صورتي
القاهرة, Egypt
منة فوزي .سيناريست وبحب احكي حواديت

جميع حقوق النشر محفوظة وغير مسموح بالنقل !


حقوق الملكية يا حرامي!

3/31/2011

اللصة :: (6)اين شهد؟؟!


وقف يوسف بجوار الخواجة و كله اذان صاغية لتلك المكالمة المريبة ، و كان هذا ما سمعه..
الخواجة باقتضاب و برود:" اهلا يا معلم. ..انا تمام.. اطلب.. بنت؟! مكلمني يا مرعي عشان بنت؟! ... مممم ..... ممم ... خلص يا مرعي، فهمنا انها مهمة بالنسبالك.. المطلوب؟ .... شوف يا معلم مخبيش عليك، الدنيا عندنا اليومين دول فيها لبش.. بس و عد مني انا هخلي الموضوع في دماغي.. انت برضه ياما خدمتني.. خد جو معاك قله كل حاجة عنها .. سلام"
اخذ جو الهاتف، وما بداخله يختلف تماما عن الامبلاة التي تبدو عليه
وضع الهاتف علي اذنه ليسمع صوت المعلم مرعي يحدث عدوي قائلا:" جو ايه ده اللي هكلمه!!، خد انت فهمه كل حاجة.. وابقي قولي عملت ايه.."
اخذ الهاتف يوسف و ابتعد مشيرا للخواجة بالابهام ان "كله تمام" ثم جاءه صوت عدوي:"ايوة يا جو.."
جو:" ايوة يا نيلة.. انتوا لسة في الهيافة دي.. برضه بتدورا علي البت اياها.. حتي معلمك هايف زيك؟؟"
عدوي وكانه لم يسمع السباب:" اسمع هديك اوصافها.. هي قلة كدة شوية و شعرها غامق و ...... "
كان جو متظاهرا بالاستماع بينما كان يبحث بعينه عن شهد في المكان ، فقد اندهش عندما نظر الي الطاولة و لم يجدها..
"هي حلوة اوي .. يعني شكلها ملفت.. و جسمها.."
دار بعينية في كل الاتجاهات.. اين انت يا شهد؟؟
" هي يوم ما طفشت كانت لابسة جاكتة رمادي.. بس ممكن تكون غيرت.. وكان معاها شنطة كده و.."
توجه للطاولة و اشار لاحدهم متسألا عنها.. فرد عليه بانها اختفت فجأة.. اين انت يا شهد؟؟
"هي تبان غلبانة خلي بالك ..بس هي شرسة اوي.. انت شف دراعي؟"
توجه للمطبح و مازال الهاتف علي اذنه و عدوي مستمر في الحديث ، فتح الباب ليجد سمر مبتسمة في بلاهة و مندو و الطاهي.. و لكن لا وجود لشهد.. اين انت يا شهد؟؟
" هي شكاكة جدا ومبتأمنش لأي حد..لو لقيتها خلي بالك علي حاجتك دي بنت حرامية."
وقف امام الحمام لبرهة و لكن خرجت منه فتاة تاركة الباب مفتوح و لا احد بالداخل.. اين شهد؟؟
"اوعي لما تشوفها..تطمع فيها لنفسك..دي تطير فيها رقاب!"
اين انت يا شهد؟!!

جو فجأة:" اقفل يا عدوي!"
عدوي:" انت مستهتر بكلامي عشان بس متعرفهاش.. لما تشوفها هتعرف انا ليه هتججن عشان مش لاقيها.."
جو بعصبية :" خلاص ..عرفت! اقفل بأة"

واغلق الخط.. خرجت منه تلك الكلمات العصبية التلقائية تحمل معني حرفي مختلف عن ما وصل لفهم لعدوي..

قام بسؤال اكثر من شخص عليها و كانت الاجابة بالنفي .. فكر في انها قد تكون عادت للمنزل فانتظر علي نار حتي قرر الخاوجة ان يرحل ، ثم توجه للبيت سريعا بعد ان امن الخواجة لمنزله، ولكن لم يجدها.. اين ذهبت؟؟ لولا ان عدوي كان معه علي الهاتف (بيدلل) عليها ، لتأكد انه تمكن من العثور عليها و اعادها ..
جلس يفكر.. حسنا هي ليست مع عدوي.. هذا في حد ذاته جيد.. ولقد اوكل الخواجة مهمة البحث عنها بناء علي طلب المعلم مرعي له هو شخصيا و هذا ايضا ممتاز.. فهي ليست في خطر محدق في هذه اللحظة.. ولكن مازال السؤال اين ذهبت؟؟ و هل من المنطقي ان تذهب بدوان اي مقدمات او حتي وداع؟! طب كلمة شكر..
شعر انه متوتر ازيد من اللازم و انه يجيب عليه الهدوء.. فلتذهب اينما ارادت.. ما شأنه بها؟ لربما ذهبت مع احدهم، فهو لا يعرف عن حياتها شيئا..ثم انها حتي الان لم تكن سوي عبء عليه و مصدر لاهلائه عن (اكل عيشه) .. لربما كان رحيلها من ترتيبات القدر للرفق بحاله.. يجب الا يقلق نفسه بشأنها.. فهي كما قال عدوي شرسة و قادرة علي حماية نفسها..
خلع قميصه و صعد الي سريره ووضع رأسه علي الوسادة.. وقرر النوم..ولكن لسبب ما تذكر انها باتت ليلتها امس علي هذا السرير و وضعت رأسها و خدها علي تلك المخدة.. ولسبب ما افقدته هذه الفكرة القدرة علي النوم لمدة طويلة.. كان يفكر بها ثم يطردها من رأسه فتعود مرة اخري، فيطردها .. وهكذا حتي سقط في سبات عميق فجأة..

  ***

كانت شهد تسير مسرعة في الطريق.. لم تكن واثقة من وجهتها و لكنها كانت تبتعد، لم يكن الظلام دامسا في الشارع فعدد المحال التي مازالت مفتوحة تفي بغرض الاضاءة.. فوجئت بصوت انثوي يناديها.. التفت في توجس لتجد صاحبة الصوت هي زوزو..
زوزو:" رايحة فين يا شهد ؟؟"
شهد:" مروحة.."
زوزو:" مروحة فين؟؟ دا بيت جو عدي من زمان؟؟ ولا انت سبتي البيت عنده.." سألت السؤال الاخير بلهفة..
صمتت شهد تفكر فقد ترآءت لديها خطة و قررت استغلال الموقف..
شهد:" لأ مانا اصلي مش عايزة اتقل عليه بقي كفاية كده.."
لمعت عينا زوزو، لقد التقطت الطعم:" طب و هتروحي فين؟؟"
شهد:" مخبيش عليكي، مش عارفة.. بس اوعي تجبيله سيرة.. اصلي بصراحة مش عاجبني شغالنة المطبخ دي، كمان مش عارفة اخد راحتي عنده..بس في نفس الوقت جمايله مغرقاني و مش عايزة ازعله..فقلت امشي من سكات.. امانة عليكي.. اوعي تقوليله انك قابلتيني..سلام" و همت بالسير
امسكتها زوزو من زراعها وقالت بسرعة:" لأ طب استني بس هتعدي فين يا بنتي بس..كده هيضيق بيكي الحال و تضطري ترجعيله تاني.." صمتت لبرهة ثم قالت:" متيجي عندي.."
شهد ببؤس وقد وصلت لمبتاغاها اخيرا:" مش عايزة اتقل عليكي انتي كمان.."
زوزو:" تتقلي علي مين يا عبيطة..دانتي حتي و شك حلو عليا، دانا رايحة اقابل واحد هيسلمني مفتاح اوضتي الجديدة.. واسعة و شرحة و جايباها بفلوسي.. تعالي اعدي عندي لحد ما ربنا يسهلك"
ابتسمت شهد و قالت:" مش عارفة اقولك ايه و الله..انت باين عليكي جدعة قوي.."
زوزو:" متقوليش كده.. انت اصلك دخلتي قلبي من ساعة ماشفتك.. تعالي معايا نعدي علي الراجل و نروح علي الاوضة الجديدة ننام.. و بكرة تبقي تيجي معايا ننقل بقية الحاجة من بيت صحباتي اللي كنت قاعدة فيه.."
شهد:" ماشي.. بس جو مش هيعرف!.."
زوزووهي تعني كل حرف:" عيب عليكي هو انا عبيطة.."
سارت الفتاتان معا تبتسمان في ارتياح فقد حققت كل منهما هدفها من الاخري.

                   ***

في اليوم التالي بالفعل ذهبت شهد مع زوزو بعد ان استأجرت سيارة نصف نقل و قاماتا بنقل اغراض زوزو الي الحجرة الجديدة لا تختلف عن بيت يوسف كثيرا، الا انها فوق سطح مبني صغير. و بعد ان رتبن الاشياء جلستا تستريحان..
زوزو:" انا عندي شغل بالليل عند عطا..هتعملي انتي ايه؟؟"
شهد:" مش قلتي هتشغليني معاكي هناك؟"
زوزو محذرة:" لأ .. دلوقتي حاجة تانية.. جو هناك علطول و هيشوفك"
شهد :" اه فاتتني دي.. طيب حيث كده وريا كام مصلحة كده .."
زوزو:" طيب البيت بيتك .. عندك غدا اهه علي الترابيزة.. و انا هلبس و انزل عندي كام مشوار قبل ما اروح لعطا"
و بعد ان خرجت زوزو، اكلت شهد بشراهة ثم ارتدت من حقيبتها زي الامس و اخذت الحقيبة وخرجت.. خرجت من الشارع و خرجت من المنطقة لقد ابتعدت جدا.. و صلت لطريق سريع غير مأهول الي حد كبير.. ووقفت.. هذا كل ما فعلته.. وقفت.. تمر بها السيارات مسرعة..
ها هو الزبون الاول.. اقترب منها بسيارته الفخمة سار ببطء ثم توقف و نادها عبر النافذة.. ابتسمت في اغراء وحركت رأسها في دلال كناية عن الرفض.. ولكن رفضها زاد من حماسته .. استمر في استمالاته لها لتركب.. حتي انه اخرج لها نقودا و لوح لها بها.. بمجرد ان لمحت النقود..حتي ابتسمت ابتسامة ساحرة و اقتربت منه.. فبادلها بابتسامة عريضة واعين ملهوفة تتابعها وهي تتهادي نحوه و ما ان فتحت الباب حتي و جد نصل سكين يلامس عنقه و وشهد تقول:" اظن انك انت اللي عرضت الفلوس بنفسك.. وانا قبلتهم ..متشكرة قوي.." ثم ضغطت علي السكين حتي شعر انه علي وشك ان يجرح فصرح خائفا.. فقالت:" انا ممكن اتاويك هنا.. اتكل علي الله لو باقي علي عمرك"
و بلفعل ما ان ترجلت من السيارة حتي انطلق الزبون بسرعة البرق..
وهكذا استمرت.. الزبون الثاني فالثالث.. كانت واثقة من اعين بعض الرجال الفارغة التي ستعيدها للبيت غانمة رابحة. . ولكنها لا يجب ان تبقي في نفس المكان كثيرا فالذين يهربون قد يعودون بالشرطة ان كانت لديهم الشجاعة الكافية للتصريح بما كانوا ينتون فعله قبل ان تتم سرقتهم..
اقترب منها شخص بسيارة قديمة بالية يبدو عليه القحط و نادها مثل الذين سبقوه.. اقتربت منه شهد بسرعة و اشهرت السكين قبل ان تتحدث:" امشي من هنا ياد بدل ما اشرحك.. انت لاقي تاكل؟؟.. وفر فلوسك اللي كنت ناوي تبعزئها دي وروح اكل بيها عيالك ولا امك....جتك القرف كحيان و بتوقف للبنات؟!!"

وقفت تتابعه و هو بنطلق بعد ان صدم من تصرفها.. تذكرت يوم ان قامت وهي صغيرة بنشل احد الموظفين في الحافلة ، ثم رات الموظف يبكي بعدها بحرقة و يحكي للمواسيين له عن قائمة الاحتياجات التي كان سيصرف فيها المرتب المسروق..اثر بها بكأه بشده، واحرقتها دموعه فما كان منها الا ان لعبت دور الطفلة البريئة التي عثرت علي المحفظة اسفل احد الكراسي و اعادتها للرجل الذي فرح لدرجة انه قبلها و اعطاها كل الحلوي التي كانت معه وقد كان ابتاعها ككل اول شهر بعد القبض لاولاده.. يومها لاقت الويل من المعلم مرعي علي هذا التصرف الاحمق، و ولكنها قررت بعدها انها لن تسرق اي فقيرا ابدا و ليس علي المعلم مرعي ان يعلم بذلك.. وقد تبنت هذا المبدأ لاعوام مضت كثيرة.. وصارت تكثف جهودها مع لديهم فائض من "الخيرات".. وال الان مازالت تذكر دموع الرجل و قبلته الحانية علي جبينها و طعم الحلوي الرائع..
                                 
                             ***

عادت شهد لمنطقة الريس عبود محملة بغنيمة اليوم تحركت بسرعة الي ان وصلت لبيت زوزو، استبدلت ملابسها و افترشت الارض و ضعت السكين بجوارها واخرجت النقود لتقوم بعدها.. حصيلة ليست سيئة علي الاطلاق.. والاهم ان لن يأخذ منها احد مليما.. ستحتفظ بكل المبلغ لنفسها.. سوف تشتري ملابس واشياء جديدة ابتسمت في سعادة و خبأت النقود، حاولت ان تنام و لكنها لم تستطع.. تذكرت نومها الهانيء في بيت جو.. تحسرت عليه.. ولكنها تدرك ان هكذا هي افضل حالا.. شهد ستعود لامجادها.. وبيت جو كان محطة في اول الطريق..
              
                      ***
عندما التقت زوزو بيوسف عند عطا سألته عن شهد لكي تبعد اي تفكير ناحيتها و لتختبر رد فعله ، بالفعل لم يعجبها رده وهو في غاية الضيق:"متجبليش سيرتها بقي.. البت طفشت..و الموضوع ده خانقني"
زوزو:" وايه يعني ما فستين داهية"
جو:" انا خايف عيلها يا زوزو مهما كان دي لوحدها.. ملهاش حد"
زوزو:" طب مانا لوحدي ومليش حد، اشمعني مبتقلقش عليا؟!"
جو:" انتي ميتخفش عليكي يا زوزو"
زوزو:" وهي كمان يا خويا ميتخافش عليها.,. انت اللي علي نياتك و فاكرها غلبانة.. انما اسألني انا.. مايعرفش البنات غير البنات.. دي ساهية ووراها دايها.. كويس اللي ربنا بعدها عنك.. انا مكنتش مستريحالها.."
جو و قد ادرك انه لا لزوم لمواصلة الحديث بعد هذه النقطة فمن الواضح ان زوزو الان واقعة تحت تأثير غيرة وحقد شديدين و كل ما ستقوله هو كلام "نسوان" فارغ عن شهد..
فاثر الخير و قال مبتسما:" طيب يا واعية.. روحي شوفي وراكي ايه.."
شعرت زوزو ان ما قالته لم يؤثر (بنكلة) علي جو.. بل ما استفزها هو تأكدها من ان جو بشكل او اخر مهتما بشهد.. و نضيف علي ذلك ما روته لها الفتيات عن احداث امس و ما دار بين شهد و يوسف من فقرة الطعام الي فقرة الجلوس معه و الاصدقاء..
لقد نجحت حتي الان في التخلص من شهد جزئيا.. يجب تكمل الامر للنهاية..
                                
                                           ***

وقفت زوزو في الردهة ما بين دورات المياة و المطبخ امسكت هاتفها واتصلت بشخص ما..
"اهليين.. ايه ده مش مسجل رقمي.. انا زوزو اخص عليك.. لقيتك مبتسألش قلت اسأل انا.. و بالمرة اعزمك بقي علي افتتاح بيتي الجديد.. هو ضيق حبتين بس قدامة سطح ايه ..حكاية.. ايه ده انت مش في هنا؟؟ وراجع امتي؟؟ طب يومين مش بعيد .. خلاص اول لما ترجع اتصل بيا عشان نوضب السهرة... كله هيكون موجود.... وفي كمان وجه جديد يا سيدي.. لا اوصفلك ايه؟؟ كده المفاجأة تبوظ.. طب هقولك الاسم بس.. اصلها اسم علي مسمي.. شهد.. اايه رأيك؟ .. خلاص مستنياك.. الحجات الحلوة عليك.. متنساش.... باي باي يا عيوني"

                                   ***

بقيت شهد عند زوزو كل منهمنا في حالها، فشهد تخرج لتقوم باعمالها بينما و قت زوزو مقسم بين الوظيفتين و الاصدقاء.
اما جو فقد كان يشعر بالضيق كلما تذكر شهد و مزيج من القلق عليها و الغيظ منها.. و لكنه كان يدرك ان التفكير بها لن يفيد شيئا، فيتناساها قدر استطاعته ..
ولكن حدث امرا ما .. كان عدوي يتصل به باستمرار ليسأله عن اي جديد و كان يوسف يخبره بانه لا جديد.. الا ان عدوي اخبره انه مازال مستمرا في البحث عنها دون علم المعلم مرعي الذي امره ان يترك الموضوع للكبار، اقلق هذا الامر يوسف مما دفعه بدوره ان يبحث عن شهد في محاولة لان يجدها قبل عدوي عله يمنع عنها اذاه..
وهكذا صار عدوي و يوسف يبحثان عن شهد كل علي حده.. بينما شهد تختبي من كليهما معا و تساعدها في ذلك زوزو التي تريد ان تبعدها عن يوسف تماما، وقد فكرت زوزو في ذلك الشخص والذي من المؤكد انه سينبهر بشهد و سيغدق عليها بامواله مما سيجعل شهد تنجذب له بدورها كرد فعل لأي فتاه طبيعية امام المال.. وقد تكون محظوظة زوزو فيعرض شراء شهد.. وحيث ان شهد لا عائل لها مؤكد ستقبل .. وهنا ستكون المصلحة مصلحتين حيث ان زوزو ساعتها ستقبض العمولة كاملة منفردة.
***
صار يوسف يتحمل علي مضض مكالمات عدوي بل احيانا يتصل هو به لكي يتابع ما توصل اليه في البحث عن شهد.. وفي احد المكالمات سأله يوسف:" انا سمعت انك بتفكر تتجوزها يله.. للدرجادي؟"
عدوي بلهفة:" انا بس احط ابدي عليها.. وهعمل اي حاجة تخليها ملكي طول العمر.. انشالله الزقها بغرا.."
جو:" وده من ايه ده؟ اخص علي الرجالة اللي بنات بتجيب بوزهم الارض.. مالك واقع كده؟! متجمد شوية متحسسنيش اني بكلم سوسن"
عدوي:" يابني انت مبتفهمش بقولك بقالها سنيني مجنناني.. بفكر فيها طول الوقت و يوم ما بقت ملكي ..طفشت "
جو بتردد ليس من طبيعته:" بتحبها يعني؟"
صمت عدوي صمتا غريبا..
جو:" انت مت و لا ايه؟"
عدوي:" مش عارف .. اصل السؤال غريب.. اللي اعرفه اني عايزها.. عايزها تبقي بتاعتي..لوحدي.. سميه زي ما تسميه.. مش مهم، المهم الاقيها.. "
جو سارحا وكانه يحدث نفسه:" يعني انت مش قلقان عليها دلوقتي.. و هي لوحدها كده؟"
عدوي معترضا:"بقولك غزتني في دراعي .. يا عم اقلق علي مين؟ وبعدين لعلمك دي شرسة جدا، صحيح ماكتش بتقدر عليا و كنت ساعات ارقدها يومين من الضرب لو تفكر تمد ايدها عليا.. بس كانت ضوافرها و سنانها بيعلموا في جتتي.. هي جامدة برضه رغم انها قلة."
جو مصعوقا:"كنت بتضربها يا عدوي؟!! بتستقوي علي بت؟؟!! "
عدوي:" هي كام مرة كدة.. كان لازم تتربي.. لسانها طويل يا عم و ايدها اطول.. كل ما كلمها كلمة تعملي فيها خضرة الشريفة وتقل ادبها.. ده في مرة كف ايدها علم علي وشي 3 ايام..بس ساعتها مخلتش حتة في جسمها الحزام بتاعي مش معلم فيها.. "
جو ساخرا محاولا اخفاء انفعاله:" قال و انا بسألك ان كنت بتحبها؟ امال لما ترجعها هتعمل ايه؟ هتموتها؟"
عدوي:" لأ هعرفها غلطها بس.. و بعد كده فل.. المسامح كريم.. "
صمت جو كان يحاول ان يهديء نفسه.. تخيله لعدوي و هو يقوم بضرب شهد كان امرا مؤلما و مثيرا لسخطه بشدة.. ولكنه تمالك اعصابه فليس من مصلحته ان يخسر عدوي الان، فهو بحاجة لأن يبقي متصلا به متابعا لتطورات الامر معه، لذا اثر ان يصمت.. ثم لم عليه ان يتوقع شيء مختلف من عدوي؟؟ من كبر علي شيء شاب عليه.. العنف و الايذاء يسريان في دمه لم عليه ان يكون مختلفا مع شهد؟؟ تري اين انت يا شهد الان؟
جو بعد ان نجح في ان يهدأ:" يعني انت مش خايف مثلا و احد ابن حرام يطلع عليها يعمل فيها اي مصيبة و لا يموتها"
عدوي منفعلا:" يموتها!! بعد كل ده.. ده انا اكون شارب من دمه "
جو:" بعد ما تكون هي راحت.."
عدوي:" اسكت.!. اسكت! جتك الغم طول عمرك نكدي و غاوي نبر ..قال وانا نبسوط اننا بنكلم ونحكي.."
جو:" بنكلم و نحكي؟؟!!.. انت فاكرني خطيبتك! فعلا انا ايه اللي خلاني افتح في الكلام معاك؟ غور واما تعرف حاجة كلمني.."
انهي جو المكالمة كان يشعر بمشاعر مخطلتة.. كان غاضبا ومتألما من اجل ما علمه للتو عن اساءة عدوي السابقة لشهد ، هو يكره عدوي و يحتقره و لكن الامر الغريب انه كلما تحدث عدوي عن لهفته لشهد تعاطف معه لسبب ما، والان هو قلق علي شهد جدا و لكنه غاضب منها لانها سبب ضيقة و اضطراب افكاره ، كان يمكن ان تخبره ببساطة انها راحلة وتعلمه بمكانها لكي يصل اليها بسرعة في حالة طارئة مثل هذه.. والاهم هو غاضب من نفسه لانه و لاول مرة يسمح بكل تلك المشاعر ان تؤثر فيه.. ولكن يجب ان ينسي كل ذلك الان و يحاول ايجادها قبل ذلك الابله السادي

                   ***

قبل اليوم الموعود لسهرة افتتاح بيت زوزو بيوم واثناء وجودها عند عطا في الصالة اتت باحدي الفتيات في ذلك الممر ما بين المطبخ و الحمام حيث الهدوء وحدثتها بصوت خفيض قائلة:" بت انا عايزايكي تقولي للبنات في الخباثة من غير ما حدي يعرف ان بكرة في سهرة عندي في البيت الجديد.. خلي اللي عايزة تجيب صاحبها معاها تجيبه.. بس محدش يجيب معاه اي حد من الصالة.. مش عايزة حد من هنا يشم خبر و بذات جو.. لو عرف هطين عشيتكوا.."
اومأت الفتاة برأسها في حماس و عاداتا معا الي الصالة لتصعدان الي اماكنهم و تبدأن في الرقص

             ***

عندما عادت زوزو قبيل الفجر كانت شهد مستيقظة فاخبرتها بامر السهرة..
زوزو:" عندك هدومي البسي اللي يعجبك.. السهرات دي بنطلع منها بمصلحة كبير.. يعني عندك و احد زبون كان بيجي الصالة بس بقي حبيبنا قوي وبعزمه بره الصالة.. غني جدا..بس عيبه انه بيسافر كتير.. متفهميش شغال في التهريب و لا ايه.. المهم ده تركزي معاه.. كريم و فييس قوي.. و لو عجبتيه هيهنييكي ده كمان ممكن يسفرك معاه تتفسحي.. شوفتي بظبطك ازاي؟.. انت زي اختي"
شهد:" يسلام ياختي يسفرني معاه و هو شغال في التهريب فاتقفش معاه..هو ده التظبيط؟ انتي عايزة تخلصي مني و لا ايه؟ ثم مين قالك اني ليا في السكة دي.. انا اخري اطلع ارقص معاكوا.. بكتير اقلب رزقي في جيوب زبون.. انما اعجبه و يسفرني معاه.. مليش فيه"
زوزو:"انتي فهمتي ايه؟؟ انتي مالك يا بت خايبة كده؟؟.. وانا قلتلك اعملي حاجة وحشة.؟!. اعملي زيي.. انا بعلق الواحد من دول.. يقع فيا.. يصرف يصرف يصرف.. و برضه مبيطولش حاجة.. و لا هيطول!.. بس هو بأة ميعرفش انه مش هيطول، ودي الشطارة" واتمت الجملة بضحكة مائعة
شهد:" مليش فيه.. لو عايزاني اقلبهولك ماشي.. غير كده معرفش"
زوزو مذعورة:" تقلبي مين؟؟ انتي عايزاة تبوظي سمعتي؟؟ محدش يتقلب عند زوزو ابد.. اوعي! خلاص ابقي اعدي معانا اتسلي وخلاص.."
شهد:" ان كان كده ماشي.."
***
بالطبع سري الهمس في اليوم التالي عن سهرة زوزو بين الجميع الي ان و صل لجو.. و قد تعجب من انها لم تقوم بدعوته و لكن لم يبد للامر اهتماما بقدر غرابته.. اثناء جلوسه في الصالة لمح تلك الفتاة التي تعمل بالمطبخ ..ماذا كان اسمها؟؟ سمر؟؟ كانت تقف علي باب المطبخ وتشير باشارات غريبة.. هل تشير له؟؟ ركز انتباهه عليها ليجدها تناديه بالفعل وواضح انها لا تريد احدا ان يلاحظ الامر..
ذهب اليها و قال:" في ايه يا سمر؟؟"
سحبته الي المطبخ الذي كان خاليا الا من سواهم
قالت هامسة:" اسمع بسرعة قبل ما يجوا.. انا عارفة ان شهد طفشت و انت بتدور عليها.. زوزو عارفة مكانها.. انا سمعتها بتكلم و احد في التليفون من يومين عنها ..يظهر هتعرفهم ببعض وهيتقابلوا في سهرة.. انا قلت و قتها وانتي مالك يا بت..سيبي شهد تشوف حظها..بس اللي خلاني اندهلك انهاردة اني سمعت زوزو بتتفق مع البت مني انهم يسهروا سهرة عندها في البيت الليلة.. واكدت عليها ان محدش يعرف من هنا و خصوصا انت بذات.. هتقولي و انتي خايفة من ايه؟؟ هقولك معرفش!. في حاجة مش صح.. الفار بيلعب في عبي.. حاسة ان نية زوزو مش خالصة.. اولا شهد واقفالها في زورها.. هتخدمها و تعرفها علي واحد ليه؟؟من جدعنتها اوي؟؟ و ثم من امتي يعني زوزو تخبي عليك انت بذات سهرة و كمان عندها في البيت.. دي بتتمنا انك ترضي عنها... وبعدين الطريقة اللي كانت بتكلم بيها الراجل ده عن شهد يعني لامؤاخذة كانها بتبيعله بيعة.. فوق كل ده ما هي اكيد عارفة انك بتدور علي شهد و نكرتها منك مع انها عارفة مكانها و عازماها عندها في السهرة"
كان يوسف يستمع في صمت يحاول اكتشاف ان كانت سمر صادقة و يحلل ما تقول .. ان سمر لا مصلحة لها في اي شيء..
شكرها وخرج للصالة..
ما حكته سمر الان كان غريبا حقا .. كما انه لا يفسر سبب هروب شهد منه بتلك الطريقة.. اتركته من اجل ان تتلتقي بصديق زوزو؟؟ وهل كان هو يمنعها عن لقاء ايا كان ؟؟ غير منطقي.. ثم اين تقيم؟ و لم تتظاهر زوزو بعدم معرفتها بمكانها؟؟ بل تتمادي في السباب ان اتت سيرة شهد.. سمر محقة .. هناك شيء مريب..

ذهب الي البيت حيث تقيم زوزو مع صديقاتها ليواجهها بالامر و يفهم ، فعلم منهن ان زوزو انتقلت و انها حضرت بصحبة صديقة جديدة ستقيم معها اسمها شهد لاخذ بقية الاغراض الخاصة بها.. كما اعطينه العنوان الجديد، كم هو سهل الحصول علي كم رهيب من المعلومات من الفتيات.. ثرثارات و غبيات.. ليت عدوي لا يتعثر في امثالهن اثناء بحثه عن شهد..والان زادت حيرته بالمعلومة الاضافية.. فاقامة شهد مع زوزو لهو امر غريب؟؟ زوزو قد تتحمل الطاعون و لا تتحمل شهد.. ما السر؟؟ و اضح ان المواجهة ليست الحل الافضل.. بل المفاجأة!
***
عند حجرة زوزو المطلة علي سطح بيت من دورين تجمع الاصحاب.. بعض الفتيات من راقصات الصالة و بعض الشباب من اصدقائهم.. جلسوا في ساحة السطح الواسعة حيث نظمت لهم زوزو جلسة علي الطراز العربي ..فافترش الجميع الارض و حولهم "الاشياء لزوم الاشياء" كل انواع الدخان و المشروبات ما كان بريء منها و ما كان مذنب.. وصوت اغنية يخرج من جهاز كاسيت رديء وقديم..
جلست شهد معهم سارحة.. فقد ذكرتها الجلسة بالمكان حيث عاشت سابقا.. تضاربت مشاعرها بين الحنين لمكان نشأتها و المقت الشديد له.. اتت زوزو بجانبها و قالت :"افردي و شك يا بت.. مالك مسهمة كده؟ في ايه؟؟"
تنهدت شهد و قالت:" مفيش.. مخنوقة.."
زوزو:"طول مانت قاعدة في حالك هتفضلي مخنوقة.. اصبري دلوقتي يجي ياسر يفرفشك.."
شهد متسألة:" ياسر؟؟"
زوزو:" الواد اللي قلتلك عليه.. زمانه علي وصول"
شهد:" مانا قلتلك مليش فيه"
زوزو ضاحكة:" هو انا قلت ان ليكي؟؟ اعتبريه صديق" قالتها مع تعطيش الدال لتصبح " ستشيك"
لم ترد شهد بل اكتفت بتحريك رأسها في استنكار..
و بالفعل وصل "الستشيك" ياسر.. هلل الجميع لرؤيه و و بدوره حياهم استقبلته زوزو بحفواة و ترحاب واخذت منه ما كانن يحمل من "ما لذ وطاب" لزوم السهرة ثم عرفته علي شهد و اجلسته بقربها.. تصرفت شهد معه بترحاب.. فهي ان كانت لن (تقلبه) هنا بناء علي رجاء زوزو..فعلي الاقل لا داعي لخسارة زبون محتمل (التقليب) في المستقبل.. فلا احد يعلم ما تحمله الظروف.. لذا تكسب اعجابه.. لربما..
لم تكن بحاجة لبذل جهد لنيل اعجابه..فقد ابهرته من اللحظة الاولي.. خاصة بعد ان تحول مظهرها فقد اعتنت بنفسها و ابتاعت الملابس الجديدة.. كانت فاتنة بحق، حتي انها لاحظت انه لم يكن ياسر فقط هو من اعجب بها، بل بعض الشباب هنا كانوا يشاغلونها من و راء ظهر صديقاتهم.. كانت مثل هذه المواقف المؤسفة تثير سخريتها و ضحكها فكانت تضحك فتزيد المعجبون اعجابا..
اطمأنت زوزو ان خطتها في تشبيك شهد مع ياسر في طريقها للنجاح ، فشهد لم تكف عن الضحك منذ ان جلست معه..
لم يكن ياسر ثقيلا .. كان مرحا متحدثا و مغازلا جيدا فلم تجد شهد لزوم للمونة و لا لعصرها.. كانت تسلي و قتها به حتي انقضاء السهرة .. ( وبالمرة تربي زبون)

كانت مازالات تضحك الي ان وقفت الضحكة في حلقها فجأة.. وتسمرت مكانها مثبتة نظرها علي القادم عليهم، حتي ان ياسر استدار بسرعة في اتجاه بصرها ليري ما الذي اصابها بالتجمد بهذا الشكل..
اما زوزو فقد كادت ان تصاب بالشلل عند رؤيتها له.. ولأول مرة لا يسعدها وجوده.. كيف اتي؟ كيف عرف؟؟
تبادلت نظرات الذعر مع شهد ثم انطلقت قائلة:" جو؟؟ اهلا ..اهلا"
قال جو بهدوء و بابتسماة هادئة:" كده يا زوزو متعزمنيش في الحفلة دي.. اعرف من برة؟ "
تمتمت زوزو بكلمات غير مفهومة علي سبيل التبرير
فقاطعها قائلا:" عموما انا مش غريب فعزمت نفسي بنفسي.."
كان موجها كلامه لزوزو بينما نظره الي شهد.. اقترب منها و قال:" وقلت كمان اجي اسلم علي شهد الندلة.. كده يا شهد مختفية بقالك كام يوم..فينيك يا ندلة؟"
ثم القي نظرة سخيفة الي ياسر و جلس بجوار شهد المزعورة الصامتة علي ما يشبه الكنبة ، فاصبحت هي بينهما وقال بهدوء:" وحشتيني والله.." ثم القي بذراعه علي كتفها بطريقة بها استهتار وتقدم في جلسته الي الامام ليصبح مواجها لياسر وقال:" مش تعرفيني يا شهد.. انا بشبه عليك"
كان ياسر منزعجا من تطفل جو المفاجيء وتعامله مع شهد بتلك الحميمية ولكنه اجاب في عدم فهم:" انا ياسر.. انت مين؟؟"
فقال يوسف بطريقة مسرحية:"ممممم ياسر.. عرفتكك يا راجل مش انت من الشلة اللي كنت بتيجوا عطا كلب؟؟ انت باين بتشتغل مع حمدي في التهريب.."
تلفت ياسر حولة و قد قام بتفسير خوف زوزو و شهد الواضح بصورة خاطئة فقال:" انت مباحث و لا ايه؟؟"
ضحك يوسف بشدة و قال:" لا انت فهمت ايه؟؟ انا بس بحب اختبر ذاكرتي .. اصل انا منساش حد ابدا.. و كمان بحب اعرف كل حاجة عن اي حد يجي ناحية الحجات الي تخصني.." و ضغط بذراعه علي رقبة شهد و هو ينظراليها
كانت شهد صامتة في محاولة لفهم ما يفعله يوسف.. لم بيد عليه انه اتي للامساك بها..برغم انه يمسك بها حرفيا و يكبلها ان صح التعبير.. ولكن واضح ان مشكلته مع ياسر هذا وليست معها حتي الان..

قال ياسر مندهشا:" انا زوزو فهمتني انها حرة.. انت بتملكها؟؟"
يوسف:" ايه؟ عايز تشتريها؟؟"
نظر ياسر الي شهد ثم ابتلع ريقه و قال:" اه ..عايز "
همت شهد بالاعتراض.. بدأت تشعر انها وقعت في مكيدة مدبرة من الجميع.. زوزو و جو و ياسر..سيبيعونها
فضغط يوسف علي رقبها مرة اخري وقال :" اخرسي انت خالص.."
ولسبب ما صمتت بالفعل..
فقال لياسر:" طب انت عاينت قبل ما تنوي؟؟ "
ياسر وعيناه تلمعان:" الجواب باين من عنوانه.. "
همت شهد مرة اخري بأن تنهض فلم تستطع فقد كانت زراع يوسف القوية تثبتها.. فبقيت مكانها غير مصدقة ان هذا يحدث فعلا..
يوسف:" هتدفع كام؟؟"
ياسر:" اللي تؤمر بيه.. شهد تستاهل"
يوسف:" عشان تعرف انك مغفل.. كان ممكن البسك العمة دلوقتي و اقلبك في تمنها.."
ثم ابتسم ساخر و قال:" دي مراتي يا مغفل.. انا حبيت بس اهزر معاك.."
تراجع ياسر مصدوما ثم سأل متعجبا:" امال زوزو..."
قاطعه جو مهدئا:" متعرفش.. زوزو متعرفش اصله لامؤاخذة جواز في السر.. هي كان قصدها تخدم"
كان ياسار مازال مصدوما.. فازاح يوسف ذراعه من علي كتف شهد و بنفس الذراع خبط به علي كتف ياسر و قال:" فرصة تانية .. متزعلش نفسك.. القاعدة مليناة مزز، ارمي العطا علي واحدة تانية.. " ثم دفعه بقوة اكثر قائلا بنبرة محذرة:" قوم بأة من هنا.. و مشوفش حتي عينك بتيجي ناحيتها..انا دمي حامي"
بالفعل قام ياسر وسط ذهول شهد.. وتوجه وهو علي وشك الانفجار لزوزو التي كانت تتابع من بعيد في توتر و لم تجروء علي الاقتراب،
اما شهد فقد اصابها الارتباك.. اذن فياسر كان ينوي شرائها بالاتفاق مع زوزو.. و جو احبط الخطة.. لم؟ كيف عرف بها؟؟ و ماذا عن عدوي؟؟ هل احبط بيعها لياسر ليعيدها لعدوي؟؟
قطع ذهولها صوت جو:"هربتي ليه يا شهد؟؟"
نظرت اليه لتجده قد اقترب منها بشدة وعينيه تنظر اليها معاتبة حنونة مستفهمة..
قالت بأسي:" انت اللي ليه عايز تغدر بيا؟؟"
يوسف :"اغدر بيكي؟؟ انا جيت جنبك يا بت؟؟ و لا عشان الكلمتين المجاملة اللي قلتهملك ساعتها افتكرتي ان عيني منك؟!! دانت قايمة نايمة في بيتي.. و انا بنام ضهري ليكي"
شهد:"متستعبطش انت فاهم قصدي.. انت عايز تسلمني لعدوي!.. هو كلمك قدامي.. انا سمعت الكلام! ليه؟ دانت الوحيد اللي اديتله الامان.. دانا كنت بنام عندك و معرفش حتي السكينة فين!!"
نظر اليها و قال:" انتي كدابة!"
اندهشت من الاتهام
فاكمل:" انتي مسمعتيش المكالمة.. لو كنتي سمعتي كنتي عرفتي انه اطلب مني اساعدهم في التدوير عليكي.. وانا ثبتهم و قلتلهم تمام.. و كدابة عشان بتقولي ادتيني الامان.. لو كان ده حقيقي كنتي استنيتي و سألتيني و اتحققتي من ظنونك.. انما انتي غبية و اخدة في وشك من غير تفكير.. و رحتي لمين؟؟ لزوزو.؟ بقي مأمنة لزوزو وانا لأ؟؟!.. طب اتفضلي اهي كانت ناوية تبعيك للواد ده.. دا كويس اني لما دخلت و شفته و افتكرته و افتكرت انه معروف انه بيبدل في البنات.. فقريت ان زوزو جايباه بذات عشان كده..عشان هي عايزة تزيحك من طريقها و انتي قاعدة زي الهبلة تضحكي معاه.. عدوي ايه ده اللي هسلمك ليه؟ افهمي! انا اللي باعده عنك دلوقتيي.."
كانت شهد تحاول تجميع الكلام في رأسها.. الامر يبدوا منطقيا.. هي بالفعل لم تستمع للمكالمة.. كما انه لو اراد تسليمها لعدوي لفعلها من اللحظة الاولي.. يبدوا ان الذعر لعب برأسها ساعتها و منعها من التفكير المنطقي..
***

في هذه الاثناء كانت زوزو قد اخذت ياسر لداخل الحجرة للتحدث بعيدا عن الناس بعد ان صار ياسر منفعلا عليها، و بعد ان حكي لها ما قاله يوسف.. ادركت انها خطة يوسف لاحباط اي تواصل بين شهد و ياسر.. انه رسميا يغار علي شهد..قامت بـ(كلفتة ) ياسر و اعتذرت له و اكدت له عدم علمها بمعلومة زواجهم و طلبت منه ان يكمل السهرة معهم فالفتيات كثيرات ولينسي امر شهد.. و بعد ان انصرف للسطح، خرجت بعده بهدوء لتجد نفسها في موقع تستطيع منه سماع الحوار الدائر بين شهد و جو.. فانصتت بكل حواسها..

                     ***

يوسف:" ها وضحت الصور ولا لسة شاكة ؟؟"
شهد:" اصل موضوع انكوا اصحاب من وزمان ده هو اللي خلاني افكر كده"
يوسف:" انا هحكيلك كام مرة القصة دي؟؟!.. انا و عدوي مش اصحااااااب.. اتربينا في مكان واحد ..بس! وحتي لو اصحاب ده مش سبب يخليني اسلمك ليه.. عشان يضرب فيكي بالحزام.. و يبهدلك معاه"
وكأن كلماته هي التي ضربتها..رفعت عينيها اليه مندهشة متألمة.. سألته كيف عرف بنظرتها الخجلانة من انه يعلم امرا كهذا عنها ..
فقال:" مستغربة ليه؟ واحد زيه ممكن يكون الموضوع ده بالنسباله حاجة يتفشخر بيها.."
انزلت عينيها الي الاسفل فامسك بذقنها ورفع وجهها وقال:" ورحمة ابويا وامي ما هخلي الواد ده يلمسك تاني"
لم تدري لم دمعت عيناها في تلك اللحظة.. اهو الحزن علي حالها ام التأثر ام... الفرحة؟
اشاحت بوجهها و ابتسمت كأنها تريد ان تنفض الموضوع عنها..
ثم قالت باهتمام:" طب سؤال؟"
يوسف:" أؤموري.."
شهد:" هو انت فعلا كنت بتقولي كلمتين مجاملة؟ يعني منظري كان وحش يوميها؟"
ابتسم يوسف ابتسامة واسعة و قال:" ايوة مجاملة.. قعدتي تقولي شكلي وحش، شكلي معفن..قلت اجاملك ..بعد ما قعدتي في الحمام كتير.. كان واجب اجاملك"
شهد:" ياسلام؟؟ و كل اللي كانوا قاعدين كانوا بيجاملوني؟؟ انت بنفسك قلت انهم مبطلوش بص عليا.."
يوسف:" يمكن عجبتيهم همة.. انما انت متمليش عيني.. رفيعة كده و مقددة و مبتكليش.."
شهد و قد انقلب معها الامر وصارت عصبية:" وانت كمان علي فكرة متملاش عيني.. فرحان قوي بعضلاتك؟؟ ايه؟ كل ده دراع؟؟ دراع ده و لا جزع شجرة؟؟.. اوعي كده.."
ودفعته في غضب و نهضت بينما بقي هو يضحك ساخرا..
ذهبت واتت لنفسها بكوب من احد المشروبات البريئة فوجدت زوزو تقف علي مقربة تنظر اليها نظرات قوية.. فتوجهت اليها وقالت:" شفتي يا زوزو يوسف جه طفش ياسر.. بيقول انه بيبدل في البنات.. وهو عشان وصية ابويا ليه خاف عليا منه وكده.."
زوزو فجأة:" ابوكي اسمه ايه؟"
اربك شهد السؤال و لكنها كانت سريعة فقالت:" اشمعني؟؟"
زوزو:" لأ عادي.. اصلي انا وجو عشرة و اعرف كل معارفه.. الا عمري ما سمعت عن ابوكي اللي مات ده.. هو كان اسمه ايه؟؟"
شهد:" محمد احمد..الله يرحمه " ثم رفعت يديها متظاهرة بأنها منهمكة في قراءة هامسة حزينة لسورة القاتحة.. حمدت الله علي الاسم المبتكر الذي اتي علي بالها.. كم من البشر اسمهم محمد احمد.. لابد ان لجو خمسة معارف علي الاقل بهذا الاسم..
انصرفت عنها زوزو و هي ترمقها بنظرات غريبة.. واتي يوسف..
نظرت اليه شهد بغيظ وقالت:" بقولك ايه؟ كفاية و قف حال بقي.. طفشت ياسر و قلنا نيته وحشة.. عايز تطفش الباقي"
فقال ضاحكا:" يا شخية اجري هو حد معبرك.. كل واحد قاعد مع مزته.. حتي ياسر لقي واحدة غيرك"
فقالت شهد باصرار:"طب وان علقتلك واحد دلوقتي .. و هو قاعد مع مزته؟؟!! كلهم يتمنوا بس نظرة.."
انقلب وجه يوسف فجأة و قال محذرا:" و النعمة لو عينيك اترفعت علي اي حد منهم و انا وقاف معاكي دلوقتي لكون ملبس وشك ده في الحيطة.. الحجات دي مفيهاش هزار.. انتي متعرفنيش كويس... ابقي خلي المرئعة دي لما تكوني واقفة لوحدك!!"
نظرت اليه شهد بشدة حتي تتحاشي ان يقع نظرها و لو بالخطأ علي اي شخص اخر.. كان يخيفها حين يتحول بنبرته الي تلك النبرة الحازمة الجافة..
كتم ضحكة ساخرة علي امتثالها المطلق لتحذيره وقال:" هتروحي معايا؟؟"
شهد بتردد:" بصراحة يا جو انا مش حابة شغلانة المسح دي ..انا رجعت لشغلي تاني.. وانا هنا براحتي اكتر.. يعني اكمن زوزو بت زيي وكده.. "
يوسف منزعجا:" يعني ايه؟؟ مش جاية؟؟ امال انا جيت ليه؟ ثم رجعت لشغلك ازاي؟؟ بتعملي ايه؟؟"
شهد:"بقلب رزقي بقي، مش لازم تعرف التفاصيل.. سر المهنة.. المهم اني برجع بفلوس حلوة كل يوم.. و زي ما قلتلك.. هنا مرتاحة مع زوزو "
يوسف:" انا ضايقتك في حاجة؟ دانت لما بتدخلي تغيري في الحمام بسيبلك الاوضة و اطلع عشان تبقي براحتك.. ثم زوزو ايه اللي مرتاحة معاها؟؟ دي لو تطول تحدفك من السطح كانت حدفتك"
شهد:" متخافش انا بعرف اصرف نفسي معاها.. بنات بقي في بعض.. وبعدين و ليه تسيبلي الاوضة و اسيبلك الاوضة.. خليك براحتك.."
يوسف:" وانا كنت اشتكيتلك؟"
شهد:" معلش سواء عندك و لا عندها.. كلها كام يوم و الريس عبود يرجع و نخلص من الموال ده.. مش كده برضه؟؟ هو مش قرب؟؟"
يوسف:" لسة مش باين... يعني مش هتييجي معايا اخر كلام؟؟ ده عدوي قالب عليكي الدنيا خليكي قدام عيني احسن"
شهد:" انا محتاجة اشتغل شغلي يا جو.. وانا هنا برضه في حمايتك.. اديك طبيت علينا في ثانية طفشت ياسر. "
فقال باقتضاب:" يعني برضه مش جاية؟"
اشارت شهد برأسها بمعني لا و ابتسمت
شعر يوسف انه رجاها اكثر من اللازم و اكثر من ان تسمح مكانته و كبرياءه .. لقد تمادي في الامر و يجب ان يتوقف لينقذ ما يمكن انقاذه من كرامته..
يوسف:" طيب انا كده ابقي عملت اللي عليا و عداني العيب و ازح... انا كده يا بنت الناس راضي ضميري معاكي .. و برضه ان احتجت حاجة في اي ساعة في اي وقت انتي عارفة طريقي..سلام انا بقي.. احسن هموت و انام..خلي بالك من نفسك"
وهو في طريقه للخروج القي نظرة غاضبة علي زوزو جمدتها في مكانها والقي السلام علي الجميع و رحل... كانت شهد تتمني ان تذهب معه و لكنها تدرك ان هكذا افضل حالا لها..

                ***

خرج جو و هو في قمة الضيق.. لقد اذل نفسه جدا .. كل ما كان يريده هو ان يطمئن علي وجودها بجواره ..حتي يحميها من عدوي ذو الحزام.. لم يكن مثلا يردها لكي يصطبح بوجهها الجميل يوميا ولا لكي يستمتع بمشاكستها واثارة غيظها و لا لكي يسمعها تتحدث بطريقتها المرحة الرقيقة.. و لا حتي لكي يمتع ناظريه بجمالها وفتنتها.. اطلاقا.. كان يريد فقط ان يحميها.. كان ينوي خيرا و جني ذلا... ليس عدلا..
ثم ما قصة عودتها للعمل؟ ماذا عساها تفعل؟؟ هل تقتحم بيوتا؟؟ ام تنشل في الحافلة؟ انها متهورة حقا.. لقد بائت تلك الزيارة لبيت زوزو بمزيد من القلق.. ولكنه علي الاقل يعرف مكانها.. فليعطي لعدوي غدا معلومة مغلوطة تبعده عن اتجاهها..
دخل اخيرا بيته د استقر لينام.. الان صورة شهد لم تفارقه لحظة.. كان يتذكر منظهرها و هي تضحك مع المدعو ياسر فتصعد الدماء في رأسه.. ثم يتخيلها و هي تلتصق بالرجال في الحافلة لتنشل جيوبهم فيضيق صدره.. ثم يعود و يتخيلها و هي بين يدي عدوي و هو ينهال عليها بالحزام فيتقلص قلبه .. وهكذا امضي ليلة مؤلمة عاني فيها كل اعضاء جسده.. واكثرهم علي الاطلاق قلبه..

3/27/2011

اللصة :: (5) البـطـل


بداخل مستودع عملاق حيث يستقر المعلم مرعي ويدير كل اعماله من داخله وقف عدوي بين يديه منفعلا..
عدوي:" يا معلم انا محتاج رجالة من عندك ينتشروا اكتر.. كل ما الوقت بيعدي كل ما ممكن تبعد اكتر!!"
المعلم مرعي وهو يجلس خلف مكتب ضخم ذو تصميم بديع لا يليق مع المستدوع القذر، ويدخن الشيشة بينما حرسه الخاص متناثرين في كل مكان، و يقف بجاورة احد رجاله:" اقولك انا كل يوم بيعدي انا بخسر قد ايه وهي مش موجودة؟!! عارف البت دي كانت بتدخلي كام في الاسبوع؟! عارف انا تعبت اد ايه عشان اخليها كده؟! مقلتش ليه يا عدوي ان البت مش طايقة خلقة اهلك؟! انا اديتهالك عشان انت واد جدع .. اقوم اخسرها بسببك؟!"

عدوي:" ومن امتي يا معلم الحريم بيتسئلوا عن رأيهم في الي بيشتريهم؟! البت دي جاحدة و معملتش حساب لجمايلك اللي مغرقاها.. انت اللي مدلعها زيادة يا معلم لحد ما شافت نفسها عليا... هو انا اللي قلتها تعورني وتهرب؟!!"

المعلم مرعي:" ماهي لو مكانتش قرفانة من وشك مكتش هربت.. بس انا مش هسيبها.. هترجع يعني هترجع ، ان شالله تكون فين هترجع! انت قلت دخلت منطقة الريس عبود؟؟"
عدوي:" الرجالة اللي كانو معايا لمحوها داخلة.."
المعلم مرعي:" خلاص سيبك من النكش و راها..مش هتلاقوها بالطريقة دي.. انا هتصرف "
ثم نادا بصوت عال:" كرم.. اطلبي الخواجة علي التليفون.. "
اخرج كرم الذي كان يقف علي بعد خطوات هاتفا من جيب سترته و اتصل برقم عليه:
كرم:" ايوة.. هنا مكتب المعلم مرعي.. هو عايز يكلم الخواجة.. مسألة مهمة... طب و يخلص امتي؟؟ خليه يكلمه علي المحمول.. مين معايا بقي؟ ماشي يا جو.. هيستني تليفونه بعد ساعة.. سلام"
كرم موجها كلامه للمعلم مرعي:" هيتصل بعد ساعة يا معلم عشان في اجتماع.."
قال عدوي معلقا:" جو اللي رد عليك؟! ده شقيقي.. متربين سوا.. عارفه يا معلم؟"
نظر المعلم مرعي نظرة احتقار ممزوجة بعدم فهم لتلك المعلومة التافهة التي لا مجال لها في مجلسهم هذا، و لم يعطه رد فعل، بل اخذ نفسا من الشيشة و قال بينما تخرج كلامته مخنوقة بالدخان:" اطلع انت منها بقي.. الكبار هيتصرفوا في الموضوع"

                               ***
وقف جو خارجا علي باب قاعة الريس عبود حيث كان الخواجة كالمعتاد في اجتماع معه.. ولكنه كان مقتصرا عليه فقط.. تلك الاجتماعات الفردية الناد رةغالبا تكون لمناقشة امر سري كازاحة او استبعاد احد افراد التنظيم العصابي و الذي غالبا ما يكون قد ثبتت عليه احد الامور التي قد تعتبر جريمة في دستور الريس عبود..
اصاب يوسف نوع من عدم الارتياح لمكالمة مساعد المعلم مرعي.. تري لم يريد الخواجة؟؟
تذكر شهد .. لقد استيقظ قبلها اليوم بعد الظهيرة ليجدها غارقة في نوم عميق لم يحاول ايقاذها، ترك لها بعض الطعام علي المائدة و خرج للعمل، وهاهو يقف في قلعة الريس عبود لا يعرف عنها شيئا، تري هل ذهبت لعطا ام بالفعل ام كما قالت ستترك تلك الوظيفة ؟ المفترض ان الامر لا يعنيه .. ولم يشغل باله الان بأمور لا معني لها؟ بدأ يمل من الوقفة في إنتظار الخواجة فقد ملئه الفضول و الرغبة في الذهاب لعطا لمعرفة قرار شهد.. لعله يخرج في اي دقيقة الان و يذهبون الي عطا ككل ليلة.
***
جلست زوزو في حجرة العاملات الصغيرة ، بداخل مركز تجميل متوسط المستوي حيث تعمل، ترشف رشفات متتالية من كوب شاي وقت الاستراحة بينما تتحدث مع احدي زميلاتها وصديقتها المقربة..
زوزو:" بقولك ملهاش صاحب! جو قالي بعضمة لسانه انها بنت راجل بيعزه قوي وهو لبسها لما مات و مضطر يا خد باله منها.. وانا ناوية اخدمه"
الفتاة:" وانتي يعني هتجبيله واحد يشتريها منين؟؟"
زوزو:" انت يا بت عامية؟! مش شايفاها مزة ازاي.. اول ما هتطلع ترقص.. ميت واحد هيطلب يشتريها من عطا.. و ساعتها ، انا هاخد نسبة عشان انا اللي اقنعتها، و عطا هياخد نسبة عشان بتشتغل عنده و جو هياخد نسبة عشان هو المسؤل عنها دلوقتي.. كده نبقي كلنا كسبانين.. حتي البت نفسها... هو اللي هيشتريها ده مش هيدلعها و ينغنغها؟؟.. اهو احسنلها من المطبخ و مندو و البنت سمر الفقرية.."
الفتاة:" وافرضي ما وافقتش ياختي.. طب مانتي كتير بيطلبوا يشتروكي من عطا و انت بترفضي"
زوزو:" ارفض براحتي.. انا دفعت تمن حريتي من دمي.. اشتريتها من حر مالي من الله يجحمه مطرح ماراح بقي عوض.. و بعدين انا حاجة تانية ، انا بشتغل شغلانتين حلوين و بكسب دلوقتي وقربت اجيب اوضة بتاعتي لوحدي.. ايه اللي يخليني اسيب دا كله؟!"
الفتاة:"فانتي بقي عندك امل انها تفكر في حالتها المنيلة دي و توافق عشان تخلص منها؟"
زوزو: "واخلص انا كمان منها ومن قعدتها في وش جو.. امبارح يابت سحبها و مشيوا من قدامي ولا كاني قفص قاعد ..وقال وانا اللي بغيظه.. وفكراه هيتنحرر.." و مصمصت بشفتيها
الفتاة:" مانتي برضه واقعة في واحد تقيل اوي يا بت يا زوزو و مستحلي نفسه.. طب يلا يلا قومي يظهر في زبونة برة.. قومي شوفي شغلك افيدلك"
        
                              ***
اثناء غياب مندو اقتربت سمر من شهد و بدأتا في (الرغي) كانت سمر رغاية بحق ولكن شهد لم تمانع فقد كانت تخفف عنها عناء و ملل العمل..
سمر:" ها مكملتليش.. و بعد ما اداكي الاكل و نام.."
شهد:"مفيش نمت انا كمان.."
سمر:" ويا خايبة معملتيش فيها قتيلة ليه و زوغتي انهاردة مدام قالك هكلمكلك عطا؟؟!"
شهد:" فكرت والله ، بس قلت انه جدع معايا من ساعة ما نطيط علـ.. قصدي يعني من ساعة ابويا مات و نطيط علي دماغه زي المصيبة.. مش عايزة اصغره وقدام عطا.."
سمر مستنكرة:" والنبي انتي هبلة.. حد يلاقي الدلع و يقول لأ"
ثم عادت لتقول:" بصراحة يا بختك.. جو ده اصله جدع اوي.. و حليوة كده ..لما بيدخل المكان كده تحسي بهيبة.. يعني قعدتك عنده دي مليون واحدة تتمناها.. حماية و سند ووش حلو تصطبحي بيه"
ابتسمت شهد و تذكرت حين قال لها جو نفس الجملة عن المليون فتاة التي تتمني ان تبقي معه ثم رد فعلها الغاضب..
سمر:" متتوسطيلي عنده يجيبلي اللي سرق الفلوس من قفاه.. حار و نار في جتته..ده مدبقني كل اخر اسبوع..مهما غيرت مكانها بيلاقيها و ياخدها و يسيبلي الفكة ..لما بقيت اخد كل الفلوس معايا وانا خارجة.."
شهد:" اكيد حد عارفك كويس.. اسمعي.. هجيبلك بكرة معايا حاجة هتنفعك.. صواريخ زي باعة العيال دي بس مليانة لون احمر مبيطلعش.. تحطيها في الحتة اللي فيها الفلوس.. بس اوعي انتي اللي تفتحيها ده كمين! اول ما الحرامي يفتح الدرج ويدور فيه..هيفرقع في و شه و يغرقه احمر.. ساعتها انتي او اي حد هيطلعه من وسط الف واحد.. "
سمر مندهشة:" في حاجة كده؟!! وانتي بتعرفي الحجات دي منين؟؟"
ابتسمت شهد و لم تجب..
ولم تعيد سمر السؤال لأن مندو دخل عليهم.. و عاد ليجلس علي الكرسي و يعطي التعليمات من جديد
                                ***
خرج الخواجة من الاجتماع و قد ادرك يوسف بخبرته الطويلة مع برودة الخواجة ان امرا ما يؤرقه.. فنظراته علي عكس طبيعتها الحادة القاسية كانت غير ثابتة .. حتي انه ارتدي النظارة الشمسية ليبقيها متوارية عن انظار الاخريين..
اسرع الخواجة في الخطي و لحق به يوسف الي ان و صلا للسيارة التي بها السائق و رجلان اخران من رجال الخواجة.. ركب احدهم في الامام بينما ركب الخواجة بين يوسف و الرجل الاخر..
"اطلع علي عطا يا سعد" كان هذا امر الخواجة..
اسعد يوسف خبر ذهابهم لرؤية شهد... شهد؟؟ وهل هم ذاهبون لرؤية شهد؟؟ ما بك يا يوسف؟؟ افق ! عملك و سمعتك علي المحك! وخاصة ان هناك امرا ما لا يبدوا علي ما يرام..
قال يوسف:" مالك يا ريس؟"
الخواجة دون ان يلتفت له:" انا عايزك تركز اوي اليللة دي!"
كانت اجابة وافية.. اذن ذلك الاجتماع الفردي سيترتب عليه خطر ما.. و عليه الانتباه له.. فلتتركي رأسي الان يا شهد، لا مكان لكي وسط كل هذا... شهد ثانية؟!! انسها يا يوسف انسها!
عندما وصلوا ..ترجلوا جميعا بينما كان يوسف يمسح المحيط مسحا و يؤمن دخول الخواجة، ويؤمن تواجده بالداخل..

                         ***
كان مندو مع شهد و سمر في المطبخ يتابعهما ثم قال فجاة:" يظهر صاحبك مش فاضيلك انهارده.. مسحول مع الخواجة و مجاش حتي يعبرك بسلام"
تركت شهد ما بيدها و وجهت كلامها لمندو متسائلة:" جو..جه؟ هو برة دلوقتي؟"
مندو بتشفي:" ايوة جه ..بس حلقلك!"
اشاحت شهد بوجهها عنه و عادت لما كانت تغسله امام الحوض.. اظهرت احتقارها لمحاولته ان يكون وغدا ولكنها في اعماقها تسائلت "حقا لم لم يأتي حتي ليلقي التحية؟؟"
اسستمرت في العمل بجهد ووضعت كل غضبها من الوظيفة و من مندو و من يوسف في العمل كانت تمسح و تفرك و تدعك بعنف ..حتي ان مندو نهرها خوفا علي الادوات ، فما كان منها الا ان زادت عندا فيه.. فزاد غيظه و هم بالقيام ليتشاجر معها، الا ان اوقفه صوت صياح و صراخ بالخارج ..

انتبه كل من بالمطبخ و ارهفوا السمع محدقين ببعضهم
" اجهز يا خواجة هبعتك لامك.. مش سنهوري اللي يتعمل معاه كده!! الا هي باي باي بالروسي يعني ايه؟؟"
كانت تلك صيحة من الخارج بينما صمتت الجلبة
واضح ان هناك من يهدد الخواجة .. اسرعت شهد و سمر الي باب المطبخ حيث فتحت سمر الباب برفق واطلت من فتحته الصغيرة مع شهد لتري ما يحدث..
كان بالفعل الموقف كالاتي..
ذلك السنهوري يقف ممسكا برشاشا.. و معه عدة رجال يسدون مدخل الصالة تماما بينما تجمع كل رواد الصالة في اقصي الجانب الاخريرتعدون و يكتمون صرخاتهم و يتابعون في زعر، بينما بقي الخواجة و رجاله في المنتصف غير ان الجميع تجمع حول الخواجة لتامين سلامته
قال الخواجة ببرود:" انا ممكن اعلمك اهلا بالروسي عشان لما انت اللي تقابل امي الله يرحمها تسلملي عليها.. بس للاسف مظنش هتتقابلوا الخونة اللي زيك بيروحوا النار.." وضحك باستخفاف..
سنهوري بعصبية:" حتي وانت في اخر دقيقة في عمرك مغرور... ارحم نفسك بقي با اخي"
الخواجة و قد ازداد بروده و نبرته الاستفزازية:" لو متغرتش علي فاشل زيك.. ندل و خاين و بوشين و لسه مطرود هتغر علي مين؟"
كانت تلك الجملة هي عود الكبريت الذي اشعل السنهوري الملتهب.. فاقترب اكثر من الخواجة و قال محدثا اياه وهو علي وشك الانفجار:" انا بقي هعرفك الندالة.. انا مش بس هموتك دانا هقطع جتتك و هقسمها علي الكلاب.. انت السبب.. انت الي و سوست للريس عبود عليا عشان تزحني من طريقك!!"
الخواجة:"مش مستاهل كل ده.. انا لو عايز ازيحك من طريقي كافية اني انفخ بس.. اصل انت ولا حاجة"
وهنا اقترب السنهوري اكثر وقد وصلت عصبيته الي قمتها و استعد للضغط علي الزناد.. وقبل ان يضغط بلا اي مقدمات قام يوسف بالانقضاض عليه و في لمح البصر اصبح الموقف الاتي..
يوسف مكبلا السنهوري بذراعة من الخلف ضاغطا علي رقبته، و بيده الاخري مصدوبا مسدسه الي رأسه ..بينما وقف الرجال اتباع السنهوري مذهولين من سرعة ما حدث
صاح يوسف:" ارميه في الارض! ارميه! " قاصدا سلاح السنهوري ثم اكمل :"و رجالتك..قولهم يرموا السلاح!"
و بالفعل بعد تردد دام لبرهة ونأييد شديد من السنهوري القوا جميعا بالاسلحة ...فاشار الخواجة لرجاله بجمعها جميعا..
واقترب الخواجة من السنهوري و هو في يد يوسف و قال:" مش قلتلك انك فاشل..حتي لو مكنتش خاين..غبائك ميسمحلكش انك تستني معانا..كان لازم تمشي من زمان"
ثم كال له لكمة قوية جدا بمنتهي البرود افقدته و عيه
وقال ليوسف:" جدع ياد.. كنت عارف اني لما هستفزه و اخليه مش مركز انت هتتصرف معاه..عمرك ما خيبت ظني" ثم ربت علي كتفه
وعاد ليوجه كلامه لرجاله مشيرا الي السنهوري الفاقد الوعي:" اربطوه هو والعيال اللي معاه زي الخرفان و ابعتوهم في عربية نقل للريس عبود..هو عايزهم"
فبدا الرجال بالتنفيذ.. و بعد ان هداء روع الموجودين و ادركوا موقف يوسف البطولي اصبحوا يتوجهون اليه ليحيوه و يربتوا علي كتفه .. حتي ان الخاوجة امره ان يرتاح و يذهب للجلوس مع الصديقات و امر له بعشاء فاخر.. كان الجميع محيطين به ، يحتفون بشجاعته و مهارته..

اما اهل المطبخ فكانت سمر لا تتوقف عن الكلام بحماس و تعيد حكاية ما حدث برغم ان الجميع شاهد معها.. كانت مثل طفل يحكي عن بطل خارق في مغامرة لصد هجمات الفضاء.. ولكن شهد لم تكن تستمع فقد بقيت تنظر من فتحة الباب تراقب يوسف و سط جمهوره.. كانت مبهورة بما فعل لقد انقذ الخواجة من ذلك المجنون العصبي لربما كان ليقتل الجميع.. لقد انقذهم جميعا.. انه بطل..منذ ان رأته و هو بطل.. بطلها.. ولكن ليس بطلها وحدها هو بطل الجميع هاهي سمر تجاد تكن به.. و الجميع يدورون حوله في الصالة كانه الشمس كلٌ يحاول ان يحدثه.. ما كل تلك الفتيات التي احطت به فجأة؟! يبدوا انها لن تستيطع ان تحدثه بعد الان..
فوجئت بالباب يندفع فجأة و يصطدم بها..انه عطا.. نظر اليها متفاجئا من و جودها في ذلك المكان خلف الباب ولكنه تخطاها و توجه مسرعا للطاهي وقال:" عايزين عشا و صاية لجو..دي اوامر الخواجة"
ثم خرج مسرعا.. وقفت تتأمل الطاهي و هو يعد قطع الحم التي سوف تشوي ثم سيأكلها جو مع الفتيات في الخارج.. اصابها الضيق فاشاحت بوجهها..
تناست الامر وعادت لعملها منكسرة.. شاعرة بانها ضئيلة وسط كل هذا، والذي اكد لها ذلك هو عدم مجيء جو حتي ليلقي السلام عليها حتي ولو كان لسؤالها عن حالها اليوم بعد تعبها بالامس. .بالطبع ... فماذا تكون هي بحذائها البالي و بنطالها المستعمل وملابسها الغارقة في مياة المسح مقارنة بكل الفتيات الفاتنات النظيفات في الخارج..
فوجئت بمندو وقد وقف منكمشا في زاوية في اخر المطبخ ووجه مبيضا بشدة.. نظرت اليه متعجبة
فقال:" خلاص مشيو؟؟ متاكدة؟"
انه خائف! كان مثيرا للشفقة حقا ..ضحكت وقالت:"اه جو مشاهملك.. متخافش"
فاعتدل في وقفته و مرر يده في شعره وقال مستعيدا نبرته الامرة وكأنه لم يكن يرتجف منذ دقيقة:" طب يلا خلصينا.. وانت يا بت سمر كفاية رغي و شوفي اللي وراكي.."
نظرت شهد الي سمر لثانيتين و انفجرتا في الضحك..

                        ***
دخلت فتاتين من الراقصات المطبخ ليتناولن كوبين من الشاي في وقت راحتهما، حيا سمر في برود و القيا ابتسامة من باب الذوق لشهد، ثم جلستا تتحدثان عن ما حدث في الخارج.. و بالتالي حشر مندو نفسه في الحديث كما فعلت سمر الفضولية
الفتاة الاولي:" انا اتشاهدت علي روحي يا بت اول ما شفت الرجالة و المسدسات ..بس الحركة الاكشن اللي جو عملها دي.. اجدع من اي فيلم.."
الفتاة الثانية:" جو ده انا طول عمري بحبه كده لله في لله ..من قبل حتي ما اكلمه هو اصله جدع ..انا مش عارفة ايه اللي حشره في وسط الناس السو دي..ان كان الخواجة و لا السنهوري"
الفتاة الاولي و هي تتلفت حولها بذعر:" بس يا بت وطي صوتك.. انت مش خايفة علي عمرك؟؟!"
اشاحت بيدها الفتاة الثانية في عدم مبالاة وقالت:" ربنا يريحنا منهم كلهم.. كلهم بيعضوا في بعض.. كلاب"
مندو:" وهو السنهوري جه يعمل الهيصة دي ليه؟"
الفتاة الاولي:" يظهر الخواجة وقعه مع الريس عبود ، و الريس عبود نواله علي نيه.. فقام السنهوري عرف وجه ينتقم من الخواجة"
سمر:" و ليه ميكنش السنهوري فعلا خاين.. ماكلنا عارفين هو اد ايه واطي؟؟"
الفتاة الثانية لسمر:" كلهم واطيين ..هو السنهوري بس؟! مافيهمش الا جو..ربنا يبعده عنهم"
الفتاة الاولي:" بت! انت شكلك مش هيجبها لبر.. طب بلاش همة يسمعوكي..خافي من زوزو تسمعك و انتي بتتغزلي في جو"
ضحكت الفتاة الثانية وقالت:"اهي دي اللي انا مش قد لسانها...بس زوزو ياختي مش شغالة الليلة.. وان جت هتيجي بلليل اوي تمسي علي اصحابها.."
كانت شهد تستمع في صمت.. واضح ان معجبات جو كثيرات.. لفت انتباهها الحديث عن تدني مستوي رجال العصابات..ابتسمت في صمت .. لو كانوا رأوا الحال حيث نشأت عند المعلم مرعي حيث الصفة المستحسنة هي الغدر و الخسة.. لما قالوا هذا عن الرجال هنا.. رمقت تلك الفتاة التي كانت تتحدث عن جو باعجاب.. كسائرهم جميلة فاتنة ونظيفة .. تنهدت في حسرة علي نفسها و ما صار بها.. لقد كانت مثالا للجمال ، بل كان هو سر نجاحها في معظم عمليات النصب.. وسبب اغلب مشاكلها مع الرجال..
فوجيء الجميع بالباب يفتح وبيوسف يدخل عليهم..
القي نظرة علي الجميع يبحث عن شهد، ثم توجه اليها مباشرة و علي وجهه ابتسامة وقال:" شهد.. عاملة ايه انهاردة؟! احسن و لا ايه؟؟"
برغم ان شهد بقيت تنتظره طوال اليوم و كانت تنظر للباب في كل دقيقة متوقعه دخوله.. الا انه في تلك اللحظة بالذات كان دخوله مفاجاة لها ..مفاجأة سعيدة جدا بعد ان فقدت الامل.. و خصوصا مع تلك الابتسامة الخارقة التي تكشف عن اسنان جميلة..ايمكن ان تكون اسنان شخصا بهذا الجمال؟
وقفت تنظر له في محاولة ابتلاع المفاجأة وقالت بارتباك:" انا تمام .."
فامسك ذقنها بيده في عبثية و ادار و جهها متفحصا مقربا عينيه منها و قال:" لونك لسة مش حلو.. انت يا بت معندكيش دم و الا الدم لسة هربان من امبارح؟؟ كلتي؟؟ اوعي تقولي لأ.."
ثم استدار لسمر و حاول تذكر اسمها قائلا:" يا... "
فقالت سمر بسعادة:" سمر.. خدامتك سمر.."
فعاد ليقول:" ما انا عارف سمر طبعا.. قوليلي البت دي كلت انهاردة؟؟"
سمر:" مشفتهاش بتاكل الصراحة.."
فنظر يوسف لشهد و قال:" تاني؟! انتي تاني؟!.. و النعمة لو وقعتي تاني منا شايلك و هسيبك مرمية في الشارع"
كانت شهد في حالة شديدة من الحرج، ذلك الحرج الغريب الذي يصيبها كلما اتت سيرة الطعام و شعورها بالجوع.. هي هكذا من طفولتها منذ ان بدأت تعي وهي لدي المعلم المرعي.. لقد كان يتمعن في اشعارها بجميله وفضله باطعامه لها.. كان يذكرها دائما ان لولا انه يقدم لها الطعام لماتت.. لقد صارت تشعر ان الطعام هو تفضل عليها وان شعورها بالجوع هو إثقال علي الاخرين.. لذا كانت ترتاح في ان تأتي بطعامها لنفسها و تداري شعورها بالجوع.. و تأكل بعيدا عن اعين البشر، و في اي حالة غير ذلك تصاب بذلك الحرج الغير مفهوم.

تركها يوسف فجأة و خرج من المطبخ سريعا ، بينما بقيت الفتاتان مذهولتان.. ترمقان شهد بنظرات الدهشة، من تلك التي لم يلحظن و جودها اساسا؟؟ من تلك التي يهتم يوسف بصحتها و طعامها.. و يمسك بوجهها و يتحدث عن ما حدث بالامس..وعن حمله لها؟ من هي؟؟
قالت سمر بفخر عن صديقتها شهد:" دي شهد..ضيفة عند يوسف" واضافت لتكيد العواذل:" وصاحبتي"
وهنا بدات الفتاتان تدققن في شهد.. كيف لم يلحظن و جودها؟ كيف غفلتا عن تلك الفتاة الجميلة المغطاه باوساخ المطبخ.. لو رأتها زوزو لماتت بغيظها..
ابتسمت لهم شهد في توتر.. كانت تخشي من انتشار اسمها حتي لا يصل الي "الي ما يتسمي"
عاد جو حاملا طبقا مليء بما لذ و طاب و ووضعه علي منضدة المطبخ و جذب شهد من يدها و اجلسها امام الطبق و قال بحزم:" كلي!.. انا مش ناقص مصايب زيادة الليلة دي!"
تلفتت شهد حولها و قالت بحرج:" طب خليه لما اخلص شغل.. مش هقدر دلوقتي.."
مصمصت سمر شفتيها معلنة عن اعتراضها علي رد شهد..
وقال مندو:" جري ايه يا جو.. انت مش شايف انها في وسط الشغل؟؟ متقدرش تعد تاكل.."
التفت جو الي مندو وقال:" صح عنك حق.. متقدرش تاكل و سط الشغل.. عشان كده اعتبرها اجازة الليلة دي.. "
ثم حمل الطبق و اخذ شهد من يدها وقال و هو خارجا لسمر:" معلش يا سمر.. شهد تعبانة الليلة.. مردودالك"
ابتسمت سمر في سعادة.. كما تبتسم كلما وجه جو لها كلاما..
واخذ هو شهد و الطعام و خرج الي الصالة..
قالت شهد :" ايه ده؟ رايح علي فين؟؟"
فقال:" انا اجازة الليلة دي.. الخاوجة قالي اريح.. تعالي اعدي معايا برة و ريحي انتي كمان.."
شهد:" وعطا؟!"
يوسف:" عيب بأة الكلام ده.. سيبيه عليا"
شهد:" و انا بس هعد كده ازاي بمنظري ده؟؟"
وقف ينظر اليها وقال:" مانتي حلوة اهه مالك؟؟ خشي بس الحمام اغسلي و شك و انتي تحسي انك فوقتي.. وتعاليلي برة"
دلفت شهد الي الحمام نظرت في المرآة .. ضايقها ان تبدوا كذلك.. اتت بحقيبتها التي لا تمشي بدونها من دولاب العاملين بحثت فيها عن اي شيء يحسن من مظهرها.. للاسف ان الحقيبة بمحتوياتها كما هربت بها من عند المعلم مرعي لم تنظر بداخلها و هي تسحبها و تنطلق ..لذا ليس بها شيء بها سوي قطعتين او ثلاثة ملابس و السكين و بعض الملابس الداخلية و.. ماهذا؟؟ انه شيء وسط بين الملابس الداخلية و ملابس السهرة.. (بلوزة) تميل الي المعان .. قد توصف بالعري بعض الشيء.. لربما كانت قد جلبتها يوما لاداء مهمة ما .. وقد اندست بين ملابسها الداخلية لتشابها بهم.. ولكنها علي كل حال تفي بالغرض.. تتشابه مع ما يرتدينه الفتيات الجميلات بالخارج.. ارتدتها في حماس و هي تتخيل رد فعل جو..مؤكد ستثير اعجابه مقارنة بمظهرها الحثالة الذي اعتاد ان يراها عليه.. رتبت شعرها و اغتسلت ووقفت تتأمل نفسها ثانية.. فعلا تحسنت قليلا..
خرجت الي الصالة و توجهت مباشرة حيث يجلس جو.. كان يجلس مع بعض الاشخاص، لعلهم اصدقاء ، التفت اليها عندما اقتربت كان يتحدث و لكنه توقف فجأة عن الكلام في منتصفه و بقي ينظر اليها و هي تقترب.. لم يبتسم كما توقعت بل ظل صامتا ثم دفع شخصا كان يجلس بجواره لينهض وقال و عيناه مثبتة عليها:" اتفضلي.." و اشار الي المكان الخاوي بجواره
جلست وهي تنظر اليه محاولة فهم سر النظرة الغامضة علي و جهه..
اقترب منها و قال همسا دون ان ينظر لها:" الواد عدوي ليه حق.."
اشمئزت بوجهها و قالت:" ايه السيرة دي؟!! ليه حق في ايه؟؟"
لم يرد.. بل قرب صحن الطعام اليها و قال بصوت خفيض:" كلي بأة متقرفنيش.. ده ولا اما يكون ربنا رزقني بعيل رذل"
ثم وجه انتباهه للمجموعة التي يجلسون وسطها و انشغل معهم في الحديث..لاحظ ان الرجال منهم بين الثانية و الاخري يلقون نظرات سريعة علي شهد و الفتيات يحدقن بها بطريقة تفحيصية استكشافية.. ابتسم و هو يجرع مشروب ما ، لانه يدرك ان تلك الفتيات اما غيرانات منها لانها بصبحته اما هن صديقات لزوزو فيتفحصن العدو.. فقال لهم جميعا:" شهد يا جماعة.. ضيفة عندي اليومين دول"
حياها الجميع فابتسمت لهم ثم نظرت ليوسف و هو ممسكا بالكوب..
قالت مستنكرة:" انت بتشرب؟؟"
يوسف:" ماسك كوباية و حاطتها علي بقي.. تفكري بعمل ايه؟؟ باخد حمام ساونة؟"
شهد:" لأ قصدي يعني... بتشرب ..بتشرب زيهم كده؟" واشارت لزجاجة من الخمر
فضحك و قال:" الجارد مايشربش ابدا حتي لو كان اجازة..ده عصير عادي، ثم انتي مالك؟؟ اول مرة اشوف حد من ناحيتكوا معترض علي الشرب"
شهد مستفهمة:" ناحيتنا؟!"
جو:" ناحية المعلم مرعي.. جاتكوا البلا كلكوا عالم سو"
شهد بغضب:" اسم الله علي ناحيتكوا النضيفة قوي.. ده الخواجة و السنهوري اوطي من بعض..الاتنين كلاب"
امسكها بهدوء من ذراعها العاري و ضغط عليه بقوة حتي المها و قال ضاغطا علي اسنانه:" عارفة اسمعك بتكلمي في المواضيع دي تاني هكون قاطع لسانك.. "
ثم ترك زراعها و قال بحزم غاضب:" اطفحي بأة.. انا هبوس ايدك عشان تاكلي؟!"
عقدت حاجبيها في غضب وصمتت
فاقترب منها بعد برهة و قال مداعبا:" بس اللبس ده هياكل منك حتة.. سارقاة منين؟ محل ملابس داخلية؟"
لم ترد بل نظرت له نظرة احتقار لكلامه
فقال:" اكيد مش حلو علي صحبته .. زي مهو حلو عليكي كده.. انا مسامح العيال هنا اللي مش قادرين يمسكوا نفسهم و بيبصوا عليكي.. في العادي كنت قمت خرمتلهم عنينهم كلهم..معذورين الليلة دي"
اخيرا افرجت شهد عن ابتسامة صغيرة
فقال باهتمام و حنان بالغيين:" كلي بقي والنبي.. عشان خاطري..بلاش خاطري انا واد رخم.. عشان خاطر الكلمتين الحلويين اللي خلوكي تضحكي"
وجدت شهد نفسها و لأول مرة قادرة علي الاكل في حضور كل هؤلاء.. كان الاكل شهيا بحق..
كانت تتناول الطعام و هو يجلس بجوارها راض وهو يراها تأكل.. وكانها حقا ابنته الصغيرة.. عاد ينظر للمجموعة ، مازالوا ينظرون لها حتي انه بدأ يشعر بالضيق من نظرات اصدقاءه، برغم انها كلها كانت نظرات مختلسة و سريعة.. وبرغم ان اغلبهم يجلس مع صديقته، كانت النظرات تحمل تلميحات علي غرار "ايوة يا عم" "هنايالك" وكانه يجلس مع زوزو .. لم يرغب في ان يضع شهد في تلك الصورة، زوزو في نظره كانت منحلة حتي و ان اعجبته كانثي واحترم كفاحها في تلك الحياة القاسية . هو يشعر ان مسؤليته عن شهد الان تجبره ان يتوخي الحذر من افعاله التي قد تؤثر عليها بشكل او باخر.. وخصوصا انه يشعر انها مختلفة عن الفتيات امثال زوزو..
رن الهاتف في جيبه.. انه هاتف الخواجة.. نظر في الرقم و خبط بيده علي رأسه كانه نسي شيء ما ، ثم قام بالرد..
يوسف: الو.."
المتصل:" هنا مكتب المعلم مرعي ..مين معايا؟"
يوسف بامتعاض وقد ميز الصوت جيدا:" انا جو.."
المتصل:" المعلم مرعي زعلان قوي يا جو عشان الخواجة متصلش بيه.. انت مبلغتوش و لا ايه؟؟.."
يوسف:" و انت من امتي ياله يا عدوي بتشتغل سكرتير للمعلم مرعي؟؟"
كانت شهد بجواره و ما ان سمعت اسم مرعي و عدوي حتي قفزت من ماكانها وبقيت تنظر بذعر لجو، لاحظ هو ذلك فقام من مكانه و ابتعد حتي لا يزيد من ذعرها ..فهو لا يعلم بعد فحوي الكالمة..
عدوي:" لا ابدا اصلي كنت قاعد معاه و هو بيتصل فقلت اكلم انا امسي عليك عشان عارف انك انت اللي بترد.."
سمع يوسف صوت المعلم مرعي ينهرعدوي :" اانت فاتحها محتتة.. الخاوجة متصلش ليه؟؟"
عدوي:"فين الخواجة؟"
يوسف ساخرا:"دانت يتشبشبلك كمان!.. عايزينه بخصوص ايه؟"
عدوي:" وانت مالك .. من امتي بتسأل؟ وصله التليفون و قله المعلم مرعي عايزه ضروري"
يوسف:" ماشي ..متسناش تبقي تعمل لمعلمك الجديد القهوة و ترصله الشيشة احسن يلبك"
وضحك ليستفزه..
توجه حيث يجلس الخواجة و اعطاه الهاتف قبل ان يشرح له بايجاز انها المكالمة الثانية و انه لم يتسني له اخباره عن الاولي حيث انه نسي و انشغل في مسألة السنهوري..
اخذ منه الخواجة الهاتف وقال له معاتبا:" ده كلام؟؟ امال انا سابيلك ان الموبيل ليه؟؟ طيب معلش انهارده كله سماح..."

                 ***
في هذه الاثناء كان قلب شهد عي وشك التوقف، امتلأ راسها بالتساؤلات عن سبب مكالمة مرعي لجو.. هل اكتشف مكانها؟؟ ما كان عليها ان تخرج من المطبخ.. اكيد من اخبره هو احدي الفتاتين..لقد كانتا تتفحصانها بدقة.. او ربما احد الجالسين معها الان .. هل سيسلمها جو؟؟ هم اصدقاء منذ زمن.. لم ظنت ان ولائه قد يكون لها بأي حال من الاحوال؟؟.. ولكنه ذكر انه لا يطيقه.. كما انه اظهر معها رجولة عجيبة.. ولكن لما ابتعد بالهاتف؟؟ ماذا يريد ان يخفي عنها؟؟ لن تدع اي مجال للشك .. الموقف لا يحتمل اي مجازفة.. قامت بسرعة من علي الطاولة دون ان يراها جو، وتوجهت بخفة و سرعة الي حقيبتها و اخذتها و رحلت من المكان.. يجب ان تبحث عن مخبأ اخر حتي يعود الريس عبود..
خرجت الي الشارع في الظلام تجري يملائها الخوف.. هل الخوف ما يملائها ام احساس اخر؟! ..خسارة يا جو.. خسارة ..


3/10/2011

اللصة:: (4) لمَ الان؟


توجهت شهد علي غير رضا مع يوسف الي محل عطا قبيل المغرب، لم تكن ترغب تماما في الذهاب الا انها ظلت تدفع نفسها دفعا مؤكده لنفسها انها فترة و جيزة لحين عودة الريس عبود فلتحتمل الوظيفة البشعة بطريقة او بأخري، وان تلك الوظيفة ستضمن لها مصدر سيولة نقدية ، خصوصا وانها ستجمد حاليا نشاطاتها من (تقليب الرزق) لحين لقائها المرتقب مع الريس عبود والذي سيضمن لها قفزة مهولة في مستوي العمل والاعمال..
كانت اثناء السير تتفحص المارة خشية ان يكون احدهم يراقبها او من اتباع عدوي.. وما كان يستفزها ان الرجال من المارة يتجنبون النظر اليها مباشرة بينما القي اثنين او تلاثة منهم التحية الي جو.. هل يسيطر حقا عليهم لتلك الدرجة؟! انهم يخشون النظر اليها بالفعل كما اكد هو لها..

عندما وصلا الي المحل كان هادئا عكس حالته امس فلا انوار و لا موسيقي صاخبة.. يبدوا ان ساعات العمل الرسمية و موعد استقبال الزبائن لم يحن بعد، ادخلهم احد البابين علي البوابة، و ما ان دلفا الي الصالة الخاوية الا من طاولاتها ، حتي اتاهما صوت عطا قادما من ركن ما مرحبا.. اقترب و رحب بيوسف ثم نادا علي شخص ما :" مندو .. يا مندو"
فظهر شاب مستجيبا للنداء و اقبل عليهم بوجه عليه نظرة تدل علي مدي عدم احتماله لنداءات عطا التي تبدوا انها متكررة.. كان متوسط القامة مائل للبدانة بشعر كثيف قد يرقي لصفة النعومة ، صففه للخلف مستخدما (جل ) رديء يضفي لمعانا لزجا علي شعره.. وصل اليهم فربت عطا علي ظهره معرفا اياه لشهد:" ده مندو ابن اخويا يا شهد.. هو ريس العمال هنا.. هيوريكي هتعملي ايه بالظبط"
تابع يوسف الحديث و قد لفت انتباهه كيف يرمق مندو شهد بنظرات لم تريحه.. كان يعرف ان مندو شخص اخر ما يوصف به انه يتمتع بصدر رحب فهو دائما حانقا ، كارها، غاضبا لربما كان يكره عمه عطا اذا لم يكن يكره نفسه ايضا.. لم يكن جو يدرك قبل الان انه رئيس العمال هنا ، دائما يراه في الصالة و لكن لم يهتم ان يعرف وظيفته بالتحديد.. ادرك ان كون شهد مرؤسة له ستلاقي الامرين من تعنته و سخافته ..(خليها تعرف الشغل اللي علي حق ربنا .. مش الرزق اللي بيجي عالجاهز) هكذا قال لنفسه.. ولكن ليس هذا ما لم يريحه في نظرات مندو..
كان مازال عطا يتحدث الي مندو:" تحطها في عنيك..دي تبع جو حبيبنا"
رفع مندو عينه عن شهد و القاها علي جو وقذفه بابتسامة صفراء تأكيدا لكلام عمه.. ثم اعاد عينه الي شهد مرة اخري كما كانت..
عطا:" يلا شهد روحي معاه... متنساش يا مندو تعرفها علي سمر لما تيجي، وابقي اخصم من سمر الساعة اللي اتأخرتها..بلا دلع و مياعة"
ذهبت شهد مع مندو بعد ان القت نظرة اخيرة علي جو كنوع من استمداد الدعم و الذي بدوره ايدها بابتسامه وايماءة..
بمجرد ان انتهت مهمته انصرف الي اعماله بعد ان اوصي عطا قائلا:" البت في عينيك يا عطا.."
***
في المطبخ كادت شهد ان تبكي و هي تري قائمة وطبيعة الاعمال القذرة المطلوبة منها ، بالاضافة لأسلوب مندو الشديد السخافة و الذي يدعوا الي الانتحار
مندو:" شوفي انا عايز شغل بجد .. هتبتدي بالصالة برة الاول، وهتبقي معاكي المزغودة سمر لما تيجي، شايفة كل الصالة دي؟ عايز كل حاجة فيها تتلمع و الارض تتمسح كلها متسبيش فتفوتة.. و بعدين تخشي عل المطبخ عايزه يبقي زي الفل .. كل ده قبل الساعة تسعة ..بعد كده الزباين تبتدي تيجي..ملمحكيش بأة برة المطبخ تفضلي هنا جنب الطباخ اللي يوسخه تغسليه ده غير بقي غسيل الصحون .. لو حاجة اكسرت هخصمها من مرتبك و بعدين اكسر دماغك.."
لم يعجبها الاسلوب و خصوصا الكلمة الاخيرة ، امسكت نفسها عن ان تشرح له وجه اعتراضها مستشهدة باقوال تاتي فيها سيرة والدته العطرة و ابيه .. اكتفت بنظرة حارقة و الصمت..
قام بأعطائها ادوات التنظيف و اخبرها ان تبدأ الان..
بالفعل حملت شهد الادوات وشمرت ارجل البنطلون وبدأت في العمل بينما جلس مندو علي كرسي قريب يتابعها يلقي تعليماته و يعلق علي او ينتقد اداءها مما اثار حفيظتها واوشكت علي ان تعطيه حماما بماء المسح و لكن انقذه حضور سمر. فانشغل عن شهد بتعنيفه لها و التي تبين انها تأخرت لان شخصا سرق نقودها وانها امضت الساعة تبحث عنها في اركان المنزل والاماكن المحيطة الي ان يأست واتت باكيه.. فما كان من مندو تعليقا علي مأساتها ان خصم منها الساعة التي تأخرتها..
مندو:" دي شهد.. جبنالك واحدة معاكي اهه، اياك يتمر!.. يلا خشي معاها ..عايز الصالة تنوور من النضافة"
ابتسمت شهد و مسحت يديها المبللة في ملابسها ووضعتها علي صدرها قائلة:" انا شهد.."
وما ان حاولت سمر ان تفتح فمها حتي قال مندو:" هيا حفلة تعارف؟! يلا خلصوني! ايه دلع الحريم ده!"
انحنت سمر لتقوم بالمسح و هي تتمتم في همس بكلمات لم تتبينها شهد و لكنها استنتجت انها اما سباب او دعاء علي مندو..
وهكذا استمر الحال ..بيقيتا تعملان في جهد دون فرصة للتحدث معا حيث ان مندو كان جاثما علي انفاسها طيلة الوقت بجلوسه علي كرسي قريب يدخن في غل و هو يتابعهما ولا يكتفي ابدا من التعليمات..

كانت شهد و سمر فالمطبخ ينهيان بعض الاعمال حين دخلت عليهم صاحبة الوجه المألوف لشهد..انها زوزو
زوزو:" شهد عاملة ايه يا حبيبتي؟ انا قابلت يوسف من شوية في الشارع و وصاني عليكي.. "
شهد فور ان سمعت اسم يوسف:" هو جاي؟"
زوزو:" اكيد ..بيجي هنا كل يوم.. المهم انتي مرتاحة؟" ثم نظرت الي مندو وقالت باستهزاء :" الواد مندو شايف نفسه عليكي..قوليلي وانا اظبطهولك"
قال مندو بغيظ:" ملكيش دعوة بيها يا زوزو... حلي عنها وراها شغل"
اطلقت زوزو ضحكة مائعة لتزيد غيظه:" اتلهي علي عينيك.. جاتو خيبة عطا اللي عملك علينا بني ادم.. "
وخرجت و هي تضحك بينما كاد مندو ان ينفجر فصاح فجأة في سمر وشهد :" متنحين في ايه يا بت منك ليها؟؟!! يلا.. مش عايز لكاعة.."
فردت شهد:"براحة بس علي نفسك احسن الزعيق و الحزق ده بيجيب بواسير"
هب مندو واقفا وقال:" بتقولي ايه يا بت انتي؟ مخصوم منك يوم"
شهد:" انا غلطانة اني بقولك اللي فيه المفيد.. لما بعد كده تمشي بقاعدة في ايدك مطرح مطروح ابقي افتكرني"
انفلتت من سمر ضحكة مكتومة ثم ما لبثت ان تحولت الي نوبة من الضحك الصامت..
ركل مندو الكرسي بقدمه و قال و هو يخرج غاضبا:" مخصوم منكوا تلات تيام وديني لا اوريكوا"
تركت سمر ما بيدها و جلست علي الكرسي الذي ركله مندو وقالت لشهد "احكيلي بقي انتي مين و تقربي ايه لجو؟"
فنبادلا حديث تعارف و اخبرتها شهد نفس قصة جو عن ابوها الذي مات ووصاه عليها قبل موته.. كانت سمر طيبة و مرحة و قد شعرت شهد بالارتياح لها بعكس زوزو برغم ما تبدي ناحية شهد من ترحاب و مجاملة..
وبذكرها عادت مرة اخري لتصنع لنفسها كوب من الشاي و جلست تحتسيه بينما تتحدث مع شهد التي استمرت في العمل مع سمر
زوزو:" انا سمعت انك عايزة تطلعي معانا برة بس جو اللي مانعك؟ مانعك ليه؟ "
شهد وقد فاجاها السؤال:" لا ممنعنيش..هو بس خايف عليا يعني..اكمن ابويا وصاه عليا وكده"
زوزو:" خايف من ايه يا عبيطة؟ دي شغلانة فلوسها حلوة و من غير تعب ..يعني عاجبك الي انتي فيه ده؟"
سمر:" يا زوزو انزلي من علي ودن البت.. ما يمكن الجدع خايف عليها فعلا..يعني تنكري البلاوي اللي بتشوفوها كل يوم."
زوزو:" ايه يعني.. امال البغال الي مالين الصالة دول بيعملوا ايه؟ ماهو عشان يحمونا من البلاوي دي! متخفيش يا شهد سيبك منها دي بت خوافة وفقرية.. اتفرجي انهاردة و لو عجبك من بكرة تطلعي معانا"
لم تملك شهد تبريرا اخر فتظاهرت بالموافقة.. وكم تمنت لو انها تستطيع ذلك فعلا...
وبعد ان انصرفت زوزو اقتربت سمر من شهد وهما واقفتان امام حوض تغسلان بعض الصحون وقالت بصوت خفيض:" زوزو تبان جدعة.. بس خلي بالك مصلحتها فبل اي حاجة.. ولما تزن في حاجة يبقي ليها مصلحة فيها.. انتي عارفة انها بترسم علي جو؟ وهو كمان.. شكلها مالية دماغه.. "
شهد باستنكار:" طب و ده علاقته ايه بأنها بتزن عليا عشان اطلع معاهم؟"
سمر:" معرفش.. انا قلت اقولك بس متسلميش دماغك ليها من غير تفكير.. خلي بالك ان قعادك عنده اكيد مركبها ميت عفريت؟ خصوصا ان جو عمره لا اشتري و احدة و لا حتي صاحب واحدة.. وجودك عنده مش مفهوم.."
صمتت شهد فقد اربكها ما سمعت و لم تعرف لم؟
  
                                                     ***
وصلت سيارة الخاوجة امام محل عطا و نزل منها الخواجة و رجاله ومنهم جو و دخلوا الي جميعا و سط ترحاب عطا الشديد..
مسح جو المكان بناظريه كالمعتاد فهي طبيعه عمله.. و لكنه ايضا كان يبحث عن شهد.. ها قد بدانا منذ الثانية الاولي لوجوده وقد بدأ ينشغل بها.. نفض عن رأسه وجودها ونجح في التركيز تماما مع عمله الاساسي وهو حماية الخواجة.. جلس علي المائدة مع الرجال و قد طلب الخواجة عشاء فاخرا للجميع بينما هو في انتظار اشخاص هامة اتية لحضور اجتماع..
كانت الموسيقي تدوي والفتيات بدأن في الصعود علي اماكنهم العالية في اركان المكان ، لاحظ يوسف و جود زوزو وانها تشير له فاشار لها مما اثار الهمزات و الضحك بين الرجال علي الطاولة و تعليقات علي غرار "ماشي يا عم" " الله يسهله" ضحك معهم ثم توجه للحمام، مارا بباب المطبخ ففتحه و اطل برأسه ليري سمر و شهد منحيات تقومان بمسح ارضية المطبخ الشاسعة بينما و قف الطباخ منهمكا امام الموقد و مندو يجلس علي الكرسي يتابعهما..
يوسف:" شهد.."
التفتت شهد في لهفة و قامت و هي تمسح يديها في ملابسها و توجهت اليه قائلة :" جو.."
فقط؟! اهذا ما قطعت مسافة طول المطبخ لتقوله له؟!..كادت ان تقول (خدني من هنا) الا انها ابت ان تكون تلك الطفلة التي تمسك بذيل امها حتي تحملها..
رمق مندو بنظرة طويلة و ثم قال لها:" مرتاحة؟ حد مضايقك؟"
اومأت براسها و قالت :" ماحدش يقدر يضايقي!" والقت بنظرتها النارية الي مندو الذي انزل رجله من علي الاخري وقال:" انت ايه الي مدخلك هنا يا جو.. اتفضل علي ترابيزك.. و طلباتك هتجيلك لحد عندك.. هنا للي بيشلغوا بس"
لم يعطيه جو اهتماما و قال لشهد:" لو عزتي حاجة انا برة.."
اومأت برأسها و عادت لتنحني مرة اخري و تقوم بالمسح..بقي جو واقفا لبرهة يتابعها و يتابع مندو الذي بدا متوترا لوجوده، ثم خرج متوجها مباشرة لعطا..
عطا:" باشا..اطمنت عليها؟"
جو:" هو مندو قاعدلهم كده ليه؟"
عطا:" مش فاهم؟"
جو:" يعني ميصحش.. عمالين يوطوا يمسحوا و يتحركوا وهو قاعد دابب عينه فيهم.. فين الدم؟"
عطا:" متزعلش مني يا جو..بس الحتة دي مش بتاعتك.. مندو بيعد يتأكد انهم شغالين تمام و مش بيشتغلوا لكلكة و طلسئة.. كده انت بتدخل في شغلنا.. و بعدين مين قالك انه بيبص عليهم ده بيبص علي الشغل.. انت جبت البنت و انا مرفضتلكش طلب.. و هيا في عنيا..انما ملكش دعوة بمندو"
لم يكن جو يريد اثارة مشاكل حول شهد حتي لا يفتح الاعين عليها..فاكتفي برد عطا وبرغم من انه رأي بعينه نظرات مندو المستفزة الا انه قرر ان يتغاضي عن الامر
فقال ناهيا الحديث:" ماشي انا مش هدخل.. بس انا عايزك بس تعرف مندو انا مين واقدر اعمل ايه.. وان شهد تهمني.. لو باقي علي روحه يحترم نفسه معاها"
فقال عطا:" متخفش يا جو.. عيب الكلام ده.. قلتلك البت في عنيا"
قبل ان يعود جو لطاولته رجع ثانية للمطبخ و فتح الباب عن اخره وهو يقول: "الباب ده يفضل مفتوح كده" ثم نظر لمندو محذرا :" لو اتقفل انا هزعل!"
وعاد لطاولته مرة اخري ، الان من مكانه يمكنه رؤية جزء من المطبخ حيث يجلس مندو و بالتالي يمكنه رؤية شهد و هي تمر من امامه كل دقيقة..
ان كنت ستراقبها في جميع االاحوال اما كان من الافضل ان تبقيها في مكان اقرب اليك..هكذا تحدث الي نفسه.. الان بدا العمل مع الراقصات افضل من حيث سهولة المراقبة.. ثم ان..
"جو!" كان هذا صوت الخواجة :" بقالي ساعة ماددلك ايدي عايز تليفوني!"
اخرج جو هاتف الخاوجة في ثانية من جيبه و اعطاه له قائلا:" عيني كانت علي حاجة بتأكد منها يا ريس..لامؤاخذة"
لم يبد انه سمعه فقد اخذ منه الهاتف و اجري الاتصال دون ان يبد اي رد فعل..

مرت الليلة الاولي لعمل شهد علي خير، نجح جو في ان يتناسي امرها و يبقي تركيزه مع الخواجة..خصوصا اثناء ذلك الاجتماع الذي ضم عدة شخصيات هامة وقد اربكوا المكان بعددهم و عدد رجالهم.. بعد ان انتهي و رحل جو مع الخاوجة وامنه الي البيت..ثم عاد ثانية الي محل عطا ليصطحب شهد للبيت..

                                    ***
في اثناء الاجتماع و بسببه كان المطبخ في حالة من الارتباك و التوتر فجميع الفتيات النادلات يصرخن في بعضهن البعض للحصول علي الطلبات العاجلة و الطاهي يبدو و كان احدا اداره ليعمل بالسرعة القصوي.. وعطا ومندو يقفان بنهران كل من يبطيء و يحاولان ادارة الازمة.. و في وسط كل هذا كان دور سمر و شهد هو المساعدة في الانجاز فقد كانتا تجريان بين الطاهي و النادلات و ثم تغسلان بضع اواني لاعادة استخدامها... الي اخره من اعمال.. حتي كادت شهد ان تسقط مغشية عليها من الارهاق و التوتر..
ثم ابدا الجو يهداء تدريجيا.. الي ان انتهي الامر مع انتهاء الاجتماع.. فهداء الجميع ..
و مع انتهاء الليلة ، رحل الطباخ تاركا المطبخ كساحة معركة و بقيت النادلات يرتبن المكان، بينما نزلت الفتيات الراقصات منهن من بقيت لتجلس مع اصدقائها من الزبائن القلة الباقيين في انتظارهن، ومنهن من رحلت.
امر مندو سمر وشهد بالانتهاء من نظافة المطبخ.. كادت شهد ان تصرخ باكية الا انها وجدت سمر تتوجه للبدء في العمل بدون اعتراض.. ففعلت مثلها علي مضض..
استمر العمل في نظافة المطبخ لمدة حوالي ساعة اخري و ما يزال مندو جالسا يتابعهن..
"هو ايه ده؟! استعباد؟!!" كان هذا صوت يوسف :" انا من ساعة ما كنت هنا و هما علي نفس الوضع!! ايه مفيش شغلة غير المسح؟!!"
استدارت شهد لتجده يقف محدثا عطا علي باب المطبخ..
عطا ضاحكا:" لا يا خويا متقلقش خليناها عملت كل حاجة مش مسح بس.. حتي اسألها.."
جو:" انت مفتري يا عم؟.. كده كتير اوي.."
عطا:" طب ايه رأيك ان سمر كانت بتعمله كله لوحدها.."
جو:" ماهو ده من الافتري بتاعك.."
عطا مخاطبا مندو:" شهد قدامها قد ايه يا مندو؟.. جو عايز يروح.."
مندو :" ميروح هو حد حايشه؟!..شهد مش هتمشي غير اما تخلص مع سمر.."
تمالك يوسف اعصابه امام سخافة مندو فهو و معتاد علي اسلوبه الجاف الخالي تماما من الكياسة..
عاد يوسف الي الصالة حيث كانت زوزو مازلت موجودة وجلس معها يتضاحكان..
بعد مدة ليست طويلة خرجت شهد من باب المطبخ لتجد جو جالسا في انتظارها مع زوزو.. اقتربت منها
وقالت:" منك لله! كانت شورتك مهببة..انا مش جاية هنا تاني..ده ولا شغل الفاعل"
ضحكت زوزو وقالت:" مش قلتلك يا حبيتي.. تعالي بكرة معانا احسن.."
جو:" مش تسترجلي كده يا بت..من اول يوم كده فيصتي.."
انحنت شهد لتنزل تشميرة ارجل البنطلون.. و هي تكمل الحديث قائلة:" انا عايزك تقضي يوم زي الي قضيته انا، و نشوف ساعتها..هاتـ..."
قطع كلامها فجأة صيحة من يوسف و هو ينظر في نقطة ما خلفها:" متنح في ايه ياد انت؟؟ مكفاكش بحلقة من الصبح؟ ايه هتقولي برضه بتطمن علي الشغل؟!!"
استدارت شهد لتجد مندو واقفا خلف ماكينة النقود و بيده حفنة من النقود من المفترض انه يقوم بعدها.. ولكن من الواضح انه لم يكن يفعل حقيقة..
قال مندو بغضب:" اتمسي يا جو.. ولا هو جر شكل و خلاص.."
وضعت زوزو كفها علي صدر ويوسف في محاوله لتهدئته وقالت:" سيبك منه .. ميستهلش تعكر دمك عشانه..هو كده اخره يبص .. خليه يبص.. ذكاة عنها.. هو يعني اخد منها حتة؟؟"
فرد يوسف بصوت عال لكي يسمعه مندو:" الفكرة في الاحترام يا زوزو.. متبقاش هية و اقفة معايا و هو عينه مبتنزلش من عليها.. الناس كلها عارفة .. اللي يبص لواحدة معيا اخرم له عينه..ولا هو جديد في المنطقة؟!"
بالنسبة لشهد كان هذا تفسيرا لظاهرة عدم نظر الرجال اليها و هي تسير مع جو في الطريق..
كانت راضية بشدة عن (التهزيق) الذي يتلقاه مندو في تلك اللحظة من تحت راسها، وكأنها انتقمت منه علي كل ما لاقته منه علي مدار اليوم..في واقع الامر لم تكن تعبأ مثلها مثل زوزو ان حدق مندو في مؤخرتها.. طالما التزم حدوده معها فهي لا تبالي.. لقد اعتادت مثل تلك النظرات، فهي في وسط مثل وسط المعلم المرعي حيث تربت، كان هذا اخر ما يأتي في قائمة "ما يجب ان تقلق بشأنه"..
يوسف:" يلا يا شهد عايز انام.. سلام يا زوزو.. تيجي نوصلك؟"
فقالت زوزو في محاولة ان تثير غيرته:" لأ.. في واحد معرفة هيعدي دلوقتي.. انا قاعدة مسنياه.."
ابتسم يوسف فقد فهم مرادها و قال:" طب خلي بالك من نفسك.." و ربت علي ظهرها
وسحب شهد من امامها تاركا (قفاها يقمر عيش) ..
مشي يوسف مع شهد عبر الشارع في الظلام..بالطبع اعمدة الانارة كانت رفاهية لم تحظ بها المنطقة و انوار المحال و البيوت كانت مطفئة فالوقت قارب الفجر.. لم ينطقا بكلمة فكلاهما كان مرهقا جدا و شبه نائما..
ولكن يوسف قطع الصمت وقال:" انتي فعلا مش هتروحي بكرة؟ " لم ترد..
فعاد يقول:" حد دايقك في حاجة؟ الواد مندو ده انا عارف غتاته.. لو ضايقك انا ممكن.."
لم يكمل كلامه لانه سمع صوت ارتطام جسم علي الارض، التفت ليجدها شهد ..كانت فاقدة للوعي..
ولأول مرة في حياته يصاب بالهلع.. لم يكن من الاشخاص الذي قد يهتز لاي سبب..لقد كانت حياته قاسية بما فيه الكفاية و قد رأي طوال عمره ما يكفي ليجعل منه شخص من الصعب ان يفزع او يخاف او يهلع..
ولكنه هلع حقا .. انحني ليتأكد من انها تتفس لم يستطع رؤية وجهها الشاحب في الظلام ، حملها علي كتفه مثل الشوال..وكأنه جندي يحمل زميله المصاب اثناء الانسحاب .. وهرع بها الي بيته..
القاها علي السرير و حاول ان يبلل وجهها بالماء.. يرش عطرا.. يشممها بصلا.. افاقت في خلال دقائق فتحت عينها في اعياء و حدقت به و قالت:" مالك يا يوسف وشك اصفر اوي انت هتموت ولا ايه؟"
لم يفهم و لكنه ارتاح لكونها تتحدث..
يوسف:" انتي ايه اللي جرالك؟؟؟ كنت بكلمك في امانة الله لقيتك طبيتي ساكتة!!"
شهد في احراج شديد:" اصلي مكلتش من صباحية ربنا.. يمكن هبط"
فقام يوسف سريعا و اتي لها بكوب من اللبن من ثلاجته الصغيرة ووضع لها بضع معالق سكر و عاد و هو يقلبه بملعقة قائلا:" طب اشربي ده.. اللبن كويس.. و السكر هيفوقك.. "
اطمأن الي انها تشرب و قال:" وانتي يا بت هبلة؟؟.. مكلتيش ليه؟!! "
شعر انها محرجة من الامر فقد اشاحت بنظرها بعيدا.. الامر الذي استفزه..ثم تذكر انها لديها حساسية غير مبررة في ان تأكل او تبدي انها جوعانة.. اهذا ما جعلها تظل بلا طعام طوال النهار حتي اصابها ذلك الهبوط؟؟..
فقال:" يا بنتي البني ادم لازم ياكل.. يعني عايزة تفهميني ان البت اللي معاكي دي مقعدش عشر دقايق تاكل؟؟ مكلتيش معاها ليه؟؟ "
لم ترد شهد بل استمرت في شرب اللبن ..
فعاد ليقول في غيظ:" لا حول الله ..اشفي يا رب "
ثم قام و اتي لها بكيس مليء بالطعام.. كان قد اخذه بعد سهرة مع الخواجة قائلا بامتعاض:" اتعشي بقي من ده..خلي الدم يرجع في خلقتك البيضا دي... جتك البلا هربتي دمي!"
ووقف مفكرا لبرهة ثم سحب البطانية و وضعها علي الارض ثم نزع قميصه و افترشها
شهد:" هتنام علي الارض؟؟!!!"
جو:" ريحي انتي انهاردة علي السرير.. بس من بكرة هترجعي الارض تاني.. انا مبحبش اسيب سريري!"
ثم اعطاها ظهره .
قال و ظهره لها:" لو صحيتي بكرة تعبانة متروحيش لعطا.. وانا هكلمهولك.. "
شهد:" انا عايزة اروح مع زوزو"
صمت قليلا يتمالك نفسه ثم قال:"تاني؟! يا بنت الحلال..انت عايزة عدوي ولا حد من تبعه يشوفك..متتكني كده في حتة ملمومة.. "
تنهدت شهد في حسرة وقالت:" طيب.."
بعدها ساد الصمت الا من صوت مضغ شهد للطعام ،غرق يوسف في التفكير محاولا تفسير ذلك الشعور العجيب بالفزع و العجز الذي اصابه حين رأها جثة علي الارض، ولمَ يشعر به الان وهو لا يذكر اخر مرة شعر بخوف؟؟ راح في النوم اثناء التفكير.. لمَ الان؟؟
تناولت شهد بضع لقيمات، ثم اراحت جسدها المنهك علي السرير الوثير.. كانت و لأول مرة في حياتها تختبر شعور الراحة مع الامان والذي معه يأتي النوم سريعا بلا كوابيس.. تري لمَ الان؟؟