صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

3/22/2012

حُرية رُقية (13)


دلفت نوال الي حجرة نومهما في القصر تحمل فنجانا من القهورة علي صنية .. قدمته لصادق الذي كان مددا علي السرير و قالت:" اخدت دواك قبل القهوة؟"
صادق وهو ينظر اليها متعجبا:" اول مرة تجيبلي القهوة بنفسك من سنين"
نوال وكأنها لم تسمعه:" جربت تكلمه تاني؟"
صادق:" مبيردش.. "
ناولته نوال الدواء و كوب ماء
فشكرها  ثم قال:" بس اللي مستعجبله .. ان جايك و لا اتصل بيا و لا اتصل بعامر عشان يبلغنا ان  عمر ساب رقية لوحدها؟ ده معناه ايه ؟؟  انه مش وراهم؟؟ "
نوال:" متكلم عامر.."
صادق:" كلمته.. معندوش اخبار.. و انا مش هسأله عن موضوع عمر عشان مش عايز اي حد يعرف"
نوال:" طب و العمل؟؟"
صادق:"مش عارف الصح ايه؟ ابعت جايك يجيبها بالقوة و ناخد المخاطرة ان رقية تهرب اول ما تلمحة و نخسر البنت للابد؟ و لا اطلب عميل تاني من الوكالة ؟؟"
نوال:" عميل تاني ازاي يعني؟؟ و ده نثق فيه منين؟ و بعدين هيبتدي معاها من الاول و لا ايه ؟هيكسب ثقتها ازاي؟ دي شغلانة تانية... اروح انا اجيبها يا صادق.. ابعت معايا حد و انا اروحلها .. هي عمرها ما هتصدني"
صادق:" انا كمان بفكر اجي معاكي.. انا مستعد اروح وابوس راسها.. لو مش عايزة تتجوز مروان بلاها منه..  "
تهللت اسارير نوال و قالت:" بجد؟؟ بجد يا صادق؟؟ .. طب يلا .. يلا قوم"
صادق:" طب هاتيلي حد من السكرتارية يدخل علي النت ويقولي  بس الكرنفال المهبب ده فين بالظبط دلوقتي  و يتسافرلوا ازاي.. لا استني.. انا مش عايز حد يعرف اننا مسافرين.. خلي حد يجيب اي  لاب توب  من المكتب تحت و انا هتصرف"
انتفضت نوال و تحركت بسرعة لا تتناسب مع و قارها ..لكي تنفذ امر زوجها العزيز جدا..

                                                ***

كانت رقية تركب الدراجة خلف عمر علي الطريق السريع.. دخل عليهما الليل.. وبدت الانوار علي مدي الطريق مبهرة.. كذلك الجو كان رائعا.. غير بارد و مع نسمات لطيفة.. الان رقية لم يعد يهمها كل هذا.. نسمات الهواء التي تخللت شعرها و وجهها لم تعد تعطيها ذلك الاحساس الرائع بالحرية.. حتي ظهر عمر القوي لم تعد ترغب بالتشبث به او ضمه.. وكأن هناك من اطفاء مصباح النور الذي كان بداخل قلبها.. القتامة تحيط بها من الداخل و الخارج..
ظلت تعيد في رأسها مشهد عمر و هو يضرب جايك و رجاله.. ذلك المشهد الذي انتزع اعجابها و جعله في نظرها بطلا.. كله خداع؟؟؟ بدأ عقلها يسرح في امور اخري.. هل كان لوك عميلا؟؟.. و الفتي من القطار؟؟  كاد رأسها ان ينفجر من التفكير..
عمر:" رقية حين نصل الضاحية التالية.. سنتوقف للاستراحة و المبيت.. حسنا؟"
رقية:" ولم المبيت؟ لنرتاح  قليلا  ثم نواصل.. اريد الوصول لمدينة (-)"
عمر:" انا متعب حقا يا رقيةو احتاج للنوم.. ثم ان مؤكد جايك سيكون خلفنا يمسح الطريق بحثا عنك.. الافضل ان نتواري في احد الضواحي"
رقية:" يمسح؟؟ لفظة  دقيقة خاصة بمسلسلات البوليسية"
عمر:" عزيزتي  حين  نكون فارين علي دراجة و خلفنا  رجل مثل جايك فتأكدي اننا  في مسلسل بوليسي!"
لم تبتسم حتي للدعابة..
قال:" ماذا تيريدن من مدينة (-)"
رقية:" اعرف رفيقة قديمة لي.. رحلت الي هناك منذ زمن.. قد تتمكن من مساعدتي للبدء هناك"
عمر:" حسنا.. كما ترغبين.. و لكن علينا البيات اولا فانا متعب جدا.. و بعدها سأذهب بك حيث تريدين و لن اتركك قبل ان اطمأن الي استقرار اوضاعك.."
رقية:" و هل انت متفرغ لهذه الدرجة؟؟ اليس لديك وظيفة؟ الم تكن تلح علي ان اتركك تذهب لعملك؟؟"
عمر:" لم يعد لدي وظيفة"
رقية:" هل رفدوك؟"
عمر:" لا اعرف حقا ما رايهم.. و لكني تركتهم بلا رجعة"
رقية:" و لم فعلت ذلك؟"
عمر:" انه امر خاص"
صمتت رقية ولسان خالها يقول :" حقا.!!"
فاكمل عمر:" لنقل ان عملي تعارض مع اخلاقي و قناعتي الشخصية"
 ادركت رقية ان توقعاتها كانت صحيحة.. لقد استيقظ ضميره.. فرصتها ان تستغل تلك الصحوة لتصل لمبتغاها..
اعادت في رأسها حديث عمر مع مروان.. برغم ضيقها الشديد من عمر الا ان اسلوبه مع مروان قد اثلج صدرها الي حد ما.. لقد كان فظا متحديا.. ليتها رأت تعيبرات وجهه القذر و هو يتلقي كلمات عمر عبر الهاتف..
تري هل يريد عمر حقا ان يسدي اليها خدمة بتهريبها من زيجة مروان بسبب احساسه بالذنب؟ ام انه يخطط لامر اخر؟ لا يمكنها الثقة به مرة اخري.. عليها ان تكون حريصة جدا في التعامل معه..
زفرت زفرة حارة خرجت من صدر مليء بالهم... كيف آلت الامور الي كل هذه الصدمات و التعقيدات.. تذكرت احساسها قبل ايام حين ركبت القطار .. كانت فتاة اخري.. لا تحمل هما و لديها ثقة في كل الناس وفي نفسها.. و تري ان الحياة تفتح لها ذراعيها لتستقبلها بالورود.. اين الورود ايتها الحياة اللعينة؟ لم يمر سوي ايام ولم تري سوي اشواكا!

                                               ***
جلس مروان علي اريكة خشبية فخمة و سط حديقة قصر ماكجريجور كانت بجواره الفتاة الرقيقة جدا و الابنة المتوسطة للاسرة.. وامامهم علي كرسي وثير جلس الاب ماكجريجور و في يده كأسا  يحتسي منه رشفات اثناء الحديث..
قطع الاب الحديث البسيط الضاحك باشارة منه لابنته ان تتركهم ليتحدثوا.. بالفعل نهضت الفتاة وحيتهم برقة و انصرفت..
تابعها الاب  حتي تأكد انها بداخل القصر..
قال:" اخبرني.. ماذا فعلت لي؟ لقد اكدت لي انك بامكانك كسب ثقتي..ها انا ذا انتظر"
مروان مبتسما:" لقد تعلمت درسا منذ الصغر ان كل شخص و له ثمن.. وقد توصلت لثمن شخصا مهما جدا.. يستحق كل قرش سيدفع  لشراءه و شراء خدماته  و ولاءه.. اعترف ان وجود الفتي المصري  اياه افسد لي احد خطتتي ..كما انه يرفض الرضوخ او قبول المال..لقد حاولت معه برغم تأكدي من انه لن يقبل .. ولكن جعبتي مازالت مليئة .. فقد تعلمت ايضا منذ الصغر ان دوما لابد من وجود جعبة مليئة بالخطط البديلة لان ليس علي كل الخطط ان تنجح"
ضحك ماكجريجور وقال:" انت تعجبني يا فتي.. وماذا في جعبتك هذه المرة؟ اريد شيئا يجعل صادق ينبطح ارضا امامي.."
مروان بخبث :" لا تقلق سيدي.. ستري ما يرضيك و اكثر"
ماكجريجور:" ولكن اسمع.. اظن اني لا احتاج ان اوصيك...ان تورط اسمك او اسم ابيك في اي شيء فلتنسي امر النسب و الشراكة.. انا لا اقترب مِن مَن مُس اسمهم ولو عن بعد.. ناهيك عن اسمي انا..فذلك قد يكلفك حياتك!"
مروان:" اطمئن .. لامر سيكون بعيدا عنا جميعا.. "
ثم نهض مروان و استأذنه في اتمام مكالمة هاتفية.. و بالفعل تحدث في هاتفه علي بعد خطوات ..
"هالو.. انه انا مروان... انا مازلت عند كلامي.. في انتظار ردك..."
ثم غزت ابتسامة انتصار وجهه و ونظر لماكجريجور نظرة معبرة عن السعادة ثم اكمل الحديث:" حسنا .. جيد جدا... كنت اعرف انك ستختار المصلحة و الفائدة.. انه ااختيار الاصوب دوما... حسنا لنبدأ..  انا اريد الفتاة.. اريدها  في مكان سأخبرك به لاحقا حين تكون بحوذتك..  وبالنسبة للاحمق الذي معها.. اريده ان يتم تلقينه درسا لا ينساه.. اريده ان ينظر في المرآة كل يوم في  حياته فيتذكرني..  افعل ذلك و وافني بالاخبار.."
قال مروان بابتاسمة يملؤها الفخر بعد انهي المكالمة :" الم اقل لك يا سيدي.. كل شخص و له ثمن"
ابتسم ماكجريجور و قال:" الم اقل لك اني معجبا بك"

                                            ***
قاد عمر الدراجة و قد صارت الضاحية قريبة جدا.. كان مرهقا جدا.. و كل ما يرغب فيه هو النوم.. ولكن كيف ينام؟؟ ان كم المعلومات التي توصل اليها تؤرقه و تطير منه راحة البال.. حين قام باستجوابه العنيف للفتي في المستشفي علم منه ان مروان الخطيب المحترم .. هو من طلب من الفتي و رفاقه - وهم شلة قد تعرف عليها مروان من خلال صديقته السابقة كاثي و معرفون بالانحطاط الاخلاقي الذي لا حدود له ولهم سابقة في تخدير فتاة قبل ذلك- لذا دفع لهم مروان ليخدروا رقية و بأخذون لها صو را مخلة.. وحين تواصل عمر مع بعض رفاقة في الوكالة وطلب منهم بصورة ودية وغير رسمية بعض المعلومات عن تحركات مروان بحجة انها تفيده في مهمته.. فاجأئه صديقا  بالمصادفة يعمل علي مهمة  تتضمن مراقبة ماكجريجور..ان مروان هذا علي اتصال دائم به  وكثير الزيارات. وبما ان عمر يعرف جيدا ان ماكجيرجور هو اكبر منافس و عدو لصادق.. وبناء علي  كل ما سبق ذلك .. فهذا لا يعني سوي شيئا و احدا.. مروان يعمل لحساب ماكجريجور ضد صادق.. و بما ان ماكجريجور وصل به التدني بالمستوي لدرجة اقحام رقية ابنه صادق في مشاكلهما ..فذلك يعني انه قد يفعل اي شيء.. وشراء اي شخص.. لا يمكن الوثوق باحد الان!   ان كان تمكن من مروان فهو قادر علي التمكن من اي شخص اخر.. وبالتالي و ضع عمر كل من حول صادق و رقية  تحت دائرة الشك.. كما انه لم و لن يخبر صادق عن مكان رقية.. فهو لا يعلم ان كان صادق سوف يصدقه ام لا.. لا مجال للمخاطرة و اخبار صادق فيقوم بدوره بالتحدث الي اي احد اخر..الكل مشكوك فيهم!..  لايملك عمر سوي التكتم علي مكان رقية.. فلا يعلم سوي الله بما ينتوي مروان الحقير فعله ثانية  لايذاءها!

وصلا اخيرا الي تلك الضاحية التي تميل قليلا للطابع الريفي.. هادئة و جميلة ..سأل عمر عن اقرب فندق..وحين وصلا ترجلت رقية و دخلت الي البهو والقت بنفسها الي اقرب كرسي ..بينما ذهب عمر لموظف الاستقبال ليحجز غرفتين..  وبالفعل قام الموظف بالاجراءات سريعا ثم طلب منه اسم و باسبور صاحب الغرفة الثانية.. وهنا ادرك عمر الخطر.. لا يمكن تسجيل اسم رقية رسميا في اي مكان ذلك سيجعل تتبعها اسهل و اسرع ما يكون..
لذا قال للموظف:" اعرف اللوائح عندكم صارمة و لا يمكن كسرها.. ولكن صديقتي سارة هناك فقدت جواز سفرها بل حقيبة اوراقها بالكامل اثناء الرحلة الي هنا.. لذا ان كنت كريما معنا اعطنا حجرة لها دون الاطلاع علي الاوراق بامكانها ان تملأها لك من الذاكرة"
ابتسم الموظف في تحرج و قال:" لا استطيع كما قلت انت.. اللوائح صارمة.. و لا يمكن بدون ان اطلع علي جواز السفر و املأ البينات بنفسي.. "
بدي علي وجه عمر الاحباط وشكر الموظف و هم بالذهاب.. ولكن الموظف استوقفه:" سيدي انتظر هناك حلا.. بامكانكما حجز غرفة و احدة باسمك و بياناتك انت.. وبامكان صديقتك ان تنزل معك كمرافق.. المرافق لا يحتاج للاطلاع علي اوراقه، يكفي ان يملأ بيانات اسمه بنفسه"
ابتسم عمر بامتنان ثم طلب منه ان ينتظر لبعض دقائق.. ذهب لرقيها التي كانت تغوص في  كرسي وثير .. جلس القرفصاء ليكون في مواجهة و جهها ثم قال:" رقية انا لم ارغب ان افعل ذلك الامر دون موافقتك.. علينا حجز غرفة و احدة "
اعتدلت رقية في جلستها وقالت منزعجة:" ماذا؟ ولم علينا ذلك؟"
عمر:" لا يمكن ان نجازف بتسجيل بيناتك هنا.. سيتتبعوننا..سأحجز الغرفة باسمي.."
صمتت رقية تفكر، فقال عمر:" بم تفكرين؟ لقد تشاركنا النوم في الخيمة حتي امس"
رقية:" هناك امرا مختلفا.. كنا مجموعة كبيرة.. و قد حتمت علينا اجواء الكرنفال ذلك"
عمر:" وكذلك ظروف فرارك تحتم علينا ذلك الان .. الم تخبريني قبلا اني لست محل قلق؟؟ ان اردت سأنام بالحمام.."
قالها بابتسامة عذبة..كادت ان تجعل رقية تنسي ما فعله..
قالت بامتعاض:" حسنا.. انها ليلة و احدة علي اية حال.."
نهض عمر و عاد للموظف.. اخرج جواز سفره وهو ينظر لرقية ليتأكد انها بعيدة ..
تسلم الموظف جواز السفر و سجل البينات ثم اعاده لعمر قائلا بدماثة :" تفضل ..واهلا بك في فندقنا سيد خالد"
قبل ان يتسلم عمر جواز السفر المزور كان قد ملاء  بينات رقية علي انها شخص اسمه سارة..
فكرت رقية ان استئذان عمر لها قبل يحجز الغرفة برغم انه الحل الوحيد .. امرا ...ممم... لا تعرف... لنقل انه .. يُحسب له!
صعدا معا للغرفة وقد سار معهما الموظف.. وقام بفتح باب الغرفة لهما والترحيب .. اعطاه عمر بقشيشا بعد ان دلفا الي الغرفة ثم اغلق الباب..
تفقدت رقية الغرفة.. لم تكن كبيرة هناك سرير يملأ معظم المساحة و تسريحة و دولاب صغير..وشرفة صغيرة جدا تطل علي حديقة الفندق الكثيفة الخضرة.. لها ذلك الطابع الاوربي الريفي المحبب..
قالت بتلقائية:" انا لا اتمني لبيتي الجديد ان يكون افضل من تلك الغرفة.. صغيرة و نظيفة وتطل علي حديقة جميلة"
عمر مبتسما:" اعدك ان اساعدك علي تحقيق ذلك"
كاد الحماس ان يملوءها و تبتسم له .. الا انها تذكرت حقيقته.. فقتلت الابتسامة علي شفتيها قبل ان تولد..
قالت :" انا حقا مرهقة كيف سنتدبر امر النوم؟"
عمر:" نامي علي السرير... فقط اعطيني لحافا افترشه هناك" واشار الي مساحة علي الرض قرب الشرفة.
رقية ببعض الحدة  والتي بدت لعمر غير مبررة:" ولم اعطيك؟ .. اطلب من خدمة الغرف ليأتو لك بواحد"
فقال  متعجبا  بنبرة ساخرة مستنكرة وهو يتجه نحو باب الحمام ويحمل حقيبته :"كيف يكونين بهذا الجحود.. انا سأستحم ثم انام.. لا صحة  لدي لمجادلتك"
بالفعل دلف الي الحمام و بعد ثوان سمعت صوت المياة .. فقامت بخلع سترتها ووضعتها مع الحقيبة علي كرسي التسريحة.. ثم جلست علي السرير و خلعت حذائها..شعرت بخدر النوم اللذيذ يداعب رأسها.. فاندست تحت الغطاء و استرخت تماما.. تعجبت جدا من قدرتها علي الاسترخاء.. بعد كل ما حدث..  ومع وجود عمر الذي تعلم ان كل كلمة تخرج من فمه هي كذبا.. كيف تثق به و تنام في غرفة و احدة في وجوده؟.. اذا جنبنا الثقة فيه من ناحية الاخلاق.. قد تستيقظ لتجد ابيها في الغرفة بعد ان غدر بها هو وسلمها له.. قد يكون ايضا مروان.. من اين جاء لها الاسترخاء والراحة؟؟ ادركت للتو انها موقنة في اعماقها انه لن يفعل اي من ذلك.. برغم كل ما فعل.. هي تشعر انه لم  و لن يؤذها .. لسبب ما هي تعرف انه لن يكون نذلا مثل  الباقين.. صحيح انها تعلمت الان ان الثقة العمياء غباء و ان الحرص واجب... ولكن الحرص لا يمنع من الاسترخاء.. تقلبت حتي صارت اكثر راحة و شعرت بالنوم يتسرب اليها..
رن هاتفه في الحمام فافاق الصوت رقية و ارهفت السمع..
عمر:" نعم؟.. اه .. اهلا ديكس.. نعم  نحن بخير و رقية بافضل حال.. سنبيت ليلتنا بفندق .. اجل.. لا اعرف قد تكون نائمة.. انا كما تسمع في الحمام.. "
نهضت رقية  بسرعة و طرقت باب الحمام و قالت:" انا لم انم.. اعطيني الهاتف ان كان يريدني"
لسبب ما لم يرق الامر لعمر .. ولكنه لم يملك سوي ان  يعطيها الهاتف لتحدث ديكس.. فتح الباب مسافة صغيرة تمرر ذراعه  واخرجه بالهاتف.. ولكن رقية اجفلت حين فتح الباب و تراجعت خشية ان تلمح عينيها شيئا .. فبقي ذراعه ممدودا لبرهة.. مما جعله يخرج رأسه و نصف جذعه مائلا و هو يقول حانقا:" متاخدي التليفون.. هبرد!"
اخذت منه الهاتف بسرعة  وحرج و هي تبذل جهدا كي تبقي عينيها لاسفل حتي لا تري ذلك الجذع الذي كانت مهووسة به قبل ايام..
اغلق عمر الباب. ولكنه لم يعود للاستكمال حمامه.. بل الصق نفسه بالباب من الداخل يسترق السمع..
رقية:" ديكس.. انا بخير يا عزيزي.. لا تقلق.. هل لي لي بخير؟ حسنا جيد جدا.. "
ثم ترقرت عيناها بالدموع و قالت:" انا امر بفترة عصيبة جدا  يا ديكس.. حقا احتاج لك.. احتاج لصديق حقيقي.. كل من حولي غدروا بي.. انا لا ابكي .. لا لا .. لست ابكي.. ولكني اشعر بالضيق الشديد"
كان عمر يستمع اليها وصدره يضيق.. ماذا يكون ديكس هذا؟؟ ماذا بامكانه ان يقدم  لها؟؟  هل يمكنه حمايتها مثله هو؟؟؟ هل يمكنه تحملها هي وكل سخافتها؟؟ هل يمكنه ان يجاهد نفسه امام اغرائاتها لانه يريد  المحافظة عليها؟؟ هل يمكنه التضحية بمستقبله وعمله من اجلها؟؟
سمعها تقول:" نحن في فندق (_) في ضاحية (-)"
كاد ان يخرق الباب ويخرج لها عبره ، و لكنه لف وسطه سريعا بمنشفة وخرج اليها بسرعة دون حتي ان يجفف نفسه.. نزع من يدها الهاتف و اغلق الخط..
افزعها ما فعل لثانية و لكنها قالت بحدة:" ماذا كان ذلك؟؟ هل جننت؟؟"
عمر:" مفيش مخ خالص؟؟؟ ازاي تقوليلوا مكاننا؟؟؟"
رقية حانقة :" انا اخبره لانه صديقي.. واثق به!!"
عمر:" لقد سمعت هذا الكلام بالحرف عن روب قبل ان يتركك من اجل الفتاة البغيضة بليلة.. ونعم اختيارك للاصدقاء"
رقية:" انت حقا تتلذذ بإيلامي! تذكر لي ذلك الامر لتضايقني.. و لكن لمعلوماتك.. ديكس امرا مختلفا.. الم تري كيف هو قلق علي؟ الم تسمعه حين حذرني من مقلب كاثي الحقيرة؟!"
صاح عمر:" رقية كفي عن السذاجة.. الم يخطر ببالك انه يتظاهر بالقلق لتكون حجته للاتصال و معرفة مكاننا.. كيف تخبريه؟؟ كيف؟"
رقية وهي علي وشك البكاء:" لا تصيح  بي.. ان اردت الصياح فاذهب من هنا!! لا اريد مرافقتك .. فقط ارحل"
صمت عمر حين لمح الدموع تترقرق في عينينها.. تراجع و حاول تهدءة نفسه.. اما رقية جلست علي السرير شاردة تحاول منع البكاء..كانت تدرك منذ اللحظة الاولي للجدال انه محقا.. برغم كل ما حدث مازالت غبية و غير حريصة.. استمرت في جداله  لان كرامتها ابت ان تعترف له انه محق.. ولكنه وضعها في الركن..و لم تستطيع الرد.. كيف حقا اخبرت ديكس بمنتهي الغباء عن مكانهما؟.. ان عمر يري الان انها غبية و ساذجة و ربما غير مسؤلة.. والمؤلم انه محق!
وجدته يقترب منها بهدوء ويجلس بجوارها ثم قال دون ان ينظر اليها:" انا اسف يا رقية علي صياحي.. انا اخاف عليك كثيرا.. وادرك حجم الموقف الذي نحن فيه.. لا يجب الوثوق باحد... واخبارك لديكس عن مكاننا مجاذفة كبيرة.. اعتذر عن انفعالي .. لا تبك ارجوكي"
سألت رقية بتلقائية  عن الامر الذي لفت انتباهها في حديثه:" لم تخاف علي كثيرا؟"
تعجب عمر جدا من انها تركت كل كلامه لتمسك بتلك النقطة.. يا لها من طفلة مراهقة حقا..نظر اليها و قال بابتسامته العذبة:" لاني اهتم بك كثيرا.. واشعر نحوك بالمسؤلية.. "
رقية ببعض الارتباك وقد بدأت تنتبه الي جذعه المكشوف و ملامحه الوسيمة جدا:" لست مسؤلة منك! انت فقط تساعدني كاي صديق"
عمر وهو يتأمل وجهها:" بل اكثر.."
تراجعت رقية و هي تري نظرات الحب في عينيه.. لا يمكن ان تكون تلك النظرات مصطنعة ابدا.. لا يمكن..
همت بقول شيئا ما الا انه قال:" اعتبريني اخا لك"
ثم نهض بهدوء و سار الي الحمام.. كان فخورا بنفسه.. لقد تمكن ان يفعل بها للتو ما كانت تفعل هي به طوال اليومين الماضيين.. ابتسم ساخرا و هو يكمل استحمامه ويعيد الكلمة  في رأسه "اخا لك!"..هع ..
 فكر قليلا في امر ديكس.. لعله بالغ في رد الفعل.. هو محقا في حتمية عدم اخبار احدا عن مكانهما لان الحرص واجب.. و لكن  غالبا ديكس غير مؤذ.. وفقا لمعلومات عمر.. ديكس بعيد تماما عن ما يحدث.. ولعله فعلا مخلصا و قلقا علي رقية.. ولكن هذا في حد ذاته لا يروق لعمر.. ليس من حق احدا القلق عليها او الاهتمام بها غيره
اما رقية فكان رأسها يروح ذهابا و ايابا.. و الحيرة و الاسئلة  اصابوها بالصداع.. هي لا تعرف ما الذي دهاها مع عمر.. تكاد تقسم انه لو كان فكر في تقبيلها لم تكن لتمانع!!  ماذا يحدث لها؟؟؟ كيف تشعر نحوه بكل هذا الميل برغم انها تعرف انه كاذب و خائن لثقتها..كيف يشغل عقلها الامر بهذه الدرجة وتخرج عن الجدال لتسأله وتتلهف لمعرفة سبب خوفه عليها.. لا تصدق كيف خفق قلبها حين رأت تلك النظرات في عينيه.. و لا تصدق كيف اصابها الاحباط المريع حين قال كلمته الاخيرة.. "اخا لك!"  ماذا كانت تتمني؟؟؟ ان يعترف باعجابه لها مثلا؟؟ اهذا ما توقعته.. او بمعني اصح رغبت فيه؟؟؟؟  شعرت انها لم تعد تحتمل التفكير.. الامر اكبر من طاقتها علي الفهم.. ربما ان نامت استيقظت في حال افضل..
وضعت رأسها علي الوسادة..وحين اغمضت عينيها رأت صورة عينيه و هي تنظر اليها.. لم تمنع نفسها من الابتسام.. ثم راحت في النوم..

                                                     ***
"شكرا لك يا بنيتي .. "
انهي صادق المكالمة وهو يجلس في قاعة الانتظار مع زوجته في المطار.. التفت اليها و قال :"شركة السيارات اكدولي دلوقتي حجز العربية اللي هتستنانا في مدينة (-)"
نوال:" وهي دي المدينة اللي فيها رقية؟"
صادق:" المفروض ايوة.. علي ما نوصل هناك .. هيكون كمان الكرنفال وصل هناك.. و اكيد رقية مع اصحابها و راه"
نوال:" طب افرض مكانتش وراه؟"
صادق:" لأ  ان شاء الله تبقي هناك.. ايه يعني اللي يخليها متروحش وراه؟.. مش ده الكرنفال اللي هربت مننا عشان  تحضره"
نوال:" يارب نلاقيها  بسرعة يا رب"
اخرج صادق مصحفا صغيرا من جيب سترته  و فتحه .. سمعته نوال يهمس استعاذة من الشيطان ثم يسمي ويبدأ القراءة بهمس.. ابتسمت باعجاب..  هناك تغيرا ملحوظا يعجبها في زوجها منذ ان رحلت ابنتها..المحنة جعلته  اكثر مودة معها ، بعد ان كان لسانه سوط لاذع.. كما ان تقربه من الله  صار واضحا .. ابتسمت و هي تطلق دعابة في رأسها.. صادق تعود علي الدفع لقاء الحصول علي مراده..  والان هو يدفع العبادات ليحصل علي سلامة ابنته ..
اعلنت السيدة صاحبة الصوت الالكتروني في سماعات القاعة ان موعد رحلتهما قد حان ..
نهض صادق وحمل حقيبة اوراقه الصغيرة  وضع ذراعه في ذراع زوجته و سارا معا ..
قالت نوال:" تفتكر عامر مصدق علاجي ده؟"
صادق:" اتمني.. انا قلتله ان اعصابك  في حالة خطيرة جدا و لو مرحتيش المصحة دي هتنهاري و احنا مش ناقصين.. وهولتله الموضوع ..يعني.. عشان ميفكرش احنا ازاي سبنا  رقية و سافرنا "
نوال:" بتفول عليا؟"
صادق:" لأ يا شيخة بعد الشر.. هو انا حمل انك انت تتعبي كمان"
ابتسمت نوال.. ابتسمت برغم كل  ما يعتمر في صدرها من خوف و قلق و علي ابنتها..
صادق:" ربنا يجمعنا مع بنتنا علي خير..ويخليكوا ليا انتوا الاتنين"
ربتت نوال علي ساعده المتشابك مع ساعدها .. وابتسمت ثانية..
***

وقف عمر وسط الظلام والضباب.. لا يكاد يري حوله.. يلف ذراعه حول لرقية بينما تقف ملتصقة به مذعورة.. تتلفت حولها.. و هناك ايادي و وجوه تبرز من الظلام حولهما.. كان يكيل الضربات  حوله بعشوائية ليمنعهم من الوصل الي رقية.. لكمة لوجه الفتي  صاحب المخدر و ضربه ليد لوك.. و لكمة اخري لوجه جايك ..وصفعات لوجه الفتي الذي تحدث عنها للساقي.. وهناك ايضا ديكس.. كان يتحدث هامسا :" بامكاننا الحديث في الخارج.. لا نريد ازاعجه"... هه؟؟!
فتح عمر عينية ليجد نفسه راقدا علي الارض في غرفة الفندق متدثرا بلحاف ابيض و ضوء الشمس قد غمر الحجرة.. التفت برأسه للخلف.. ليجد ديكس وقافا مع رقية قرب باب الغرفة .. هل مازال يحلم؟؟
 رقية بصوت خفيض وتردد:" سيغضب ان استيقظ ووجدني خرجت من الحجرة.. هو يعرف اني مطاردة.. و..."
ديكس مقاطعا:" اتفهم.. معه حق.. لا يجب ان تبتعدي عنه.. انا فقط لم ارد ازاعجه"
القي ديكس نظرة اخري علي عمر النائم ليجده قد فتح عينيه فقال:" اووه لقد ازعجناه بالفعل"
اما عمر فقد عقد حاجبية و قال:" ماذا تفعل هنا ديكس؟"
ديكس:" صباح الخير اولا.. "
كانت رقية مرتبكة و متوترة جدا.. لقد اثار حديث عمر عن ديكس امس الشكوك في قلبها.. فكان مجيء ديكس امرا مريبا لها .. كما انها كانت تخشي من غضب عمر.. لقد لامها بشدة عندما تحدثت اليه امس..فمابالها  بمجيء ديكس شخصيا اليوم؟!
بالفعل كانت نظرات عمر اليها واضح فيها الغضب..
قالت بارتباك :" لقد طرق الباب للتو.."
عمرلديكس متجاهلا رقية :"  صباح الخير.. ماذا تفعل هنا؟"
ديكس:" لقد اقلقتني نبرة رووك بشدة علي الهاتف.. شعرت انها تحتاج لوجودي"
القي عمر لرقية نظرة جمدت الدماء في عروقها وقال لديكس  باقتضاب هو ينهض من الارض :" انت حقا صديق مخلص! علي غير طبيعة جميع من تعرف هي"
ضايق رقية قوله و كادت ان تصيح في وجهه قائلة :" وانت اولهم!" و لكنها اطبقت فمها علي الكلمة..
ديكس لرقية:" يؤسفني ما حدث من روب و الشباب"
رقية بمرارة:" لا تقلق.. انا لا اعبأ بهم جميعا.. كان امرا حتميا و سيحدث عاجلا او اجلا.. لا يمكن التوقع من مجموعة  من المنافقين شيئا افضل..  المشكلة الحقيقة تكمن حين يطعنك في ظهرك شخص تثق به"
قالتها و هي تنظر لعمر نظرة غامضة..
لم يدرك عمر ما تعني.. بل ظن انها ربما تتحدث عن ديكس.. لعل حديثه معها جعلها متشككة في امره خصوصا بعد حضوره المريب..
عمر:" سادخل الحمام عن اذنكما.."
وبعد ان اغلق الباب، امسك ديكس رقية من ذراعيها في حنان و قال:" عزيزتي ماذا بك؟ لقد اقلقني جدا صوتك امس.. "
لا نحتاج لقول ان عمر كان يلتصق بالباب ليستمع ..
رقية:" لا شيء فقط كنت متوترة و اعصابي متعبة.. تعرف امر ابي و مروان الحقير... كما ان يوم امس كان عصيبا جدا.. اسفة اني اقلقتك.. ما كان يجب ان تأتي.. الموضوع لا يستحق"
ديكس:"ما هذا الهراء؟ انا منذ لحظة ان عرفت حكاية المخدر و انا انوي ان اتي اليك اينما كنت.. اعرف انك بحاجة لصديق الان.. ...انت تعرفين ماذا تعنين بالنسبة لي.. لقد وقفت بجانبي دوما .. مازلت اذكر لك كيف كنت تدافعين عني حين كان الاولاد الاخرون يأخذون دفتر اشعاري و يسخرون مني .. ويسموني مخنث.."
ابتسمت رقية و قالت :" كانوا اوغادا.. والان  جميعهم يتمني ان يحصلوا علي توقيع ديكس الشاعر المشهور ساحر النساء.. من المخنث الان؟ ها؟ "
ديكس:"كنت نحيفا ضعيفا و قتها .. اذكر ذلك الفتي السمين ما اسمه؟ حين وقف يقرأ احد اشعاري بصوت عالي.. وانا كنت علي وشك الموت احراجا.. ثم بدأ يمزق الورق ليجبرني علي ابتلاعه.. ثم اتيت انت لتنقذيني من يده و حين مد يده عليك ليدفعك بعيدا.. حصل علي اقوي ركلة  بين فخذيه منك "
ضحكت رقية بصوت وقالت:" لا اذكر اسمه ايضا.. كان قذرا برائحة.. اذكر ايضا انه لم يقترب منك بعدها ثانية.."
ديكس غارقا في الضحك :" كنت  انت في ربع حجمه.. و صوتك الرفيع ... يا ه ..كم  كان منظرك مضحكا.... اذهب يا بدين لتضايق شخصا في حجمك!!"
كان يقلد صوتها الرفيع ويتمايع  و يضحك..
رقية ضاحكة:" لم اكن اتحدث هكذا"
ثم استطردت بعد ضحكة اخري:" اتعرف يا ديكس .. كان مزاجي حقا سيئا .. وجئت انت لتضحكني.. اتعرف؟ لربما كان من الصواب ان تأتي.. اشكرك عزيزي انك حضرت من اجلي..بالفعل كنت بحاجة لصديق"
ثم امسكت يديه في يدها بامتنان شديد
هنا اقتحم عمر الباب خارجا  ليجد يدي ديكس بين يدي رقية..
ويبدوا ان نظرته ليديهما كانت قوية لدرجة ان ديكس ابعد يده سريعا..
عمر:" انت محظوظ يا ديكس.. رقية في العادة ليس لديها القدرة علي الشكر و ابداء الامتنان"
رقية:" انت تسمعنا اذن؟"
عمر:" بالطبع اسمعكما.. انظري لحجم الغرفة و الحمام معا .. المساحة تسمح بان نسمع الافكار في رؤس بعضنا البعض"
ديكس:" لم نكن نقول اسرار علي ايه حال.. كنت اعيد الذكريات لرقية علي انجح في تغير مزاجها"
عمر :"اري انك نجحت.. فصوت ضحكها اخترق اذني في الحمام"
كان عمر يقف مرتديا سرواله فقط ممسكا بحقيبته .. كان يجمع بها بعض متعلقاته وهو يقول:" هيا يا رقية .. علينا الرحيل الان"
ديكس هامسا في اذن رقية وهو يتفقد عمر:" هل حاول التودد اليك بشكل او باخر؟"
حركت رقية رأسها نفيا و هي تتابع عمر بدورها يدور في الحجرة الضيقة يجمع اغراضه.. ثم قالت :" حسنا يا عمر سأودع ديكس الان.. هيا يا ديكس لنتحدث في الخارج"
وبالفعل سحبت ديكس الي خارج الحجرة من ذراعه.. بينما استرق عمر السمع من الداخل
رقية:" ماذا بك يا ديكس.. الم تسمع؟!! الغرفة ضيقة وبامكانه سماع اي كلمة تقال بالداخل!!"
ديكس بخبث:"بجسد كهذا لا اعتقد انه يحتاج لان يتودد اليك.. يكفي ان يخلع قميصه.. فتأتي الفتايات كالمُصيرات"
رقية:" ديكس اخرس! كان الاوغاد معهم حق انت الان تتصرف كمخنث!"
ديكس:" لا فقط اتعجب من انك لم تقعي في حبه بعد؟ انه يتهم بك كثيرا و ايضا  يخاف عليكي كثيرا..  هل رايت كيف كاد يحرق يدي في يديك بنظره.. انها الغيرة.. انا رجل مشهور و لدي معجبات كثيرة و اعرف جيدا الغيرة في عين رجل اخر.."
رقية:" لا انه مصري.. هذا يفسر لك الامر.. لديه تلك المعتقدات عن ان النساء خاصته هم ملك خاص به"
ديكس مستنكرا:" و هل انت تخصينه؟ هل هو حبيبك؟ زوجك؟ ابيك؟ لا؟.. اذن لم قد يعتقد ذلك؟؟؟؟!  انه يهتم بك يا رقية! هذا هو السبب ببساطة!"
رقية:" اصمت يا ديكس انت لا تعرف شيئا"
ديكس:" بل انت اصمتي.. اراهنك علي مليون جنيه ان الفتي يحبك! اخبريني لم يورط نفسه في كل متاعبك وقصة  هروبك ؟ ناهيك عن انه لا يعرف اي تفاصيل عن الامر.."
رقية و هي تكاد تبكي:" اصمت يا ديكس ..قلت لك انت لا تعرف شيئا"
ديكس:" اعرف جيدا انك لديك ما يكفي من هموم ولا تريدين ان تثقلي علي نفسك يالدخول في علاقة عاطفية.. ولكني فقط اريد  ان اوضح لك امرا.."
نظرت اليه رقية في انتظار الشرح..
ديكس:" لن تجدي شخصا اخر مثله.. ان ضاع منك الان وسط ما انت فيه من مشاغل .. ستخسرين كثيرا!  هذا الشاب بالداخل قد دافع عنك لينقذك من اولاءك الحيوانات اصحاب كاثي  بينما وقف كل من تعرفينه متفرجا..  لن تجدي شخصا بتلك الاخلاق.. كان ولمدة يومان و سط العديد من الفاتنات و لكنه لم يقرب احداهن.. برغم ان واحدا بوسامته وهيئته بامكانه الحصول علي ما يريد.. ولكنه اكتفي بأن يكون بصحبتك انت ..ماذا تسمين ذلك؟ "
رقية"لعل له مصلحة ما...هكذا صرت ادرك.. هناك دوما  هدف خلف اي تصرف من اي شخص"
ديكس:"ليس كل الناس روبي يا رووك! شخصية روب كانت واضحة من البداية وكما قلت انت لا يمكن التوقع منه افضل من مما فعل..ليس كل الناس مثله !!  اهذا يعني اني ايضا اتصرف معك بحب لاني ورائي هدفا ما؟؟"
صمتت رقية فاكمل :" ثم اي مصلحة قد يريدها عمر منك؟؟ نقود؟؟اميلي اخبرتني انك سرقت و هو من ينفق عليك؟؟  هل يريد منك مثلا علاقة حميمة؟؟ لقد اخبرتيني للتو انه برغم انكما معا بمفردكما منذ امس ..هو لم ياول حتي التودد اليكي! ماذا تسمين ذلك ؟"
رقية:" ربما لست نوعه المفضل!"
ديكس:" لا اعرف اي نوع يفضل.. ولكنك لست من النوع الذي يفضل هو ان يلسمه شخصااخر!  لقد رأيتها في عينيه"
لم ترد رقية فقال:" الامر و اضح يا رقية.. هو يحترم الموقف الذي انتما فيه... و لا يستغله.. انا اثق انك لو كنت حبيبته وانتم في هذا الفندق في اجازة.. لما اضاع ثانية و انت بعيدة عن احضانه.. ولكن الظروف تحتم عليه ان يكون رجلا ! هل فهمت؟!  انه (جنتل مان!)"
كاد عمر ان يخترق الباب هذه المرة و لكن ليخرج و يقبل ديكس .. لو كان ابيه لما  أنصفه هكذا!!   وكأنه يشعر بالنار التي تتوهج بداخله .. يا حبيبي يا ديكس .. قالها في سره ضاحكا ..
وضعت رقية يدها علي جبهتها في حيرة ثم قالت:" توقف يا ديكس.. توقف!  ما بيني و بين عمر ايا كان سينهي بمجرد ان استقر في مكان ما.. كما انك لا تعرف كل شيئ لذلك لست في محل ان تحكم"
ديكس بهدوء:" عزيزتي.. انا لست احكم علي شيء.. انه امرا لا يخصني حتي احكم عليه.. ولكني اري ان امام صديقة لي فرصة رائعة للسعادة لا احب ان اراها تضيعها. البقية تعود لك.. احببت فقط ان اوضح لك ان عمر هو شخصا رائعا لا يجب عيلك اضاعته!"
رقية:" اشكرك يا ديكس علي الاهتمام.. انت حقا صديق مخلص.. احبك جدا و سأعلمك مكاني حين استقر.."
ثم فتحت ذراعيها و ضمته اليها و هي تقول :" وداعا"
وهنا فتح عمر و الباب و قال :" هلا ذهبنا"
ابعد ديكس رقية عنه برفق فور ان رأي عمر و قال له:" كانت سأمشي للتو.. و داعا يا عمر.. اعتني برقية جيدا.. اعرف انك لا تحتاج لتوصية"
ابتسم له عمر علي عكس ما توقع ديكس و قال:" وداعا ديكس.. شكرا علي كل شيء"
حرك ديكس رأسه مستنكرا:" بل شكرا لك لانك تهتم بعزيزتي رووك"
وجد عمر يقترب منه فتوجس هم بالتراجع الا ان عمر عانقه عناق رجولي و ربت علي ظهره في حماس، مما اثار اندهاش رقية و ديكس.. فعلاقتهما لا تسمح بالعناق .. كما ان التغير في المعاملة التي كانت مقتضبة الي ابتسامة و عناق هو امرا غريبا.. فسره ديكس ان عمر ربما استمع لحديثه عنه.. بينما فسرته رقية ان ربما عمر ينافق ديكس لانه يدبر امرا اما..
بعد ان رحل ديكس قالت رقية:" انه افضل من عرفت علي مدار حياتي.. "
عمر:" انا اسف اني صحت بك امس لانك اخبرته عن مكاننا"
رقية:" وما الذي غير رأيك؟"
عمر:" اري الفارق الذي احدثه مجيئه في مزاجك.. "
رقية:"ومزاجي يهمك؟"
عمر:" مؤكد ! فانا من يقبع امام ذلك الوجه العابس"
ووضع سبابته علي انفها كنوع من المزاح.. الا انها تراجعت فجأة وحالت دون ان يلمسها..
عقد حاجبيه متعجبا.. لطالما فعل ذلك معها دون ان تعترض..
قالت بحدة:"عليك  التعود ان تبقي يديك جانبك!"
عمر وقد اخرجه قولها عن هدؤه:" من امتي؟؟؟"
رقية:" من دلوقتي!"
عمر:" انتي جاية تتشطري عليا انا!! وتقوليلي ايديك جنبك كاني بحاول اقل ادبي معاكي.. انا؟؟؟ ده  انا الوحيد اصلا الي مبجيش جنبك!! بتعملي عليا انا حريصة وتشككي في نيتي!!"
رقية:" قصدك ايه ببتعملي دي؟ اصدقك اني بمثل ؟؟"
عمر:" افتكري انتي كويس.. وانت تعرفي بتمثلي و لا لأ!"
رقية بحدة :" نعم؟! افتكر ايه بقي؟!! ماسك عليا ايه عشان افتكره؟؟!!"
عمر:" مش هنزل بمستوي الكلام.. بس عايزك تفتكري انتي كنتي بتعملي ايه و انا كان رد فعلي ايه؟  ولا اديكي تلميح.. بامارة الشورت"
جزت رقية علي اسنانها و ضمت شفتيها في غيظ ..و صمتت لبرهة تنفث في غيظ ثم قالت :" انت لسة مصر اني كنت بحاول اغريك .. انت مخك المتخلف الوسخ ده مش هينضف ابدا.. "
شعر عمر بالرضا بعد ان اثار غيظها لهذه الدرجة..فهدأ و عاد لبروده المستفز اقترب منها  فتراجعت فامسك بكفه الكبير وجهها الصغير من عند الذقن ..لم تتمكن من الافلات  برغم معافرتها التي كأنها لم تكن ..قال ببرود في اذنها :" بقولك ايه..  من دلوقتي برضه.. اتعلمي تكلمي عدل! انا مش روب!  لو لسانك طول تاني هعلمك الادب اللي ابوكي معرفش يعلمهولك!"
حسنا.. هنا اصاب رقية رعبا رهيبا.. شعروها بالعجز التام عن ردعه اخافها كثيرا.. دوما كانت قادرة و لو بقوة شخصيتها وجرأتها  علي ردع الناس.. لكن هي هنا لا حول و لا قوة لها.. في هذا الموقف القوة البدنية هي اتفه من ان نتطرق لها .. اما قوة شخصيتها فقد انمحت تماما ..
قال عمر:" كلامي و اضح؟!"
لم ترد
عمر:" ردي!"
اومأت برأسها في توجس..
تركها عمر وهو يقول:" كده نبقي متفقين.. انا اديا تفضل جنبي و انت لسانك يفضل في بؤك"
جرت مبتعدة و هو يكمل:" لمي حاجتك بسرعة عشان نمشي.. هستناكي برة عشان تاخدي راحتك"
اخذ حقيبته و جلس علي اريكة و ثيرة في الممر قرب باب الحجرة

كانت رقية تقف معطلة تحاول تفسير ذلك الاحساس العجيب جدا.. هل حقا صحيح ما تشعر به الان؟؟؟
الشعور الطبيعي هو ان تغضب من عمر .. تخشي عمر.. او حتي تكرهه..بعد ما فعل بها للتو... ولو اضفنا لذلك الخلفية السابقة وما اكتشفته عنه.. لكان من الطبيعي ان يكون مشاعرها نحوه سلبية وسيئة..
ولكن المحير.. ان لوهلة شعرت انه يعجبها.. يعجبها جدا.. حين قال لها انه سيعلمها مالم يعلمها ابيها.. كان رائعا! و حين فكرت في حديثه انه بالفعل لم يحاول حتي يتجاوب لثانية مع محاولتها لجذب انتباهه سواء بالشورت اياه في تلك الحادثة التي يحب ذكرها .. او عموما بجمالها.. انه كما قال ديكسي (جنتل مان)..
نفضت رأسها في عنف و تمتمت:" افيقي يا رقية.. لقد كذب عليكي! "
شردت توبخ نفسها قائلة .. لقد استخدم معك العنف للتو! كيف تثقين به؟!!  ان فعلها مرة بامكانه ان يفعلها اكثر من مرة.. تذكرت وجهه القريب جدا و هو يحدثها في اذنها و يهددها.. و جدت نفسها تبتسم .. تلك الرهبة التي سرت في جسدها اثر تهديده.. انه احساس رائع! لم تخش اي انسان في حياتها .. حتي ابيها.. لم تشعر تجاه صياحه فيها و تهديدها سوي بالغضب و الضيق .. ولكن مع عمر الامر مختلف  .. جعلها تخشاه و تحرمه .. و..
نفضت رأسها ثانية وتمتمت:" افيقي يا حمقاء.. لا اصدقك!!!"
جمعت اشيائها و غيرت ملابسها  و اطالت النظر في المراة قبل ان تخرج اليه..
كيف بامكانها ان تزيد من حلاوتها كل دقيقة.. هكذا  قال عمر في رأسه و هو ينظر اليها تقف علي الباب و تنظر اليه نظرة بدت له انها غاضبة.. و لكنه يعرف اكثر.. هي تتصنع الغضب.. تلك الشفاة المضمومة مثل فم الطفل اللذيذ..  لم يعد يعلم ان كان فمها الغاضب احلي ام غمازاتها الضاحكة احلي.. كانت تجتاحه بجمالها في كل الاحوال..
ابتسم ابتسامة اعجاب حاول جعلها مقتضبة ثم نهض و سأل:" الن ترتدي السترة؟"
رقية ببرود:" لا.. و لا اريد تعليقا علي ملابسي ثانية!"
عمر:" كما ترغبين .. انه حقك ان ترتدي ما تفضلين .. ولكن من حقي ايضا ان اخذ خلفي علي الدراجة من افضل... لن تركبي خلفي دون السترة!"
رقية حانقة :" وماذا لا يعجبك (بالتوب)؟!"
عمر ببرود و هو يستدير ويسير متوجها للمصعد:" طلبتي مني الا اعلق علي ملابسك.. و الان  تسأليني عن رأيي؟؟!! ربنا يشفيكي"
كان ترتدي (توب) رقيق فعلا  يسر الناظرين .. و لكن مشكلته  في نظر عمر انه مثل فستان الحفل.. عاري الاكتاف و الرقبة تماما..
دخلت خلفه المصعد و هي تقول:" عمر الجو في الظهيرة حار.. و السترة ثقيلة .. لن اتحمل ارتدائها و..."
عمر مقاطعا في برود:" رأسي! كفي عن حديث الفتيات انا لست صديقتك!  كان يجب ان تفكري في الامر قبل ارتداء ه.. لن اغير كلامي .. لن تركبي خلفي دون السترة!"
رقية بتحدي:" عليك تركي هنا اذن!"
كان المصعد و صل فخرج عمر و هو يقول :" حسنا"
و فذهب لانهاء اجراءات اخلاء الغرفة..
دفع النقود.. انهي الاجراءات .. ثم ذهب اليها حيث كانت تقف في انتظاره..
قال الموظف بصوت عالي :" صحبتكم السلامة سيد خالد و انسة سارة"
حياه عمر برأسه شاكرا.. بينما اندهشت رقية و تساائلت :" خالد و سارة؟!! من؟!!!"
جذبها و هو يقول ضاغطا علي اسنانه :" لمذا تكونين احيانا بهذا الكم من الغباء!"
سحبها الي خارج الفندق ووقفا بجانب الدراجة و هي تقول:" كف عن سحبي من ذراعي و اخبرني فورا.. ما قصة خالد و سارة؟!"
عمر:" اسماء مزيفة يا نبيهة حتي لا يتتبعنا احد"
رقية:" افهم  ان تغير  اسمي لسارة لاني انا من يطاردوني.. و لكن لم غيرت اسمك انت؟"
استطردت منفعلة  قبل ان يرد:" ثم كيف غيرت اسمك وقد اطلعوا علي جواز سفرك؟؟ هل اسمك في الجوزا خالد؟؟  من يكون عمر اذن؟! احتاج ان افهم الان!  من الذي ارافقة علي الدراجة؟! اخبرني الان!"
عمر:" لست غبية علي الاطلاق"