صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

3/18/2012

حُرية رُقية (11)


زاد الزحام و الصخب و اصبحت متابعة رقية عن بعد صعبا ، الكثير من البشر يشكلون عائقا مرئيا بين عمر و بينها.. لقد غير مكانه اكثر من مرة ليتمكن من متابعة ما يحدث.. و ما كان يحدث حتي الان لا يحتاج تدخل منه .. صحيح انه احتاج مراجعة جميع دروس السيطرة علي النفس و تدريبات معالجة الغضب التي مرت به طوال حياته .. ولكن تدخله لم يكن مطلوبا.. فالشباب و الفتيات يرقصون بدون اثارة اي مشاكل.. لفت نظره ان روب و البقية لم يبحثوا عن الفتيات و لم يلحقوا بهن.. و هو امرا غريب فهم دوما يلازمون بعضهم بعض.. كيف ترك روب رقية كل هذا الوقت دون ان يكون ملاصقا لها؟ ود الان فقط لو ان رقية كانت بين مجموعة روب.. وليس تلك المجموعة العجيبة.. علي الاقل هو يدرك اقصي مدي روب ، كما  يعرف ان رقية قادرة ان تخيفه بنظرة..
كان يجلس  وحيدا علي كرسي بار في ذلك البار المنصوب في الهواء الطلق..وفجأة رأي فرصته تتجسد امامه..
"اريد زجاجة ماء" قالتها فتاة فاتنة بشعر احمر ناري  للساقي.. انها احدي الفتيات اللاتي كن يرقصن مع ديكس و رقية..تأملها عمر و لم يخفي نظراته المعجبة ..ابتسمت له في ذوق.. فقال :" اسمحي لي ان ابتاع لك مشروبا"
شكرته الفتاة و عرفته علي نفسها."اسمي سوزان..نادني بسو"
لم يتحدثا لاكثر من عشر دقائق قبل ان تدعوه للانضمام لاصدقاءها.. و بالفعل و جد عمر نفسه في وسط اصدقاء رقية و بجوارها.. صاحت إميلي:" انه عمر!"
سو:" تعرفينه؟"
إميلي:" انه معنا اساسا.. صديق رووك"
رقية لعمر:" كيف تعرف سو؟"
سو:" قابلته للتو.. كان لطيفا و ابتاع لي مشروبا"
لم تتحرج رقية من ابداء ضيقها ..بل انها ادارت لهم ظهرها وذهبت لتقف مع ثلاثة اخرين..
قالت سو لعمر تعليقا علي تصرفها:" ان كنت صديقها فانت اكيد معتاد لتقلباتها المزاجية.. دعك منها واحك لي عنك اكثر"
سحبته من ذراعه و وقفا ابعد قليلا
لم يفهم عمر سبب ضيق رقية.. هل هي غاضبة انه جاء وسط اصدقائها؟ ام لانه ابتاع لسو مشروبا و اتت به؟
ولكنه قرر عدم شغل المزيد من تفكيره بامورها بعد الان .. التزم بالبقاء مع سو لانها سبب تواجده قرب رقية .. واكتفي فقط بابقاء عينيه عليها..

لفت نظره قيام شاب و قد بدي عليه انه ثمل قليلا بما ظن هو انه يتحرش باميلي.. فهو يتقرب منها باسلوب مبالغ فيه و هي ترقص.. ثم بدأ يلامسها..ولكن ما فاجئه ان اميلي لم تمانع بل انها اقتربت منه لترقص عن قرب اكثر..حسنا قد يكون حبيبها او سيكون حبيبها.. تخيل لو كان الامر نفسه حدث مع رقية.. ثم نفض الصورة الذهنية عن رأسه و هو يحرك رأسه في بسرعة وكانه ينفضها فعلا.. كيف تحيط رقية نفسها بكل هؤلاء وتقول "اصدقائي" ؟  ما يري منها انها في اعماقها تختلف عنهم.. كيف اذن تشعر بالانداماج وسطهم ؟ نظر اليها  وشرد فيها... برغم كل ضيقه لم يفلح في تجاهل جمالها..  هو يعرف عن نفسه انه ليس شخصا يؤمن بالجمال الخارجي.. ولكن رقية امرا اخر.. لقد حطمت ايمانه واعتقاده في مقولة (الحلاوة خلاوة الروح) .. تخيل لو ان رقية هي زوجته.. لن يتمكن من فعل شيئا في حياته اخر سوي ان ينظر اليها.. حتي وان  رغب في ان يفعل شيئا اخر لن تطاوعه عيناه علي فراقها.. له كل الحق ابيها ان يحبسها و يخفيها عن العيون..

افاق نفسه و لامها بل عنفها  بشدة.. الليلة هي ليلته الاخيرة .. لن يراها ثانية  عليه التوقف عن التفكير فيها بتلك الطرقية.. ادرك اللتو انه سيمر بوقفت عصيب في محاولة نسيانها.. ولكن لا يصح الا الصحيح!  شعر بالثقل و الهم و اجبر نفسه علي متابعة رقية بصفته الرسمية في اخر ساعات المهمة.. كانت رقية مازالت تقف مع ديكس و اخرون يتضاحكون .. كلهم يمسكون بزجاجات الخمر الا رقية.. حاول احدهم ان اعطاها زجاجة و لكن عمر سمعها تخبره انها لا تشرب الخمر .. وسمع ايضا من يحاولن اقناعها و لكنها رفضت..
رأي ديكس يحدثها في اذنها.. فشعر بحرارة في رأسه..اشار لها ديكس علي شاب اخر ..ورأها عمر تهز رأسها بنوع من الرفض.. سيحطم وجه ديكس الان ان لم يبتعد عنها.. بالفعل ابتعد ديكس وراح يواصل الرقص..

كانت سو ايضا تمسك بزجاجة و تشرب منها..سألته لم لا يشرب .. اخبرها انه لديه عمل غدا ويجب ان يكون مستيقظا.. لم تهتم واستمرت في الرقص و الشرب.. بدأ عمر يشعر انه الوحيد الغير ثمل في كل من حوله.. حتي رقية كانت تضحك بشدة وكأنها ثملة..وجد الشاب الذي كان قد اشار اليه ديكس يقترب من رقية.. انه ثمل ايضا.. الا ان ديكس دفعه بذراعه بعيدا وسمعه يقول:" ابتعد .. حين تفيق انت نتحدث.. هي لن تحدث ثملا" ..

نظر عمر لرقية التي حين رات الفتي المترنح قادما نحوها تورات قليلا خلف ديكس و امسكت بذراعه.. شعر عمر بنوع من الرضا لرؤيتها قلقة لعلها تتعظ.. وطمأنه قليلا رد فعل ديكس.. الذي ابعد الشاب صديقه عنها.. فوجيء بها تلتفت برأسها اليه و كانها تتأكد من وجوده.. كان نظراتها فيها بعض القلق... (الان تبحثين عن امانك ؟ها؟) هكذا سخرمنها في رأسه.. كان شمتان جدا..تظاهر بالاهتمام بسو بل امعانا في التظاهر و ضع ذراعه حولها ..ولم يبد علي سو انها مانعت او انها لاحظت من اساسه؟؟
رمقته رقية بنظرة كلها غيظ..والتفتت امامها.. مما جعل عمر يبتسم اخيرا..ولكن  تري ما قصة الشاب الثمل؟ ماذا يريد منها؟؟ فليريد ما يريد..هو لا يهتم الان!

اتت فتاة واخذت ديكس من جانب رقية..التي بقيت ترقص دون اهتمام..ولكنها بعد برهة فوجئت بالشاب الثمل يقترب منها ثانية.. تراجعت قليلا و لكنه قال:"  انا..فقط.. اريد اخبارك...انك جميلة حقا.. واريد ان اتعرف بك...ولكني ثمل الان..وقد وصاني ديكس ان ابتعد.. عديني ان نتحدث غدا"
اومأت رقية برأسها موافقة في توجس لتتخلص منه .. فصاح الشاب  فجأة في سعادة مما جعلها تجفل و تتراجع اكثر..مد كلتا يديه وامسك كتفيها و قال وهو يهزها ببعض القوة:" اشكرك.. حقا .. اشكرك .. انا ممتن لك"
وهنا وجدت يدا قوية تنزع يد الفتي من علي كتفها ..قال عمربرفق:" ليس عليك ان تلامسها لتشكرها.."..
ارتاحت رقية لتدخل عمر .. ولكنها لم تظهر ذلك.. رفع الشاب يديه معتذرا وقال: لا بأس .. لا بأس.. انا ثمل.. سابتعد الان.. اراك غدا"
وترنح و هو يدور حول نفسه مبتعد..
قال عمر:" قبل ان اسمع محاضرتك عن التدخل في شؤنك.. انا اعتذر ! فقط رأيتك قلقة منه.. فتدخلت بصورة لطيفة.. لم اتشاجر او اهين احدا"
القت رقية نظرة الي سو التي تقف قربهم و تتراقص..ثم رمقته بنظرة يشوبها الغضب وقالت:" اشكرك"
اندهش عمر و سأل:" هكذا فقط؟ لن تحاضريني عن حرية المرأة العربية و قمع الرجل المصري لها؟"
رقية بهدوء وان كان يبدو في نبرتها الاستياء:" لا .. فعلا هو اخافني و صديقي ديكس ابعده قبل قليل مثلما فعلت انت الان"
واستطردت ببرود و هي تبتعد:" اشكرك"
كان يتوقع عمر جدالا معها ..بل في اعماقه تمناه.. و لكنها فاجاته برد الفعل البارد.. فكر عمر انها غالبا مستاءة لظنها انه لا يبدي اعجابه لها بينما ابداه لسو..

ذهبت لتبحث عن اميلي لتجدها في احضان ذلك الشاب الذي قابلته قبل ساعة.. كان مشهدا عاطفيا تحرجت رقية من ان تقاطعه..ابتسمت ساخرة ومستنكرة .. كم انت سهلة وسريعة يا إم؟! .. هكذا قالت في رأسها..
تلفتت لتبحث عن ديكس او بقية صديقاتها.. ولكن نظرها و قع علي عمر الذي كان يراقص سو.. اذن هو يفضل الفتيات الساقطات ذوات الشعر الاحمر الذين يمكن ان يصادقهن  بدعوة علي مشروب؟!!  اشاحت بوجهها حين وجدت عمر ينظر ناحيتها.. وفي نفس اللحظة وجدت صديقاتها فوقفت معهن.. تظاهرت انها تضحك و ترقص بينما كانت حقا تغلي من الداخل.. لم تدري ان كانت غاضبة من حديثه معها عن روب.. ولا من وجوده مع سو.. ام الاثنان معا!  لقد ملت بشدة الحيرة التي يسببها لها.. لمَ تشغل بالها به علي اية حال؟ لديها ما يكفيها من المشاغل.. عليها التعامل معه علي قدر وضعه في حياتها.. هو ليس الا صديق مخلص يمكنها الاعتماد عليه.. ولكن لا شأن لها بمن يراقص و بماذا يفضل.
كان عمر يقف مع سو علي مقربة من بعض الشباب اصدقاء ديكس..سمع حديثهم وبعضهم مخمور ثم تبين ان احدهم هو الشاب الذي كان يحدث رقية قبل قليل.. استمع بأذن ساخنة من فرط الغيظ..
احدهم "الفاتنة  ذات الثوب الاسود.. اقسم اني وقعت في حبها! ما ذا قلتم اسمها؟"
الفتي اياه:" اخرس يا احمق! انها لي الان.. لقد حصلت منها علي موعد غدا"
الاول:" يالك من محظوظ! انظر اليها.. ما هذا القوام؟  انظر كيف ترقص.. ها هي ستميل للامام.. تأملوا المشهد يا حمقي"
وجد عمر نفسه ينطلق كالسهم نحو رقية ..وقف امامها بحيث صار يعيق بجسده رؤية اولائك الشباب لها ..حتي انه سمع عن بعد تأوهات وصيحات الاحباط وكأن شخصا اطفاء لهم التلفاز اثناء الماتش لحظة دخول الهدف.. وقف صامتا متردد لا يعرف ماذا يقول ، بينما حدقت فيه رقية غير فاهمة سر اقتحامه المفاجيء لمحيطها الشخصي
قالت مستفسرة بجفاء:" ماذا؟!
عمر في محاولة ليظهر باردا:" الناس كلها بتبص علي البنت اللي لابسة اسود ، فا قلت اما اقف جنبها يمكن اتشهر انا كمان "
رقية باسلوب متعمدة فيه لامبلاة لتفرس عمر:" ده اللي هي انا يعني؟؟ عشان بس تكون عارف.. بفستان اسود او اخضر همة علطول بيبصوا.. دي طبيعتي ..محط الانظار دايما"
ثم نظرت اليه تلك النظرة  التي تربكه دوما ..القتها اليه بجانبها و من فوق كتفها المغري و قالت ببعض المياعة :" و لا انت رأيك ايه؟"
 لم يشعر عمر انه في مزاج ليتجاوب في المزاح السخيف.. بل ان اسلوبها زاد من غيظه اكثر مما جذبه .. فقال منفعلا وقد فاض به :" رقية انت محاطة باشخاص حقيرة! فلنخرج من هذا المكان"
رقية ببرود:" اعرف..انت تراقص واحدة منهم.. قل لنفسك!"
عمر:" لقد مللت حقا المكان و الناس و سأعود للخيمة.. ستكونين بمفردك تماما.. اعني صديقك ديكس ثمل جدا الان ..وكل صديقاتك في غير وعيهن و روب والشباب اختفوا.. اتريدين حقا ان تبقي بمفردك؟"
رقية:" هل مللت من سو بهذه السرعة؟"
عمر:" اجل.. الفتاة لا تعي ما تقول الان" "
رقية:" ظننت ان هذا ما يعجبك.. "
عمر مستنكرا:" و مالذي يعجبني في شخص فاقد القدرة علي الحديث المتزن؟"
رقية:" ظننت أنك إن كنت لا تفضل زوات الشعر الداكن اللاتي لا يحتسين الخمر.. فانك مؤكد تفضل ذوات الشعر الاحمر الخمورات..ام بمعني اصح..تعجبك الاولي و ترغب في امتلاكها بمفردك.. بينما تفضل المرح مع الثانية "
ثم استطرد فجأة و كانها افاقت:" عموما ما تفضله انت لا يهمني في شيء"
عمر وقد ضاق صدره من جدالها الذي لا ينتهي كما ان وجود اولائك الشباب الذين تحدثوا قبلا عنها يوتره بشدة:" ايه كل الرغي ده.. انا سألت سؤال وعايز رد.. انا ماشي عشان زهقت.. هتفضلي لوحدك وكلنا مش موجودين و لا هتيجي معايا؟؟"
رقية باقتضاب:" اذهب انت انا باقية... يكفي اني اضعت امس في النوم.. لن يفوتني حفل مثل هذا"
بالفعل حياها و سار مبتعدا ينفث.. ولكنه لم يذهب للخيمة ..
ذهب للشاب الثمل  اياه
عمر:" ماذا قلت اسمك؟"
الشاب:" بين"
عمر:"اسمع يا بين اعرف انك معجبا بصديقة ديكس ذات الثوب الاسوب القصير.. لقد كنت اتحدث معها للتو و اخبرتني انك لا تعجبها"
بين مصدوما ومتعلثما اثر الخمر:" ولمَ؟ لقد وافقت علي مقابلتي غدا"
عمر:" لأنك تركتها و ذهبت.. اصابها الاحباط.."
بين:" ولكن ديكس طلب مني الابتعاد عنها الليلة حتي افيق غدا.."
عمر:" وما ادري ديكس بما تريده الفتاة؟ لقد قالت لي انك وسيم و لكن عيبك انك غير جريء.. عليك الذهاب اليها الان و اثبات انك جريء و قادر علي انتزاع اعجابها"
تأمل عمر الفتي و عينيه التي تفتحان بصعوبة و قد ارهق التفكير عقله الثمل
بين:" حسنا .. انت محق.. ديكسي المخنث لا يفقه شيئا"
ربت عمر علي كتفه في رضا و قال:" هيا..كن جريئا.. ارها من هو الرجل"
وتركه يذهب مندفعا ليبحث عن رقيه..
نفث عمر في توتر.. مالذي فعله الان؟ لا يصدق انه ارسل لها من يضايقها عمدا حتي يجعلها تخشي ان تبقي بين المجموعة .. هو لا يختلف شيئا عن ابيها الذي جعلها تظن انها تاهت! ولكنه مضطر..
بالفعل تواري عن نظر رقية .. وراقب بين و هو يتوجه اليها..
فوجئت رقية بالفتي ثانية يقترب منها.. تراجعت قليلا..وقالت:" الم تخبرني انك ثمل وعليك الابتعاد الان؟"
بين:" لا ليس علي الابتعاد.. بل لا استطيع الابتعاد عنك لحظة "
هنا بدأت رقية تتلفت برأسها بحثا عن ديكس.. عمر.. اي شخص..
ابتسمت في توتر وقالت:" حسنا لنتحدث غدا.. الم نتفق علي ذلك"
بين:" لا! لن افوت الفرصة.. لن اسمح بدقيقة اخري ان تمر و انت بعيدة"
كانت الخمر تجعل اداءه دراميا متعلثما و مضحكا..
بدأت رقية في التحرك مبتعدة و هي تقول:" اسمع يا... ايا كان اسمك.. عليك الابتعاد الان .. انت ثمل جدا"
بين وهو يلاحقها مترنحا:" انتظري.. انا بين.. اسمي بين.. ما اسمك يا حبيبتي؟.. انا لست ثملا انا جريء.. انا الرجل.. انتظري"
لم ترغب رقية في اثارة مشهدا  ملفتا ، حاولت التواري عنه بين صديقاتها و لكنهن جميعا كن ثملات و في حالة ضحك هيستيري علي بين ..ابتعدت اكثر و زادت من سرعة سيرها علها تفقده في الزحام.. او تجد روب  او اي من الشباب اصدقائها.. اين ذهبوا صحيح؟!!
كان بين مازال يحاول اللحاق بها..حتي وقع ارضا  وهو ينادي رقية بصوت عالي..مما جعل من حواله يلتفتون له و لرقية..شعرت بالحرج الشديد.. الجميع الان يضحكون علي منظر هروبها و منظر بين الذي يلاحقها.. ان تذكروا شيئا في الصباح ستكون محور حديث الجميع لمدة عام..

كان عمر يشاهد الامر كله وهو متواريا ..خطته تنجح.. ها هي رقية تسير مبتعدة عن مجموعة ديكس واصدقاءه.. ولكن اين بين؟ حاول عمر ان يميزه وسط الزحام و لكنه فشل..عاد ليري اين ذهبت رقية ولكنه فقدها هي الاخري.. و الان الزحام قد زاد في كل محيط الحفل وسيجد صعوبة في ايجادها..انتفض وهو يفكر انه قد اطلق بين الثمل عليها والان لا يجد كليهما.. عليه ان يجدها قبل ان يجدها بين!
سار ملهوفا يبحث عنها.. لا يصدق انه فعل بها ذلك؟ لو ضايقها بين سيكون ذنبه هو.. الامر صعب حدا وسط الزحام
ولكنه انتبه الي جلبة علي بعد خطوات .. اتجه اليها بسرعة..كان بعض الاشخاص ملتفون و كانها حلقة حول امرا ما.. اخترق الحلقة البشرية.. ليصل للمنتصف و يجد رقية تجلس فوق بين المستلقي ارضا و تضربه ضربا مبرحا علي صدره ورأسه ..ينما هو يتأوه و يحاول حماية وجهه بيده وهو يصيح متأسفا.. و البعض يضحك و اخرون يحاولون انقاذه منها..
تدخل عمر وجذبها من فوقه وهو يمنع نوبة من الضحك..حاولت الافلات منه لتعود لبين.. ولكنه عمر احكم قبضته علي ساعدها..
قالت و هي تلهث وتتصبب عرقا:" الحيوان ! اقسم انك انقذته من القتل"
عمر:" ماذا فعل؟"
رقية:" تحرش بي"
عمر وقد اصابته الكلمة بغليان سريع:" كيف؟ ماذا فعل تحديدا؟"
رقية:" اعني حاول.. لم انتظره ليفعل.. فقط اقترب اكثر من اللازم وتحدث عن ملابسي في اسلوب فج..وشعرت ان حركته التالية ستكون ان يلمسني"
هبط انفاعاله ووصل لدرجة الاشفاق علي بين الذي راح ضحية خطته  ثم قال:" كل هذا الضرب و لم يفعل بعد؟ انت عنيفة جدا يا فتاة.."
رقية مستنكرة:" الان انا عنيفة؟! الم اكن قبل ساعة متساهلة ؟؟!! "
عمر:" لن نعيد الحديث ثانية في ماذا اظن و ماذا لا اظن.. "
رقية بثقة :" ماذا هل اخافك ما رأيت مني؟ تخشي ان اغضب عليك من حديثك  فاصنع بك ما صنعته بالفتي"
عمر:" انت حقا تظنين انك فعلت به شيئا شجاعا؟ انت  استقويتي علي شاب ثمل.. اريد ان اراك تفعلين معه ذلك و هو صاح.. سيعتصرك بقبضة يده..اما بالنسبة لي.. فانا خارج المقارنة.. وضع اسمي اصلا في جملة و احدة مع كلمات مثل اغضب عليك او اصنع بك  هو امرا مثير للضحك"
رقية وهي تضغط علي اسنانها:" انت حقا لا تريد ان تجرب غضبي.. ابتعد عني الان فانا في مزاج سيء"
ابتسم عمر ساخرا ثم باغتها بانقضاضة منه نحوها جعلتها تجفل و تتراجع.. الانه لم يمسها ، فقط اقترب من وجهها و حدثها في اذنها هامسا:" اخبريني بسرك.. لن اقول لاحد.. اعرف انك لا تشربين الخمر و لكن هل تعاطيت حبوب الهلوسة؟؟ "
دفعته رقية بعيدا عنها في غيظ .. وقالت:" ابتعد عني يا عمر انا حقا اشعر بالضيق!"
وتركته وابتعدت.. سار خلفها و سأل في خبث ليغيظها:" ماذا قال الفتي عن ثوبك؟ اخبريني.. "
رقية:" لن اخبرك.. ابتعد الان"
عمر:" استطيع التخمين علي ايه حال..فانا لدي عينان و يمكنني ان اري الثوب بوضوح"
وقفت رقية عن السير خصيصا لتقذف عمر بنظرة نارية ثم عاودت السير.. فضحك عمر بصوت
رقية بازدراء:" هل يمتعك حقا رؤية الناس غاضبون؟"
عمر:" لا بالطبع! ليس كل الناس .. فقط رؤيتك انت"
تأففت رقية بنفاذ صبر.. وشعر اخيرا انه قضي علي كل ما يمت للمرح بصلة بداخلها الان واصبح مزاجها عكرا جدا
عمرليتأكد من يقينه :" هل ستذهبين للخيمة الان؟"
كان يتوقع ان تخبره بحدة ان لا شأن له ، و تتوجه بعدها للخيمة لتنام غاضبة و تنتهي تلك الليلة الجحيمية
الا انه وجد ردا مختلفا عما توقع
رقية بتحدي :" لا! لم انتهي من الاحتفال بعد!"

حسنا الامر صار مملا جدا.. تلك هي اخر ليلة له في هذا الهراء.. هاهو يجلس علي البار ثانية يراقب رقية تحتفل مع اصدقائها..  بل انه   فوجيء بها و ورفيقتين لها يصعدن علي  منصة  مشغل  الصوت بدعوة  من الشاب المسئول نفسه ، كانت منصة صغير  في احد الجوانب قرب المسرح .. يتحكم منها الشاب في الاضاءة و الصوت..صارت و صديقاتها  في مستوي اعلي مما جعل عدد اكبر من الناس تترك الفرقة علي المسرح و تلتفت اليهن لتتابع الفاتنات المثيرت اللاتي يرقصن فوق المنصة ..
كانت حرقة دم عمر لا يكمن وصفها.. المشهد مريع .. وهو يحاول اقناع نفسه ان الامر لا يخصه في شيء.. طالما انها بامان فمهمته تقف عند هذا الحد.. الان بدأء يستمع الي اراء الشباب فيها.. فمنهم من يقف الي جواره و يتحدث لاصدقاءه عنها .. ومنهم من يجلس علي البار قربه و يحدثه هو نفسه عنها.. ربما كانوا يتحدثون ايضا عن الفتيات رفيقاتها و لكن سيرة رقية هي فقط التي كانت تخترق اذنه و طقرع رأسه من الداخل.. لم يشعر وهو ينهر الشاب الذي تحدث عنها بقذارة للساقي..
فكر ان يشرب الخمر لكي يصبح مثل الجميع غير واع لما يحدث.. ولكنه خشي ان يصبح ثملا خصوصا وانه غير معتاده وبالتالي يصبح عديم الفائدة لرقية ان احتاجته.. اين انت يا سيد صادق لتري و تسمع ما يحدث مع ابنتك؟.. لو انها ابنته لصعد و اتي  بها من شعرها الطويل الجميل .. من الجيد انه لم يأت بسلاحه في تلك المهمة.. من الجيد انه ظن – سذاجة منه- ان المهمة بسيطة لا تحتاج لسلاح..  لو كان معه سلاحه .. ربما اطلق الرصاصة بداخل فمه و انتهي من كل ذلك..
وقبل ان يزداد الامر سوءا ويشعر عمر ان عليه التوجه اليها لتدارك اي مشكلة قبل ان تقع.. قررت رقية ان ترحمه و هبطت الي الارض وهي في حالة من النشوة والسعادة الشديدة..
تمتم ساخرا :"مؤكد انها تريد اخباري انها  تمضي افضل لحظات حياتها الان"
تابعها ببصره  تتحرك وسط الفتيات االي ان  فقدها.. تممل في ضيق شديد وزفر.. ها قد عدنا  ثانية.. نهض وسار يجر قديمه في ملل ليبحث عنها..
مر اثناء بحثه بروب و الشباب .. كانوا يجلسون علي وسائد كبيرة علي الارض بصحبة مجموعة من الفاتنات.. هذا سبب اختفائهم  اذن.. فتيات جديدة..
امض هذه المرة و قتا اطول في البحث.. وكأنها اختفت تماما.. اين ذهبت يا رقية هذه المرة؟ مل من البحث عنها و اللحاق بها.. جلس علي صخرة كبيرة .. كان مستاءا منها.. غاضبا من تصرفاتها.. كل ما يرغب فيه الان ان يرحل بعيدا و ينساها تماما.. من المؤكد انه سيخضع لعلاج نفسي بعد كل الغضب الذي كبته منذ وطأت قدمه لارض الكرنفال اللعين..
في وسط شروده .. لمحها..  تفس الصعداء.. كانت مازلت وسط صديقاتها و لكن زاد عليهم شباب اخرون.. من هؤلاء؟ من اين تأت بهم؟؟ وكانهم يسقطون عليها من السماء.. خبط يده علي وجهه واستعد ..
تأملها ..برغم انها تضحك بدت علي غير ما يرام..هناك امرا ما في نظرتها.. هل هي مريضة؟ لم تبد بخير.. لعلها تعبت.. ما فعلته اليوم يمكنه القضاء علي ديناصور.. ولكن مع رقية الامر  مختلف! هاهي مازالت تقوي علي القفز و الصراخ مع الاغنية الصاخبة جدا.. لم يبد ان طريقة رقصها تفتقد للتحكم؟.. قبل قليل فوق الطاولة بدت كراقصة محترفة.. الان هي تتقافز كالبلهاء.. تاملها اكثر و قد بدأيشك في انها ثملة..هل قررت كسر القاعدة و الشرب؟

الان الموسيقي هدأت.. انها اغنية  عاطفية هادئة للفرقة.. تقريبا كل فتي في المكان امسك بفتاة يراقصها .. توقع ان رقية ستتشاجر مع اول فتي سيحاول وضع يده عليها ليراقصها.. لقد يفهمها  تقريبيا..هي طرفي النقيض!  يبدوا انها لا تسمح تماما للغرباء من الذكور بالقرب اكثر من اللازم، ورد فعلها للامر يكون مبالغ فيه دوما.. بينما ترفع كل الحدود مع المقربون مثل روب وديكس وهو شخصيا.. انها مجنونة!
ما اذهله للحظة و جعل فكه ينزل الي حذاءه، بينما تسابقت الدماء لرأسه لتفوز بالجلطة.. هاهي رقية تقف في احضان شاب ما.. بينما هو يلف ذراعيه حولها ويرقص معها.. كانت تضع رأسها علي كتفه و تغمض عينيها.. هل هو صديق؟ مؤكد انه من المقربون! بل انه الاقرب.. انظر كيف تنام علي كتفه .. هذا لاشك حبيبا!! شعر عمر بصدره يضيق.. واتفاسه تتلاحق.. فكرة ان يكون لرقية حبيبا اعتصرت قلبه حتي ادمته.. الانه راي امرا اخر.. الفتي يشير في خبث بيده من وراء ظهر رقية لصديقين يتابعانه عن بعد.. كان يرفع ابهامه لهما بمعني "كله تمام" فتضاحك الصديقان في خبث و انتصار و ولوحوا  قبضتهم مشجعين.. ما معني ذلك؟ ربط عمر الامر بما بدي علي رقية من تعب وما تبدوا عليه الان من استكانة شديدة.. وخبط رأسه تفسيرا هوي له قلبه..
 نهض و اقترب من المجموعة.. عليه و علي اعداءه ..
فلتغضب رقية كما تشاء ولكنه لن يقف متفرجا.. 
لو ثبت ما شك فيه سيمزق اولاءك الشباب تمزيقا..
ولتقل عنه رقية ساعتها مصريا همجيا ملء فمها.. 
انها ليلته الاخيرة معها علي اية حال !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق