صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

4/25/2011

اللصة :: (9) عدوي!


كانت جميع الفتيات تتحدث في نفس واحد داخل الحجرة في محل عطا و يسألون شهد عن تفاصيل ما حدث، بينما هي تحاول شرح الامر، قطع عليهن الحوار دخول عطا دون ان يطرق الباب.. كان مستائا متوعدا، وقف في منتصف الحجرة و قال محدثا شهد بنبرة هجومية:" هو مفيش غيرك في المحل؟!! كل دقيقة بمشكلة؟! فاردة نفسك علي الناس و مستقوية بجو! اديكي جبتيله مصيبة.. الخواجة زمانه رفده دلوقتي! وريني بقي هتعملي ايه لما يمشي؟ اللي حصل برة دلوقتي ده هعيملنا كلنا مشاكل.. الراجل اللي اضرب بسببك ده من اهم الزباين هو و شلته كلها!"
قالت شهد بحرج:" يا ريس انا فضلت اهاوده بالراحة لحد ما كان خلاص خارج بيا برة.. و الراجل اللي واقف عالباب عمال يحلقلي!"
عطا:" ودي كمان واقعة تانية سودة علي دماغك.. هاني ده حارس الصالة من جوا .. اهو مضروب دلوقتي و الصالة من غير حارس!.. شوفي يا شهد اذا كنت ناوية تكملي معانا، يبقي تتعلمي من زمايلك تعاملي الزباين المهمة ازاي.. انا الغباوة دي مش هسمح بيها تاني! و لو حصل معاكي اي مشكلة تانية مع اي حد تاني سواء زبون او زمايلك.. تاخدي حاجتك وتتكلي علي الله!"
شعرت شهد بكرامتها تئن من تهديد عطا، و امام كل الفتيات .. فقامت باخراج مبلغا كبيرا من ضمن ما حصلت عليه اليوم و مدت يدها به لعطا قائلة :" طب يا ريس اتفضل دول تعويض مني لو حاجة اتكسرت في الصالة.."
ثم اخرجت حفنة اخري و قالت:" ودول عشان علاج هاني"
بمجرد رؤية النقود تحول اسلوب عطا تماما.. اخذ النقود و هو يقول بأسي:" يا شهد يا حبيبتي مش الفكرة.. انا عايز مصلحتك.. انتي مكسب للمحل و لينا.. لكن انا عايزك تتعلمي ازاي تعدي الليلة كده سهلة من غير مشاكل.. عموما انا عاذر ان ده اول موقف ليكي .. بكرة تتودكي.. انتي انهاردة متطلعيش تاني بعد الراحة.. ريحي كده و خلي الناس تنسي الليلة" و ربت علي كتفهل في رضا و خرج مبتسما يعد النقود علي عكس ما دخل.. بينما ابتسمت في استعلاء ، لقد ردت لها بضعة نقود كرامتها و حطت من كرامة من اهانها..
جلست سارحة في جو الذي سيفقد وظيفته من تحت رأسها..
***
بقيت شهد مع سمر بداخل المطبخ تتحدثان اثناء عمل سمر.. بينما جلس مندو يرمقهما بنظرات السخط و لكنه تجنب التحدث اليها او سمر تماما..
سمر تحدث شهد همسا عن مندو:" من ساعة اللي حصل و هو مبيحطش عينه في عيني"
شهد:" احسن.. خليكي كده كاسره عينه الحرامي الواطي.."
سمر:" امال لما انتي اللي كنتي زانقاه في الحمام كنتي بتصوتي ليه؟؟"
شهد:" مصوتش خالص!"
سمر:" انا سمعت صوات و ندهت جو عشان كده"
القت شهد نظرة جانبية ساخرة الي مندو و قالت:" ده هو اللي صوت"
انفجرتا في الضحك.. مما اثار حفيظة مندو و احس ان الامر يخصه فادار ظهره لهما في امتعاض.
كادت سمر ان تموت حماسا و سعادة من اثر ما حدث الليلة.. بينما شهد ابدت قلقها علي جو ووظيفته. ظلت شهد معها الي ان وجدت ان الخواجة رحل و معه جو و الرجال.. انتظرت ساعة اخري ثم ودعت سمر و رحلت..
***
دخل جو الي بيته منهكا.. لقد تم استنزافه نفسيا في تلك الليلة السوداء.. القي بنفسه علي سريره ولكنه لم يتمكن من النوم.. طبعا هو لن يفكر بها ابدا ككل ليلة.. هو لا يطيق سماع اسمها بتاتا.. هل وصلت للبيت؟ .. كان امرا بديهيا الا تصعد للرقص ثانية لباقي الليلة، مؤكد تصرف حكيم من عطا.. ولكنه لم يلمحها ترحل.. كفي تفكير بها.. لقد نال ما يكفيه منها.. تري هل وصلت؟ .. امسك هاتفه بابمتعاض.. وضعه علي اذنه بعد ان ضغط زرا و نفث في ضيق و نفاذ صبر و هو مازال مستلقيا علي ظهره..
زوزو:" جو"
جو بنبرة هادئة وصوت متعب:" ازيك يا زوزو؟"
زوزو:" انا امي داعيالي بقي.. ليلتين و را بعض تكلمني"
جو:" صحيتك؟"
زوزو:" لا انا صاحية.. لسة داخلة.."
جو:" و شهد؟ رجعت؟"
زوزو:" اه.. انت كل ليلية هتكلمني تطمن عليها؟"
جو:" اعمل ايه يا زوزو.. دي امانة .. مضطر"
زوزو بغضب حاولت اخفاءه:" عموما.. هي لسة مرجعتش.. تلاقيها صايعة هنا و لا هنا.. اصلها دايما بتروح مشاوير كده مش مفهومة"
جو لم يكن في مزاجا يسمح بالاستماع لقصص زوزو الكيدية فقال:" طيب شكرا.. سلام"
كيف لم تصل؟ تري اين ذهبت؟ لقد انتهي عملها، كما انها الليلة لم تكن تعمل النصف الاخير منها.. مالذي اخرها؟
وضع يديه علي راسه .. شهد! لقد اصبحتِ صداعا يشق رأسه!
حاول ان يخرجها من رأسه ..فهي لا تستحق كل هذا الاهتمام.. لم تهتم هي حتي به.. لم تحاول حتي ان تتاكد ان كان بخير بعد ان تعارك من اجلها..
سمع طرقا علي الباب..كان منهكا ..فصاح :" مين؟"
اتاه صوتها:" انا شهد.."
رفع يديه من علي رأسه وحدق في السقف لثانية.. اهي حقا؟؟ انتابه ارتياح شديد لانه اصبح علي دراية بمكانها.. و لكن اكتسحه شعورا اخر بالسخط عليها..
فقال من مكانه:" عايزة ايه؟ في حد تاني عايزاني اخشلك في خناقة معاه؟"
لم ترد.. رفع رأسه ليرهف السمع .. و لكنه فوجيء بها تقفز الي الداخل من النافذة و تبتسم في وجهه بمرح:" مش هتتعلم تقفل بقي الشباك ده"
فقال باقتضاب:" فعلا لازم اقفله.. بقي بيدخل قرف"
وضعت شهد يدها علي قلبها في وضع متالم تمثل دور المطعونة بكلمته في قلبها..
ثم قالت بجدبة:" انا عارفة انك مش طايق تشوف و شي عشان اترفدت بسببي "
قال بشمئزاز مستنكرا:" اترفدت بسببك! انت افتكرت نفسك انك حاجة بجد! مين اللي يرفدني؟؟ و عشان ايه؟"
قالت شهد و قد ضايقها قوله:" انا فهمت كده من عطا.. و جيت اقلك حقك عليا و كنت ناوية كمان اديك هدية.. يعني.. شكر علي اللي عملته معايا"
واخرجت بعض النقود و همت بوضعهم علي المنضدة.. الا انها فوجئت به ينقض عليها بعصبية قائلا:" تصدقي ان اللي كان لازم ينضرب الليلة هو انتي !"
امسك ياقتها وجذبها اليه و هو يصيح في وجهها:" فلوس ايه دي اللي هتسيبهالي؟! خليهملك .. انتي عرقتي بيهم! و لا تكونيش فاكرة اني اشتغلت الفتوة بتاعك!"
شهد و هي تتماسك محاولة اخفاء الذعر:" ايه طريقة الكلام دي.. عرقك و قتوة!.. برضه بتكلم علي اساس اني رقاصة!"
هز الياقة في عصبية فارتجت شهد في يده و قال:" لا باللي شفته انهاردة ..الرقاصة كانت احسن!.. ده الراجل دفع وشال الشروة"
دفعته شهد بعنف فكلامه اغضبها و اهانها وقالت:" وانت مالك رقاصة ولا شروة و لا زفت.. انت مالك؟!"
نظر اليها وقال:" وانا مالي؟!!!! طب تصدقي...انا غلطت و لازم اصلح غلطتي.. " و امسك بها و دفع بها الي الخارج قائلا بعصبية:" فعلا الراجل دفع و انا بوظتله البيعة.. لازم اوصلك ليه..يلا "
خلصت شهد نفسها منه و قالت و هي تلهث:"ايه بقي! بس! انت واخد الموضوع علي نفسيتك كده ليه؟!! دانا جاية اتأسف..بتعمل معايا كده ليه؟!"
جو:" عشان انا قلتلك قبل كده بلاش تطلعي ترقصي و انتي برضه ركبتي دماغك! و يوم ما حصلك مشكلة انا اللي لبستها وانتي معندكيش ريحة الدم"
شهد:" مانا..."
صاح بها مقاطعا:" مانتي ايه بس؟! انتي تخرسي خالص! ده مش بس رقص.. عماله تتمرقعي و تضحكي وتغمزي و توزعي بوس ..ايه؟ نجمة يا جدعان؟!.. ومستعجبة اوي ان الراجل كان عايز يروح بيكي.. مانتي دفّعتيه مقدما!"
شهد متظلمة:" ماكلهم بيعملوا كده عشان البقشيش يكتر عليهم.. اشمعني انا"
جو:" و كلهم بيدوا للي بيدفع حقه علي قد ما بيدفع.. ايه مبتشوفيهمش و همة قاعدين معاهم و بيخرجوا كمان برة.. واظن ان اللي راجل دفعه يستاهل اكتر بكتير من عشوة او سهرة!"
شهد:" لأ معلش انت اللي دماغك وسخة و ظنك سو..زوزو قالتلي ان صُحبيتها للناس بكيفها , ملهاش دعوة بالبقشيش"
جو ساخرا بانفعال شديد:" اه.. لأ مدام زوزو هي اللي قالتلك يبقي آمين!... اصلها يا كبدي قلبها عليكي قوي"
شهد بحدة:" ماهي بتعد معاك! وانت كنت بتديها حاجة؟!!"
جو ضاربا كف بكف:"هقولك ايه بس؟! لهو انت متعرفيش ان زوزو مني عينها اني اعبرها.. دا فاضل هي اللي تدفعلي عشان تعد معايا.. لكن بأة مخدتيش بالك ان اصحابها اللي بتعد معاهم همة بس الي بقشيشهم كبير ؟! ملهاش اصحاب كحيانين ابدا!.."
شهد باستخفاف:" انا مش عارفة مين فينا النجم والله؟! لما انت مستكبر اوي كده ..شاغل نفسك ليه بالبنات؟؟.. عارف زوزو بتعد مع مين و حافظ انا بضحك و بغمز امتي و لمين.. " ثم تحولت فجأة نبرتها للجدية الممزوجة بالضيق:" عموما يا عم متشكرين اوي لحد كده.. انت كنت جدع معايا و انا شايلالك الجميل و رقبتي فداك.. لكن خلاص لحد الليلة و ملكش دعوة بيا بعد كده.. لو شفتني بتقتل قدامك متدخلش! انا جيت اتأسف و واتشكرلك .. وان كنت زعلت مني اديك فشيت غيلك و سمعتني الكلمتين اللي في نفسك.. وانت ماشاء الله لسانك ميتوصاش.. بيعرف ينشن.. "
وتوجهت للباب قائلة بمرارة :" سلام يا نجم"

كان صمت جو هو نوع من السيطرة علي النفس نجح في ان يتجمد بينما هو داخليا يصارع نفسه و يمنعها من ان تجعله ياخذ شهد في احضانه ، و يطلب منها الغفران عن كل اهانة ، و يرجوها ان تبقي معه ،و يتوسل اليها الا تذهب مجددا لعطا.. بقي صامتا بتعبير عابس علي وجهه يراها و هي تصل للباب..
"البسي دي .. ولا مش مكفيكي فرجة الصالة عليكي كمان عايزة الشارع يتفرج؟!"
قالها باقتضاب بعد ان امسك سترته الجلدية السوداء من شماعة الحائط و القاها اليها .. كانت مازالت ترتدي ذلك الفستان القصير اللامع الذي يظهر اكثر مما يخفي..
تلقفت السترة و همت بقول شيء علي غرار (مش قلنا ملكش دعوة) ولكن اللفتة الحانية اسكتتها.. ابتسمت نصف ابتسامة و هزت رأسها تشكره و خرجت..
وقف هو مكانه سارحا مفكرا بعمق لبرهة بعد ان اغلقت الباب خلفها .. ثم ضرب علي الباب بغيظ وخرج خلفها متمتما في غضب:" الله يقل راحتك يا بعيدة"
لحق بها في الشارع لتجده ماشيا بجوارها فجاة ، نظرت اليه مستفهمة فقال عاقدا حاجبيه ناظرا امامه وكأنه لا يحدثها:" هوصلك عشان اخد الجاكتة! دي مستوردة!"
خفق قلبها.. كم هو حنون.. حتي و ان حاول اخفاء الامر .. ابتسمت في رضا و هي تنظر امامها و سارا معا في صمت.. لقد سامحته وغفرت له كل ما قاله..
نظر هو اليها بجانب عينه كانت تبدو مثل طفلة صغيرة تردتدي سترة ابيها.. كانت السترة مضحكة عليها تغوص فيها غوصا.. الا ان ذلك جعلها في نظرة اكثر فتنة من ما كانت تردتدي قبلا.. شرد في فكرة عجيبة استولت علي رأسه.. إن ما يضم جسدها الان هي سترته هو..
عندما وصلا لبيت زوزو وقفت شهد مواجهة له ورفعت عينها اليه وقالت :" متشكرة.." ثم همت بخلع السترة لتعطيها اليه فقال باقتضاب:" بتعملي ايه؟! اطلعي.."
شهد متعجبة:" هديك الجاكتة! انت مش جاي عشان تاخدها؟؟!"
جو بنفس الاسلوب العابس المقتضب:" كده تاخدي برد..بلاش غباوة..اطلعي"
شهد وقد زاد اندهاشها:" الله ! مش هتاخدها؟:
جو مستغبيا اياها:" هو انا هموت؟! هاتيها بكره.."
شهد :" يعني انت مش عايزها؟ امال جيت ليه؟"
جو في قمة الملل ونفاذ الصبر:" عايزها طبعا.. انت ماصدقتي! بس مش لازم حالا .. اطلعي بقي! متقرفنيش في عشتي زيادة..عايز انام !"
شهد بنبرة عالية:" هو انا اللي قلتلك تعالي وصلني! لما انت عايز تنام و مش عايز الجاكتة كان ايه اللي جابك؟!"
دفعها بيده في نفاذ صبر لتدخل مدخل البيت و قال :" اطلعي يا شهد! اطلعي و عدي الليلة المنيلة دي!"
ازاحت يده بغيظ و بالفعل توجهت للصعود للبيت..
بقي واقفا حتي اختفت عن ناظريه ثم عاد ادراجه الي بيته..

بالطبع كان اول شيء فعلته شهد عند رؤية زوزو ان اخبرتها ان من وصلها للتو هو جو.. ثم حكت لها تفصليا عن ما حدث عند عطا.. مشددة علي التفاصيل التي قد تصيب زوزو بقرحة في المعدة..
زوزو وهي تعض علي شفتيها:" و الجاكتة دي بتاعته؟"
شهد بهيام و هي توجه وجهها لاحد جانبيها فتدس انفها في ياقة السترة التي مازلت ترتديها وتستنشق نفسا عميقا..ثم تخرجه في تنهيدة اعمق و تقول:" ايوة هو قاللي البسيها عشان ممشيش بللبس ده في الشارع.. و بعدين مرضيش ياخدها احسن اخد برد لو قلعتها .. يا بختك يا زوزو ..ده جدع و حنين اوي"
كان الامر اقوي من قدرة زوزو علي الاحتمال .. فتركت لها الحجرة و خرجت للسطح بعد ان صفقت الباب بعنف.. ووقفت لتدخن بغل..
اما شهد فلم تخلع اي من ملابسها بل احتضنت نفسها بالسترة و نامت و هي تدس وجهها كله في الياقة وتتنفس الرائحة التي تعبئها.. و علي شفتيها ابتسامة سعادة..
***

جلس يوسف مع حمادة علي القهوة يدخنان الشيشة
حمادة:"طب وهتكمل باقي المبلغ منين؟"
جو:" هو انا عبيط زيك.. انا بحوش طبعا.. معايا شوية حلوين.. و بعدين انت ناسي الارض اللي قرب مطروح.."
حمادة:" ايه هتزرعها مثلا و لا هتأجرها.. دي صحرا وفي الطل وانت راميها من ساعة ما اشترتها من زمان"
جو:" لأ هبيعها.. دي قرب البحر و بعدين مسير المكان يعمر.. انا كنت واخدها بملاليم و قتها و المعلم صابر بتاع تسقيع الاراضي ساعدني.. لو سألته دلوقتي مية مية هيقولي تمنها ضرب"
حمادة:" وانت شايف ان الموضوع يستاهل انك تبيع الارض دي عشانه.. طب ماهي لو عليت دلوقتي اكيد بعدين هتعلا اكتر..وتبقي انت كده خسران"
جو:" مش عايزها من اساسه.. انا كنت شبط في الموضوع ساعتها لما قعدت مرة مع المعلم صابر و عجبتني اللعبة.. لكن طلعت عايزة تركيز و متابعة و انا مليش فيه.. هبيعها و اخد القرشين واتمم الموضوع.. وبعدين علي فكرة في ارض تانية في الصعيد.. اشتريتهم مع بعض برضه المعلم صابر كرمني فيها.. بس كان املي كبير في بتاعة البحر دي.. قلت بكرة تقرب منها القري السياحية بتاعة الناس اياهم ويضرب سعرها في السما"
حمادة:"طب انت كده حليت قصة الفلوس.. بس الموضع معقد و هتلاقي الكل واقفلك .. انت اصلك بتجور علي حق الناس كده.. و اسمه ايه اللي بتقول عليه ده مش هيسكت!"
جو:"لا سيبك منه! المهم الكبار.. بس هلاقلها حل.."
حمادة:" اد كده الموضوع همك "
نظر له جو و نفث الدخان للاعلي و اومأء برأسه في تصميم..
***

جلس الخواجة و علي طاولته المعتادة في المساء مجتمعا ببعض الاصدقاء بينما تواجد حوله جو و الرجال.. اقترب جو من اذن الخواجة و قال:" يا ريس كنت عايز اكلمك في موضوع.."
التفت له الخواجة و قال:" اكلم"
جو:" موضوع طويل شوية.."
الخواجة:" قول بخصوص ايه و بعدين نكمل لما اخلص هنا"
جو:" عايز اضمنلك ان الي حصل امبارح مش هيتكرر تاني.."
الخواجة:"ازاي؟"
جو:" هشتري البنت!"
الخواجة مستفهما:" معكش تمنها؟؟"
جو:" لأ ..معايا.. بس هي عليها مشاكل..مش هيحلها غيرك يا ريس"
الخواجة:"ممم.. موضوع طويل فعلا.. استني بقي لما نخلص هنا"
وقف يوسف متابعا المكان كالمعتاد، منتظرا ان تعلوا الموسيقي في اي وقت معلنة صعود شهد و الفتيات.. و تبدأ فقرة حرق الدم.
كانت عينيه تدور في المكان كما هي طبيعة عمله و لكن فجأة اصطدمت عينه بشيء كان ينقصه حقا..
كان عدوي يتقدم بعض ررفاقه.. داخلا من الباب و يرحب به عطا ..بينما يجوب بنظره المكان بتؤدة.. الي ان التقت عيناهما..
ابتسم عدوي ابتسامة كبيرة وسخيفة.. و فتح ذراعيه عن بعد قائلا:" حبيب قلبي!"
رفع جو يده ملوحا في سخافة.. ثم وجد احدب النادلات تعبر جانبه حاملة صنية اكواب.. فامسك بذراعها و جذبها اليها ثم همس في اذنها.. اومأت الفتاه برأسها و اختفت بسرعة..
اقبل عدوي.. و قام بتحية الرجال من حول جو ثم احتضن جو وربت علي ظهره في حفاوة مفتعلة..
عدوي:" جيت عشان اشوفك..مدام انت مبتسألش.."
جو باشمئزاز:" بس ياله.. هو انا صاحبتك!"
ضحك عدوي وقال:" ها اخبار المزز هنا ايه؟ لسة مفيش جديد؟!"
جو:" اديك هتشوف بعينك..."
فاشار عدوي الي طاولة قريبة و قال:" طيب انا قاعد هناك.. ابقي تعالي اقعد لما تفضي"
وربت علي كتفه و توجه لطاولته بالفعل..
تابعه جو.. ها قد بدأت للتو ليلة اخري من تلف الاعصاب..
***
دخلت سمر حجرة الفتيات الراقصات و معها في يدها النادلة التي حدثها يوسف..
التفتن الفتيات اليها و منهن من نظر اليهما بتعالي..
لم تهتم سمر بل توجهت لشهد و قالت بصوت خفيض:" جو بعتلي البت دي تقولي اقلك ..متطلعيش ترقصي!"
فاومأت النادلة براسها مؤكدة..
فقالت لها شهد:" ليه؟"
فقالت النادلة:"مقالشي.. هو قالي بالحرف.. قولي لسمر تقول لشهد اوعي تطلعي.."
رفعت شهد بصرها للاعلي في وهي تهز رأسها اعتراضا قائلة:" هو فاكر نفسه ايه.؟ بيبعتلي تعليمات كمان و هو قاعد في مكانه.. لو هامه قوي كده..مكلفش خاطره حتي يهز طوله و يقولي بنفسه!!"
طبعا زوزو كانت موجودة وقد القت باذنها عندهن باستماتة لتستمع.. و ما ان سمعت اسم جو حتي قامت و قالت محدثة سمر و النادلة:" انتي بتعملي ابه هنا يا بت .. وانتي يا سمر مش المفروض تبقوا هنا!"
النادلة بحدة:" خلاص يعني دخلنا الجنة.. انا جاية ابلغ رسالة و ماشية.. " و خرجت بعد ان صفقت الباب..
اما سمر فامسكت بيد شهد قائلة:" بلاش يا شهد احسن.. اسمعي الكلام!"
فقالت شهد:" لأ يا سمر ده زودها اوي.. انت مشفتيش اصلك امبارح.. روحي انتي لشغلك و انا هبقي احكيلك"
فخرجت سمر دون حتي ان تنظر لزوزو و كانها لم تسمعها او تراها..
زوزو لشهد:" هتسمعي كلامه؟"
ابتسمت شهدوقالت ساخرة:" هو احنا كان صوتنا عالي اوي كده؟!"
لم ترد زوزو فكلتاهما تعلم انه سؤال هدفه السخرية.. انما قالت:" بكرة بقعدك من الشغل.. انهاردة بيقولك متطلعيش..يا عالم بعد كده ايه؟."
ابتسمت شهد اكثر..لم يكن كلام زوزو ما جعلها تقرر ان تضرب برسالة جو عرض الحائط.. انما بجميع الاحوال هي لم تكن لتترك زوزو تصعد للرقص امام جو.. بينما تبقي هي تشاهد الامر.. و ليعلم جو ايضا انه ان كان يخشي عليها و يهتم بها، فعليه بذل مجهودا اكثر من ارسال النادلة لسمر..
***
مرت النادلة امام جو فاشار اليها بما يعني "هل فعلتِ؟" فأومأت برأسها ايجابا.. فارتاح جو قليلا لمعرفته انه لن يحتاج لان يخوض في مشكلة اخري بسبب شهد الليلة و خصوصا ان مع عدوي سيتحول الامر الي حرب طاحنة مثل ايام الصبا.. كما ان الامر معقد اكثر.. فهو ليس عراكا من اجل فتاه احدهم ضايقها فالاخر صعد الدم الي رأسه.. انما الواقع ان عدوي سيحاول استرداد ما هو حقه بينما يوسف سيمنعه.. وبذلك يصبح موقفا عجيبا معقدا..
علت الموسيقي فجاة معلنا عن موعد الرقص.. بالفعل هلل بعض الرواد و قام بعضهم من مكانه ليرقص ومنهم من كان يرقص جلوسا من مكانه.. وبدأت الفتيات في الخروج و احدة تلو الاخري لتصعد لمكانها.. وكانت المفاجأة الصاعقة لجو هو ان شهد كانت بينهن.. لقد صعدت لمكانها وهي تبتسم ابتسامة عريضة و تشير الي المعجبين من الزبائن.. وبدأت فورا بالرقص.. التفت جو بسرعة ليري رد فعل عدوي.. كان عدوي فاغرا فاه ينظر غير مصدقا لشهد التي لم تراه بعد.. المسكين يبدو انه لم يتوقع ان يجدها امامه بتلك السهولة.. كان يضع احنمالا كبير ان زوزو كاذبة ..ولكنه فوجيء مثله مثل جو بخروج شهد و صعودها للرقص..
وقف يوسف وكل اعصابه مشدودة عن اخرها ..كان يرقب الموقف مستعدا لأي رد فعل من عدوي.. وقلبه يخفق في عنف.. لم يتخيل ان تلك اللحظة المتوقعة منذ لحظة ان اختبأت شهد عنده ستصيبه بكل هذا القلق و التوتر.. لم يقلقه عدوي ابدا في حياته.. و لكن الان هو قلق..قلق بشدة! ليس منه بل قلقا علي شهد..مازال ينظر لعدوي المذهول.. شعر ان دهرا مضي اثناء تلك اللحظات..
بحثت شهد سريعا عن مكان جو ونظرت اليه استعدادا لأن تكيده.. و لكنها وجدته محدقا في نقطة ما في الصالة وعلي وجه اهتمام رهيب.. بالطبع حولت نظرها بسرعة لتري مالذي اثار اهتمام (البيه) .. اصطدمت عيناها بتلك العينيان الكريهة المحدقة بها في لهفة.. العينان التي طالما عانت من نظراتها المتطفلة.. العينان التي تمقت هي صاحبها مقتا بالغا.. ويالـ الهول هاهو صاحبها يجلس بذاته امامها .. لا يفصلها عنه سوي امتار قليلة.. تراجعت للوراء ويكاد فكها يهوي مع قلبها الذي ربما هو ما تعثرت به علي الارض حتي كادت ان تسقط من فوق المساحة الصغيرة التي تعتليها.. لحقت نفسها قبل السقوط .. ثم قفزت في سرعة .. وفرت بسرعة متجهه لباب الصالة.. مما جعل عدوي يهب و اقفا و يتجه بسرعة الي حيث تجري هي ..اين المطواة الان؟.. ذلك الزي السخيف ليس به جيوبا..تعثرت و هي تجري بالحذاء ذو الكعب العالي.. شعرت انها بذلت كم من المجهود و لم تصل للباب بعد.. قامت و عاودت الجري.. لتجد عدوي يحيطها بذراعه قائلا:" وحشتيني يا بت يا شهد!"

اما جو فبمجرد ان رأي شهد تسرع للباب ..استدار للخواجة قائلا:" اعذرني يا ريس.. لازم الحق مصيبة!"
واسرع باتجاهها.. ولكن عدوي كان اسرع منه فامسك بها و قام بشبه حملها الي الخارج و هو يكتم نفسها.. كان ايضا قويا و لم تقدر عليه شهد..خرج بها الي سيارته العملاقة ذات الدفع الرباعي و فتح الباب ليلقي بها اولا ويدفعها ثم يدخل خلفها ..فتصبح هي علي الكرسي بجوار القائد بينما هو علي كرسي القائد .. و قبل ان يغلق القفل الابواب فوجيء بجو ينقض علي الباب ليفتحه و يدخل..فيصبح جو جالسا في الخلف.. اخرج عدوي مسدسا و صوبه الي رأس شهد قائلا بعد ان اغلق القفل:" كنت عارف انك لقيتها و طمعت فيها! و قال بتتهمني دايما اني واطي!"
جو:" الواطي اللي يرفع سلاح علي بت"
عدوي:" والله انا شايف بما انك جيت نطلع كلنا عل المعلم مرعي و هو اللي يقول مين اللي واطي!"
كانت شهد تبكي في صمت مذعورة.. غير مصدقة ان عدوي و جدها و ستمضي حياتها ملك له.. كانت تدرك جيدا ان جو مهما فعل من بطوله الان.. لا يجود لديه اي حق.. فهي هاربة و بالفعل ملكا لعدوي.. بل قد يقتله المعلم مرعي او حتي عدوي بدم بارد بحجة انه تعدي علي ملكيتهم و لن يلومهم لائم.."
قالت و سط دموعها:" نزله يا عدوي.. هو ماله؟ انا هربت منك و انت جبتني...ماله هو ومال المعلم ؟"
عدوي ضاحكا بانفعال:" يا سيييدي! ده الموضوع مش ناحيته بس! صبرك عليا بس اما نخلص منه.. وشك الحلو ده مش هيبانله ملامح و لا نسيتي!"
قالها و مر بكفه علي وجهها ليضايقها .. فدفعت يده بعنف فصفعها بقوة.. و بسرعة صوب صوب المسدس لرأسها و هو ينظر لجو مهددا قبل ان يتمكن جو من الانقاضاض عليه و تمزيقه من اجل ما فعل توا..
كان جو يرمقه بنظرات نارية .. يدرس الامر من كل الجوانب .. و قد كانت الصفعة و ما تلاها من بكاء شهد الصامت اشبه بطعنات نافذة في صدره..
قال و هو يضغط علي اسنانه:" طب ايه رأيك في صفقة؟ تاخد كام؟"
عدوي ساخرا:" معاك كام؟"
جو:" اللي تطلبه معابا اكتر من عشرة.."
نظر عدوي لشهد:"لا دانت طلعتي غاليه عنده اوي.. انا كحيان حياله دافع 3 بس و متنازل كمان عن نص اللي بتكسبيه للمعلم.. ليكي حق يدخل دماغك"
فقال جو بحدة:" كلمني انا! تاخد كام؟"
عدوي:" يعني يرضيك تاخد حاجة اخوك عينه فيها؟! "
جو:" يرضيك انت؟!"

عدوي :" خلاص ! مدام احنا اخوات نخسر بعض ليه عشانها؟.. احنا نخلص منها و نرتاح" وثبت فوهة المسدس الي رأسها.. فاغمضت شهد عينيها.. و هوي قلب يوسف
وصاح قائلا:" انت عبيط؟! بعد ما استنيتها سنين جاي تخلص منها دلوقتي! خلاص يا عم حلال عليك بس شيل البتاع ده!"
ضحك عدوي ساخرا:" بلعب معاكوا يا جدعان انت خدتوا الموضوع جد كده ليه؟." ونظر الي شهد ممثلا التعاطف :" خايف عليكي اوي.. يا سيدي علـعواطف!"
ثم عاد ينظر الي جو قائلا بجدية:" انس يا جو! شهد بتاعتي.. انا صبرت سنين لحد ماخدتها.. وانت مش عشان طيب و حنين و كلت عقلها بكلمتين هتفتكر انك ممكن تاخدها مني.. ساعتها انس بقي الاخوة! هموتك و ضميري مستريح"
ونظر الي شهد قائلا:" شهد انا بقلك اهه قدام واحد بعتبره اخويا.. لو جيتي معايا دلوقتي و سمعتي الكلام هتشوفي عيشة محصلتش و عدوي تاني غير اللي عرفتيه طول حياتك.. انا ناوي اجوزك يا بت! "
اتسعت عينا شهد ذهولا.. لم تتوقع ابدا ان يعرض عليها احد الزواج ابدا في حياتها ويوم ان يحدث يأتي ذلك العرض المقدس حلم كل فتاة علي وجه الارض من اكثر شخص تكرهه في الكون!
اكمل عدوي:" لكن هتعيش دور الهربانة.. هتشوفي معاملة اوسخ من كل الي شفتيه مني في حياتك..و في الاخر كده او كده.. هتفضلي معايا.. انا خلاص مشتريكي رسمي! اختاري يا بنت الحلال.. و انا بشهد جو اهه.. لو اتعدلتي لكون مجوزك!"
لوهلة شعر جو بالخوف.. لسبب غريب حقا.. ليس علي شهد و ليس لفوهة المسدس المصوبة لرأسها و ليس من جنون و عنف عدوي.. ولا بسبب الموقف المعقد الحاصل الان.. انما خشي ان توافق! خشي ان تري ما يعجبها في عرض عدوي.. الزواج هو امرا لا تحلم به اي فتاة مثلها.. برغم جمالها فهي مازالت سلعة .. و البيع و الشراء فيها مربحا للطرفين.. هل تصدق حقا انه سيتغير معها و يصبح شخصا افضل؟!! هل سيغريها عرض الزواج؟!!
نظر يتاملها.. مذهولة تنظر لعدوي.. دموعها تبلل و جنتيها و انفها الدقيق احمر مثل عينيها الغارقتان في الدموع.. اقسم بالله يا عدوي ان اجعلك تندم علي كل دمعة نزلت من عينها.. هكذا عاهد في سره! .. ما ردك يا شهد.. هل توافقين؟!!
قالت شهد بهدوء بصوت خنقته الدموع :" يا عدوي هتتجوز واحدة مش عايزاك!"
خرج نفسا كان محبوسا في صدر جو..
قال عدوي ببرود": كنت عارف انك فقرية و غاوية بهدلة!! و انا هوريكي بهدلة عمرك ما شفتيها!"
التفت الي جو و قال بعد ان فتح القفل:" انزل.. و قتك معانا انتهي.. انزل!"
نظر جو الي المسدس المصوب اليها و الي نظرات عدوي المجنونة..ثم الي شهد التي تبكي مرتجفة..فصاح عدوي مرة اخري بانفعال:" بقولك انزل بدل ما امتوها و بعدين اموتك و ارتاح منكوا!"
شعر جو ان رفض شهد لعدوي اصابه بالجنون و قد يصدر منه اي تصرف مؤذ لها.. هل يترجل و يتركها معه! ام ماذا؟؟
صاح عدوي بعد ان خبط فوهة المسدس بقوة علي رأس شهد التي صرخت الما:"هو انت مش سامع لا مش شايف ده! انزل بقولك!"
بالفعل نزل يوسف بهدوء شديد كان يحاول ان يعطي لنفسه فرصة للتفكير..
و اذ فجأةّّ صرخ عدوي الما.. لقد انتهزت شهد فرصة التفاته لجو و نزعت ولاعة السيارة الساخنة و غرستها في فخده.. ثم دفعت ذراعه الممسكة بالمسدس بعيدا و استدارت لتنزل من السيارة في سرعة.. انطلقت تعدو باتجاه المحل مرة اخري.. اما جو بعد ان وجه لكمة قوية لعدوي، لحق بها حيث ان بالداخل رفاق عدوي و قد يمسكون بها..
توجهت شهد سريعا الي حيث تضع حقيبتها و اخرجت المطواة .. لم ينتبه احدا لما قد حدث او ما يحدث فمرور فتاه تجري ليس شيئا ملفتا للدرجة.. ظهر لها عطا من مكان ما قائلا:" انتي فين يا شهد بقالك نص ساعة مش في مكانك! "
قالت له شهد ة هي تلهث محذرة:" اوعي من وشي يا راجل انت!"
صعقه ردها و بالفعل ازاحته من طريقها فابتعد مذهولا.. ثم و جدت بعدها يوسف مقبلا عليها و هي في منتصف الصالة.. وقف امامها يلهث .. لم يتحدث .. تأكد ان لا احد من رفقا عدوي بالصالة ثم قال:" جدعة يا بت!"
قالت باكية وبسرعة:"اشوف و شك بخير!"
امسكها قبل ان تذهب:" علي فين؟"
شهد:" ههرب منه تاني.. اطلع انت من الموضع عشان ميحصلكش مشاكل. انت هنا في بيتك و اكل عيشك.. مش عايزاك تضر.."
امسك بذراعها و جذبها الي حيث طاولة الخواجة و امرها الا تتحرك ..اقترب جو من الخواجة الذي نظر اليه منتظرا تفسير..
قال جو:" يا ريس.. لازم اكلم معاك.. الموضوع كبر!"
الخواجة:" دي تاني مرة تسيب مكانك عشان البنت دي!"
جو:" عشان اللي بيحصل مش جدعنة يا ريس و ميرضيش حد... انت عارفني كويس .. انا عمري ما صدر مني اي حاجة زي كده.. واوعدك يا ريس مش هيحصل تاني ابدا لو البت دي ملكي و تحت سيطرتي!"
الخواجة ببرود:"من امتي الجارد بيدخل ريسه في تفاصيل تافهة في حياته زي دي! انت نسيت نفسك!"
جو:" يا ريس انا مش بكلمك دلوقتي بصفك ريسي.. انا متعشم فيك تعتبرني اخوك الصغير.. انا فديت نفسي عشانك كتير با ريس!"
ابتسم الخواجة و قال:" طب خلصني من غير تفاصيل! عايز ايه عشان ترجع تركز تاني؟"
جو:" البنت بتاعة و احد مش عايز يبيعها! "
الخواجة:" بسيطة نبيعه!"
جو:" معاه كمان شريك.."
الخواجة مصرا:" نبيعه هو و الشريك!"
جو:" الشريك يبقي المعلم مرعي!"
الخواجة:"يعني دي البت اللي قالبوا الدنيا عليها؟!"
اومأ جو برأسه
الخواجة:" لا معلش يا جو.. انت كده هتعملنا ازمة! مش لازم البت دي خالص.. شوف غيرها و هدفعهالك هدية مني"
جو:" البت مش طايقة.. و متحامية فيا.. اخلي بيها يا ريس؟!"
الخواجة:" و من امتي البنات بيتاخد رأيهم يا جو؟ وهي كل ما تتباع هتنقي المشتري؟.. ده كلام فارغ و ميستاهلش اني اخسر عليه المعلم مرعي.. "
قطع كلامهم دخول عدوي للصالة و هو يصيح شاهرا مسدسه و ملوحا به:" شهد! انتي يا شهد!"
تدافع الناس للهروب من امامه و حدثت ربكة في الصالة و سط صراخ و ذعر..
عندما سمعت شهد اسمها انتفضت مكانها و اندفعت لتمسك بذراع جو وتتشبث به طالبة الحماية و الامان..
قال جو للخواجة في محاولة اخيرة:" شفت يا ريس اهو ده المجنون الي بهربها منه.. بص داخل بقلة ادب ازاي و لا عامل احترام للكبار اللي فلمكان.."
اصاب حديث يوسف هدفه.. فقد تحدث الخواجة الي عدوي من مكانه بنبرة باردة يملوءها الكبر:" انت يا بني انت! صوتك يوطي و سلاحك ينزل لما تبقي في حضور الخواجة! لو مش متعلم الادب نعلمهولك!"
كان عدوي عصبيا جنونيا و لما التفت الي الخواجة ليجد شهد تقف بقربه مع جو.. تخيل ان الخواجة في صفهما ينصرهما و يحميها..
فقال:" ااااه .. ده كمين بقي..عايزين تلهفوا البت مني.. لكن انا مش هسكت.. شهد بتاعتي و هاخدها غصب عن عين الكبير فيكوا"
قال الخواجة:" غصب عن مين يا واد انت؟؟! و اضح انك فعلا محتاج تتعلم الادب.." واشار الي رجاله منفذي الاوامر قائلا:" علموه الادب"
بالفعل توجه اليه رجال الخواجة زملاء جو.. الا انه صوب المسدس باتجاههم و اطلق طلقة عشوائية لم تصب احد و هو يقول:" اللي هيقرب هيموت!"
فقاموا جميعا باشهار اسلحتهم في وجهه.. كان موقفه ضعيفا هم خمسة و هو احد..
قال الخواجة:" خدوه برة.. عايزه يرجع للمعلم بتاعه مفيهوش حتة سليمة.. عشان يتعلم يكلم اسياده ازاي"
تنفست شهد الصعداء .. لم تكن تصدق ان الموقف انقلب لينتهي تلك النهاية الرائعة.. الا انها قد تسرعت.. فقد قام عدوي بحركة اكروباتية و افلت من الخمسة رجال متجها الناحية المعاكسة لهم و قفز فوق بعض الطاولات وسلاحه مازال في يده.. كان متجها حيث كانت شهد و جو و الخواجة..صوبه باتجاههم و صاح و هو يقفز علي اخر طاولة قربهم:" لو مخدتكيش هموتك يا شهد!" و هم بالضغط علي الزناد.. و لكنه لم يضغط بل سقط فجأة قرب اقدامهم وسالت من جسده دماءا.. بينما وقف جو مصدوما ومازالت يده مرفوعة بها المسدس الذي اطلق منه تلك الطلقة التي اصابت عدوي.. هز الخواجة جسد عدوي بقدمه، فاصدرعدوي تأوها عاليا.. فقال الخواجة:" مامتش.."
ثم امر رجاله:"شيلوه ودوه في اي داهية يتعالج و لما يخف يتبعت لمعلمه.. "
ثم ستدار لجو و قال:" جدع يا واد .. مين عارف الطلقة اللي كان هيضربها كانت هتيحي في مين.. تصدق انك اول مرة تضرب من المسدس ده! انا جايبهولك بقالي اد ايه؟!! عمرك ما ضربت منه علي حد.. جدع ضربت في الوقت الصح.. بس يا خسارة الواد مامتش.. ابقي نشن عدل المرة الجاية!"
لم يدر الخواجة ان نشان جو كان (عدل) و لم يكن خطأ..
نظر الخواجة الي شهد التي مازالت منزعجة و مضطربة جراء كل ما حدث وقال لجو:" انا عارف هكافئك بأيه المرة دي.. اعتبر الموضوع اللي طلبته خلص!"
التقت فورا جو لشهد وقال :" مش عايزة تخشي لسمر تشربي حاجة جوة و تهدي شوية؟" اومأت شهد برأسها في توتر و ذهبت الي المطبخ بدون ان تتحدث..
فعاد جو لحديثه مع الخواجة، قال بلهفة:" بجد يا ريس؟ ازاي!"
الخواجة:" الواد ده اتجراء ورقع سلاحه واتهجم عليا في منطقتي و لا لأ؟"
جو:" حصل"
الخواجة:" خلاص وانا مسكته و صادرت كل املاكه و هبعتوا عريان لمعلمه! انت دلوقتي بتكلم المالك الجديد!"
توجس جو قليلا فقد خشي ان يطمع فيها الخواجة هو الاخر..
ولكن الخواجة قال مبتسما:"هات تمنها.. و مش هكرمك في مليم!!"
لم يصدق جو نفسه فقال:"اؤمرني.. الي تقول عليه"
الخواجة:" مش هاخد منك فلوس.. بس مش هديك مرتب لمدة 3 شهور.. "
جو سعيدا:" موافق! متشكر اوي يا ريس.."
الخواجة :"اطلبلي بقي المعلم مرعي بتاعها ده.. في كلمتين عايز اقلهمله.."
وبالفعل حدثه حديث شديد اللهجة و اخبره ما حدث و ان شهد اصبحت ملكا له بعد صادر ممتلكات عدوي و طالب باعتذار منه عما بدر من صبيه قليل الادب و عديم الاخلاق..
وكان رد مرعي هو انه تنصل تماما من انتساب عدوي لجماعته..و اخبره ان ما بينهم هو علاقة عمل سطحية.. وتظلم طالبا اطلاق سراح شهد ففي ذلك خسارة له.. فاخبره الخواجة انه لم يعد بامكانه حتي اعادة النظر في الامر فقد باع شهد للتو.. واقترح ان ربما عليه ان يبحث بمعرفته عنها و يفاوض من اجل اعادة شرائها مرة اخري..فالامر لم يعد بيده..
كان جو يستمع الي المكالمة .. ليتاكد ان لا ذيولا باقية في الامر و ان شهد بالفعل رسميا صارت ملكه..
كان مازال غير مصدقا..سرح و هو يتابع النادلات و العمال يعيدون ترتيب المكان ، و رواد الصالة يتحدثون في صخب حول ما حدث، بينما كان عطا يحاول ادارة الازمة و تهدئة الاوضاع...في نهاية الامرمثل تلك الاحداث ليست جديدة علي المكان و لن يمر ساعة قبل ان يعود كل شيء لطبيعته .. كان هو يفكر بعمق في رد فعل شهد .. كيف سيخبرها؟ هل ستفرح؟ كان هو فرحا علي ايه حال..
تذكر كيف ضغط علي الزناد و اطلق ارصاص..كان يعتقد ان هذا امرا ليس بامكانه فعله.. كما قال الخواجة هو لم يطلق رصاصة من هذا المسدس قط.. و لم يكن ينو.. و لكنه عندما رأي المسدس مصوب نحو شهد و عدوي علي وشك الضغط علي الزناد.. وجد نفسه تلقائيا يطلق هو عليه ليحمي شهد.. حاول الا يقتله و نجح.. فهو لن يسامح نفسه ان قتل عدوي.. او اي انسانا.. كانت مجاذفة.. و لكن حياة شهد تستحق ان يجاذف حتي بحياته هو نفسه من اجلها.. ابتسم مرة اخري في سعادة .. لقد اصبحت ملكه

4/22/2011

اللصة :: (8)

في اليوم التالي عندما ذهبت شهد للمحل، وما ان دخلت المطبخ حتي وجدت سمر بدون اي تبرير تسحبها من يدها في سرعة الي الباب وواربته لتسمح بالرؤية وهي تشير في عصبية الي مندو الذي وقف في الصالة يحدث عطا بينما الاجزاء السفلية من وجهه قد كساها لون احمر مالوف ونفس اللون يلطخ احدي يديه
وعادت سمر لتسحبها للداخل وقالت :"ابن الحرامية!!! امبارح كان القبض.. ده هو اللي مقبضني بايده .. انا حطيت الفلوس في الدرج و معاهم البتاع اللي ادتيهولي ده و سبتهم و خرجت عشان يبقي كمين.. و بعدها لما رجعت ملقتيهمش، مشيت انا و البت مرفت جارتي نلف علي جار جار ندور علي حد لونه احمر ملقتناش و نمت متنكده اخر نكد و بدعي عليكي عشان شورتك المهببة.. قوم اجي الصبح الاقي المتنيل علي عينيه ده و شه و ايده متلونين.. البيه جيه متاخر بعديا الصبح و مش عايز يوريني خلقته من ساعة ما شرف"
شهد:"روحيله انت .. دبي عينك في وشه واسالية من ايه ده... خليه يعرف انك كاشفاه ...هدديه انك هتفضحيه لو مرجعش الفلوس .. ولا اقولك سبيهولي انا.. انا نفسي افرقع في حد!!"
سمر:" انت صحيح محكتيش امبارح كان مالك؟"
حكت لها شهد ما حدث تفصيليا وبرغم من انها اثناء الحديث ابدت ضيقها الا ان سمر كانت تسمع بسعادة وحماس وقالت بعد ان سمعت الي النهاية:" وانت يا هبلة مضايقة؟؟؟ امال زوزو بقي تعمل ايه؟ تروح تنتحر؟!"
شهد:" يسلام ماهو في الاخر كلمها يطمن عليها"
سمر:"يا بت متصدمنيش فيكي دانا بقول عليكي نبيهة.. بقي هو كان مكلم يطمن علي زوزو برضه؟؟!!"
قلبت شهد شفتها السفلية و اشاحت وجهها وكانها لا تهتم
فقالت سمر:" لا دانت بجد طلعتي مبتفهميش حاجة.. امال بس عاملالي فيها صايعة .. بقي جو هيكلم يطمن علي زوزو.. علي اساس انه بيقلق عليها قوي.. وانه كل يوم كان بيستناها يروحها.. وانه بيتعصب لما تطلع ترقص.. اه ه ه ده حتي راح اداها كلمتين في جنباها من غيظه"
عادت شهد تنظر اليها و قد فهمت التلميح الساخر وقالت:" يعني هو كان بيكلمها هي يسأل عليا انا؟؟ كانت قالت .. او كان حتي هيبان عليها انها اتفرست.. "
سمر:" لا دانت طلعتي مش بس مبتفهميش كمان ساذجة؟؟.. انا هضيع وقتي معاكي افهمك؟؟!.. امشي اتكلي علي الله انا وريا شغل .. امشي.. انا ناقصاكي مش كفاية عليا ابن الحرامية ..امشي"
ودفعتها دفع حتي انصرفت شهد ضاحكة من انفعالها المبالغ فيه.
القت نظرة علي مندو ثم تحسست جيبها حيث ترقد مطواتها الجديدة.. لنري ماذا نفعل معك يا ندل.. وبعد ان انهي حديثه مع عطا استدار ليجدها تطيل النظر اليه اصابه التوتر و الحرج ووضع كفه علي ذقنه في موضع الصبغة الحمراء.. توجهت شهد اليه و اقتربت منه قالئلة:" ايه الحلاوة دي يا واد مندو..الاحمر هياكل من وشك حتة.. "
فقال مندو محاولا ان يبدوا ثابتا و علي طبيعته الجافة:" لا خفيفة اوي با بت.. دي علبة دوكو ادلقت عليا.."
شهد متصنعة الدهشة:" يا خبر!! ولا عرفتش تمسحها.. لا تعالا معايا امسحهالك.." وو جذبته من يده في اتجاه باب المطبخ..
فاوقفها قائلا:" لا اصل حاولت كتير امبارح فوشي بيحرقني.. خليها تروح مع الوقت"
شهد:"يحرقك ايه يا واد متسترجل بأة.. عموما متخافش انا معايا في الحمام حاجة هتريحك خالص.."
ما ان ادرك انها تقصد الحمام و ليس المطبخ حيث توجد سمر، ترك نفسه لتجره شهد الي الحمام..
و ما دخلا معا حمام السيدات مارين باب المطبخ.. حتي وقف هو يتأمل وجهه في المراة بينما اخرجت شهد من حقيبتها زجاجة عطر.. و بسرعة اخرجت المطواة وقالت بشراسة محذرة:" ابعد عن الباب!!"
فوجيء مندو و ابتعد عن الباب ممتثلا في ذهول .. قامت هي باغلاق الباب بالقفل..
لوحت بالزجاجة و قالت:" انا مش قلتلك .. لو زعلت سمر تاني هشوه وشك بمية نار؟؟! بتسرق زميلتك يا ندل!! مش كنت عايز تنضف وشك.. تعالالي.. انا هنضفهولك!" وقامت بفتح الزجاجة..
فصرخ مندو كالفتيات و هم بالتوجه للباب.. فصاحت شهد:" اثبت .. بدل ما ثبتك بدي" مشيرة الي المطواة في يدها..
حاول شخصا من الخارج فتح الباب فاشارت شهد بالمطواة لمندو ان يخرس.. حاول الشخص عدة مرات ثم يأس..
وقف مندو في ركن الحمام المتوسط الحجم يرتجف.. فقالت شهد محذرة وهي تقترب منه:" الفلوس ياد.. فين فلوس سمر؟؟!"
مندو متسائلا في ذعر:" هتشوهي و شي برضه بعد ما اقلك؟"
شهد:" هفكر.. اخلص ياد.. متعصبنيش .. انا لما بتعصب ايدي بتترعش.. " و قامت بتحريك الزجاجة الصغيرة في يدها بصورة عشوائية. فصرخ مندو محاولا تفادي اي نقطة قد تسقط منها.
***

عندما وصل جو و جد مرة اخري تلك الفتاة سمر تناديه فتوجه اليها، ماذا لديها من مصيبة هذه المرة..
ما ان اقترب حتي قالت بصوت مذعور مشيرة الي الحمام:" كويس اني لقيتك.. والنبي تلحق شهد احسن انا لسة سامعة صريخ"
اكملت و جو متجها الي الحمام معها دون كلام:" اصلي شفتها ساحبة مندو علي جوة و شكله اذاها ابن المؤذية"
وقف جو لحظة و استدار اليها وسأل:" ساحباة ازاي يعني..؟!!" ما وصل الي فهمه جعله يتردد في فتح الباب قبل ان يستمع لكلام الفتاة المعتوهة..
سمر:" اصله سرقني و شهد كانت عايزة تجبلي حقي.. بس من ساعة ما سمعت الصريخ .. حاولت افتح الباب لقيته مسكوك.. انت وقفت ليه؟ اكسر الباب!.."
و بالفعل قام جو بمحاولة فتح الباب ليجده مسكوكا.. فصاح:" افتح يا مندو!"
فلم يأته اي رد فعل.. فنظر الي سمر و قال :" انتي متأكده من كلامك؟.. انا هكسر الباب!.. ده باب الحمام الحريمي!.. انتي مستوعبة؟!"
فقالت سمر:" والله شهد و مندو جوة انا شايفاهم.. اكسر ليكون عمل فيها حاجة"
و بالفعل قام بدفع الباب بكتفه مرة فالثانية فانفتح الباب ليجد مندو مثبتا في ركن الحمام وبيده بعض النقود و شهد تقف امامه بيديها المطواة و الزجاجة..ما ان رأه مندو حتي صاح مستنجدا:" الحقني يا جو.دي معاها مية نار!."
لم يعرف جو ان كان يقيم هذا كمشهد ضاحك ام مشهد مؤسف.. ود لو يقوم بصفع شهد و سمر صفعتين لاصابته بهذا التوتر..
قال جو لشهد متعجبا مستنكرا:" ايه بلطجي صغير؟! ارحمي نفسك! هاتي الازازة اللي معاكي دي بدل ما تئذي حد"
نزعت شهد من يد مندو النقود واعادت المطواة الي جيبها ثم توجهت لسمر و سلمتها النقود.. وقالت:" خدي يا روحي.. عدي فلوسك.. " ثم قالت لها ببرود و هي تنظر الي مندو.. "مش عايزة كلونيا.؟. دي مستوردة يا بت.." ثم و ضعت قليلا من الزجاجة علي يدها و مسحت به علي رقبتها ثم رقبة سمر و هي تنظر ببرود لمندو الذي كان مازال تحت تأثير الذعر.. حتي انه امسك بذراع جو دون وعي.. فنظر اليه جو باحتقار و قال:" هي دي مية النار اللي كنت خايف منها.. اوعي كده.. جاتكو القرف كلكوا"

وخرج تاركا ثلاثتهم ... اثنتان منهم غارقتان في نوبة من الضحك.. و الثالث مصاب بالذعر الذي بدأ يتحول لغضب بعد ان ادرك ما فعلته به شهد للتو.. و ما اشعل غضبه هو ضحكهما عليه.. وفاجأة انقض علي شهد كان مباغتا و مخالف لكل التوقعات.. لذا لم يتسني لشهد حتي ان تدير راسها.. دفعها نحو الحائط بغل بينما هي تقاومه في شراسه و سمر بدورها تهاجمه من الخلف.. كان مندوا يجز علي اسنانه و ممسكا برقبة شهد محاولا الضغط عليها تارة او يكيل اليها صفعة طائشة تارة اخري.. كان غاضبا بحق..
صار صوت جلبتهم عالية مما اعاد جو مرة اخري و دفع البعض من من كانوا في الصالة بالقاء نظرة..
عندما رأي جو منظر مندو ممسكا بشهد انتابته الرغبة في قتله و هو قادرا علي ذلك ، الا انه تمالك نفسه و صاح فيه :" شيل ايدك يا مندو!" التفت اليه مندو قبل ان يترك شهد فقد افاقته الصيحة من نوبه الغضب و ادرك تماما موقفه و انه ليس في مقدوره الدخول في معركة مع يوسف.. لذا تركها و دخل المطبخ غاضبا و قد سمعوا صوت تحطم شيئا ما في الداخل.. لعله كسر صحنا..
اتي عطا مسرعا و قد امر برفع صوت الموسيقي الصاخبة و صعود الفتيات و بالفعل نجح في تشتيت ذهن رواد الصالة عن ما يحدث بالداخل قرب المطبخ.. ثم اتي اليهم قائلا:" جري ايه؟؟ بتهببوا ايه؟" و اشار الي سمر:" انتي مش في المطبخ ليه؟"
و الي شهد:" وانتي مش بتجهزي ليه؟؟ خلاص هتطلعي دلوقتي!"
خرج مندو من المطبخ عندما سمع صوت عمه و قال:" يرضريك يا ريس البت شهد تثبتني بمطوة في الحمام؟!"
كادت شهد ان تنقض عليه لولا ان جو امسك بها فقالت:" كمان بتشتكي يا حرامي يا بو عين بجحة!!"
نظر اليها جو نظرة " طب قولي كلام غير ده"
ولكنها استمرت في الشجار قائلة بانفعال:" يظهر الجرعة في الحمام كانت قليلة .. تعالي انا هوريك يا ندل يا بجح!"
استدار لها يوسف فجأة و صاح بها:" اسكتي بقي ! ولا كلمة.. لما ابقي واقف بقك ميتفتحش!"
وما ادي لعجب الجميع انها صمتت و كأن شخصا نزع منها الفيشة..
فقال عطا:" في ايه يا جو؟"
اطلق جو يده لتقتنص ياقة مندو و تأتي به ليواجهه و قال لعطا مشيرا بوجهه لمندو بنبرة محذرة غاضبة:" الواد ده لو ايده اتمد تاني علي شهد ..هكون مريحك منه! انا مسكت نفسي عنه المرة دي.." قال جملته الاخيرة و هو يهز مندو من الياقة في عصبية..
وقفت شهد فاغرة فاها.. تنظر لجو .. كان لا يُصَدق.. لقد خرج الجميع من الكادر وبدا هو وحده وسيما قويا بتلك العروق النافرة في رقبته العريضة والتي تشير الي اي مدي هو عصبي.. عصبي من اجلها.. غاضبا متوعدا..علي وشك الفتك بمن سولت له نفسه ان يضايقها.. احست برغبة عارمة في ان تتعلق بذراعه القوية المفتولة .. وان تلقي كل همومها اليه لكي يفعل بها ما يفعل الان بمندو.. لربما سمعت في حياتها عن اصحاب الشهامة و لكنها لم تقابلهم الا نادرا و لكنها لم تسمع ابدا عن شيء كهذا.. شيء يصف ما تراه في يوسف.. انها تخشاه و لكنه مصدرا للحماية.. عنيف و عصبي.. و لكن نظراته الحنونة تخبرها ان الدنيا بخير..لم تعهد ان يهتم احدا بها مثله فاهتمامه بها كفتاة ولكن ليس كأنثي.. نعم ليس كانثي ..اهذا شيء جيد؟؟! تداخل فجأة الاخرين و عادوا للكادر مع جو و قد صاح عطا حائرا¬
:" فهموني بس.. مين ضرب مين؟؟"
فقامت سمر بقص ما حدث لعطا..
فما كان من عطا ان صفع ابن اخيه علي كتفه عدة صفعات مؤنبا بعبارات:" واطي زي امك" ، "فاضحني دايما" ، "عمرك ما هتسترجل" ثم اطمأن من سمر:" مش رجعلك حقك ؟!"
ولما اجابت بنعم نهرها للعودة للعمل هي و مندو بعد ان حذرهم من فتح الموضوع مرة اخري..
وكذلك لشهد:"يلا شهد اطلعي .. ده اكل عيش.. وحقك عليا ...بس انتي برضه استقويتي عليه قوي و هو مهما كان راجل وانتي بنت.. كرمته نقحت عليه" كتمت شهد ضحكة ساخرة عندما قال عطا علي مندو"راجل" و اومأت برأسها في امتثال فتركهما عطا و عاد للصالة
فقال لها جو:" مش غريبة شوية انك بتتخانقي مع مندو و تقوليلوا يا حرامي.. ده حتي ابن كارك"
شهد مستنكرة:" فشر! كاري ده ايه؟؟ هو انا بسرق بنات شقيانين ؟؟! لأ و ايه زمايلي كمان.. ده ندل و خسيس"
جو:" لأ شريفة اوي!"
شهد:" اسم الله علي شيخ المنصر اللي انت بتحرسه .. بقولك ايه؟ لا تعايرني و لا اعايرك.. انا قفشت علي مندو علشان الجدعنة مش السرقة ، وحق البت الغلبانة! انما انا وانت جدعان منتقارنش بالعالم دي"
جو:" انا وانتا؟ في جملة و احدة وكدة؟! انتي هتقارني نفسك بيا كمان.. "
شهد ساخرة:" لأ العفوا.. انا زيي زي المليون بت اللي تتمنا تتحط معاك في جملة.. بقولك ايه؟ متعبي شريط بالكلمتين دول.. والنبي هيبيع"
جو:" كفاية لماضة.. لأ.. ووالنبي كفاية بلطجة.. انتي فاهمة الدنيا غلط يا شهد.. فاتحة الصدر دي و البلطجة مش شطارة...هتترني علقة فيوم بسبب غشامتك دي"
قالت شهد بمرارة:" لأ انت اللي فاهم غلط.. العُلق اللي خدتها هي الي خلتني مباخافش.."
صمت.. ضايقه قولها.. لم يعرف لم.. ولكن السيرة قبضت صدره
فعادت شهد لتقول:" كفاية رغي باة ورايا شغل.."
همت بالانصراف الا انها وجدت ذراعا تثبتها مكانها..فاستدرات لصاحب الذراع مستفهمة.. لتجده لا ينظر اليها من الاساس.. بل موجها نظره للفراغ امامه..فقالت متعجبة:" في حاجة يا جو.. سيب ايدي.. عايزة امشي"
بقي جو ممسكا بها لبرهة دون ان ينظر اليها و كانه يفكر بعمق ثم تركها..
انصرفت متعجبه لتصرفه..
اما يوسف فقد وقف سارحا فيها بينما هي تذهب امام ناظريه .. ود لو لم يتركها تذهب.. كيف تركها تذهب لترقص بارادته هكذا؟!! كانت مشاعره متضاربة بشده.. يلوم نفسه لانه لم يمنعها.. وشاعرا بالعجز عن تنفيذ امرا يتمناه بشده.. لمذا لم يمنعها ؟؟!
ما بك يا جو ؟ و كيف تمنعها ؟؟! ابسط رد سيكون سؤلا مستنكرا عن شائنك بالامر.. هيا اجب! حقا ما شانك انت؟؟!! حسنا ..لحظة صراحة مع النفس.. انت تهتم لأمرها.. شعورك بالمسؤلية و القلق عليها يحتمان عليك فعل شيئا ما في هذا الامر.. تري هل ينسف مكانها حتي لا تجد مكانا تقف لترقص فيه.. ام ربما يضع لها سما في الطعام حتي لا تتمكن من الرقص.. بال الافضل ان يفجر المكان برمته حتي تفقد وظيفتها تماما.. ربما لو بقي ممسكا بذراعها قبل قليل لما تمكنت من الذهاب.. نعم و سيصير هو مثل الاحمق.. ولكنها علي الاقل لن تذهب في اخر الامر.. ما هذا الذي تقوله يا جو؟؟ مبروك لقد اضافت شهد لصفاتك لفظا جديدا بجانب مختلا اصبحت معتوها!
لنعود للصراحة.. هو فعلا يود ان يمسك بها مجازيا .. بل يحتاج لما يجعله ممسكا بها.. متحكما فيها.. تلك الفتاة تحتاج لرادع..

***

صعدت شهد الي مكانها و اندمجت مع الموسيقي و بقية الفتيات .. و بعد دقائق بدأت النقود تمطر..
كانت تفكر انها لم تعد متلهفة لعودة الريس عبود.. بامكانها البقاء هكذا لوقت اطول، العمل رائع و مجزي و جو يوميا موجود.. لا يعلم الا الله كم مرة ستراه عندما تنضم الي الريس عبود.. ليته لا يعود سريعا..
لا حظت تعمده في عدم النظر اليها.. كان هذا الامر يصيبها بالغيظ.. قررت الا تهتم به حاليا و لتبقي تركيزها في النقود .. فبرغم ما يبدي جو من اهتمام،  فهي تدرك جيدا ان النقود ابقي، فهي ظهرها و سندها في نهاية الامر.. حسنا لنركز مع هذا الرجل، يبدو ثريا و مغيبا.. هيا شهد قومي بعصره ليخرج كل نقوده.. و هكذا بدات تضحك له .. و تغازله عن بعد.. متبعة الروتين المعتاد ..

***

بعد ان انهت زوزو مكالمة هاتفية اثناء و جودها في مركز التجميل، كانت عصبية غاضبة اشعلت سيجارة فسألتها احدي الفتيات :" مين كلمك فور دمك كده؟"
زوزو بعصبية:" ده كمان بيتخانقلها؟!! " ثم نظرت للهاتف و هي تنفث الدخان في عصبية وضعظت زر الاتصال ثم انزوت بعيدا و تحدثت بصوت خفيض منفعل:" ايه يا برنس..انت مش هتهجم و لاايه؟؟ فينك؟"
عدوي:" انت مش قلتيلي فوت كما يوم؟؟"
زوزو:" كفاية كده.. روح بقي احسن البت مزة و في الف بيشاغلوها.. هتروح متلاقيهاش!"
عدوي:" قصدك حد معين؟"
زوزو:" قصدك انت حدووووود معينة"
عدوي:" اصل انا شاكك في حد انه مخبيها عليا سألته في بنات جديدة عند عطا قالي لأ.. يا تري مين فيكوا اللي بيكدب؟"
زوزو:" والله روح واتأكد بعنيك.. و بعدين اللي قالك ده اكيد عينه منها.. انما انا هكدب ليه؟؟"
عدوي :" خلاص هتلاقيني طابب قريب.. و مش هقلك امتي.. خليها مفاجأة.. "
وقفت زوزو سارحة بعد انتهاء المكالمة.. تعيد في رأسها ما قُص عليها الليلة عن ما حدث من دفاع جو عن شهد و تحذيره لمندو.. ضغطت علي الهاتف في غل و عصبية..
***
كان جو يستمع الي تعليقات من حوله من الزملاء علي ذلك الرجل الذي صار يلقي برزم النقود الي شهد و شهد فقط.. بل كانوا يتراهنون انه سيخرج المزيد كلما توقف..ويتصايحون في انبهار كلما فعل.. علي مضض القي جو نظرة عليه.. كان يرقص مثل الدراويش.. بدا عليه السكر الشديد.. كان ينظر لاعلي حيث ترقص شهد و يرسل لها القبلات في الهواء .. كانت تبتسم في مرح و تقبل كفها وتنثر القبلات كاحدي نجمات المسرح.. هل ظنت حقا انها فنانة؟! لم يكن المنظر في حد ذاته الذي ضايقه .. فتلك المشاهد المثيرة للغثيان و التي تتمثل في استغلال شهد لمعجب ولهان وربما سكران ..تتكرر كل دقيقة .. لذا كان يتعمد ان يدير ظهره.. انما ما اقلقه هو تصرفات الرجل.. كان انتباهه محصورا مع شهد فقط و كان يخرج النقود في عدم و عي.. وكان يقترب من مكانها تدريجيا.. تفحصه.. ليجده مثل الثور..ضخم طويل و عريض .. حسنا ..ضع ثورا مغيب العقل امام فاتنة ترسل له القبلات.. تحصل علي مأساة.. بقي متابعا الموقف علي اعصابه.. كل من حوله يتضاحكون علي الرجل...وهو وسطهم عاقدا حاجبية متوتر.. لم تفعل به هذا؟! انها ترقص و تضحك بلا ادني اهتمام.. كيف لها الا تدرك ما يمكن ان تتعرض له ، وهي الشكاكة المتربصة؟!

***

كانت شهد تري الرجل يقترب.. كانت فخورة بكم النقود التي اخرجتها منه.. كانت تنظر ضاحكة في فخر لزميلاتها اللاتي كن مبهورات و يضحكن علي الرجل المغيب.. عندما توقف عن اخراج المزيد من النقود و التي بديهيا ان تكون نفذت.. استمر في الرقص و الاقتراب.. هنا بدأت شهد تتسائل لم يقترب الان ..واضح انه لن يعطيها المزيد.. نظرت الي زميلاتها عن بعد متسائلة.. اشارت لها احداهن الي الحارس الضخم الذي يقف قرب الباب.. وكانها تقول ان احتجتيه اشيري اليه. بالفعل تمكنت من لفت انتباهه اليها دون ان تثير انتباه ااخريبن.. اشارت الي الرجل الذي و قف يرقص كالموتي الاحياء بقربها.. فاشار اليها الحارس بما يفيد ان الامر لا يستحق تدخله الان.. و لكن عينه ستكون عليه.. استمرت شهد في الرقص و قد اصابها التوتر ..كان الرجل يحدثها بصوت عالي.. يناديها لتنزل.. كان قريبا بشدة.. هي الان مدركة ان موقفا سخيفا سيحدث.. لا يوجد شك في انه علي و شك الصعود اليها.. ولكن زوزو قد اكدت لها قبلا ان الحارس هنا خبير في انهاء هذه المواقف ..فهو قادر علي انقاذ الموقف بلا احراج او شوشرة.. كانت نظرها حائرا بين الرجل السكران و الحارس الذي بدا منشغلا في البوابة.. كانت منتظرة لحظة تدخله..
وفي اللحظة المناسبة توقفت الموسيقي الصاخبة لتبداء اخري اكثر هدوئا معلنة عن فترة راحة من الرقص للفتيات و الزبائن.. تفست شهد الصعداء .. الا ان الرجل لم يهتم بتوقف الموسيقي و لا بعودة الناس للمقاعد و لا بنزول الفتيات بل بقي و اقفا مكانه يطلب من شهد النزول اليه.. وقفت شهد حائرة تنظر اليه في احراج و تلفتت حولها عل احدي الفتيات تخبرها بالتصرف السليم .. كان الحارس ينظر اليها عن بعد في برود.. و لما اشارت اليه مرة اخري.. اشار لها بنفس الاشارة ان الامر لا يستحق تدخله فلتحله بمعرفتها..
حسبت شهد الامر ، ان نزلت الان في هدوء الي الرجل وتخلصت منه في سلاسة هو افضل من ان تثير جلبة وتاتي بالحارس.. كانت متوترة حقا قبل ان تنزل فعلا.. تري كيف ستنسحب؟؟
نزلت بخفة لتجد الرجل شيه متلقفا..

***

"طبعا ..دا بعد كل اللي طلعه ..اقل واجب انها تنزله".. كان هذا تعليق احد زملاء جو علي شهد و هي تهم بالنزول.. لقد رأي جو الاشارات المتبادلة بين شهد و الحراس و نظرات التوجس في عينيها.. ادرك انها خائفة.. وانها علي وشك فعل امرا غبيا من امورها.. و بالفعل نزلت مباشرة الي الرجل.. ماذا تظن نفسها فاعلة؟! هل رأت فعلا ان له حقا ما بعد كل ما دفع؟!! و لكن التوتر البادي عليها لا يدل علي انها متحمسة حتي للحديث مع الرجل.. كاد ان يقذف نارا من اذنيه حين رأي الرجل يحاول ان يحاوطها بذراعيه .. و هي تتراجع بلباقة.. حقا هي تبتسم؟! كيف لم تصفعه؟ (ولا هي المطواة تترفع علينا احنا بس؟؟!!!) .. شهد انت تلعبين بالنار! اشاح بوجهه بعيدا لكي يمنح دمائه الفرصة لتتكثف  بعد ان اصبحت بخارا ينفث في عروقه..
"علي فكرة شكلها بتحاول تخلع بس مش عارفة" كان هذا تعليقا اخر.. ثم تلاه:" و هو ابتدي يتغابي عليها"
التفت سريعا ليري ان الرجل يجذب شهد من يدها في قوة متوجها للخارج ..بينما هي تتقافز مقاومة .. و تحدثه في استسماح وهي تتلفت حولها باحثة عن مغيث.. لقد ادركت ما اوقعت نفسها فيه.. ذلك الثور العملاق قرر ان ياخذ ما ظن انه اشتراه للتو الي بيته ربما .. وقبل ان يصل بها قرب الباب وقفت لتسحب يدها في عنف معلنة التمرد علي اي لباقة و ليحدث ما يحدث. كان الرجل غير مدركا لشيء ، فما كن منه الا ان امسك ذراعها بقوة اكثر و عنفا ليستمر في سحبها بينما هي تقاوم..
وهنا كانت سيطرة جو علي نفسه قد انتهت.. سار بخطوات عصبية سريعة الي حيث كان الرجل محاولا ان يعدل توازنه بينما يمسك بشهد و قد هم الحارس بالتوجه اليه اخيرا ليحدثه.. تهللت اسارير شهد لدي رؤيتها لجو.. و ما رأت علي وجه من غضب.. تاكد لها ان ما سحدث سيكون كبيرا.. بالفعل بدون اي مقدما قام جو بنزع يد شهد من الرجل ودفعها لتصير بقوة الدفعة واقفة خلفه.. فما كان من الرجل الثور المغيب الذي صار غاضبا من فعلة جو ان انقض علي جو ليتعارك معه.. كان بطيئا غير متوازن مما جعل جو يبتعد عن طريقه بسلاسلة فيوشك الرجل علي السقوط و لكنه يوازن نفسه و يستدير ليواجه جو و هو يصيح و يسبه سبابا بشعا و يتوعده بضرب مبرح.
طبعا انتبه الجميع الي ما يحدث.. و تدخل الحارس ليحاول تهدئة الرجل و اقناعه بالرحيل وقال لجو :" خلاص يا جو هتعمل عقلك بواحد عقله مسافر.." و لكن جو صاح في الحارس:" انت تخرس خالص كنت قاعدلي مستني ايه؟؟ لما ياخدها و يخرج؟؟!!"
فغضب الحارس و صاح به بدوره:" وانت مالك؟؟ هتدخل في شغلي؟!"
جوفي قمة الغضب:" ادخل و اديك علي دماغك .. لما تفضل عامل عبيط و انت شايفه كل ده و ساكت.. ايه ؟ هو شافك بحاجة و لا ايه؟؟"
عند قول جو احمرت عينا الحارس و هجم علي جو ليضربه.. و ايضا الرجل السكران توازن و انقض بدوره علي جو.. برغم ضخامة كليهما وغضبهما.. الا ان جو كال للرجل لكمة واحدة وضع بها جام غضبه فسقط فاقد الوعي بينما تعارك مع الحارس و انتهي الامر ايضا بان سقط الحارس ووجهه مضجرا بالدماء ممسكا بانفه متألما.. لم يأخذ الامر سوي بضع دقائق..
كل هذا و سط صراخ الحضور و محاولة عطا و زملاء جو للفض بينهم .. وقفت شهد عن بعد منبهرة ببطلها الذي راح يكيل اللكمات من اجلها.. لو كانت لديها اما تحكي لها في الصغر الحواديت لعرفت ان ما تشعر به هو احساس الاميرة التي انقذها الفارس من الاشرار.. لم تفكر الان في العواقب التابعة .. كل ما شعرت به هو الانبهار..
انتهي الامر سريعا .. و حُمل الرجل الي الخرج بينما ذهب الحارس لمكان ما ليُعتني به طبيا .. اما شهد فقد اشار لها عطا لتذهب لحجرة الفتيات بينما عاد جو مع زملائه حيث طاولة الخواجة الذي كان ما يزال موجودا و شاهدا علي كل ما حدث..
في طريقه الي الطاولة حيث الخواجة..ادرك جو ان تلك هي اللحظة التي خشاها من البداية.. ان عمله الان حقا علي المحك.. مبروك يا جو الان ستجعلك شهد بالاضافة الي مختلا و معتوها.. عاطلا!
اشار له الخواجة لكي يقترب منه و يجلس بجواره، فامتثل جو.. كان حانقا بسبب كل ما حدث.. و قد بدا كله علي وجهه .
الخواجة ببروده المعتاد:" من امتي بيبان عليك انك متضايق؟"
صمت جو ..كان منتظرا وابل من اللوم يتليه قرار بالاستغناء عن خدماته..
الخواجة:" مش دي البت الجديدة اياها؟"
اومأ جو برأسه و قد ازداد انعاقاد حاجبيه الغاضبين..
الخواجة:" وانت بقي سبت اللي مفروض تركز فيه و ركزت في مين اللي خدها و مين اللي ضايقها؟"
قال جو بعد تردد:" لا انا فعلا ماكنتش باصص عليها .. لكن لما سمعتهم كلهم بيكلموا عن اللي بيحصل وهاني ابن (...) واقف علي البوابة عامل فيها اطرش.. ميخلصكش اعد ساكت يا ريس"
الخواجة بهدوء ساخرا:" فكمان ايه.. قمت سايب مكانك و رحت تدخل في خناقة!"
صمت جو.. الخواجة محقا.. الجارد لا يصح ان ينشغل عن عمله او يترك مكانه لينساق في امر مثل شجار..
قال الخواجة و علي وجهه شبح ابتسامة:" دلوقتي اقل حاجة انك توريني عرض كتافك! لكن  الكلام ده لو كان حد غيرك.. هعتبر اللي حصل غلطة مش هتتكرر!"
حاول جو الابتسام فقد كان سعيدا بقول الخواجة ولكنه كان مازال تحت تاثير الانفعال و الغضب ابت شفتيه ان تبتسم.. و لكنه اكتفي بشكر الخواجة و الاعتذار.. كان يشعر بالمهانة لاضطراره الوقوف في هذا الموقف السخيف حيث يتم تانيبه علي اهماله..
فقال الخواجة في كلمة اخيرة:" و كمان عشان عاذرك .. البت تستاهل.. عندك نظر يا واد"
اومأ جو برأسه مرة اخري..وهو ينهض ليتمركز في مكانه المعتاد.. لم يكن يحتمل ذكر سيرة شهد تماما الان.. كان حانقا عليها بشدة .. لو ظهرت امامه الان لكال لها لكمة اقوي من التي اخذها ذاك الرجل الثور.. الافضل لك ياشهد ان تخفي عن جهه الان!

4/18/2011

هناك شيئا ما..

حاول النوم لم يستطع .. هناك شيئا ما.. تبا للاكل قبل النوم.. كلما حاول اغماض جفنيه لسبب ما ..يفتحان..وكأن مخه منفردا يرسل لهما اشارة بالبقاء مفتوحين.... سيأخذك علي (قد عقلك) ايها المخ.. فلتبقيا مفتوحان يا جفنيه ان اردتما و ولكنه سينام شئتم ام ابيتم!.. فكل شيء معدا للنوم ..البيت خالي.. هاديء تماما بلا صوت.. درجة حرارة الغرفة مناسبة تماما .. و الظلام يسود.. نعم الظلام.. حتي وان كانت هناك ظلالا.. تلك الظلال التي تترامي في ارجاء المكان نظرا لوجود تسريبات خافتة لضوء بمكان ما بالخارج.. اي كان كنهِكِ ..سينام.. فهو مرهق و قد انتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر.. ولكنه مازال غير قادرا علي النوم..هناك شيئا ما..
دار بعينه في الغرفة علي سبيل تمضية الوقت.. لعله إن ابعد عن رأسه فكرة النوم، اتاه مباغتا.. حتي في الظلام الامر جلياً..كم هو مهمل؟؟ ملابسه في كومة فوق ظهر كرسي المكتب.. فلنلتمس له العذر كان مرهقا، فالقاها.. من المضحك ان وضعيتها تصنع كيان جالسا علي الكرسي.. الاعيب البصر المرهق في الظلام.. و تلك المرآة.. ان اوان تغييرها.. فهي قديمة قدم الدهور..صورتها مشوهه و النظر اليها صباحا يصيب بالاحباط ، ويجعل المرء قبيحا اكثر مما هو عليه... حتي الان انعكاس الحجرة فيها يظهر خيالات لاشياءاً ليست موجودة بالمرة.. هل تحركت احدي الخيالات؟؟ يالخداع البصري والارهاق.. يجب عليه النوم الان .. ولكن لم صارت فكرة النوم غير محَبَذة الان؟؟ هناك شيئا ما..
شد الغطاء علي جسده الممدد علي السرير.. هل زادت برودة الغرفة؟! حتي انت يا درجة الحرارة تتأمرين عليه.. الا يحترم احد رغبة انسان مرهق في النوم؟.. ولكن اين النوم الان؟؟ لقد انشغل فكره تماما بتلك الظلال انها تاخذ اشكالا .. فليسلي نفسه بتمييز كل شكل..هذه تبدوا فعلا علي هيئة شخص.. شخص برأس ضخم و جسد ضئيل.. ابتسم ساخرا و هو يتخيل لو كان للظل صاحب حقيقي.. لبدا مرعبا بحق.. اما هذا فيبدوا وكان صاحبه شخص برأس حيوان.. حيوان بأذنين عالية طويلة.. ام ربما قرون.. انها حقا معقوفة مثل القرون ..لقد صرت تهذي تماما.. انت مرهق نم!
لم سرت تلك القشعريرة الباردة في موخرة رأسك؟؟ هل اخافتك الظلال؟؟ ام انها درجة حرارة الجو المستمرة في الانخفاض؟؟ ام ان ما اخافك هو تلك الخيالات في المرآة؟؟ لقد تشكلت .. و يالصدفة ان احدها اتخذ شكل رأس عملاقة فوق جسد صغير.. واخر هو لرأس مرعب لديه قرونا شيطانية.. لو كان شخص اخر هنا ، لقال ان تلك الظلال تخص تلك الخيالات!.. غريبة انها تظهر بظهرها للمرآة.. لابد ان تدع عقلك المتعب يرتاح.. ما هذه التخيلات المريضة.. انت مرهق بشدة.. ما كان يجب اتتناول ذلك العشاء الدسم..
البرودة تزداد.. لقد تدثر حتي وجهه مبقيا مسافة لانفه تتنفس.. هنا تحت الغطاء حيث الدفء و الظلام الدامس.. والامان.. والهدوء.. انعما بالنوم الان يا جسده و عقله.. و لكن هناك شيئا ما.. بذكر الهدوء.. ما هذا الصوت؟؟
انه صوت خافت .. يكاد الا يُسمع .. ولكن الهدوء الشديد في الحجرة جعله واضحا.. هو صرير ممزوجا بتكتكة.. رفع الغطاء من علي وجهه متوقعا ان يري مشهدا من فيلم رعب حيث يفتح الباب ببط مسربا ضوء مصفّرا ومن خلاله يدخل الشر.. ولكنه رأي شيئا اخر.. شيء جعله يبتلع لعابه بصوت مسموع.. و يشعر بقلبه و هو ينزل نزلولا الي امعاءه.. كومة الملابس التي تتخذ هيئة شخص..اتذكرونها؟؟ كانت تستمع بالدوران البطيء بكرسي المكتب.. كان هذا هو صوت الصرير.. الكرسي يدور ببط حاملا ما بدا انه .. لن نقول انسانا.. فاالإنس لا يتكونون من مجموعة ملابس ملقاة باهمال علي كرسي المكتب...حسنا! فلنكتفي بهذا القدر من الظلام..حان و قت ايقاد النور.. وذلك يعني النهوض و عبور الحجرة الي الحائط المقابل حيث زر النور بجوار الباب.. الامر يحتاج تماسك.. فالفزع والاضطراب لن يفيدا احدا.. ثم كيف سيفسر للجيران عندما يملاء الدنيا صراخا بان كومة ملابس علي الكرسي هاجمته..لربما صاحت به احدي الجارات:" هذا من جنس عملك يا مهمل!" ثم تذكر شيئا اخر.. ليس لديه جيران!.. شقته في عمارة جديدة لم تكتمل، انها تلك المناطق الغير مأهولة بعد... ليكن..النور هو الحل... قام مرتجفا من السرير...لم يدر ان كانت البرودة ام الخوف السبب في الرجفة.. القي نظرة علي الزر البعيد الغير واضح في الظلام.. لقد ضغط عليه قبل قليل بكامل ارادته معلنا رفضه لأي ضوء.. والان يستجديه عن ان يضييء النور من تلقاء نفسه.. النور الجميل ..موضح الاشياء .. قاتل الخيالات..
نهض واقفا ليصبح مواجها للمرآة علي الحائط المقابل.. دقق النظر اليها.. مازالت الخيالات تبدوا فيها بظهرها، ولكن هناك شيئا ما... بدت اصغر.. خيرا.. هذا يعني انها تتلاشي.. الم نقل انه مرهق ويتصور اشيائا؟!...لا لحظة! انها تصغر وكانها سارت مبتعدة عن المرآة.. نظر الي الظلال علي الارض و جد مكانها قد تغير لقد صارت قربه.. اعاد نظر للمرآة من مكانه عن بعد.. اذا كان ظهر تلك الاشياء هو للمرآة .. فإلى اين وجهها؟ 
"الظل يتبع صاحبه".. رنت في رأسه تلك الجملة و هو ينظر مرتجفا للظلال علي الارض و هي تحاوطه علي بعد خطوة منه .. ان كانت كانت تلك الظلال هي ظلالها.. اذن...

4/15/2011

ثلاثة حواديت قصيرة ..

غباء امرأة

احبته بشدة .. اخبرها انه يحب اخرى فاستمرت في حبه.. قالت لنفسها انها قادرة ان تنسيه الاخرى.. اخبرها أن لا يوجد ابدا واحدة تستطيع ان تملأ فراغ الاخرى.. قالت لنفسها انه يهذي من اثر الصدمة ولم ترحل.. انتقدها في كل تصرف.. قالت انه يحب المثالية و لا ضير من ارضاءه.. اخبرها ان بقاءها معه يمنعه من التقدم في حياته العملية.. بقيت بجواره بدون وعود منه و اثبتت له العكس.. كانت تشعر بالانتصار كلما بحث عنها او سأل عليها.. ظنت انها اثبتت لنفسها ولكل من لاموها انها كانت علي حق.. صارت اتصالاته لا تنقطع.. وصارفرحها يزيد.. و لكن الفرح لم يشغلها ابدا عن التركيز في تنفيذ كل ما يطلبه بدقة .. انه يحب المثالية اتذكرون؟.. كانت تخرج لسانها في و جه الناصحون و تقول لهم " ان حياته بدوني ..سيرك.. لا يجيد عمل شيئا من دوني" ..اطمائنت الي انها وصلت الي قلبه اخيراً فقد صار يريدها أن تلازمه دائماً... إلى أن اتى اليوم الذي عرض عليها ذلك العرض والذي سبقه مقدمة طويلة ملخصها هو عدم استطاعته فعل شيئا من دونها ..أخذت نفسا عميقا و حبسته استعداداً.. ها قد حانت اللحظة التي طالما تمنتها.. سحقا لكم ايها اللائمون و الناصحون و الاصدقاء المخلصون!.. فلتأتوا الان لتروا باعينكم لحظة المجد!.. امسك يديها و قال:" يجب ان اضمن بقائك بجواري رسميا.. لم اعد اثق في شخص سواك.. انا بحاجة اليك الان اكثر من اي وقت مضي ..لذا يشرفني ان اعرض عليكي وظيفة مساعدتي الخاصة.. و لكِ مطلق الصلاحيات في ادارة العمل.... اريد التفرغ لاتمام امر زواجي و احتاج شخصا اثق به لالقي علي عاتقه بالمسؤلية.. هل تقبلين؟"
                                                 
                                                               ***

مشوار الي الحائط

عندما ألح عليها في الارتباط اخبرته ان الامر مخالف لمبادئها.. إما ارتباط رسمي و إما لا.. عندما اخبرها أن هذا لا يزيدها سوى احتراماً في عينيه... شعرت الإعجاب نحوه..
عندما طلب منها الخروج لمكان لمناقشة بعض أُمورهما الخاصة .. اخبرته انها ذويها لن يعجبهم الأمر.. وعندما استفهم عن ضرورة معرفتهم .. اخبرته انها إن نوت اخفاء امراً إذن فهو مما لاشك فيه امر لا يصح.. وعندما اخبرها انه كان إختبارا لأخلاقِها و قد نجحت فيه بشدة....زاد فخرها بنفسها و ازداد اعجابها و ثقتها فيه..
عندما اخبرته انها تُشرك امها في حياتها و تخبرها عن كل ما يحدث في يومها .. طلب منها ان تحكي لأُمها عنه.. فرحت بشدة فهذا لا يعني سوي نيته الخالصة السليمة..
عندما سألتها امها في توجس عن اخلاقه و عن مخطط حياته.. تحولت هي لمحامي الدفاع عنه.. اخبرتها عن نبله و عن اهدافه العظيمة و خطته المستقبلية الحكيمة و التي تشملها شخصيا عن قريب..
عندما ألح عليها ثانياً بشدة أن تخرج معه.. قابلته بضع مرات.. باعتبار ما سيكون.. عندما حكت لبضع صديقات عنه.. بل ربما قابلتهن به و هي فخورة.. حسدها الجميع.. فامتلأت فخرا و صارت تخبر العالم كله عنه ..
وعندما اخبرت امها ابيها بالامر علي استحياء.. قال الأب عن نفسه أنه متفتح الذهن و الزمن غير الزمن و لا مانع في ان يحدثه من باب التعارف.. إلى أن يحين الموعد المنتظر.. حتي يصير الأمر أمام أعينهم وتحت رِقابتهم..
وعندما صارهو يتصل في البيت بثقة ويسلم علي كل من يرد عليه في ترحاب.. كانت هي تتخيل ما سيكون عليه الحال بعد ان يصير ايضا وجوده بشخصه في البيت امرا رسميا.. فكان قلبها يخفق في حماس..
عندما حدثه ابيها بِاحترام وكإنه ابنه.. وسأل عن احواله و مستقبله في كلام عام.. اجابه أنه علي وشك البدء في حياته وتحدث بلباقة ايضا في سياق عام..
عندما سألها ابيها عن انطباعها عنه .. اخبرته بدون تفكير انه احسن من قابلت في حياتها فليس لإخلاقه مثيل ..
ولكن عندما اخبرها هو في يوم انه غير راض تماما عن تصرفها و تصرف اهلها المنحل و سماحهم له بكل ما سمحوا بدون اي ارتباط رسمي وانه قد قرر الانفصال عنها.. مرت علاقتهما امام عينيها - بينما هي تسمعه- ورأته وهو يأخذها من يدها في مشوار سريع (لتلبس) في الحائط!
       
                                                             ***

 غيرة؟ ..


كانت عادية.. لا فاتنة و لا قبيحة.. مرحة؟ نعم.. لطيفة؟ جدا.. مهذبة و محترمة.. لفتت نظره ..كانا يعملان بنفس الادارة، تعينا معا في نفس الشهر.. نشيطة و ذكية وتجيد حل المشاكل وارضاء جميع الاطراف.. حتي ان المدير صار يعطيها ثقة اكثر من الجميع ويسند اليها المهام التي تحتاج الي موظف محنك.. تقرب هو منها تدريجا حتي نما بينهم الحب.. كانت تستمتع طوال النهار بغيرته الرجولية حين ينقلب وجه ان دخل احد الزملاء و ابتسمت له في مرح.. و(يزغر) لها ان خرجت مكالمة هاتفية لاحد الزملاء عن الكلام في العمل...ثم صار يؤنبها إن اطالت الوقت عند المدير.. و كان يغضب ان حدثها المدير هاتفيا بعد مواعيد العمل ليذكرها بامر ما او يسأل عن شيئا ما.. حتي صار ينتقد ملابسها و زينتها برغم من اعتدالها.. وصارت مشاكلهم تتفاقم منحصرة في غضبه و غيرته من كل موقف يحدث اثناء العمل.. كان يجبرها علي الاعتذار عن اي مأمورية خارجية بحجة انه يخاف عليها.. و ان حضرت اجتماعا يظل يرسل لها رسائل علي الهاتف محذرا من ان تكون مرحة مع احد وربما يمر ذهابا و ايابا امام الحائط الزجاجي لغرفة الاجتماعت حتي تراه و تعرف انه يراقبها.. كان كل هذا يفقدها تركيذها في الاجتماع و يجعلها تغفل نقاطا هامة في ما تعرض او تناقش.. عندما دخل عليهم المدير مبشرا بأن جائهم برنامج تدريبيا في الخارج وسيذهب اليه موظفان اثنين فقط من كل الشركة.. وقد رشحها هي و موظف اخر بادارة اخري لكفائتهم.. كانت ثورته مساءا عارمة .. هددها ان وافقت علي السفر فالتعتبرها نهايتهم معا.. قالت مستقبلي.. قال انا مستقبلك..و لا اسمح لزوجتي المستقبلية بالسفر بمفردها.. دمعت و هي تخبر مديرها بقرار رفضها.. كانت تقدم له تنازل تلو الاخر حتي تكبح جماح غيرته.. كانت تقول لنفسها ان غيرته دليل حبه.. في يوم حدثها المدير من خارج المكتب و طلب منها ان تدخل مكتبه لتقراء له بريد الكتورني هام.. و بالفعل بعد ان انتهت وقبل ان تخرج ، لفت نظرها عنوان رسالة بريدية مرسلة منه.. حبيبها الذي تثق به.. كان يخبر المدير عن مدي رغبته في يذهب هو الي ذلك اليرنامج التدريبي و انها ستكون فرصة رائعة لمستقبله المهني، ويطمع في موافقة المدير بعد كل ما بذله من جهد من اجل العمل.. و ما ابهرها ان وجدت رسالة اخري من مديرها لمدير إدارة (التدريب) تقول بالنص:
 "صباح الخير يا عزيزي، خطابي هذا بصفة غير رسمية حيث اني اعلم ان الموعد النهائي قد فات، واننا قد سبق و ارسلنا لك الاسم و لكني ارغب في تغير المرشحة .. يبدوا اني تسرعت بترشيحها ..لقد بدأت كالموظفة المثالية ولكن يبدوا انها كانت تلفت النظر ليس الا ، فقد صارت تتكاسل في المأموريات الخارجية و تتحجج وتنفقد التركيز في الاجتماعات الهامة و تعامل كل الزملاء بجفاء و تعال..جائتني منها اكثر من شكوي.. برجاء استبدال اسمها باسم زميلها في الادارة الذي كان يقوم بما كانت تهمل هي من مهام فهو اجدر منها ، ولنجعل الامر بيننا يا صديقي، وشكرا"

4/06/2011

اللصة :: (7) شهد في الكـلََـب


بعد ان انتهت السهرة و انصرف الجميع، قالت زوزو لشهد بينما تلملمان اثار الحفل:
"هو انت يا شهد كنت بتعملي ايه قبل ما تيجي هنا؟ كنتي بتشتغلي ايه؟؟"
شهد:" كنت مع ابويا..."
زوزو بصبر نافذ:" فهمت يا روحي قصة ابوكي دي خلاص! انتي .. انتي كانت شغلتك ايه؟؟"
شهد:" علي باب الله.. اقلب رزقي لما تيجي مصلحة.."
اغاظ زوزو ردها المفتوح الغير محدد.. ولكنها تخطت الامر وقالت:" طب ايه رأيك حيث ان جو عرف انك هنا وخلاص، تطلعي معانا في الصالة؟؟"
اعجبت شهد الفكرة جدا فهي لم تنسي للحظة النقود التي كانت تلقي للفتيات، كما انها ايضا فرصة رائعة لتكون بقرب جو يوميا..
فقالت:" ياريت.. معاكي من بكرة.."
زوزو:" اتفقنا.. " ثم عادت لتقول و هي تتوجه لسريرها وتجلس عليه بينما تقوم بنزع بنسات الشعر من رأسها :" الا قوليلي.. انتي مش مرتبطة.. مفيش حد كده و لاكده؟"
شهد وقد توجهت لفرشتها بدورها :" لا ..مفيش.. هو الواحد فاضي"
زوزو بتأكيد واضح:" انا بقي في! .. عارفة مين؟"
ادركت شهد الام ترمي فسألت:" جو؟"
زوزو:" طب مانت نبيهة اهه؟"
شهد وقد قررت اللعب علي نفس الموجة، فقالت بابتسامة تتصنع البراءة:"ربنا يسعدكم.. بس كان باين عليه قافل منك انهاردة.. خير زعلانين ولا ايه؟"
زوزو بتفاخر:" اصله بيغير عليا من السهرات دي موت.. غلبت افهمه انها اكل عيش ليا و للبنات.. بس هعمل ايه ..دمه حامي... عشان كده بعملها من وراه.. قاموهو طب عشان يقفشني زي ما شفتي كده"
شهد:" معلش بكره تتصالحوا.. جو ده اصله حنين قوي.. ربنا يخليهولك..انا شفت حنيته بعيني.. مقولكيش بيعمل معايا ايه؟؟ ده فاضل يأكلني الاكل في بقي.. ده البنات عند عطا مكانوش مصدقين حتي اسأليهم.. الله يكرمه..كل ده عشان ابويا موصيه عليا.. اصيل والله"
اطالت زوزو النظر اليها و كأنها تحاول احراقها بشعاع بصري ثم قالت:" تصبحي علي خير يا شهد!" و اخمدت رأسها علي الوسادة
قالت شهد و هي تمنع ابتسامة تشفي:" وانت من اهله يا روحي.."
                        ***

بعد مجهود ليس كبيرا تحصلت زوزو علي ذلك الرقم الذي فيه الخلاص من شهد.. انه رقم هاتف .. قامت بالاتصال به اثناء وجودها في مركز التجميل حيث تعمل..
اتاها صوته:" الو.."
زوزو:" عدوي؟"
عدوي:" مين؟"
زوزو:" انا زوزو.. مش فاكرني؟ بشتغل عند عطا.."
فصمت عدوي محاولا التذكر..
فقالت هي:" اخص عليك.. دانت بتتبسط اوي عندنا.. انا من البنات اللي بترقص..."
كان يذكر عطا و الفتيات الراقصات و لكنه لم يتذكر ايهم زوزو تحديدا ولكنه تسائل:" طب وايه اللي فكرك بيا يا زوزو؟ وجبتي نمرتي منين؟"
زوزو:" اللي يسأل ميتوهش.. انا عرفت انك ضايع منك حاجة.. و ميخلصنيش اسيبك تدور و انا عارفة مكانها.."
فربط عدوي فجأة بين محل عطا الذي يقع في منطقة الريس عبود و ما تشير هي اليه، فقال بسرعة:" انطقي بسرعة انا مش فاضي لفوازير الحريم دي!"
زوزو:" لأ ..اضمن حلاوتي الاول.."
عدوي:" ليكي كل اللي تطلبيه..بس خلصي"
زوزو:"من الاخر انا عارفة طريق شهد"
عدوي و قد بدأ يخفق قلبه فقال:" بجد يا بت و ولا نصباية؟ لو بتكذبي مش هرحمك"
زوزو:" عيب الكلام ده.. طب بأمارة حزامك اللي كنت بتعلم عليها بيه"
عدوي بلهفة:" هي فين؟"
زوزو:"هوصلك لحد عندها... بس شرط سيرتي متجيش في اي حاجة! هي بترقص عند عطا، اسمع .. متجيش كده علطول من اول يوم احسن شكلها مفقوس اوي.. استني كام يوم.. كأن حد شافها هناك وبلغك او كانك جاي بالصدفة تسهر.. ولو شوفتي تعمل مش عارفني.. انا مش عايزة مشاكل معاه.."
عدوي مستفهما:" مع مين؟"
همت زوزو ان تخبره بأمر جو و عن صلته بشهد.. الا انها قدرت ان ذلك لن يجلب الا مشاكل اكثر بينها و بين جو، كما انها معلومة غير هامة..
فقالت مصححة:" معاها.. معها هي.. شهد! اصلها زميلتي"
عدوي:" طب و غدرتي بيها ليه؟"
زوزو بخبث:"انا هسيبك انت اللي ترد علي السؤال ده بالحلاوة بتاعتي.."
فضحك عدوي و قال مادحا ايها:" واطية يا بت.. اموت انا في المصلحة.. دانا هظبتك.. بس بعد ما تبقي هي في ايدي"
                              ***
في اليوم التالي توجهت شهد الي ذلك السوق الذي اخذها اليه جو مرة.. كانت ترغب في شراء بعض الاغراض و لانها لم تنسي وعدها لصديقتها سمر الذي تذكرته اثناء وجودها هناك، فقد بحثت عن من تستطيع ايجاد مبتغاها لديه..
و بالفعل وجدت ذلك (الخن) الذي يقف به شاب وقد تراصت امامه علي منضدة اشياء غريبة الشكل بعضها يشبه قطع الغيار دقيقة الحجم و قطع معدنية اخري، كانت شهد تعرف كنه كل تلك الاشياء.. لذا ادركت ان ما تبحث عنه سيكون لديه..
وقفت امامه و قالت:" عندك صواريخ الوان؟"
ابتسم الشاب و قد اثار اعجابه ان تعرف فتاة بمظهر شهد تلك الاشياء..
فقال مازحا:" بابا اللي باعتك؟"
وجهت له شهد نظرة صارمة و قالت:" انت هتهرج معايا؟!.. اخلص! عندك ولا لأ؟؟"
الشاب:" طيب خلاص متبقيش حمقية كده.. عيزاهم من انهو مقاس؟"
شهد:" صغيرين.."
توجه الشاب لداخل ذلك المحل الصغير وبدا البحث عن طلبها في وسط بعض العلب المكومة ..
وقفت شهد تتفحص القطع المعدينة علي الطاولة.. كانت كلها قطع غيار تستخدم في ادوات تعرفها جيدا و قد استخدمتها كثير في اقتحام البيوت، او فتح السيارات..
"بتعملي ايه هنا يا شهد؟؟"
استدارت شهد لتجد حمادة صديق جو
ابتسمت له فلسبب ما شعرت بالسعادة لرؤيته..مما اثار عجبه فهي في السابق لم تبادله سوي الكلمات و النظرات القاسية و سكين ..
شهد:" اذيك يا حمادة؟ انا بجيب شوية حجات؟"
نظر مستنكرا مندهشا وتسائل و هو يشير الي ذلك المحل:" من هنا؟؟!!"
شهد:" ايوة .. واحدة صحبتي طلبتهم مني.. ايه المشكلة؟"
حمادة:" محسساني انك وقافة قدام الخردواتي بتشتري زراير.. وهو اصحابك كمان زيك كده؟!!"
شهد مازحة:" زيي يعني ايه يا واد؟..قصدك ايه؟؟!!"
وهنا خرج البائع و في يده عدد من ما طلبته شهد ووضعهم امامها علي المنضدة وقال:" كده يبقي سبعين جندي"
ثم وجدها تحدث حمادة فقال:" الله؟ تبعك دي حمادة؟ انت اللي باعتها ولا ايه؟"
فاحتدت عليه شهد:" متتلم ياد بدل ما ادفنك هنا فلمحل بابتاعك.. من ده اللي يبعتني.. ايه مش مالية عينيك؟؟ تحب املاهالك بالقرن غزال بتاعي؟؟"
فتدخل حمادة:" خلاص يا شهد مش قصده.. اسكت ياد.. شهد تبع جو"
فالتفت شهد لحمادة و قالت بحدة شديدة وانفعال:" برضه هيقولي تبع!! انا مش تبع حد! هو انا مش مالية عينكوا ولا ايه؟"
فقال الشاب مهدئا ايها مازحا:" خلاص يا ستي .. حقك علي راسي ..داني تملي عين الباشا"
فتدخل حمادة قائلا:" انت هتعاكس و لا ايه؟ بقولك جو.. جو!"
فرفع الشاب يده معلنا عن تخليه عن اي شيء يخصها ، بل اعطاها كيس به الصواريخ و قال:" هدية.. مش عايز تمنهم"
الا ان شهد القت اليه النقود وقالت باحتقار:" هتبقشش عليا ولا ايه؟"
فسحبها حمادة من امام الشاب و قال:" جري ايه يا شهد.. المفروض انك هربانة.. امال لو عايزة الناس كلها تشوفك هتعملي ايه؟؟"
مشيت معه و قالت :" مانا اصلي بتعصب من اللي يستقل بيا.."
حمادة:"كنت ابلعيها يا ستي .. مش لازم تلمي الناس عليكي.. و بعدين لامؤاخذة.. لما يتقال عنك تبع جو ميبقاش باستقل بيكي.. ده مليون..."
قاطعته شهد:" مليون بت تتمني تبقي تبع جو.. حفظتها!"
مدت و سبقته وهي تقول:" سلام بقي عشان الحق.. عقبال عندك انهاردة اول يوم اطلع عند عطا.."
لم يفهم حمادة فسألها و هي تبتعد:" تطلعي تعملي ايه؟؟"
استدارت له شهد بوجه ضاحكة و قامت بتحريك و سطها كناية عن الرقص.. ثم لوحت له عن بعد و عادت لطريقها..

                       ***
جو:" احلف!"
حمادة:" و النعمة.. يارب انطس في وشي !"
صمت جو لبرهة يستوعب الخبر ، لم يعرف ان كان خبرا سعيدا ام مؤسفا؟؟
لنفكر بهدوء.. شهد ستعود للعمل عند عطا.. حسنا (لحد هنا) هو الخبر السعيد.. لترقص مع الفتيات .. ذلك هو الامر الذي سبب له الضيق..
لم؟؟.. لانها عرضة لان يجدها عدوي؟؟ لا.. هذا الامر يأتي في اخر القائمة.. لان عمله سيتأثر بها؟؟ ليس من المفترض ان يحدث هذا، فهي لم تعد مسؤليته و ليس عليه ان يقلق بشأنها.. لانها ستكون فرجة لكل الاوغاد في الصالة ؟ و لم عساه ان يضايقه امرا كهذا.. هي ليست محسوبة عليه.. و لن تكون بصحبته.. ثم ان هذا اختيارها، ان لم تعبأ هي لأمر كهذا لم عليه ان يهتم هو؟ اذن يا يوسف ما سبب ضيقك؟؟؟
جو:" قالت من الليلة؟"
اومأ حمادة برأسه..
فليكن يا شهد..
                         ***
بعد ان تحدثت زوزو الي عطا الذي قبل عمل شهد بمنتهي الترحاب. و قبل ان تدخل شهد مع زميلاتها الي غرفتهن الخاصة داخل المحل ، توجهت الي المطبخ حيث كانت سمر، بعد السلام الحار اعطتها الصواريخ و اخبرتها طريقة استخدامها ..ثم تحدثت معها قليلا حيث ان مندو قد يعود في اي لحظة ..
سمر:" احكيلي ..جو طب عليكوا في السهرة بتاعة زوزو؟؟ كان باين عليه متنكد اوي"
شهد:" وانتي ايشعرفك؟"
حكت لها سمر سريعا ما حدث بينها و بين يوسف الي ان اتي مندو ليقطع الحديث و ينهر سمر فما كان من شهد الا ان نهرته بدورها و هددته ان ضايق سمر مرة اخري ستنظره في الخارج لتشوه وجهه.. وخرجت تاركة اياه مذهولا من قولها..
في غرفة الفتيات .. كن جميعا في انتظار موعد البدء.. كان بعضهن تستعد و تتزين و اخريات يجلسن للتدخدين بينهن زوزو، دخلت عليهن شهد فرحبت بها زوزو و عرفتها الي بقية الفتيات.. رحبن بها وخصوصا الفتاتان الاتي كانتا شاهدتان علي واقعة الطعام في المطبخ.. كانت شهد في نظرهم حاصلة علي شرف عظيم تستحقة نظرا لجمالها الذي بدا في احسن صوره بعد ان ازالت اوساخ المطبخ و وارتدت مثلهن ملابس مثيرة..
جلست شهد وسطهم واشتركت معهم في احاديث متنوعة.. كانت متشوقة لرؤية جو..
                          ***
وصل جو للصالة مع الخواجة كعادة كل ليلة .. توجه الخواجة لطاولة من كان علي موعد بهم للحديث في شؤن العمل، وجو ملاصق له يؤدي مهمته علي اكمل وجه.. لم يكن حائرا يبحث عن شهد.. فهو يعلم مسبقا انها ستظهر عاجلا ام اجلا فوق احد تلك الاركان.. القي نظرة علي رواد المكان يستكشف نوعيتهم.. وجد نفسه يحاول تخمين من منهم سيطيل النظر اكثر و من قد يسبب مشكلة و من قد يغازلها ومن قد ...يعجبها!.. حسنا.. لنا هنا وقفة يا يوسف! ها انت تشغل بالك بامور ليس لك فيها اي شان!! فلتنضم لصفوف المتفرجين و تتابعها كسائر الموجدين.. مثلها مثل زوزو و بقية الفتيات.. ولم تتابعها من الاساس؟ فلتتنتبه لعملك!
رن هاتفه انه عدوي..
جو:" نعم!.."
عدوي:" اذيك يا واد؟"
جو:" خلص.. مكلم ليه؟ في جديد؟"
عدوي:" عادي.. هو مفيش غير موضوع البت دي في الدنيا؟!.. بقولك اخبار الكلَب بتاع عطا عندكوا ايه؟ اصلي كنت عايز اسهر مع اصحابي.. مفيش مزز جديدة؟"
توجس جو من السؤال.. اهي صدفة ام وصله خبر ما؟؟
فقال:" لا ..همة همة نفس الخلق.. ولا جديد و لا نيلة الواحد زهق"
عدوي:".. يعني اخدهم حتة تاني؟؟ معقولة مفيش بنات جديدة جت من ساعة اخر مرة كن عندكوا؟؟!.. عطا بيفلس ولا ايه؟؟ "
جو:" بلا قرف يا شيخ ..هنا ملل اوي يا عم انا لولا باجي عشان الشغل مكنتش جيت.."
عدوي:" ماشي و ولو اني كنت نفسي اشوفك.."
جو بتقزز:" نفسك تشوفني؟!! تصدق معدتي قلبت.. اقفل ..اقفل انا ورايا شغل"
وكنهاية معظم مكالماتهم التي تنتهي بقول "اقفل!" اغلق يوسف الخط..
حيره امر المكالمة ، و لكن عدوي لم يعد يقلقه فشهد امام عينيه الان.. حسنا يجب ان نعترف ان هناك حسنة لوجودها في الصالة..
اخيرا تحولت الموسيقي الهادئة الي صاخبة مما يعني صعود الفتيات.. هاهي تخرج ضاحكة في وسطهن ، مبهرة ..جذابة جدا.. ود لو يذهب اليها و يخبرها كم هي جميلة حقا، ثم ان تلك الملابس تجعلها مغرية بشدة.. احس فجأة بضيق في صدره.. و سخونة الدماء في راسه.. (يا رب صبرني علي الليله السودة دي) هكذا تمتم .. اشارت لها زوزو الي مكانها فتوجهت اليه و صعدت تابعت زميلاتها في الحركات.. بدي عليها التوتر قليلا و لكنها في خلال دقائق اصبحت و كانها ترقص فوق هذا الركن العالي منذ الطفولة.. كانت ترتجل حركات ثم تعود لتؤدي معهن حركات جماعية.. كان الايقاع سريعا غربيا و قد بدا عليها الاستمتاع..
من مكانها العالي بحثت عنه .. ها هو .. ابتسمت له و لو حت بيدها فلوح لها وعل وجهه ابتسامة مقتضبة.. الم تثر اعجابه؟؟ من المفترض ان تبهره.. لقد نظرت جيدا في المرآة قبل ان تخرج..
يبدوا فعلا انه يفضل غير النحيلات.. اصابها عدم هتمامه و نظراته التي تتفحص جميع من في الصالة الا هي بالاحباط.. و لكنها اصرت ان تنل اعجاب كل شخص اخر غيره حتي يدرك هو ما يفوته.. كما انها لا يجب ان تنسي الهدف الاساسي من تلك الوظيفة.. النقود
كانت تبتسم في وجه الجميع و تحرك شفاها مع كلمات الاغنيات ان جاء مقطع عاطفي وكانها توجه رسائل لبعض الاشخاص..
اول الغيث قطر.. ها قد بدأنا لقد قام احدهم باعطاءها رزمة صغيرة مدسوس بها رقم هاتف و اسم .. وضعتها في جيبها و ابتسمت للشخص في اغراء..
و بعدها بدقائق اتي شخص اخر و القي عليها نقودا مبعثرة فانحت تجمعهم و هو يتابعها.. لم تدر لم اشعرتها تلك الحركة بالاهانة.. لذا قامت للتابع الرقص تاركة بقية النقود تحت قدميها ..
وهكذا استمر الحال ما بين الرقص و استمالة الزبائن و القاء النقود..

كان جو يتابع ردود افعال الموجودين.. لا يوجد من لا ينظر اليها ..بالطبع وجه جديد .. فوق جسد مثل هذا، بملابس مثل تلك..من يمكنه الا ينظر؟!!
كان الدم في رأسه يبحث عن مخرج لينفجر.. عندما ابتسمت له شهد ود لو بادلها الابتسامة بمطفأة السجائر في فكها.. تابعها غير مصدق ما تفعله .. انها تغازلهم عن بعد!!! اكل هذا من اجل حفنة جنيها؟!!
تابع في توتر الرجل الاول الذي اقترب منها.. هل ستمر علي خير؟؟ ذهل من الابتسامة التي ظهرت علي وجهها بعدما اخذت النقود.. هل خُدعت فيكي يا شهد ام انك تخدعينهم الان؟ ثم تلاه ذلك الخبيث الذي القي لها النقود ليشاهدها تنحني لتاتي بهم.. لقد ادركت شهد الخدعة الساذجة و لم تنطلي عليها.. تركت النقود و لم تهتم لها.. ماذا تكونين يا شهد؟؟ احقا تدركين ما تفعلين؟
"مين البت دي يا جو؟" انتبه جو لسؤال الخواجة الذي كان يشير الي شهد ، فقال:" بت جديدة كده.. بتسأل ليه يا ريس؟"
فقال الخواجة:" اول مرة عطا يستنضف.. " وانهي الحوار القصير وعاد للاشتراك في حديث دائر بين من يجلس معهم..
كان هذا الحوارالقصير كافيا ليعني ان شهد اثارت اعجاب الخواجة.. برغم من انه متزوج من سيدة روسية مثل امه لا حدود لجمالها.. و لكن تعليقه علي شهد يعني انها لفتت انتباهه .. حتي الخواجة الثلاجة الذي لا ينطق يا شهد اخرجتيه من تجمده ليثني عليكي..
لقد كان جو ممزقا بين شعورين: انجذابه الشديد لمظهرها و ضيقه من ان الكل يشاركوه نفس المنظر..
قرر ان يعطيها ظهره حتي يضيع علي دماء رأسه فرصتها للانفجار، الا انه وجد زملائه من رجال الخواجة يشيرن اليها و يخبرونه انه احمق لانه لا يشاهد تلك الفتاة الجديدة.. بل ان واحد منهم تقدم اليها و اعطاها نقودا.. وعاد اليهم وسط تشجيع قوي منهم.. وقف جو بينهم يكاد يطيح بهم جميعا.. ولكنه مدرك ان لا حق له في اي من هذا.. وان كان عليه ان يلوم احدا فليلوم نفسه علي اهتمامه بشهد لهذه الدرجة.. يجب ان يؤمن انها مثلها مثل اي واحدة.. مثلها مثل زوزو.. تبلورت الفكرة في رأسه فجأة.. ان كانت ترغب هي في ان تصبح مثل زوزو فليكن لها ما ارادت..
اقترب منها فا ابتسمت له فاخرج من جيبه بعض النقود و اشار لها لكي تنحني له كي يحدثها و بالفعل قام بدس النقود في ملابسها وقال باسلوب قذر:" انا عايز بقي رقصة ليا لوحدي.. "
دفعت شهد يده بعيدا و اعتدلت في وقفتها .. لقد ضايقها بشدة ما فعل.. احست بالاهانة الشديدة .. و ما ضايقها اكثر انها صدرت منه هو.. بفيت بلا حراك لبرهة..ولكنها عادت للحركة بعد ان اشارت لها زوزو عن بعد.. فالقت نظرة غاضبة الي جو و استمرت في الرقص.. حاولت الابتسام ثانية ونجحت برغم من ان كان بداخلها بكاء شديدا و شعورا بالضيق..
اثناء الاستراحة تنزل الفتيات الي الصالة يفعلن ما يحلو لهن الي ان تنتهي.. فنزلت شهد موجهة الي جو فاستقبلها بابتسامة و بنظرة اعجاب..
جو:" اهلا بالنجمة.."
شهد غاضبة و قد امسكت بنقوده في يدها:" امسك فلوسك!" ووضعت النقود في يده بعصبية..
فقال ببرود :" ايه قليلين؟؟ ما هو علي قد انك لسة اول يوم؟ بكرة لما تتدردحي وتبسيطينا هتاخدي اكتر"
شهد وقد زاد غضبها:" انت فاكر نفسك ايه؟؟"
جو:" ايه؟ زبون في الصالة و بيبقشش علي الرقاصة.. مالك؟! انا غلطان اني بشجعك.. اشمعني خديتهم من الي قبلي؟؟"
شهد:" انت فاكرني رقاصة في كباريه؟؟؟!!"
ضحك جو ساخرا و قال:" لا لا سمح الله.... انت رقاصة في كلَّب محترم"
شهد:" انا مش رقاصة! شايفني لابسة بدلة رقص وفي ايدي صجات؟!!"
جو بنفس النبرة الساخرة :" لا طبعا .. هي بدلة الرقص تيجي ايه جنب اللي مانيش عارف ده هدوم ولا ده...." ثم نظر مدققا الي ما ترتدي و قال متسألا بجدية:" انت اتخانقتي مع البنات جوة؟؟ "
لم تفهم شهد و كشرت ملامحها في عدم فهم
فاكمل متصنعا الغضب باسلوب ساخر:" مين السافلة فيهم اللي قطعتلك هدومك كده؟؟!!.."
شهد و هي تنظر الي ملابسها:" فين القطع الي في الهدوم ده؟"
جو بانفعال:"هي فين الهدوم اساسا؟؟" ثم عاد يقول بهدوء ضاغطا علي اسنانه:" هو انت بجد مقتنعة بكلامك؟؟ يعني انت لابسة كده وواقفة ترقصي و الرجالة بيرموا عليكي فلوس.. وانت شايفة انك مش رقاصة؟؟"
شهد:" ايوة تفرق .. وانا مش رقاصة!!"
جو:" عموما سميها زي ما تسميها.. المهم اني عملت زي ما كل الرجالة اللي زيي هنا بيعملوا مع اللي واقفين يرقصوا زيك.. انت ايه اللي مزعلك؟"
لم يكن عند شهد اجابة.. كانت غاضبة و منفعلة جدا و لكنها عجزت عن الرد.. فتركته و مشيت غاضبة ..بعدها مباشرة التف حوله زملائه و يتضاحكون و يقولون له عبارت حسد تعليقا علي وقوفه مع شهد مثل:" واحنا اللي قلنا عليك عبيط..طلعت انت اللي ظبتها" او "انت مستحوذ علي كل الحلوين متفوتلنا حاجة" الخ.. اما هو فوقف وسط ضجتهم صامتا يتابعها و هي تمشي مسرعة .. بدا علي وجهها انها علي وشك البكاء.. احس بالذنب الشديد.. لم ضغط عليها بهذه الطريقة؟.. ما كان عليها ان يهينها و ينعتها بالراقصة بهذا الاسلوب المحقر.. حتي و ان كان هدفه ان يشعرها بمدي سوء ما تفعله و يجعلها تدرك خطورته عليها .. ما شأنه هو؟!
                       ***
دخلت شهد الي المطبخ... كانت بحاجة الي وجه مألوف و مريح، بعيدا عن النفاق و الكيد.. لذا بحثت عن سمر.. كان مندو موجودا و لكنها لم تهتم بل وقفت قرب سمر التي كانت تقوم بغسيل الصحون..
سمر همسا:" مالك؟"
شهد ايضا همسا:" اتخنقت برة..."
سمر:" مش قلتلك.. برة مينفعش اللي زينا"
شهد:" اصل كمان جو قالي كلام ضايقني اوي.. "
القت سمر نظرة علي مندو ثم حاولت كتم ضحكها وقالت:" بصي مندو قاعد متنح فيكي ازاي..كانه عمره ما شاف واحدة.. وانا اقول مبيشخطش ليه واحنا بنرغي.. اتاريه مبسوط انك هنا "
شهد بلا مبلاة:" احسن خلي يتلهي في اي حاجة عننا.. انا مش طايقة نفسي"
سمر:" قالك ايه جو؟"
ترقرقت بعض الدموع في عينا شهد:" المشكلة يا سمر ان لما تفكري في الي قاله تلاقيه عنده حق.."
سمر:" ايوة اللي هو ايه؟؟
قطع الحديث الهامس دخول جو الي المطبخ
مما جعل مندو ينتفض من مكانه ثم يقول:" بطلي رغي يا بت يا سمر... سيبيها يا شهد تشوف شغلها"
نظر اليه يوسف بامتعض ثم قال لشهد:" شهد عايزك شوية.."
وقف علي باب المطبخ منتظر خروجها و عينه لم تنزل عن مندو الي ان صلت شهد اليه و خرجت من الباب، بينما بقي نظر مندو مسلطا علي الطاولة و لم يرفعه الي ان اختفت شهد ، فهو اجبن من ان ينظر لها في وجود نظرات جو المسلطة عليه ..
وقفا في ذلك الممر الهاديء
فقال جو محاولا الا ينظر اليها مباشرة:" بصي يا شهد.. انا جايز اكون كنت بايخ معاكي.. واديني ناديتك عشان اقلك حقك عليا.. "
شهد وهي تملاء عينيها بالنظر اليه:"وانت ليه كنت بايخ؟"
جو ومازال محاولا الهروب من النظر اليها:" مش عارف.. عادي.. كنت مخنوق فطلعت خنقتي عليكي.. معلش"
شهد:" خلاص .. ولا يهمك.."
كان يريد ان ينهي الموقف فقط و يريح ضميره بالاعتذار و لكنه مازال حانقا علي ما تفعل و علي نفسه من اهتمامه بالامر.. لذا حاول عدم النظر اليها حتي لا يضايقه منظرها او ربما حتي لا ينجذب له ثانية.. الا انه بمجرد ان رفعت عينها اليه وجد انه لم يعد يملك نفسه من النظر اليها بحنان و قال:" يعني مش زعلانة؟؟"
ابتسمت شهد:" لأ.. انت زي اخويا و انا فهمت انك عايز تنصحني.. بس انا عايزة اقلك متخافش عليا.. انا بميت راجل.. و ان كنت بضحك لده و لا بشاغل ده..فبس عشان اضمن البقشيش يبقي حلو.."
ابتسم يوسف و قال محاولا ان يكون ساخرا:" اخوكي؟؟.. طب يا ختي يلا انجري قدامي.. انتي ربنا رحمك اني مش اخوكي.. كان زمانك محبوسة في البيت"
دفعها دفعة خفيفة لتتقدمه الي الصالة.. ففوجيء بزملائه يهللون عن بعد.. فخروجه هو و شهد معا من هذا المكان الهاديء.. لا يدل الا علي لقاء عاطفي .. لم تفهم شهد هذا بل خمنت انهم مجموعة من المخبولين او السكاري وتوجهت لحجرة الفتيات ..بينما ازداد ضيق يوسف..

                              ***
بمجرد ان دخلت شهد حجرة الفتيات حتي جذبها زوزو من ذراعها بعنف و انزوت بها في ركن
زوزو بغيظ:" كنتوا بتعملوا ؟؟ انا شايفيكي معاه.. "
شهد:" جو؟"
زوزو:" ايوة جو! نتوا وقافين جوة بتعملوا ايه؟"
شهد:" مفيش .. كان بيتأسفلي.. اصله قبلها كان اداني كلمتين في جنابي عشان برقص"
زوزو وقد وصل غيظها الي مداه:" نعم!! ليه ان شاء الله؟؟ مكلنا بنرقص اشمعني انتي يعني اللي خصك بالنصيحة؟"
شهد ببرود مسنفز:" مش قلتلك ابويا موصيه عليا.."
كادت زوزو ان تصرخ بها "كاذبة" فهي تعلم الحقيقة و لكن منعت نفسها حفاظا علي المخطط الاهم و الاكبر
فقالت زوزو بعد نجحت في تمالك اعصابها:" شهد! احنا بنات في بعض.. وانتي جيتي لقيتي جو معايا... اللي بتعمليه ده مش اصول.."
شهد متصنعة الدهشة:" حبيبتي.. انا هنا عشان اكل عيش.. كلام ايه ده؟؟! ده حتي ميبقاش رد الجميل ليكي.. دانتي كنتي هتظبطيني مع الزبون اياه.. لولا جوالله يسامحه.. فركش المصلحة"
زوزو محذرة:"ياريت بقي تثبتي علي كده.. احسن الغدر وحش قوي"
شهد:" اللهم احفظنا من الغدر و الغدارين" و ربتت علي كتفها ثم خرجت من الحجرة مرة اخري..
                        ***
امضت شهد الليلة في الرقص و جمع البقشيش برغم من انها لم تعد سعيدة و متحمسة بنفس القدر الذي كانت عليه قبل كلمات يوسف اللاذعة لها.
حاول يوسف قدر الامكان الانشغال عنها بعمله و مرت الليلة علي خير لم يتخللها سوي هذا الرجل الانيق الذي اتي الي جو يطلب منه ان يعرفه الي شهد فهو قد رأها معه .. وانه مستعد ان يدفع له مبلغا مقابل ذلك..
جو بغضب:" انت شايفني ايه؟!"
الرجل:" سيد الرجالة.. انت فهمت ايه؟ انا قلت يعني تعرفني عليها.. اسهل بدل ما اكلمها انا من نفسي.. اصلي غشيم في المواضيع دي.. انا غرضي شريف.. عايز نبقي اصحاب.. تنزل تعد معايا.. نتعشي سوي.. كده يعني" و غمز بعنيه
جو باقتضاب:" والله اهي عندك.. انا مش مسؤول عنها.." واشار بيده اليها في لا مبلاة
الرجل باحباط:" طيب ..نفسي بس مضربش لخمة..اصل انا قدام البنات الحلوة بقلب بطة بلدي"
وذهب مبتعدا.. وقف جو عاقدا حاجبيه في انفعال ..وعاقدا ذراعيه امامه .. ها قد بدأنا.. لقد وصل الامر الي انهم صارو يطلبونها منه.. ثم اي رد هذا ؟؟ هل قال حقا ذلك؟؟ "اهي عندك" ؟؟!! وفجأة اسرع جو خلف الرجل و سحبه من ياقته و قال محذرا:" ورحمة ابويا لو رحت كلمتها لكون دافنك هنا"
نظر له الرجل مصعوقا.. هذا الشاب يعاني من خللا ما برأسه قبل ثواني اخبره ان يذهب اليها .. والان يهدده ان فعل!!
دفعه جو وعاد الي مكانه بقرب الخواجة تاركا ايه يضرب اخماس في اسداس.. مبروك يا جو لقد حولتك شهد الي مختل رسمي..
رحل الخواجة و معه جو و الرجال قبل ان تنتهي الراقصات.. برغم محاولات جو الرهيبة في التركيز مع الخواجة الا ان وجود شهد في الصالة ترقص و بمظهرها هذا في عدم و جوده كان امرا لا يترك ذهنه لحظة..
                             ***
في بيت زوزو و قبل النوم.. رن هاتفها..
ابتسمت لشهد في تشف و قالت:" ده جو.."
ثم ردت بابتسامة واسعة:" ايوة يا جو؟؟ ايوة روحت... ملحقناش نعد انهاردة ، انت مشيت بدري.. ايه؟ كنت عايز حاجة؟؟ وحشتك مثلا؟؟ " والقت نظرة كيد الي شهد..
ثم عادت تكمل ردا علي ما قاله:" وانت كمان يا روحي... ايوة، بقولك خلاص في البيت.. " ثم انقلب وجهها و هي تقول:" ايوة انا و شهد.. ايوة معايا... ممم... اطمنت عليك العافية يا خويا متقلقش علينا! تصبح علي خير"
كانت برغم سعادتها بالمكالمة تدرك ان ورائها شيئا فيوسف لم بتصل بها بدا في هذا الموعد.. ولكن سؤاله عن شهد كان اخر ما كانت تتوقع.. الهذ الدرجة هو قلق عليها؟؟ اغضبها الامر الا انها اخفت غضبها امام شهد و قالت كاذبة بنفس الاسلوب النسائي الذي يقطر كيدا :" كان بيطمن اني وصلت"
شهد و هي تستدير لتنام:" ربنا يخليكوا لبعض.." كانت هي الاخري حانقة من مكالمة جو لزوزو.. الهذه الدرجة هو مهتم بزوزو ؟ لدرجة ان يتصل ليطمئن ان كانت وصلت بامان؟!