صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

12/22/2011

حُرية رُقية (4)



في حي (--) في بلدة (--) الاوربية كانت روكي تركب خلف عمر وقد انطلق يجوب الطرقات.. كانت مستمتعة باحساس الانطلاق علي الدراجة.. و الهواء يداعب خصلات شعرها .. و مناظر الخضرة و الاشجار المحيطة بهما..
قال عمر:" هل جعتِ؟"
رووكي:" قليلا.. هلا ذهبنا لمطعم؟"
عمر:" لا استطيع..  يجب ان اتناول العشاء مع تلك الصديقة، لقد دعتني.. بامكانك المجيء.. هي لن تمانع.. هيا وفري نقودك يا فتاة امامك رحلة طويلة.. استمتعي بفرصة عشاء مجاني.. و ثقي بي حين اقول..لذيذ جدا"
لم ترغب رووكي في تناول الطعام بمفردها في مطعم.. لذا وافقت.. كما ارادت ان تري تلك التي اوقعت هذا الرجل في شباكها.. تخيلتها مثل ممثلات هوليوود او جميلات البساط الاحمر..
وصلا امام بيت صغير اوروبي الطابع محاط بالاخضرة و الورود المتسلقة.. طرق جو الباب و صاح بالاسبانية:" ماريا..افتحي يا فتاة..انه انا.."
سمعا صوت اقدام اتت مسرعة لتفتح الباب..
"مِرررو .. عزيزي مِررووو"
هكذا صاحت بالاسبانية سيدة بدينة في الخمسينات من عمرها.. امسكت بوجه عمر و امطرته بالقبلات علي وجنتيه..ربتت علي ظهره في ترحاب شديد ثم نظرت لرقية و ابتسمت قائلة بالاسبانية ايضا :" اهلا عزيزتي.. اهلا بكل اصدقاء حبيبي مِرّو"
قال عمر بالانجليزية:" ماريا..هذه رووكي.. رووكي.. هذه ماريا "
كانت رووكي غير قاهمة.. اتلك صديقته؟؟ ام امها؟؟ ام ماذا؟؟
دعتها ماريا للدخول.. كان منزل قديم من الداخل..تحفة فنية لعشاق الانتيكات و التراث.. اما رائحة الطعام ..فحدث و لا حرج..
جلست رووكي علي مائدة طعام مربعة صغيرة ، فوقها  مباشرة مصباح عتيق مسلط عليها.. بينما سحب عمر كرسي و جلس علي جانب الطاولة الملاصق لرووكي، وقفت ماريا في المطبخ الشبه مفتوح تحضر الطعام و تحدث عمر بالاسبانية..
لم تكن رُقية ضليعة بالاسبانية..بالكاد تفهمها..لذا لم تستطيع متابعة الحوار.. ولكنها لم تهتم فكل ما شغل تفكيرها هو رائحة الطعام الطيب و الذي ستتناوله في خلال دقائق..
فجأة التفت عمر اليها وقال بالانجليزية:" ماريا  هي صديقة امي المقربة.."
صاحت ماريا بأسي من المطبخ:" بارك الله روحها"
اكمل عمر:" انا بمثابة ابنها الذي لم تنجبه..كلما مررت بالبلدة اتي لزيارتها لاتمتع بطعامها الطيب"
اكملت ماريا بانجليزية مهشمة:" انه يذكرني بها .. هو ما تبقي لي منها ..وكأن روحها فيه.. ولكن علي مُذكر طبعا.. "
ضحكت رووكي علي الدعابة..
تناولت العشاء معهما.. كان الحديث مابين الانجليزية و الاسبانية.. ويقوم عمر بترجمة ما لم تفهمة احداهما.. الطعام كان شهيا.. تناولت رووكي الكثير حتي انتفخت بطنها.. و تخدلت اطرافها..
قالت بتثاقل بعد ان خرجت من الحمام حيث كانت تغسل يديها:" هيا يا عمر.. اوصلني للفندق .. اريد النوم.."
قالت ماريا:" اي فندق يا عزيزتي؟ لم لا تبقين في بيت  الخالة ماريا؟؟"
وقال عمر:" مازلت لا ترغبيين في البقاء؟ وفري نقودك يا فتاة!!"
ابتسمت رووكي و قالت:"اشكركما علي العرض و اكني  افضل الفندق.. هكذا رتاح اكثر"
لم ترغب في التطفل علي بيت ماريا..كما ان فكرة ان تبيت و حدها في فندق كانت تداعب خيالها.. ان كانت ستعيش الحرية فالتفعل كل ما يخطر علي بالها..
شكرت ماريا علي الطعام الرئع و حيتها و رحلت خلف عمر علي الدراجة..
بحثا عن فندق قريب..
وهناك اثناء الدفع المقدم فوجئت رُقية ان نقودها لم تعد معها!
شهقت في ذعر..
عمر:" ماذا هناك؟"
رووكي بهلع:" لا اجد نقودي! لقد سُرقت"
عمر:" كيف؟ هل تركت حقيبتك في اي مكان؟؟"
رووكي منهارة:" ابدا.. النقود في الحقيبة الصغيرة و التي لم تفارق كتفي طوال الرحلة"
عمر:" هلي اقتربت من احد مسافة تسمح له بنشلك؟؟"
رووكي:" لا ..ابدا... لم اقف في اي طابور.. و لم اقترب من اي ازدحام..و... اللعنة! .. انه مارك! هو الوحيد الذي اقترب مني!"
عمر:" بالفعل .. لا احد غيره.. فكرة ان يضمك بعد حديث قصير بينكما كان غريبا بعض الشيء"
بكت رُقية بحرقة..قالت بغضب:" وانا التي شعرت بالذنب بعد ان صفعته.. ليتني دفعته من نافذة القطار الكبيرة"
نظر عمر لموظف الاستقبال في الفندق في حرج و قال:" حسنا.. سنؤجل الحجز لبعض الوقت.. سنعود لاحقا"
سحب رقية  و التي كانت تبكي بكاءا شديدا من يدها..خرجا خارج الفندق..
وقف امامها في الخارج .. كانت يحدثها قائلا:" عليك ان تهدائي.. لن ينفعك البكاء.. فلنفكر بالعقل"
بينما هي لا تسمعه بالمرة و تردد و هي تبكي:" كان مبلغا كبيرا.. انها نقودي التي لا املك سواها.. ماذا سأفعل الان"
ظلا يتحدثان لبعضهما في نفس النفس.. الي ان صاح بها بعد ان مل من بكاءها كالصغار:" اسكتي بأة!"
صمتت لثانية وهي تنظر اليه.. انتهز فرصة صمتها و قال بحدة:" كفي عن البكاء كالاطفال.. لم تصمتي ثانية!..دعينا نتحدث كالكبار"
 صاحت غاضبة:" هل تصرخ في؟!! من تظن نفسك لتصرخ في؟!! ابتعد عني لا اريدك ان توصلني.. باكماني الاعتماد علي نفسي"
سارت مبتعدة..
قال بصوت عالي عن بعد:" وريني هتوصلي ازاي و انت معكيش فلوس"
سارت بضع خطوات عصبية و لكنها ابطاءت تفكر ..حقا ماذا عساها ان تفعل؟..
ادرك هو ان نوبة انفعالها  قد هداءت و انها تفكر ببعض المعقولية .. الفتاة عصبية مثل ابيها و لكنها ايضا  مثله، تهداء بعد لحظة ، فصاح ثانية لتسمعه عن بعد:
" ارجعي و انا هسلفك الفلوس.. لما تقبضي  مُرتبك ممكن ترديلي"
استدارت ومازلت الدموع في عينيها ..بدي عليها خيبة الامل الشديدة.. قالت:" ليس لدي راتب.. انا لا اعمل"
تصنع الدهشة و قال :" حقا؟؟! ظننت فتاة في مثل انطلاقك تعيل نفسها.. اذن من يتولي نفقاتك؟"
قالت:" الامر خاص.."
ابتسم .. و نظر حوله في الطريق ثم قال:" هلا اقتربت.. ليس من الطبيعي ان احادثك و بيننا كل تلك المسافة"
اقتربت ببطء و هي تشعر بالخيبة..
قال:" هكذا افضل.. الان اسمعي.. بامكانك امضاء الليلة عند ماريا.. هكذا لن تحتاجي للنقود"
قاطعته:" وماذا عن ما بعد.. انا علي وشك البدء في حياتي و الاستقلال.."
قال:"يا فتاة  الاستقلال يعني ان تعيلي نفسك.. عليك ايجاد وظيفة.. اسمعي.. فلتمضي وقتا لطيفا مع اصدقاءك في الكرنفال .. اعتبريه اجازتك الاخيرة قبل البدء في الحياة العملية، اقترضي النقود مني.. وبعد ان تنتهي من الاحتفال  و المرح..ابحثي عن و ظيفة ..اقبضي راتبك..ردي لي نقودي.. ايبدوا هذا عادلا؟"
سألت:" و لم عليك فعل ذلك؟"
عمر:" ليس علي شيئا.. انا اري فيك شابة لطيفة تستحق ان اساعدها.. كما اني الوم نفسي بعض الشيء كون ذلك الفتي سرقك تحت مسمع و مرأي مني دون ان ادرك.. امرا مخجلا حقا"
رووكي:" و ما ذنبك انت لتتحمل ذلك؟"
عمر:" ليس ذنبا .. انا كسب جيدا و اقراضك اي مبلغ لن يفلسني.. ثم كفِ عن ارهاقي بالجدال! انا اعرض عليك عرضا.. هل ستقبليه ام لا؟!"
قالت رووكي ببؤس:" اقبله.. شكرا لك"
ابتسم ثانية .. ركب دراجته  ونظر اليها و هي مازلت تقف وقال:" مش جاية؟."
ركبت خلفه في صمت و علي و جهها علامات الاحباط.. انطلق هو نحو بيت ماريا.    
عندما عادا رحبت ماريا بخبر بيات رووكي ترحيبا شديدا.. قادتها لحجرة صغير و لكن اية في الجمال و التنسيق.. وفي الثانية التي وضعت رُقية رأسها علي الوسادة لم تشعر بشيء .. كان يوما شاقا ومرهقا..
تسلل عمر بهدوء ..القي نظرة عيلها و هي نائمة.. ثم اخذ هاتفه وخرج الي حديقة المنزل الصغيرة ..تحدث بصوت خفيض حتي لا يسمعه احد..
"ايوة يا فندم .. الهدف معايا متأمن..."
صادق:" معاك فين؟"
عمر :" معايا في نفس البيت نايمة.."
صادق بعد ان ابتلع غصة حلقه:" انا بثق فيك يا عمر.. مش عايز التفاصيل.. انت الخبير.. وانا اعصابي علي اخرها.. انت فاهمني"
عمر وقد ادرك قلق صادق:" يا فندم احنا في بيت واحدة قريبتي..اطمن ! وعلي فكرة هي كان معاها مبلغ (-) انا اخدته كله عشان اعجزها.. هي فاكرة انها اتسرقت.. واضطرت تلجـألي عشان اسلفها.. ده هيربطها بيا اكتر.. وعموما انا بسلفها من فلوسها اللي معايا "
صادق بيأس:" زي ما قلتلك يا عمر.. انت ادري بشغلك.. "
عمر:" هي كمان فاهمة اني بكره هاخدها في طريقي لمدينة (-) واوصلها لاصحابها.. "
صادق:" امال انت ناوي علي ايه؟"
عمر:" خطة بكره لسة هتتحدد بناء علي ملابسات الموقف..بس الهدف اني ااخرها..هوافيك بالاخبار يافندم.. اطمن.."
صادق:" لو حصل و رحتوا المهرجان ده.. عايزها متغيبش عن عينك يا عمر! هيكون زحمة و ناس كتير.. ابعد عنها الشباب.. انت بتحميها من اعدائي ولكن  الاهم بتحميها من نفسها.. البنت عندها ثورة علي كل حاجة..كل المباديء و كل عادتنا ، مش بعيد تدخن مخدرات ..او.. اسواء!"
ابتسم عمر و هو يتذكر رووكي و هي تسعل في القطار  بعد نفس السيجارة ثم قال بجدية:" اطمن يا فندم!"
انهي الحديث ودخل الي المنزل.. القي بجسده علي اريكة قرب باب غرفة رُقية قد اعدتها له ماريا لتكون فراشا.. سرح قليلا قبل ان يسقط في النوم..رأي وجهها و هي تبكي حسرة علي نقودها.. إن ايلامها هكذا لهو امرا غير مريح بالمرة.. ولكنها مهمته و عليه اتمامها للنهاية.. ليتها تنتهي سريعا.. فلسبب ما تلك المهمة علي قدر ما تبدوا من تفاهة و سهولة، هي من اصعب ما قابل من مهمات.. لقد مر بصعاب كثيرة  في مهمات سابقة.. قام بحراسة رجال ذوي اهمية خاصة.. تقصي عن معلومات خطيرة وعرض نفسه لكثير من الاخطار.. عمل بشكل سري و تقمص عدة شخصيات..ولكن اكثرهم ثقلا علي صدره هي تلك المهمة.. زفر في ضجر .. عليه الا يفكر سوي في اتمام المطلوب.. علي الفتاة ان تعود لابيها و خطيبها السخيف..  راح في النوم بدوره بعد ان صفي ذهنه ونجح في طرد كل الافكار.

هناك تعليق واحد:

  1. هييييييييييييييه شكله هيطب هوه التاني عشان يحرم يعلق البنت المسكينة .. بس بجد صعبانة عليا قوي رقية بتخيلها ان فلوسها ضاعت

    ردحذف