارف انا تعبت اد ايه عشان اخليها كده؟! مقلتش ليه يا عدوي ان البت مش طايقة خلقة اهلك؟! انا اديتهالك عشان انت واد جدع .. اقوم اخسرها بسببك؟!"

عدوي:" ومن امتي يا معلم الحريم بيتسئلوا عن رأيهم في الي بيشتريهم؟! البت دي جاحدة و معملتش حساب لجمايلك اللي مغرقاها.. انت اللي مدلعها زيادة يا معلم لحد ما شافت نفسها عليا... هو انا اللي قلتها تعورني وتهرب؟!!"

المعلم مرعي:" ماهي لو مكانتش قرفانة من وشك مكتش هربت.. بس انا مش هسيبها.. هترجع يعني هترجع ، ان شالله تكون فين هترجع! انت قلت دخلت منطقة الريس عبود؟؟"
عدوي:" الرجالة اللي كانو معايا لمحوها داخلة.."
المعلم مرعي:" خلاص سيبك من النكش و راها..مش هتلاقوها بالطريقة دي.. انا هتصرف "
ثم نادا بصوت عال:" كرم.. اطلبي الخواجة علي التليفون.. "
اخرج كرم الذي كان يقف علي بعد خطوات هاتفا من جيب سترته و اتصل برقم عليه:
كرم:" ايوة.. هنا مكتب المعلم مرعي.. هو عايز يكلم الخواجة.. مسألة مهمة... طب و يخلص امتي؟؟ خليه يكلمه علي المحمول.. مين معايا بقي؟ ماشي يا جو.. هيستني تليفونه بعد ساعة.. سلام"
كرم موجها كلامه للمعلم مرعي:" هيتصل بعد ساعة يا معلم عشان في اجتماع.."
قال عدوي معلقا:" جو اللي رد عليك؟! ده شقيقي.. متربين سوا.. عارفه يا معلم؟"
نظر المعلم مرعي نظرة احتقار ممزوجة بعدم فهم لتلك المعلومة التافهة التي لا مجال لها في مجلسهم هذا، و لم يعطه رد فعل، بل اخذ نفسا من الشيشة و قال بينما تخرج كلامته مخنوقة بالدخان:" اطلع انت منها بقي.. الكبار هيتصرفوا في الموضوع"

                               ***
وقف جو خارجا علي باب قاعة الريس عبود حيث كان الخواجة كالمعتاد في اجتماع معه.. ولكنه كان مقتصرا عليه فقط.. تلك الاجتماعات الفردية الناد رةغالبا تكون لمناقشة امر سري كازاحة او استبعاد احد افراد التنظيم العصابي و الذي غالبا ما يكون قد ثبتت عليه احد الامور التي قد تعتبر جريمة في دستور الريس عبود..
اصاب يوسف نوع من عدم الارتياح لمكالمة مساعد المعلم مرعي.. تري لم يريد الخواجة؟؟
تذكر شهد .. لقد استيقظ قبلها اليوم بعد الظهيرة ليجدها غارقة في نوم عميق لم يحاول ايقاذها، ترك لها بعض الطعام علي المائدة و خرج للعمل، وهاهو يقف في قلعة الريس عبود لا يعرف عنها شيئا، تري هل ذهبت لعطا ام بالفعل ام كما قالت ستترك تلك الوظيفة ؟ المفترض ان الامر لا يعنيه .. ولم يشغل باله الان بأمور لا معني لها؟ بدأ يمل من الوقفة في إنتظار الخواجة فقد ملئه الفضول و الرغبة في الذهاب لعطا لمعرفة قرار شهد.. لعله يخرج في اي دقيقة الان و يذهبون الي عطا ككل ليلة.
***
جلست زوزو في حجرة العاملات الصغيرة ، بداخل مركز تجميل متوسط المستوي حيث تعمل، ترشف رشفات متتالية من كوب شاي وقت الاستراحة بينما تتحدث مع احدي زميلاتها وصديقتها المقربة..
زوزو:" بقولك ملهاش صاحب! جو قالي بعضمة لسانه انها بنت راجل بيعزه قوي وهو لبسها لما مات و مضطر يا خد باله منها.. وانا ناوية اخدمه"
الفتاة:" وانتي يعني هتجبيله واحد يشتريها منين؟؟"
زوزو:" انت يا بت عامية؟! مش شايفاها مزة ازاي.. اول ما هتطلع ترقص.. ميت واحد هيطلب يشتريها من عطا.. و ساعتها ، انا هاخد نسبة عشان انا اللي اقنعتها، و عطا هياخد نسبة عشان بتشتغل عنده و جو هياخد نسبة عشان هو المسؤل عنها دلوقتي.. كده نبقي كلنا كسبانين.. حتي البت نفسها... هو اللي هيشتريها ده مش هيدلعها و ينغنغها؟؟.. اهو احسنلها من المطبخ و مندو و البنت سمر الفقرية.."
الفتاة:" وافرضي ما وافقتش ياختي.. طب مانتي كتير بيطلبوا يشتروكي من عطا و انت بترفضي"
زوزو:" ارفض براحتي.. انا دفعت تمن حريتي من دمي.. اشتريتها من حر مالي من الله يجحمه مطرح ماراح بقي عوض.. و بعدين انا حاجة تانية ، انا بشتغل شغلانتين حلوين و بكسب دلوقتي وقربت اجيب اوضة بتاعتي لوحدي.. ايه اللي يخليني اسيب دا كله؟!"
الفتاة:"فانتي بقي عندك امل انها تفكر في حالتها المنيلة دي و توافق عشان تخلص منها؟"
زوزو: "واخلص انا كمان منها ومن قعدتها في وش جو.. امبارح يابت سحبها و مشيوا من قدامي ولا كاني قفص قاعد ..وقال وانا اللي بغيظه.. وفكراه هيتنحرر.." و مصمصت بشفتيها
الفتاة:" مانتي برضه واقعة في واحد تقيل اوي يا بت يا زوزو و مستحلي نفسه.. طب يلا يلا قومي يظهر في زبونة برة.. قومي شوفي شغلك افيدلك"
        
                              ***
اثناء غياب مندو اقتربت سمر من شهد و بدأتا في (الرغي) كانت سمر رغاية بحق ولكن شهد لم تمانع فقد كانت تخفف عنها عناء و ملل العمل..
سمر:" ها مكملتليش.. و بعد ما اداكي الاكل و نام.."
شهد:"مفيش نمت انا كمان.."
سمر:" ويا خايبة معملتيش فيها قتيلة ليه و زوغتي انهاردة مدام قالك هكلمكلك عطا؟؟!"
شهد:" فكرت والله ، بس قلت انه جدع معايا من ساعة ما نطيط علـ.. قصدي يعني من ساعة ابويا مات و نطيط علي دماغه زي المصيبة.. مش عايزة اصغره وقدام عطا.."
سمر مستنكرة:" والنبي انتي هبلة.. حد يلاقي الدلع و يقول لأ"
ثم عادت لتقول:" بصراحة يا بختك.. جو ده اصله جدع اوي.. و حليوة كده ..لما بيدخل المكان كده تحسي بهيبة.. يعني قعدتك عنده دي مليون واحدة تتمناها.. حماية و سند ووش حلو تصطبحي بيه"
ابتسمت شهد و تذكرت حين قال لها جو نفس الجملة عن المليون فتاة التي تتمني ان تبقي معه ثم رد فعلها الغاضب..
سمر:" متتوسطيلي عنده يجيبلي اللي سرق الفلوس من قفاه.. حار و نار في جتته..ده مدبقني كل اخر اسبوع..مهما غيرت مكانها بيلاقيها و ياخدها و يسيبلي الفكة ..لما بقيت اخد كل الفلوس معايا وانا خارجة.."
شهد:" اكيد حد عارفك كويس.. اسمعي.. هجيبلك بكرة معايا حاجة هتنفعك.. صواريخ زي باعة العيال دي بس مليانة لون احمر مبيطلعش.. تحطيها في الحتة اللي فيها الفلوس.. بس اوعي انتي اللي تفتحيها ده كمين! اول ما الحرامي يفتح الدرج ويدور فيه..هيفرقع في و شه و يغرقه احمر.. ساعتها انتي او اي حد هيطلعه من وسط الف واحد.. "
سمر مندهشة:" في حاجة كده؟!! وانتي بتعرفي الحجات دي منين؟؟"
ابتسمت شهد و لم تجب..
ولم تعيد سمر السؤال لأن مندو دخل عليهم.. و عاد ليجلس علي الكرسي و يعطي التعليمات من جديد
                                ***
خرج الخواجة من الاجتماع و قد ادرك يوسف بخبرته الطويلة مع برودة الخواجة ان امرا ما يؤرقه.. فنظراته علي عكس طبيعتها الحادة القاسية كانت غير ثابتة .. حتي انه ارتدي النظارة الشمسية ليبقيها متوارية عن انظار الاخريين..
اسرع الخواجة في الخطي و لحق به يوسف الي ان و صلا للسيارة التي بها السائق و رجلان اخران من رجال الخواجة.. ركب احدهم في الامام بينما ركب الخواجة بين يوسف و الرجل الاخر..
"اطلع علي عطا يا سعد" كان هذا امر الخواجة..
اسعد يوسف خبر ذهابهم لرؤية شهد... شهد؟؟ وهل هم ذاهبون لرؤية شهد؟؟ ما بك يا يوسف؟؟ افق ! عملك و سمعتك علي المحك! وخاصة ان هناك امرا ما لا يبدوا علي ما يرام..
قال يوسف:" مالك يا ريس؟"
الخواجة دون ان يلتفت له:" انا عايزك تركز اوي اليللة دي!"
كانت اجابة وافية.. اذن ذلك الاجتماع الفردي سيترتب عليه خطر ما.. و عليه الانتباه له.. فلتتركي رأسي الان يا شهد، لا مكان لكي وسط كل هذا... شهد ثانية؟!! انسها يا يوسف انسها!
عندما وصلوا ..ترجلوا جميعا بينما كان يوسف يمسح المحيط مسحا و يؤمن دخول الخواجة، ويؤمن تواجده بالداخل..

                         ***
كان مندو مع شهد و سمر في المطبخ يتابعهما ثم قال فجاة:" يظهر صاحبك مش فاضيلك انهارده.. مسحول مع الخواجة و مجاش حتي يعبرك بسلام"
تركت شهد ما بيدها و وجهت كلامها لمندو متسائلة:" جو..جه؟ هو برة دلوقتي؟"
مندو بتشفي:" ايوة جه ..بس حلقلك!"
اشاحت شهد بوجهها عنه و عادت لما كانت تغسله امام الحوض.. اظهرت احتقارها لمحاولته ان يكون وغدا ولكنها في اعماقها تسائلت "حقا لم لم يأتي حتي ليلقي التحية؟؟"
اسستمرت في العمل بجهد ووضعت كل غضبها من الوظيفة و من مندو و من يوسف في العمل كانت تمسح و تفرك و تدعك بعنف ..حتي ان مندو نهرها خوفا علي الادوات ، فما كان منها الا ان زادت عندا فيه.. فزاد غيظه و هم بالقيام ليتشاجر معها، الا ان اوقفه صوت صياح و صراخ بالخارج ..

انتبه كل من بالمطبخ و ارهفوا السمع محدقين ببعضهم
" اجهز يا خواجة هبعتك لامك.. مش سنهوري اللي يتعمل معاه كده!! الا هي باي باي بالروسي يعني ايه؟؟"
كانت تلك صيحة من الخارج بينما صمتت الجلبة
واضح ان هناك من يهدد الخواجة .. اسرعت شهد و سمر الي باب المطبخ حيث فتحت سمر الباب برفق واطلت من فتحته الصغيرة مع شهد لتري ما يحدث..
كان بالفعل الموقف كالاتي..
ذلك السنهوري يقف ممسكا برشاشا.. و معه عدة رجال يسدون مدخل الصالة تماما بينما تجمع كل رواد الصالة في اقصي الجانب الاخريرتعدون و يكتمون صرخاتهم و يتابعون في زعر، بينما بقي الخواجة و رجاله في المنتصف غير ان الجميع تجمع حول الخواجة لتامين سلامته
قال الخواجة ببرود:" انا ممكن اعلمك اهلا بالروسي عشان لما انت اللي تقابل امي الله يرحمها تسلملي عليها.. بس للاسف مظنش هتتقابلوا الخونة اللي زيك بيروحوا النار.." وضحك باستخفاف..
سنهوري بعصبية:" حتي وانت في اخر دقيقة في عمرك مغرور... ارحم نفسك بقي با اخي"
الخواجة و قد ازداد بروده و نبرته الاستفزازية:" لو متغرتش علي فاشل زيك.. ندل و خاين و بوشين و لسه مطرود هتغر علي مين؟"
كانت تلك الجملة هي عود الكبريت الذي اشعل السنهوري الملتهب.. فاقترب اكثر من الخواجة و قال محدثا اياه وهو علي وشك الانفجار:" انا بقي هعرفك الندالة.. انا مش بس هموتك دانا هقطع جتتك و هقسمها علي الكلاب.. انت السبب.. انت الي و سوست للريس عبود عليا عشان تزحني من طريقك!!"
الخواجة:"مش مستاهل كل ده.. انا لو عايز ازيحك من طريقي كافية اني انفخ بس.. اصل انت ولا حاجة"
وهنا اقترب السنهوري اكثر وقد وصلت عصبيته الي قمتها و استعد للضغط علي الزناد.. وقبل ان يضغط بلا اي مقدمات قام يوسف بالانقضاض عليه و في لمح البصر اصبح الموقف الاتي..
يوسف مكبلا السنهوري بذراعة من الخلف ضاغطا علي رقبته، و بيده الاخري مصدوبا مسدسه الي رأسه ..بينما وقف الرجال اتباع السنهوري مذهولين من سرعة ما حدث
صاح يوسف:" ارميه في الارض! ارميه! " قاصدا سلاح السنهوري ثم اكمل :"و رجالتك..قولهم يرموا السلاح!"
و بالفعل بعد تردد دام لبرهة ونأييد شديد من السنهوري القوا جميعا بالاسلحة ...فاشار الخواجة لرجاله بجمعها جميعا..
واقترب الخواجة من السنهوري و هو في يد يوسف و قال:" مش قلتلك انك فاشل..حتي لو مكنتش خاين..غبائك ميسمحلكش انك تستني معانا..كان لازم تمشي من زمان"
ثم كال له لكمة قوية جدا بمنتهي البرود افقدته و عيه
وقال ليوسف:" جدع ياد.. كنت عارف اني لما هستفزه و اخليه مش مركز انت هتتصرف معاه..عمرك ما خيبت ظني" ثم ربت علي كتفه
وعاد ليوجه كلامه لرجاله مشيرا الي السنهوري الفاقد الوعي:" اربطوه هو والعيال اللي معاه زي الخرفان و ابعتوهم في عربية نقل للريس عبود..هو عايزهم"
فبدا الرجال بالتنفيذ.. و بعد ان هداء روع الموجودين و ادركوا موقف يوسف البطولي اصبحوا يتوجهون اليه ليحيوه و يربتوا علي كتفه .. حتي ان الخاوجة امره ان يرتاح و يذهب للجلوس مع الصديقات و امر له بعشاء فاخر.. كان الجميع محيطين به ، يحتفون بشجاعته و مهارته..

اما اهل المطبخ فكانت سمر لا تتوقف عن الكلام بحماس و تعيد حكاية ما حدث برغم ان الجميع شاهد معها.. كانت مثل طفل يحكي عن بطل خارق في مغامرة لصد هجمات الفضاء.. ولكن شهد لم تكن تستمع فقد بقيت تنظر من فتحة الباب تراقب يوسف و سط جمهوره.. كانت مبهورة بما فعل لقد انقذ الخواجة من ذلك المجنون العصبي لربما كان ليقتل الجميع.. لقد انقذهم جميعا.. انه بطل..منذ ان رأته و هو بطل.. بطلها.. ولكن ليس بطلها وحدها هو بطل الجميع هاهي سمر تجاد تكن به.. و الجميع يدورون حوله في الصالة كانه الشمس كلٌ يحاول ان يحدثه.. ما كل تلك الفتيات التي احطت به فجأة؟! يبدوا انها لن تستيطع ان تحدثه بعد الان..
فوجئت بالباب يندفع فجأة و يصطدم بها..انه عطا.. نظر اليها متفاجئا من و جودها في ذلك المكان خلف الباب ولكنه تخطاها و توجه مسرعا للطاهي وقال:" عايزين عشا و صاية لجو..دي اوامر الخواجة"
ثم خرج مسرعا.. وقفت تتأمل الطاهي و هو يعد قطع الحم التي سوف تشوي ثم سيأكلها جو مع الفتيات في الخارج.. اصابها الضيق فاشاحت بوجهها..
تناست الامر وعادت لعملها منكسرة.. شاعرة بانها ضئيلة وسط كل هذا، والذي اكد لها ذلك هو عدم مجيء جو حتي ليلقي السلام عليها حتي ولو كان لسؤالها عن حالها اليوم بعد تعبها بالامس. .بالطبع ... فماذا تكون هي بحذائها البالي و بنطالها المستعمل وملابسها الغارقة في مياة المسح مقارنة بكل الفتيات الفاتنات النظيفات في الخارج..
فوجئت بمندو وقد وقف منكمشا في زاوية في اخر المطبخ ووجه مبيضا بشدة.. نظرت اليه متعجبة
فقال:" خلاص مشيو؟؟ متاكدة؟"
انه خائف! كان مثيرا للشفقة حقا ..ضحكت وقالت:"اه جو مشاهملك.. متخافش"
فاعتدل في وقفته و مرر يده في شعره وقال مستعيدا نبرته الامرة وكأنه لم يكن يرتجف منذ دقيقة:" طب يلا خلصينا.. وانت يا بت سمر كفاية رغي و شوفي اللي وراكي.."
نظرت شهد الي سمر لثانيتين و انفجرتا في الضحك..

                        ***
دخلت فتاتين من الراقصات المطبخ ليتناولن كوبين من الشاي في وقت راحتهما، حيا سمر في برود و القيا ابتسامة من باب الذوق لشهد، ثم جلستا تتحدثان عن ما حدث في الخارج.. و بالتالي حشر مندو نفسه في الحديث كما فعلت سمر الفضولية
الفتاة الاولي:" انا اتشاهدت علي روحي يا بت اول ما شفت الرجالة و المسدسات ..بس الحركة الاكشن اللي جو عملها دي.. اجدع من اي فيلم.."
الفتاة الثانية:" جو ده انا طول عمري بحبه كده لله في لله ..من قبل حتي ما اكلمه هو اصله جدع ..انا مش عارفة ايه اللي حشره في وسط الناس السو دي..ان كان الخواجة و لا السنهوري"
الفتاة الاولي و هي تتلفت حولها بذعر:" بس يا بت وطي صوتك.. انت مش خايفة علي عمرك؟؟!"
اشاحت بيدها الفتاة الثانية في عدم مبالاة وقالت:" ربنا يريحنا منهم كلهم.. كلهم بيعضوا في بعض.. كلاب"
مندو:" وهو السنهوري جه يعمل الهيصة دي ليه؟"
الفتاة الاولي:" يظهر الخواجة وقعه مع الريس عبود ، و الريس عبود نواله علي نيه.. فقام السنهوري عرف وجه ينتقم من الخواجة"
سمر:" و ليه ميكنش السنهوري فعلا خاين.. ماكلنا عارفين هو اد ايه واطي؟؟"
الفتاة الثانية لسمر:" كلهم واطيين ..هو السنهوري بس؟! مافيهمش الا جو..ربنا يبعده عنهم"
الفتاة الاولي:" بت! انت شكلك مش هيجبها لبر.. طب بلاش همة يسمعوكي..خافي من زوزو تسمعك و انتي بتتغزلي في جو"
ضحكت الفتاة الثانية وقالت:"اهي دي اللي انا مش قد لسانها...بس زوزو ياختي مش شغالة الليلة.. وان جت هتيجي بلليل اوي تمسي علي اصحابها.."
كانت شهد تستمع في صمت.. واضح ان معجبات جو كثيرات.. لفت انتباهها الحديث عن تدني مستوي رجال العصابات..ابتسمت في صمت .. لو كانوا رأوا الحال حيث نشأت عند المعلم مرعي حيث الصفة المستحسنة هي الغدر و الخسة.. لما قالوا هذا عن الرجال هنا.. رمقت تلك الفتاة التي كانت تتحدث عن جو باعجاب.. كسائرهم جميلة فاتنة ونظيفة .. تنهدت في حسرة علي نفسها و ما صار بها.. لقد كانت مثالا للجمال ، بل كان هو سر نجاحها في معظم عمليات النصب.. وسبب اغلب مشاكلها مع الرجال..
فوجيء الجميع بالباب يفتح وبيوسف يدخل عليهم..
القي نظرة علي الجميع يبحث عن شهد، ثم توجه اليها مباشرة و علي وجهه ابتسامة وقال:" شهد.. عاملة ايه انهاردة؟! احسن و لا ايه؟؟"
برغم ان شهد بقيت تنتظره طوال اليوم و كانت تنظر للباب في كل دقيقة متوقعه دخوله.. الا انه في تلك اللحظة بالذات كان دخوله مفاجاة لها ..مفاجأة سعيدة جدا بعد ان فقدت الامل.. و خصوصا مع تلك الابتسامة الخارقة التي تكشف عن اسنان جميلة..ايمكن ان تكون اسنان شخصا بهذا الجمال؟
وقفت تنظر له في محاولة ابتلاع المفاجأة وقالت بارتباك:" انا تمام .."
فامسك ذقنها بيده في عبثية و ادار و جهها متفحصا مقربا عينيه منها و قال:" لونك لسة مش حلو.. انت يا بت معندكيش دم و الا الدم لسة هربان من امبارح؟؟ كلتي؟؟ اوعي تقولي لأ.."
ثم استدار لسمر و حاول تذكر اسمها قائلا:" يا... "
فقالت سمر بسعادة:" سمر.. خدامتك سمر.."
فعاد ليقول:" ما انا عارف سمر طبعا.. قوليلي البت دي كلت انهاردة؟؟"
سمر:" مشفتهاش بتاكل الصراحة.."
فنظر يوسف لشهد و قال:" تاني؟! انتي تاني؟!.. و النعمة لو وقعتي تاني منا شايلك و هسيبك مرمية في الشارع"
كانت شهد في حالة شديدة من الحرج، ذلك الحرج الغريب الذي يصيبها كلما اتت سيرة الطعام و شعورها بالجوع.. هي هكذا من طفولتها منذ ان بدأت تعي وهي لدي المعلم المرعي.. لقد كان يتمعن في اشعارها بجميله وفضله باطعامه لها.. كان يذكرها دائما ان لولا انه يقدم لها الطعام لماتت.. لقد صارت تشعر ان الطعام هو تفضل عليها وان شعورها بالجوع هو إثقال علي الاخرين.. لذا كانت ترتاح في ان تأتي بطعامها لنفسها و تداري شعورها بالجوع.. و تأكل بعيدا عن اعين البشر، و في اي حالة غير ذلك تصاب بذلك الحرج الغير مفهوم.

تركها يوسف فجأة و خرج من المطبخ سريعا ، بينما بقيت الفتاتان مذهولتان.. ترمقان شهد بنظرات الدهشة، من تلك التي لم يلحظن و جودها اساسا؟؟ من تلك التي يهتم يوسف بصحتها و طعامها.. و يمسك بوجهها و يتحدث عن ما حدث بالامس..وعن حمله لها؟ من هي؟؟
قالت سمر بفخر عن صديقتها شهد:" دي شهد..ضيفة عند يوسف" واضافت لتكيد العواذل:" وصاحبتي"
وهنا بدات الفتاتان تدققن في شهد.. كيف لم يلحظن و جودها؟ كيف غفلتا عن تلك الفتاة الجميلة المغطاه باوساخ المطبخ.. لو رأتها زوزو لماتت بغيظها..
ابتسمت لهم شهد في توتر.. كانت تخشي من انتشار اسمها حتي لا يصل الي "الي ما يتسمي"
عاد جو حاملا طبقا مليء بما لذ و طاب و ووضعه علي منضدة المطبخ و جذب شهد من يدها و اجلسها امام الطبق و قال بحزم:" كلي!.. انا مش ناقص مصايب زيادة الليلة دي!"
تلفتت شهد حولها و قالت بحرج:" طب خليه لما اخلص شغل.. مش هقدر دلوقتي.."
مصمصت سمر شفتيها معلنة عن اعتراضها علي رد شهد..
وقال مندو:" جري ايه يا جو.. انت مش شايف انها في وسط الشغل؟؟ متقدرش تعد تاكل.."
التفت جو الي مندو وقال:" صح عنك حق.. متقدرش تاكل و سط الشغل.. عشان كده اعتبرها اجازة الليلة دي.. "
ثم حمل الطبق و اخذ شهد من يدها وقال و هو خارجا لسمر:" معلش يا سمر.. شهد تعبانة الليلة.. مردودالك"
ابتسمت سمر في سعادة.. كما تبتسم كلما وجه جو لها كلاما..
واخذ هو شهد و الطعام و خرج الي الصالة..
قالت شهد :" ايه ده؟ رايح علي فين؟؟"
فقال:" انا اجازة الليلة دي.. الخاوجة قالي اريح.. تعالي اعدي معايا برة و ريحي انتي كمان.."
شهد:" وعطا؟!"
يوسف:" عيب بأة الكلام ده.. سيبيه عليا"
شهد:" و انا بس هعد كده ازاي بمنظري ده؟؟"
وقف ينظر اليها وقال:" مانتي حلوة اهه مالك؟؟ خشي بس الحمام اغسلي و شك و انتي تحسي انك فوقتي.. وتعاليلي برة"
دلفت شهد الي الحمام نظرت في المرآة .. ضايقها ان تبدوا كذلك.. اتت بحقيبتها التي لا تمشي بدونها من دولاب العاملين بحثت فيها عن اي شيء يحسن من مظهرها.. للاسف ان الحقيبة بمحتوياتها كما هربت بها من عند المعلم مرعي لم تنظر بداخلها و هي تسحبها و تنطلق ..لذا ليس بها شيء بها سوي قطعتين او ثلاثة ملابس و السكين و بعض الملابس الداخلية و.. ماهذا؟؟ انه شيء وسط بين الملابس الداخلية و ملابس السهرة.. (بلوزة) تميل الي المعان .. قد توصف بالعري بعض الشيء.. لربما كانت قد جلبتها يوما لاداء مهمة ما .. وقد اندست بين ملابسها الداخلية لتشابها بهم.. ولكنها علي كل حال تفي بالغرض.. تتشابه مع ما يرتدينه الفتيات الجميلات بالخارج.. ارتدتها في حماس و هي تتخيل رد فعل جو..مؤكد ستثير اعجابه مقارنة بمظهرها الحثالة الذي اعتاد ان يراها عليه.. رتبت شعرها و اغتسلت ووقفت تتأمل نفسها ثانية.. فعلا تحسنت قليلا..
خرجت الي الصالة و توجهت مباشرة حيث يجلس جو.. كان يجلس مع بعض الاشخاص، لعلهم اصدقاء ، التفت اليها عندما اقتربت كان يتحدث و لكنه توقف فجأة عن الكلام في منتصفه و بقي ينظر اليها و هي تقترب.. لم يبتسم كما توقعت بل ظل صامتا ثم دفع شخصا كان يجلس بجواره لينهض وقال و عيناه مثبتة عليها:" اتفضلي.." و اشار الي المكان الخاوي بجواره
جلست وهي تنظر اليه محاولة فهم سر النظرة الغامضة علي و جهه..
اقترب منها و قال همسا دون ان ينظر لها:" الواد عدوي ليه حق.."
اشمئزت بوجهها و قالت:" ايه السيرة دي؟!! ليه حق في ايه؟؟"
لم يرد.. بل قرب صحن الطعام اليها و قال بصوت خفيض:" كلي بأة متقرفنيش.. ده ولا اما يكون ربنا رزقني بعيل رذل"
ثم وجه انتباهه للمجموعة التي يجلسون وسطها و انشغل معهم في الحديث..لاحظ ان الرجال منهم بين الثانية و الاخري يلقون نظرات سريعة علي شهد و الفتيات يحدقن بها بطريقة تفحيصية استكشافية.. ابتسم و هو يجرع مشروب ما ، لانه يدرك ان تلك الفتيات اما غيرانات منها لانها بصبحته اما هن صديقات لزوزو فيتفحصن العدو.. فقال لهم جميعا:" شهد يا جماعة.. ضيفة عندي اليومين دول"
حياها الجميع فابتسمت لهم ثم نظرت ليوسف و هو ممسكا بالكوب..
قالت مستنكرة:" انت بتشرب؟؟"
يوسف:" ماسك كوباية و حاطتها علي بقي.. تفكري بعمل ايه؟؟ باخد حمام ساونة؟"
شهد:" لأ قصدي يعني... بتشرب ..بتشرب زيهم كده؟" واشارت لزجاجة من الخمر
فضحك و قال:" الجارد مايشربش ابدا حتي لو كان اجازة..ده عصير عادي، ثم انتي مالك؟؟ اول مرة اشوف حد من ناحيتكوا معترض علي الشرب"
شهد مستفهمة:" ناحيتنا؟!"
جو:" ناحية المعلم مرعي.. جاتكوا البلا كلكوا عالم سو"
شهد بغضب:" اسم الله علي ناحيتكوا النضيفة قوي.. ده الخواجة و السنهوري اوطي من بعض..الاتنين كلاب"
امسكها بهدوء من ذراعها العاري و ضغط عليه بقوة حتي المها و قال ضاغطا علي اسنانه:" عارفة اسمعك بتكلمي في المواضيع دي تاني هكون قاطع لسانك.. "
ثم ترك زراعها و قال بحزم غاضب:" اطفحي بأة.. انا هبوس ايدك عشان تاكلي؟!"
عقدت حاجبيها في غضب وصمتت
فاقترب منها بعد برهة و قال مداعبا:" بس اللبس ده هياكل منك حتة.. سارقاة منين؟ محل ملابس داخلية؟"
لم ترد بل نظرت له نظرة احتقار لكلامه
فقال:" اكيد مش حلو علي صحبته .. زي مهو حلو عليكي كده.. انا مسامح العيال هنا اللي مش قادرين يمسكوا نفسهم و بيبصوا عليكي.. في العادي كنت قمت خرمتلهم عنينهم كلهم..معذورين الليلة دي"
اخيرا افرجت شهد عن ابتسامة صغيرة
فقال باهتمام و حنان بالغيين:" كلي بقي والنبي.. عشان خاطري..بلاش خاطري انا واد رخم.. عشان خاطر الكلمتين الحلويين اللي خلوكي تضحكي"
وجدت شهد نفسها و لأول مرة قادرة علي الاكل في حضور كل هؤلاء.. كان الاكل شهيا بحق..
كانت تتناول الطعام و هو يجلس بجوارها راض وهو يراها تأكل.. وكانها حقا ابنته الصغيرة.. عاد ينظر للمجموعة ، مازالوا ينظرون لها حتي انه بدأ يشعر بالضيق من نظرات اصدقاءه، برغم انها كلها كانت نظرات مختلسة و سريعة.. وبرغم ان اغلبهم يجلس مع صديقته، كانت النظرات تحمل تلميحات علي غرار "ايوة يا عم" "هنايالك" وكانه يجلس مع زوزو .. لم يرغب في ان يضع شهد في تلك الصورة، زوزو في نظره كانت منحلة حتي و ان اعجبته كانثي واحترم كفاحها في تلك الحياة القاسية . هو يشعر ان مسؤليته عن شهد الان تجبره ان يتوخي الحذر من افعاله التي قد تؤثر عليها بشكل او باخر.. وخصوصا انه يشعر انها مختلفة عن الفتيات امثال زوزو..
رن الهاتف في جيبه.. انه هاتف الخواجة.. نظر في الرقم و خبط بيده علي رأسه كانه نسي شيء ما ، ثم قام بالرد..
يوسف: الو.."
المتصل:" هنا مكتب المعلم مرعي ..مين معايا؟"
يوسف بامتعاض وقد ميز الصوت جيدا:" انا جو.."
المتصل:" المعلم مرعي زعلان قوي يا جو عشان الخواجة متصلش بيه.. انت مبلغتوش و لا ايه؟؟.."
يوسف:" و انت من امتي ياله يا عدوي بتشتغل سكرتير للمعلم مرعي؟؟"
كانت شهد بجواره و ما ان سمعت اسم مرعي و عدوي حتي قفزت من ماكانها وبقيت تنظر بذعر لجو، لاحظ هو ذلك فقام من مكانه و ابتعد حتي لا يزيد من ذعرها ..فهو لا يعلم بعد فحوي الكالمة..
عدوي:" لا ابدا اصلي كنت قاعد معاه و هو بيتصل فقلت اكلم انا امسي عليك عشان عارف انك انت اللي بترد.."
سمع يوسف صوت المعلم مرعي ينهرعدوي :" اانت فاتحها محتتة.. الخاوجة متصلش ليه؟؟"
عدوي:"فين الخواجة؟"
يوسف ساخرا:"دانت يتشبشبلك كمان!.. عايزينه بخصوص ايه؟"
عدوي:" وانت مالك .. من امتي بتسأل؟ وصله التليفون و قله المعلم مرعي عايزه ضروري"
يوسف:" ماشي ..متسناش تبقي تعمل لمعلمك الجديد القهوة و ترصله الشيشة احسن يلبك"
وضحك ليستفزه..
توجه حيث يجلس الخواجة و اعطاه الهاتف قبل ان يشرح له بايجاز انها المكالمة الثانية و انه لم يتسني له اخباره عن الاولي حيث انه نسي و انشغل في مسألة السنهوري..
اخذ منه الخواجة الهاتف وقال له معاتبا:" ده كلام؟؟ امال انا سابيلك ان الموبيل ليه؟؟ طيب معلش انهارده كله سماح..."

                 ***
في هذه الاثناء كان قلب شهد عي وشك التوقف، امتلأ راسها بالتساؤلات عن سبب مكالمة مرعي لجو.. هل اكتشف مكانها؟؟ ما كان عليها ان تخرج من المطبخ.. اكيد من اخبره هو احدي الفتاتين..لقد كانتا تتفحصانها بدقة.. او ربما احد الجالسين معها الان .. هل سيسلمها جو؟؟ هم اصدقاء منذ زمن.. لم ظنت ان ولائه قد يكون لها بأي حال من الاحوال؟؟.. ولكنه ذكر انه لا يطيقه.. كما انه اظهر معها رجولة عجيبة.. ولكن لما ابتعد بالهاتف؟؟ ماذا يريد ان يخفي عنها؟؟ لن تدع اي مجال للشك .. الموقف لا يحتمل اي مجازفة.. قامت بسرعة من علي الطاولة دون ان يراها جو، وتوجهت بخفة و سرعة الي حقيبتها و اخذتها و رحلت من المكان.. يجب ان تبحث عن مخبأ اخر حتي يعود الريس عبود..
خرجت الي الشارع في الظلام تجري يملائها الخوف.. هل الخوف ما يملائها ام احساس اخر؟! ..خسارة يا جو.. خسارة ..


هناك 3 تعليقات:

  1. رائعة وجمييييييييلة جدااااااااا ادخلتنى فى عالم غامض وغريب وجديد الكلمات والالفاظ والوصف الرائع للاحداث
    متألقة ومتميزة
    جويرية

    ردحذف
  2. مبسوطة اوي انها عجبتك :)

    ردحذف
  3. جو جديد وجميل

    ردحذف