صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

4/22/2011

اللصة :: (8)

في اليوم التالي عندما ذهبت شهد للمحل، وما ان دخلت المطبخ حتي وجدت سمر بدون اي تبرير تسحبها من يدها في سرعة الي الباب وواربته لتسمح بالرؤية وهي تشير في عصبية الي مندو الذي وقف في الصالة يحدث عطا بينما الاجزاء السفلية من وجهه قد كساها لون احمر مالوف ونفس اللون يلطخ احدي يديه
وعادت سمر لتسحبها للداخل وقالت :"ابن الحرامية!!! امبارح كان القبض.. ده هو اللي مقبضني بايده .. انا حطيت الفلوس في الدرج و معاهم البتاع اللي ادتيهولي ده و سبتهم و خرجت عشان يبقي كمين.. و بعدها لما رجعت ملقتيهمش، مشيت انا و البت مرفت جارتي نلف علي جار جار ندور علي حد لونه احمر ملقتناش و نمت متنكده اخر نكد و بدعي عليكي عشان شورتك المهببة.. قوم اجي الصبح الاقي المتنيل علي عينيه ده و شه و ايده متلونين.. البيه جيه متاخر بعديا الصبح و مش عايز يوريني خلقته من ساعة ما شرف"
شهد:"روحيله انت .. دبي عينك في وشه واسالية من ايه ده... خليه يعرف انك كاشفاه ...هدديه انك هتفضحيه لو مرجعش الفلوس .. ولا اقولك سبيهولي انا.. انا نفسي افرقع في حد!!"
سمر:" انت صحيح محكتيش امبارح كان مالك؟"
حكت لها شهد ما حدث تفصيليا وبرغم من انها اثناء الحديث ابدت ضيقها الا ان سمر كانت تسمع بسعادة وحماس وقالت بعد ان سمعت الي النهاية:" وانت يا هبلة مضايقة؟؟؟ امال زوزو بقي تعمل ايه؟ تروح تنتحر؟!"
شهد:" يسلام ماهو في الاخر كلمها يطمن عليها"
سمر:"يا بت متصدمنيش فيكي دانا بقول عليكي نبيهة.. بقي هو كان مكلم يطمن علي زوزو برضه؟؟!!"
قلبت شهد شفتها السفلية و اشاحت وجهها وكانها لا تهتم
فقالت سمر:" لا دانت بجد طلعتي مبتفهميش حاجة.. امال بس عاملالي فيها صايعة .. بقي جو هيكلم يطمن علي زوزو.. علي اساس انه بيقلق عليها قوي.. وانه كل يوم كان بيستناها يروحها.. وانه بيتعصب لما تطلع ترقص.. اه ه ه ده حتي راح اداها كلمتين في جنباها من غيظه"
عادت شهد تنظر اليها و قد فهمت التلميح الساخر وقالت:" يعني هو كان بيكلمها هي يسأل عليا انا؟؟ كانت قالت .. او كان حتي هيبان عليها انها اتفرست.. "
سمر:" لا دانت طلعتي مش بس مبتفهميش كمان ساذجة؟؟.. انا هضيع وقتي معاكي افهمك؟؟!.. امشي اتكلي علي الله انا وريا شغل .. امشي.. انا ناقصاكي مش كفاية عليا ابن الحرامية ..امشي"
ودفعتها دفع حتي انصرفت شهد ضاحكة من انفعالها المبالغ فيه.
القت نظرة علي مندو ثم تحسست جيبها حيث ترقد مطواتها الجديدة.. لنري ماذا نفعل معك يا ندل.. وبعد ان انهي حديثه مع عطا استدار ليجدها تطيل النظر اليه اصابه التوتر و الحرج ووضع كفه علي ذقنه في موضع الصبغة الحمراء.. توجهت شهد اليه و اقتربت منه قالئلة:" ايه الحلاوة دي يا واد مندو..الاحمر هياكل من وشك حتة.. "
فقال مندو محاولا ان يبدوا ثابتا و علي طبيعته الجافة:" لا خفيفة اوي با بت.. دي علبة دوكو ادلقت عليا.."
شهد متصنعة الدهشة:" يا خبر!! ولا عرفتش تمسحها.. لا تعالا معايا امسحهالك.." وو جذبته من يده في اتجاه باب المطبخ..
فاوقفها قائلا:" لا اصل حاولت كتير امبارح فوشي بيحرقني.. خليها تروح مع الوقت"
شهد:"يحرقك ايه يا واد متسترجل بأة.. عموما متخافش انا معايا في الحمام حاجة هتريحك خالص.."
ما ان ادرك انها تقصد الحمام و ليس المطبخ حيث توجد سمر، ترك نفسه لتجره شهد الي الحمام..
و ما دخلا معا حمام السيدات مارين باب المطبخ.. حتي وقف هو يتأمل وجهه في المراة بينما اخرجت شهد من حقيبتها زجاجة عطر.. و بسرعة اخرجت المطواة وقالت بشراسة محذرة:" ابعد عن الباب!!"
فوجيء مندو و ابتعد عن الباب ممتثلا في ذهول .. قامت هي باغلاق الباب بالقفل..
لوحت بالزجاجة و قالت:" انا مش قلتلك .. لو زعلت سمر تاني هشوه وشك بمية نار؟؟! بتسرق زميلتك يا ندل!! مش كنت عايز تنضف وشك.. تعالالي.. انا هنضفهولك!" وقامت بفتح الزجاجة..
فصرخ مندو كالفتيات و هم بالتوجه للباب.. فصاحت شهد:" اثبت .. بدل ما ثبتك بدي" مشيرة الي المطواة في يدها..
حاول شخصا من الخارج فتح الباب فاشارت شهد بالمطواة لمندو ان يخرس.. حاول الشخص عدة مرات ثم يأس..
وقف مندو في ركن الحمام المتوسط الحجم يرتجف.. فقالت شهد محذرة وهي تقترب منه:" الفلوس ياد.. فين فلوس سمر؟؟!"
مندو متسائلا في ذعر:" هتشوهي و شي برضه بعد ما اقلك؟"
شهد:" هفكر.. اخلص ياد.. متعصبنيش .. انا لما بتعصب ايدي بتترعش.. " و قامت بتحريك الزجاجة الصغيرة في يدها بصورة عشوائية. فصرخ مندو محاولا تفادي اي نقطة قد تسقط منها.
***

عندما وصل جو و جد مرة اخري تلك الفتاة سمر تناديه فتوجه اليها، ماذا لديها من مصيبة هذه المرة..
ما ان اقترب حتي قالت بصوت مذعور مشيرة الي الحمام:" كويس اني لقيتك.. والنبي تلحق شهد احسن انا لسة سامعة صريخ"
اكملت و جو متجها الي الحمام معها دون كلام:" اصلي شفتها ساحبة مندو علي جوة و شكله اذاها ابن المؤذية"
وقف جو لحظة و استدار اليها وسأل:" ساحباة ازاي يعني..؟!!" ما وصل الي فهمه جعله يتردد في فتح الباب قبل ان يستمع لكلام الفتاة المعتوهة..
سمر:" اصله سرقني و شهد كانت عايزة تجبلي حقي.. بس من ساعة ما سمعت الصريخ .. حاولت افتح الباب لقيته مسكوك.. انت وقفت ليه؟ اكسر الباب!.."
و بالفعل قام جو بمحاولة فتح الباب ليجده مسكوكا.. فصاح:" افتح يا مندو!"
فلم يأته اي رد فعل.. فنظر الي سمر و قال :" انتي متأكده من كلامك؟.. انا هكسر الباب!.. ده باب الحمام الحريمي!.. انتي مستوعبة؟!"
فقالت سمر:" والله شهد و مندو جوة انا شايفاهم.. اكسر ليكون عمل فيها حاجة"
و بالفعل قام بدفع الباب بكتفه مرة فالثانية فانفتح الباب ليجد مندو مثبتا في ركن الحمام وبيده بعض النقود و شهد تقف امامه بيديها المطواة و الزجاجة..ما ان رأه مندو حتي صاح مستنجدا:" الحقني يا جو.دي معاها مية نار!."
لم يعرف جو ان كان يقيم هذا كمشهد ضاحك ام مشهد مؤسف.. ود لو يقوم بصفع شهد و سمر صفعتين لاصابته بهذا التوتر..
قال جو لشهد متعجبا مستنكرا:" ايه بلطجي صغير؟! ارحمي نفسك! هاتي الازازة اللي معاكي دي بدل ما تئذي حد"
نزعت شهد من يد مندو النقود واعادت المطواة الي جيبها ثم توجهت لسمر و سلمتها النقود.. وقالت:" خدي يا روحي.. عدي فلوسك.. " ثم قالت لها ببرود و هي تنظر الي مندو.. "مش عايزة كلونيا.؟. دي مستوردة يا بت.." ثم و ضعت قليلا من الزجاجة علي يدها و مسحت به علي رقبتها ثم رقبة سمر و هي تنظر ببرود لمندو الذي كان مازال تحت تأثير الذعر.. حتي انه امسك بذراع جو دون وعي.. فنظر اليه جو باحتقار و قال:" هي دي مية النار اللي كنت خايف منها.. اوعي كده.. جاتكو القرف كلكوا"

وخرج تاركا ثلاثتهم ... اثنتان منهم غارقتان في نوبة من الضحك.. و الثالث مصاب بالذعر الذي بدأ يتحول لغضب بعد ان ادرك ما فعلته به شهد للتو.. و ما اشعل غضبه هو ضحكهما عليه.. وفاجأة انقض علي شهد كان مباغتا و مخالف لكل التوقعات.. لذا لم يتسني لشهد حتي ان تدير راسها.. دفعها نحو الحائط بغل بينما هي تقاومه في شراسه و سمر بدورها تهاجمه من الخلف.. كان مندوا يجز علي اسنانه و ممسكا برقبة شهد محاولا الضغط عليها تارة او يكيل اليها صفعة طائشة تارة اخري.. كان غاضبا بحق..
صار صوت جلبتهم عالية مما اعاد جو مرة اخري و دفع البعض من من كانوا في الصالة بالقاء نظرة..
عندما رأي جو منظر مندو ممسكا بشهد انتابته الرغبة في قتله و هو قادرا علي ذلك ، الا انه تمالك نفسه و صاح فيه :" شيل ايدك يا مندو!" التفت اليه مندو قبل ان يترك شهد فقد افاقته الصيحة من نوبه الغضب و ادرك تماما موقفه و انه ليس في مقدوره الدخول في معركة مع يوسف.. لذا تركها و دخل المطبخ غاضبا و قد سمعوا صوت تحطم شيئا ما في الداخل.. لعله كسر صحنا..
اتي عطا مسرعا و قد امر برفع صوت الموسيقي الصاخبة و صعود الفتيات و بالفعل نجح في تشتيت ذهن رواد الصالة عن ما يحدث بالداخل قرب المطبخ.. ثم اتي اليهم قائلا:" جري ايه؟؟ بتهببوا ايه؟" و اشار الي سمر:" انتي مش في المطبخ ليه؟"
و الي شهد:" وانتي مش بتجهزي ليه؟؟ خلاص هتطلعي دلوقتي!"
خرج مندو من المطبخ عندما سمع صوت عمه و قال:" يرضريك يا ريس البت شهد تثبتني بمطوة في الحمام؟!"
كادت شهد ان تنقض عليه لولا ان جو امسك بها فقالت:" كمان بتشتكي يا حرامي يا بو عين بجحة!!"
نظر اليها جو نظرة " طب قولي كلام غير ده"
ولكنها استمرت في الشجار قائلة بانفعال:" يظهر الجرعة في الحمام كانت قليلة .. تعالي انا هوريك يا ندل يا بجح!"
استدار لها يوسف فجأة و صاح بها:" اسكتي بقي ! ولا كلمة.. لما ابقي واقف بقك ميتفتحش!"
وما ادي لعجب الجميع انها صمتت و كأن شخصا نزع منها الفيشة..
فقال عطا:" في ايه يا جو؟"
اطلق جو يده لتقتنص ياقة مندو و تأتي به ليواجهه و قال لعطا مشيرا بوجهه لمندو بنبرة محذرة غاضبة:" الواد ده لو ايده اتمد تاني علي شهد ..هكون مريحك منه! انا مسكت نفسي عنه المرة دي.." قال جملته الاخيرة و هو يهز مندو من الياقة في عصبية..
وقفت شهد فاغرة فاها.. تنظر لجو .. كان لا يُصَدق.. لقد خرج الجميع من الكادر وبدا هو وحده وسيما قويا بتلك العروق النافرة في رقبته العريضة والتي تشير الي اي مدي هو عصبي.. عصبي من اجلها.. غاضبا متوعدا..علي وشك الفتك بمن سولت له نفسه ان يضايقها.. احست برغبة عارمة في ان تتعلق بذراعه القوية المفتولة .. وان تلقي كل همومها اليه لكي يفعل بها ما يفعل الان بمندو.. لربما سمعت في حياتها عن اصحاب الشهامة و لكنها لم تقابلهم الا نادرا و لكنها لم تسمع ابدا عن شيء كهذا.. شيء يصف ما تراه في يوسف.. انها تخشاه و لكنه مصدرا للحماية.. عنيف و عصبي.. و لكن نظراته الحنونة تخبرها ان الدنيا بخير..لم تعهد ان يهتم احدا بها مثله فاهتمامه بها كفتاة ولكن ليس كأنثي.. نعم ليس كانثي ..اهذا شيء جيد؟؟! تداخل فجأة الاخرين و عادوا للكادر مع جو و قد صاح عطا حائرا¬
:" فهموني بس.. مين ضرب مين؟؟"
فقامت سمر بقص ما حدث لعطا..
فما كان من عطا ان صفع ابن اخيه علي كتفه عدة صفعات مؤنبا بعبارات:" واطي زي امك" ، "فاضحني دايما" ، "عمرك ما هتسترجل" ثم اطمأن من سمر:" مش رجعلك حقك ؟!"
ولما اجابت بنعم نهرها للعودة للعمل هي و مندو بعد ان حذرهم من فتح الموضوع مرة اخري..
وكذلك لشهد:"يلا شهد اطلعي .. ده اكل عيش.. وحقك عليا ...بس انتي برضه استقويتي عليه قوي و هو مهما كان راجل وانتي بنت.. كرمته نقحت عليه" كتمت شهد ضحكة ساخرة عندما قال عطا علي مندو"راجل" و اومأت برأسها في امتثال فتركهما عطا و عاد للصالة
فقال لها جو:" مش غريبة شوية انك بتتخانقي مع مندو و تقوليلوا يا حرامي.. ده حتي ابن كارك"
شهد مستنكرة:" فشر! كاري ده ايه؟؟ هو انا بسرق بنات شقيانين ؟؟! لأ و ايه زمايلي كمان.. ده ندل و خسيس"
جو:" لأ شريفة اوي!"
شهد:" اسم الله علي شيخ المنصر اللي انت بتحرسه .. بقولك ايه؟ لا تعايرني و لا اعايرك.. انا قفشت علي مندو علشان الجدعنة مش السرقة ، وحق البت الغلبانة! انما انا وانت جدعان منتقارنش بالعالم دي"
جو:" انا وانتا؟ في جملة و احدة وكدة؟! انتي هتقارني نفسك بيا كمان.. "
شهد ساخرة:" لأ العفوا.. انا زيي زي المليون بت اللي تتمنا تتحط معاك في جملة.. بقولك ايه؟ متعبي شريط بالكلمتين دول.. والنبي هيبيع"
جو:" كفاية لماضة.. لأ.. ووالنبي كفاية بلطجة.. انتي فاهمة الدنيا غلط يا شهد.. فاتحة الصدر دي و البلطجة مش شطارة...هتترني علقة فيوم بسبب غشامتك دي"
قالت شهد بمرارة:" لأ انت اللي فاهم غلط.. العُلق اللي خدتها هي الي خلتني مباخافش.."
صمت.. ضايقه قولها.. لم يعرف لم.. ولكن السيرة قبضت صدره
فعادت شهد لتقول:" كفاية رغي باة ورايا شغل.."
همت بالانصراف الا انها وجدت ذراعا تثبتها مكانها..فاستدرات لصاحب الذراع مستفهمة.. لتجده لا ينظر اليها من الاساس.. بل موجها نظره للفراغ امامه..فقالت متعجبة:" في حاجة يا جو.. سيب ايدي.. عايزة امشي"
بقي جو ممسكا بها لبرهة دون ان ينظر اليها و كانه يفكر بعمق ثم تركها..
انصرفت متعجبه لتصرفه..
اما يوسف فقد وقف سارحا فيها بينما هي تذهب امام ناظريه .. ود لو لم يتركها تذهب.. كيف تركها تذهب لترقص بارادته هكذا؟!! كانت مشاعره متضاربة بشده.. يلوم نفسه لانه لم يمنعها.. وشاعرا بالعجز عن تنفيذ امرا يتمناه بشده.. لمذا لم يمنعها ؟؟!
ما بك يا جو ؟ و كيف تمنعها ؟؟! ابسط رد سيكون سؤلا مستنكرا عن شائنك بالامر.. هيا اجب! حقا ما شانك انت؟؟!! حسنا ..لحظة صراحة مع النفس.. انت تهتم لأمرها.. شعورك بالمسؤلية و القلق عليها يحتمان عليك فعل شيئا ما في هذا الامر.. تري هل ينسف مكانها حتي لا تجد مكانا تقف لترقص فيه.. ام ربما يضع لها سما في الطعام حتي لا تتمكن من الرقص.. بال الافضل ان يفجر المكان برمته حتي تفقد وظيفتها تماما.. ربما لو بقي ممسكا بذراعها قبل قليل لما تمكنت من الذهاب.. نعم و سيصير هو مثل الاحمق.. ولكنها علي الاقل لن تذهب في اخر الامر.. ما هذا الذي تقوله يا جو؟؟ مبروك لقد اضافت شهد لصفاتك لفظا جديدا بجانب مختلا اصبحت معتوها!
لنعود للصراحة.. هو فعلا يود ان يمسك بها مجازيا .. بل يحتاج لما يجعله ممسكا بها.. متحكما فيها.. تلك الفتاة تحتاج لرادع..

***

صعدت شهد الي مكانها و اندمجت مع الموسيقي و بقية الفتيات .. و بعد دقائق بدأت النقود تمطر..
كانت تفكر انها لم تعد متلهفة لعودة الريس عبود.. بامكانها البقاء هكذا لوقت اطول، العمل رائع و مجزي و جو يوميا موجود.. لا يعلم الا الله كم مرة ستراه عندما تنضم الي الريس عبود.. ليته لا يعود سريعا..
لا حظت تعمده في عدم النظر اليها.. كان هذا الامر يصيبها بالغيظ.. قررت الا تهتم به حاليا و لتبقي تركيزها في النقود .. فبرغم ما يبدي جو من اهتمام،  فهي تدرك جيدا ان النقود ابقي، فهي ظهرها و سندها في نهاية الامر.. حسنا لنركز مع هذا الرجل، يبدو ثريا و مغيبا.. هيا شهد قومي بعصره ليخرج كل نقوده.. و هكذا بدات تضحك له .. و تغازله عن بعد.. متبعة الروتين المعتاد ..

***

بعد ان انهت زوزو مكالمة هاتفية اثناء و جودها في مركز التجميل، كانت عصبية غاضبة اشعلت سيجارة فسألتها احدي الفتيات :" مين كلمك فور دمك كده؟"
زوزو بعصبية:" ده كمان بيتخانقلها؟!! " ثم نظرت للهاتف و هي تنفث الدخان في عصبية وضعظت زر الاتصال ثم انزوت بعيدا و تحدثت بصوت خفيض منفعل:" ايه يا برنس..انت مش هتهجم و لاايه؟؟ فينك؟"
عدوي:" انت مش قلتيلي فوت كما يوم؟؟"
زوزو:" كفاية كده.. روح بقي احسن البت مزة و في الف بيشاغلوها.. هتروح متلاقيهاش!"
عدوي:" قصدك حد معين؟"
زوزو:" قصدك انت حدووووود معينة"
عدوي:" اصل انا شاكك في حد انه مخبيها عليا سألته في بنات جديدة عند عطا قالي لأ.. يا تري مين فيكوا اللي بيكدب؟"
زوزو:" والله روح واتأكد بعنيك.. و بعدين اللي قالك ده اكيد عينه منها.. انما انا هكدب ليه؟؟"
عدوي :" خلاص هتلاقيني طابب قريب.. و مش هقلك امتي.. خليها مفاجأة.. "
وقفت زوزو سارحة بعد انتهاء المكالمة.. تعيد في رأسها ما قُص عليها الليلة عن ما حدث من دفاع جو عن شهد و تحذيره لمندو.. ضغطت علي الهاتف في غل و عصبية..
***
كان جو يستمع الي تعليقات من حوله من الزملاء علي ذلك الرجل الذي صار يلقي برزم النقود الي شهد و شهد فقط.. بل كانوا يتراهنون انه سيخرج المزيد كلما توقف..ويتصايحون في انبهار كلما فعل.. علي مضض القي جو نظرة عليه.. كان يرقص مثل الدراويش.. بدا عليه السكر الشديد.. كان ينظر لاعلي حيث ترقص شهد و يرسل لها القبلات في الهواء .. كانت تبتسم في مرح و تقبل كفها وتنثر القبلات كاحدي نجمات المسرح.. هل ظنت حقا انها فنانة؟! لم يكن المنظر في حد ذاته الذي ضايقه .. فتلك المشاهد المثيرة للغثيان و التي تتمثل في استغلال شهد لمعجب ولهان وربما سكران ..تتكرر كل دقيقة .. لذا كان يتعمد ان يدير ظهره.. انما ما اقلقه هو تصرفات الرجل.. كان انتباهه محصورا مع شهد فقط و كان يخرج النقود في عدم و عي.. وكان يقترب من مكانها تدريجيا.. تفحصه.. ليجده مثل الثور..ضخم طويل و عريض .. حسنا ..ضع ثورا مغيب العقل امام فاتنة ترسل له القبلات.. تحصل علي مأساة.. بقي متابعا الموقف علي اعصابه.. كل من حوله يتضاحكون علي الرجل...وهو وسطهم عاقدا حاجبية متوتر.. لم تفعل به هذا؟! انها ترقص و تضحك بلا ادني اهتمام.. كيف لها الا تدرك ما يمكن ان تتعرض له ، وهي الشكاكة المتربصة؟!

***

كانت شهد تري الرجل يقترب.. كانت فخورة بكم النقود التي اخرجتها منه.. كانت تنظر ضاحكة في فخر لزميلاتها اللاتي كن مبهورات و يضحكن علي الرجل المغيب.. عندما توقف عن اخراج المزيد من النقود و التي بديهيا ان تكون نفذت.. استمر في الرقص و الاقتراب.. هنا بدأت شهد تتسائل لم يقترب الان ..واضح انه لن يعطيها المزيد.. نظرت الي زميلاتها عن بعد متسائلة.. اشارت لها احداهن الي الحارس الضخم الذي يقف قرب الباب.. وكانها تقول ان احتجتيه اشيري اليه. بالفعل تمكنت من لفت انتباهه اليها دون ان تثير انتباه ااخريبن.. اشارت الي الرجل الذي و قف يرقص كالموتي الاحياء بقربها.. فاشار اليها الحارس بما يفيد ان الامر لا يستحق تدخله الان.. و لكن عينه ستكون عليه.. استمرت شهد في الرقص و قد اصابها التوتر ..كان الرجل يحدثها بصوت عالي.. يناديها لتنزل.. كان قريبا بشدة.. هي الان مدركة ان موقفا سخيفا سيحدث.. لا يوجد شك في انه علي و شك الصعود اليها.. ولكن زوزو قد اكدت لها قبلا ان الحارس هنا خبير في انهاء هذه المواقف ..فهو قادر علي انقاذ الموقف بلا احراج او شوشرة.. كانت نظرها حائرا بين الرجل السكران و الحارس الذي بدا منشغلا في البوابة.. كانت منتظرة لحظة تدخله..
وفي اللحظة المناسبة توقفت الموسيقي الصاخبة لتبداء اخري اكثر هدوئا معلنة عن فترة راحة من الرقص للفتيات و الزبائن.. تفست شهد الصعداء .. الا ان الرجل لم يهتم بتوقف الموسيقي و لا بعودة الناس للمقاعد و لا بنزول الفتيات بل بقي و اقفا مكانه يطلب من شهد النزول اليه.. وقفت شهد حائرة تنظر اليه في احراج و تلفتت حولها عل احدي الفتيات تخبرها بالتصرف السليم .. كان الحارس ينظر اليها عن بعد في برود.. و لما اشارت اليه مرة اخري.. اشار لها بنفس الاشارة ان الامر لا يستحق تدخله فلتحله بمعرفتها..
حسبت شهد الامر ، ان نزلت الان في هدوء الي الرجل وتخلصت منه في سلاسة هو افضل من ان تثير جلبة وتاتي بالحارس.. كانت متوترة حقا قبل ان تنزل فعلا.. تري كيف ستنسحب؟؟
نزلت بخفة لتجد الرجل شيه متلقفا..

***

"طبعا ..دا بعد كل اللي طلعه ..اقل واجب انها تنزله".. كان هذا تعليق احد زملاء جو علي شهد و هي تهم بالنزول.. لقد رأي جو الاشارات المتبادلة بين شهد و الحراس و نظرات التوجس في عينيها.. ادرك انها خائفة.. وانها علي وشك فعل امرا غبيا من امورها.. و بالفعل نزلت مباشرة الي الرجل.. ماذا تظن نفسها فاعلة؟! هل رأت فعلا ان له حقا ما بعد كل ما دفع؟!! و لكن التوتر البادي عليها لا يدل علي انها متحمسة حتي للحديث مع الرجل.. كاد ان يقذف نارا من اذنيه حين رأي الرجل يحاول ان يحاوطها بذراعيه .. و هي تتراجع بلباقة.. حقا هي تبتسم؟! كيف لم تصفعه؟ (ولا هي المطواة تترفع علينا احنا بس؟؟!!!) .. شهد انت تلعبين بالنار! اشاح بوجهه بعيدا لكي يمنح دمائه الفرصة لتتكثف  بعد ان اصبحت بخارا ينفث في عروقه..
"علي فكرة شكلها بتحاول تخلع بس مش عارفة" كان هذا تعليقا اخر.. ثم تلاه:" و هو ابتدي يتغابي عليها"
التفت سريعا ليري ان الرجل يجذب شهد من يدها في قوة متوجها للخارج ..بينما هي تتقافز مقاومة .. و تحدثه في استسماح وهي تتلفت حولها باحثة عن مغيث.. لقد ادركت ما اوقعت نفسها فيه.. ذلك الثور العملاق قرر ان ياخذ ما ظن انه اشتراه للتو الي بيته ربما .. وقبل ان يصل بها قرب الباب وقفت لتسحب يدها في عنف معلنة التمرد علي اي لباقة و ليحدث ما يحدث. كان الرجل غير مدركا لشيء ، فما كن منه الا ان امسك ذراعها بقوة اكثر و عنفا ليستمر في سحبها بينما هي تقاوم..
وهنا كانت سيطرة جو علي نفسه قد انتهت.. سار بخطوات عصبية سريعة الي حيث كان الرجل محاولا ان يعدل توازنه بينما يمسك بشهد و قد هم الحارس بالتوجه اليه اخيرا ليحدثه.. تهللت اسارير شهد لدي رؤيتها لجو.. و ما رأت علي وجه من غضب.. تاكد لها ان ما سحدث سيكون كبيرا.. بالفعل بدون اي مقدما قام جو بنزع يد شهد من الرجل ودفعها لتصير بقوة الدفعة واقفة خلفه.. فما كان من الرجل الثور المغيب الذي صار غاضبا من فعلة جو ان انقض علي جو ليتعارك معه.. كان بطيئا غير متوازن مما جعل جو يبتعد عن طريقه بسلاسلة فيوشك الرجل علي السقوط و لكنه يوازن نفسه و يستدير ليواجه جو و هو يصيح و يسبه سبابا بشعا و يتوعده بضرب مبرح.
طبعا انتبه الجميع الي ما يحدث.. و تدخل الحارس ليحاول تهدئة الرجل و اقناعه بالرحيل وقال لجو :" خلاص يا جو هتعمل عقلك بواحد عقله مسافر.." و لكن جو صاح في الحارس:" انت تخرس خالص كنت قاعدلي مستني ايه؟؟ لما ياخدها و يخرج؟؟!!"
فغضب الحارس و صاح به بدوره:" وانت مالك؟؟ هتدخل في شغلي؟!"
جوفي قمة الغضب:" ادخل و اديك علي دماغك .. لما تفضل عامل عبيط و انت شايفه كل ده و ساكت.. ايه ؟ هو شافك بحاجة و لا ايه؟؟"
عند قول جو احمرت عينا الحارس و هجم علي جو ليضربه.. و ايضا الرجل السكران توازن و انقض بدوره علي جو.. برغم ضخامة كليهما وغضبهما.. الا ان جو كال للرجل لكمة واحدة وضع بها جام غضبه فسقط فاقد الوعي بينما تعارك مع الحارس و انتهي الامر ايضا بان سقط الحارس ووجهه مضجرا بالدماء ممسكا بانفه متألما.. لم يأخذ الامر سوي بضع دقائق..
كل هذا و سط صراخ الحضور و محاولة عطا و زملاء جو للفض بينهم .. وقفت شهد عن بعد منبهرة ببطلها الذي راح يكيل اللكمات من اجلها.. لو كانت لديها اما تحكي لها في الصغر الحواديت لعرفت ان ما تشعر به هو احساس الاميرة التي انقذها الفارس من الاشرار.. لم تفكر الان في العواقب التابعة .. كل ما شعرت به هو الانبهار..
انتهي الامر سريعا .. و حُمل الرجل الي الخرج بينما ذهب الحارس لمكان ما ليُعتني به طبيا .. اما شهد فقد اشار لها عطا لتذهب لحجرة الفتيات بينما عاد جو مع زملائه حيث طاولة الخواجة الذي كان ما يزال موجودا و شاهدا علي كل ما حدث..
في طريقه الي الطاولة حيث الخواجة..ادرك جو ان تلك هي اللحظة التي خشاها من البداية.. ان عمله الان حقا علي المحك.. مبروك يا جو الان ستجعلك شهد بالاضافة الي مختلا و معتوها.. عاطلا!
اشار له الخواجة لكي يقترب منه و يجلس بجواره، فامتثل جو.. كان حانقا بسبب كل ما حدث.. و قد بدا كله علي وجهه .
الخواجة ببروده المعتاد:" من امتي بيبان عليك انك متضايق؟"
صمت جو ..كان منتظرا وابل من اللوم يتليه قرار بالاستغناء عن خدماته..
الخواجة:" مش دي البت الجديدة اياها؟"
اومأ جو برأسه و قد ازداد انعاقاد حاجبيه الغاضبين..
الخواجة:" وانت بقي سبت اللي مفروض تركز فيه و ركزت في مين اللي خدها و مين اللي ضايقها؟"
قال جو بعد تردد:" لا انا فعلا ماكنتش باصص عليها .. لكن لما سمعتهم كلهم بيكلموا عن اللي بيحصل وهاني ابن (...) واقف علي البوابة عامل فيها اطرش.. ميخلصكش اعد ساكت يا ريس"
الخواجة بهدوء ساخرا:" فكمان ايه.. قمت سايب مكانك و رحت تدخل في خناقة!"
صمت جو.. الخواجة محقا.. الجارد لا يصح ان ينشغل عن عمله او يترك مكانه لينساق في امر مثل شجار..
قال الخواجة و علي وجهه شبح ابتسامة:" دلوقتي اقل حاجة انك توريني عرض كتافك! لكن  الكلام ده لو كان حد غيرك.. هعتبر اللي حصل غلطة مش هتتكرر!"
حاول جو الابتسام فقد كان سعيدا بقول الخواجة ولكنه كان مازال تحت تاثير الانفعال و الغضب ابت شفتيه ان تبتسم.. و لكنه اكتفي بشكر الخواجة و الاعتذار.. كان يشعر بالمهانة لاضطراره الوقوف في هذا الموقف السخيف حيث يتم تانيبه علي اهماله..
فقال الخواجة في كلمة اخيرة:" و كمان عشان عاذرك .. البت تستاهل.. عندك نظر يا واد"
اومأ جو برأسه مرة اخري..وهو ينهض ليتمركز في مكانه المعتاد.. لم يكن يحتمل ذكر سيرة شهد تماما الان.. كان حانقا عليها بشدة .. لو ظهرت امامه الان لكال لها لكمة اقوي من التي اخذها ذاك الرجل الثور.. الافضل لك ياشهد ان تخفي عن جهه الان!

هناك 5 تعليقات:

  1. بجد يا منه تحفه
    انت بتعرفي ازاي تخلينا نحس بالرومانسيه في وسط المشاكل والبلطجه دي بجد
    لحد دلوقتي انا فعلا مش عارفه احدد انهي قصه احلى
    بش متشووووووووقه جدا اعرف ايه اللي هيحصل الحلقه الجايه متتاخريش علينا

    ردحذف
  2. جميل ومتتاخريش عللينا كتير

    ردحذف
  3. جميلة جدا الحلقة مليئة بالحاسيس الرائعة الرومانسية برغم المكان والاشخاص والمهن والصفات تبقى الرومانسية الجميلة الرائعة
    متتأخريش وهستناكى مهما طال الغياب جويرية

    ردحذف
  4. انا توقعت لحظه هجوم عدوى هتكون فى الحلقه دى
    بس تمام
    بصراحه شهد مزوداها على الاخر بشغلنتها دى
    المفروض بقى تتعلم ومش تطلع تشتغل فيها تانى
    وهتكون ساعتها كسبانه .. على الاقل عدوى لما يجى مش هيلاقيها وزوزو هتكون خسرت على الاقل معركه
    وبصراحه يوسف بقى موقفه وحش جدا فى الموقف الاخير ده
    ليه حق انه يكون عايز يقتل شهد كمان

    بصى انا مش هقولك بسرعه .. لان انا حاسه ان انتى كل شهر بتنزلى حلقه
    بس مش مشكله انا هستناكى برده ..

    ردحذف
  5. ستراي جيرل و جويرية متشكرة قوي علي التعليق و مش عارفة من صاحبة التعليق الاول بس بجد متشكرة جدا

    ردحذف