كانت شهد تجلس علي كرسي في المطبخ في حالة من الاضطراب ممتزجة ببعض البكاء و قد و ضعت لها سمر كوبا من العصير البارد في يدها، تدريجيا التف حولها معظم الفتيات و علي رأسهم زوزو و قد دس مندو نفسه بينهن ليستمع الي اجابات شهد عليهن بخصوص ما حدث للتو..
كانت زوزو اكثر من سأل وكأنها تحاول اظهار و التأكيد علي عدم معرفتها بشيء، بينما كانت شهد تجيب اجابات مشتتة و جمل غير مترابطة، ولكنهن نجحن في بناء القصة بصورة تعتبر صحيحة.
حاولت سمر ابعادهن حتي تهدأ صديقتها و ايضا حتي تنفرد بها و تحصل علي تفاصيل اكثر، ة لكنها فشلت فقد كان الحدث اكبر من كل مرة، فقد اطلق جو الرصاص علي شخص.. كانت سابقة في حد ذاتها.. وكونه اطلقه من اجل شهد، فالامر يستحق سماع القصة وراءه.. و ماكان من قصة شهد و هروبها من عدوي واحتمائها بجو المفترض انه صديقه كانت مثيرة جدا .. لذا لم تنجح سمر في ان ترسل الفتيات الي الخارج و تبعدهم عن شهد..
سمر و هي تربت علي كتف شهد:" يعني انتي كده بقيتي حرة يا شهد! مبروك يا حبيبتي"
شهد مفكرة بعمق:" هو مات؟ لما يفوقلي –الهي ما يوعي يفوق- هيرجع ينتقم مني.. لازم اخفي في حتة تانية"
سمر:" و ليه؟؟ خليكي في وسطينا و جنب جو و زي ما حماكي منه طول المدة دي يحميكي تاني "
زوزو:" مفيش حاجة اسمها كده! شهد ملك اللي اسمه عدوي ده.. واخد رصاصة بقي ..مكسر..طول ماهو عايش هي من حقه.. اللي عمله جو ده اكبر غلط .. وهيسببلوا و يسببلها مشاكل! "
سمر:" والنبي ملكيش دعوة انتي يا ختي.. اطلعي منها.. انتي مفروسة و بطلعي نفسانتك علي البت الغلبانة"
زوزو و قد استعدت للردح:" نعم يا حبيبتي! و انا ايه اللي يفرسني؟! ماعاش و لا كان اللي يفرسني؟! انتي اللي تطلعي منها.. انا و شهد بنكلم مبقاش الا خدامين الصالة اللي هيتحشروا بنا"
سمر و قد انفعلت و همت بتطويل يديها و هي تقول بحدة:" انا بقي هوريكي الخدامين بيتعاملوا ازي مع قلالات الرباية اللي زيك!"
وتدخلت الفتيات لتمنعها بينما استعدت لها زوزو فالتف حولها فتيات اخريات احطياطيا
وفجأة صرخت بهم شهد و هي تضع يديها علي اذنيها في انيهار:" بس! بس! انتوا مصدقتوا!"
تمت السيطرة علي العركة الصغيرة بين زوزو و سمر، و قبل ان تخرج زوزو غاضبة فوجئت بجو يدلف الي المطبخ، فابتسمت بعد ان كانت عابسة و قالت:" تسلم ايدك يا بطل.. الحمد لله انك كويس..قلبي و قع من الخضة"
ثم ربتت علي صدره في دلال ..فابتسم لها و ربت بدوره علي يدها الموضوعة علي صدره قائلا:" تسلمي يا زوزو" ، في لحظتها القت زوزو نظرة ذات معني واضح لشهد ، فاشاحت شهد بوجهها فلم يكن ينقصها الان ان تتجاوب او حتي تتلقي هذه النوعية من التصرفات.. اما جو فقد كان مبتسما ابتسامة مشرقة، وقد استقبلتها زوزو علي انها رد فعل لاهتمامها به.. فانتفخت وزادت في نظرات الكيد للجميع و ليس لشهد فقط.
بعد ان قام جو بالتربيت علي يدها في امتنان ، ابعد يدها و تخطاها هي شخصيا وتوجه بنظراته و ورجليه و كيانه كله الي شهد و نادها مبتسما..
نظرت اليه و قامت متوجة نحوه و قالت :" يا جو انا و النعمة ما عارفة اقولك ايه؟ دانا لو شكرتك من هنا للسنة الجاية يدوبك يكفي اللي عملته معايا لحد قبل الليلة.. انما اللي عملته الليلة دي والله ما في كلام لاقياه اقولهولك!"
كان لا يزال مبتسما ينظر اليها بسعادة.. لم يكن حقا مهتما بما تقول .. لم يكن منصتا.. كان يحدق بها و يتأملها وهي تتحدث.. يستمع الي صوتها.. غير مميزا لكلماتها..
اكملت شهد:" انت جميلك فوق راسي و علي رقبتي.. و الناس اللي واقفة دي تشهد عليا.. اول ما استقر في مكان هعرفك فين.. واي طلب انت عايزه اؤمرني بس! "
جو:" وانتي فاكرة انك هتمشي؟"
شهد:"هو ده الصح.. و علي رأي زوزو اللي حصل ده كان اكبر غلط و مش هيجيب غير المشاكل ليا وليك"
القي يوسف نظرة جانبية نارية الي زوزو و ثم عاد ليقول لشهد:"بما انك هتنفذيلي اللي اطلبه.. اول طلب اطلبه منك.. بلاش تمشي و را كلام حد!"
برغم من ان شهد لم تكن في مزاج (للعكننة )علي زوزو و لكن اعجبها (التخبيط) الغير مباشر الذي بدي في كلام يوسف وقد ترائي ذلك في نظرة سريعة القتها الي زوزو..
قالت شهد بأسي:" حاضر.. بس العقل بيقول ان الصح اني امشي قبل ما عدوي يفوقلي تاني.. المرة دي هيتقال انك كنت بتحمي ريسك من و احد كان هيضرب نار ناحيته، و هتعدي و محدش له عندك حاجة.. بس مش كل مرة تسلم الجرة"
جوبحزم:" مفيش كل مرة! دي المرة الاخيرة.. عدوي لو خطا جنبك تاني هكسرله رجله"
شهقت سمر شهقة خافتة من فرط التأثر بالجملة.. وسرحت بهما وكأنها تشاهد فيلما رومانسيا..كان ينقصها فقط علبة فشار واريكة..
غمر شهد احساسا غريبا، لقد اثرت بها كلمته الاخيرة بشدة.. كيف يصر علي ان يكون بهذه الرجولة و القوة الممزوجة بالحنان و الرعاية.. مع قدر كبير من الحزم و القسوة؟! كل هذا في ان واحد!!
التفت جو فجأة للفتيات و مندو و قال متسألا:" هي الناس دي كلها هنا بتعمل ايه؟؟!!"
ارتبكن و منهم من بررت و جودها بلإطمئنان علي شهد..و منهن من توجهت للباب في احراج.. انتهي الامر ان خرجن جمعيا الا زوزو، فقد بدأت في صنع الشاي قائلة باقتضاب:" انا عندي راحة و هشرب شاي!"
اما سمر فقد تظاهرت بالعودة للعمل بقرب الحوض بينما تركت حواسها الخمس مع يوسف و شهد ، و كذلك فعل مندو بعد ان جلس قرب زوزو..
قالت شهد:" جو انا مقدرة خوفك عليا! متخافش انا افوت في الحديد.. شفت في العربية علمت فيه ايه؟ و قبل كده رشقتله ازازة في كتفه! المرة الجاية انا ناوية علي عينه ان شاء الله.. مش زوزو بتقول طول ما هو عايش انا ملكه؟! و انا طول مانا عايشة ما هيملكني ابدا!"
ابتسم جو في استخفاف و قال :" هو محدش بيكلمك في الحياة غير زوزو.. كل اصحابك قاطعوكي؟!"
ارتبكت زوزو في جلستها عن بعد، جاولت ان تظهر انها لم تسمع و تشاغلت بكوب الشاي في يديها..
و لكن لاحظت شهد ذلك و لاح علي شفتيها شبح ابتسامة ساخرة من الامر..
فاكمل جو:" شهد انتي مش فاهمة! مفيش عدوي تاني!"
شهد مصعوقة:" مات؟!"
جو:" لأ.. يا شيخة بعد الشر"
عقدت شهد حاجبيها و نظرت له بغباء ، فقال هامسا:" يموت موتة ربنا ولا اتوبيس يهفه بعيد عني.. انما يموت، و ابقي انا اللي قتلته؟! " حرك رأسه مستنكرا للفكرة
ثم عاد و قال مبتسما و ببطء حتي يثير فضولها:"الخواجة صادر ممتلكات عدوي.....و انتي يا حلوة من ضمنها" اتسعت عينا شهد الجميلتين في محاولة لاستيعاب الامر..
اكمل جو:"فبقيتي ملك الخواجة..."
بدا علي وجهها الذهول و قالت:" يانهار مش باين!"
فاكمل و كانها لم تتحدث و قال:" قام هو باعك في ساعتها.. هيعمل ايه بواحدة مسلوعة وخيبانة زيك؟!"
امسكت شهد بقميصه من الصدر بحركة لا ارادية وقالت بلهفة و انزعاج:" لمين؟!!!!!"
فامسك بيدها و ازاحها بتعال وكبر مصطنعين و قال:" حد يمسك المالك بتاعه من قميصه كده؟!"
سمعا صوت انفجار كوب زجاجي يحمل شايا ارتطم بالارض بعد ان سقط من يد اصابها هول المفجأة بالصدمة ، وكان الصوت مختلطا بشهقة عالية صادرة من حنجرة سعيدة متأثرة و مذهولة..
اما شهد فلم تتمكن من استيعاب الامر فسألت بفم ينغلق بصعوبة:" مالك مين؟"
جو مبتسما في تشف:" المالك بتاعك؟"
شهد تكذب نفسها:"مين ده؟"
جو:" انا!"
شهد:"انت المالك بتاعي؟َ!!"
جو:" ايوة!"
شهد:" اشترتني!!!"
جو:" ايوة!"
نظرت شهد حولها غير مصدقة تحاول ان تتأكد من كان الموجودين انهم سمعوا ما سمعت.. عندما التقت عينها بسمر رأت سعادة و فرحة غامرة و عندما وقع بصرها علي زوزو لتجدها مذهولة و عصبية تذيل اثار الكوب المتحطم في غل و غضب..
فسأل جو ساخرا:" مستنية رأي زوزو؟! "
ولكن شهد قالت بتوجس:" وانت ناوي علي ايه يا جو؟ "
جو مستنكرا سؤالها:" ناوي علي ايه في ايه؟!"
شهد:" هتبيعني؟"
جو:"لأ طبعا"
ابتسمت شهد ابتسامة هذيلة فهي مازلت متوجسة ، قلقة ، غير فاهمة و قالت:" طب ده كويس..انت جدع اوي يا جو.. واحد تاني كان باعني لأعلي مبلغ و كسب من و رايا قد كده.."
كانت تحاول تملقه و كسب رضائه اثناء الحديث عله يكون رحيما بها ..
جو:" لأ انا مش غبي ..قعادك معيا هيكسبني اكتر!"
شهد و مندهشة و غير راضية بالمرة:" هتشغلني و تاخد شقايا؟؟؟!!!!"
ضربها جو علي رأسها برفق و قال ضاغطا علي اسنانه:" مين ده اللي ياخد شقاكي؟! اتعلمي بقي تكلمي عدل!! لأ طبعا"
شهد و هي تلهث من فرط الاثارة و السعادة وعدم التصديق:" كنت متأكدة.. كنت عارفة ان هي دي اخلاقك.. انت بحد راجل.. ارجل واحد في المنطقة.. في العالم.."
جو:" علي مهلك بس.. ليه ده كله؟"
شهد بابتسامة واسعة و حماس:" مهو مدام و لا هتبيعني و لا هشتغل وكتسب من ورايا.. يبقي انت اشترتني عشان ترجعلي حريتي.. هتنازل عني..صح؟!"
جو:" اولا ارجعلك حريتك ايه بس؟ وانت عمرك ما شوفتيها اساسا.. ثانيا انا مش جمعية خيرية يا روح خالتك ولا لاقي فلوسي في الارض عشان اشتري حاجة و بعدين اسيبها.. ثالثا.. المفروض بعد كل اللي حصل ده تبوسي ايدي عشان احميكي.. قاعدك معايا مصلحة ليكي قبل ما تكون ليا.. "
لم تتمكن سمر من الحفاظ علي صمتها اكثر فقالت لشهد:" و النبي عين العقل!"
فتراجعت شهد و قد بدأ الغضب ينتابها بعد ان استوعبت الامر و زال اثر المفاجأة قالت بحدة:" يا سلام! لهو انا كنت بهرب من واحد عشان يطلعي و احد تاني!"
جو :" انتي كمان مش عاجبك!!بقي بعد كل اللي عملته عشانك و حرقة الدم والاعصاب بتقارنيني انا و عدوي ببعض.. بقي انا و احد زي زيه!!"
شهد:" مانت مختلفتش عنه في حاجة اهو.. هو قلب الدنيا عشان يملكني و انت عملت زيه.. ايش حال اذا ماكنت قعدت ووفضفضت معاك و عارف انا اتعذبت اد ايه؟! برضه جاي تقولي ملكي؟!"
جو بعصبية:" يا بنت الغبية! انت كده في حمايا.. يعني عاجبك عيشتك المنلية اللي كل يوم فيها مشكلة؟"
شهد بحدة:" وانا كنت طلبت منك حماية؟!! المشاكل انت اللي بتعملها؟!"
جو و قد وصل انفعاله لقمته:" بقي انا اللي بعمل المشاكل؟! بعملها عشان انا مجنون؟ و لا عشان واحدة غبية مبتعرفش تحافظ علي نفسها.. دانا كده ضمنتلك ان ولا مرعي و لا عدوي ليهم اي حق فيكي.. حتي الخواجة لولا اني كلمته وخاطري عنده كان زمانه باعك لاول واحد معدي..انت متلزميهوش في حاجة!..بقولك ايه؟! هو انا بكلم معاكي ليه اصلا؟! صح فعلا.. من امتي البنات بيتاخد رأيهم في المشتري؟.. قدامي!"
واشار بيده الي الباب..
تسمرت شهد مكانها للحظات تحسب الامر.. في جميع الاحوال هي لن تقدم علي ايذاءه ابدا مثل ما فعلت بعدوي.. فهروبها مستخدمة اي سلاح خارج الخيارات.. و كما هو واضح لن تتمكن من مقاومته و الافلات منه ان حاول ان يتعامل معها جسديا او اخذها معه بالقوة.. كما ان زوزو تتابع الامر و هي لن تضع نفسها في موقف مهين امامها او امام اي شخص في الصالة.. الخيار المتبقي هو ان تمتثل الان حفاظا علي ماء و جهها..
بالفعل سارت غاضبة الي الباب مثلما امر و سار هو خلفها.. كان الغيظ منها يملئه ، فبعد كل ما فعل من اجلها تأتي الان لتقارنه بعدوي.. و تعترض بدلا من ان تطير فرحا علي تملكه لها.. كانت تسير امامه بذلك الزي المنحل وقد ازداد غضبا و صار يتذكر لها كل سيء.. كل موقف ضايقة او اغاظه ، عن عمد او بدون.. بحق او من دون.. حسنا يا شهد لقد فتحتي علي نفسك ابوب (فش الغل)!
مشا بجوارها في الشارع.. كانت صامتة تفكر في الامر.. حسنا ليس الامر سيئا للدرجة فجو لا يقارن بعدوي او المعلم مرعي.. علي الاقل هو انسان..غير مؤذ و حنون.. ثم انها اقامت في بيته فترة و كان كريما لطيفا.. كما انه بالفعل حماية لها.. و لكن سبب ضيقها هو انها توقعت ان يكون اكرم من هذا و يتنازل عنها.. ثم ما مصلحته في ابقائها ان كان لا يريد بيعها ولن يستفيد من مهارتها الحرفية في السرقة.. يا المصيبة ايكون غرضه قذرا مثل اغراض عدوي؟؟ و لكنه لم يبد قط اهتماما بها من تلك الناحية و ينعتها دائما (بالمقددة المسلوعة).. و عندما باتت في داره كان غاية في الاحترام.. لا .. جو ليس من تلك النوعية من الاشخاص.. هو حتي لم يمتلك اي فتاة من قبل.. فلنأمل انه حقا كذلك! لأن ساعته سيؤلمها حقا ان تضطر الي ايذاءه..
عندما وصلا فتح لها الباب و تأكد من دخوها ثم دخل خلفها و اغلق الباب
قال باسلوب خال تماما من الذوق وهو يخلع قميصه:" اعملي عشا! جعان"
نظرت له شهد مندهشة:" نعم!"
جو:" اتطرشتي؟! اعملي عشا.. افتحي التلاجة وشوفي هتعشيني ايه؟ انا جعان..بسرعة"
شهد :" و متعشتش ليه عند عطا؟"
جو حانقا:" مكنتش فاضي! كنت بضرب نار علي واحد!"
احرجت شهد من رده و توجهت للثلاجة فعلا لاعداد الطعام..
كانت تري انه برغم كل شيء يستحق منها علي الاقل تلك الوجبة، اعدت ما تيسر ، فقال بنفس النبرة الآمرة اثناء انشغالها:" وشاي.."
اومأت برأسها و بالفعل بدأت في اعداده، و ما ان انتهت حتي قدمت ما اعدت ووضعته امامه علي الطاولة الصغيرة، لم يشكرها و لكنه قال ببرود:" اعدي كلي!"
فقالت شهد ببؤس :" مش جعانة.."
فصاح بها:"اللي اقوله يتنفذ.. انا مش بتعازم عليكي.. من هنا ورايح مفيش حاجة اسمها مكلتش! انا مش ناقص بلاوي .. وخلق صفرة و بهتانة! نا عايزك بصحتك عشان تسدي في الخدمة!"
نظرت له شهد مستنكره حديثه الجاف، فنهرها:" اعدي بقولك!"
جلست بسرعة و بدأت تأكل في صمت.. ثم قالت و عنينها لا تزال تننظران لاسفل للطعام امامها:" انا كنت بس عايزة اروح عند زوزو!"
فانتفض من مكانه و امسك ذراعها و ضغط عليه قائلا بانفعال:" زوزو؟! زوزو تاني.."
شهد و هي تحمي نفسها بذراعها الاخري و تبعد وجهها قائلة :"عشان اجيب حاجتي.. هدومي كلها هناك!"
فترك ذراعها و نظر اليها رافعا احد حاجبيه و سأل بهدوء:" هدومك الزبالة! ماشي هروح اجيبهالك انا"
شهد:" اروح انا عشان الممهم مش هتعرف انت!"
جو:"نروح مع بعض.. انت اصلا من هنا ورايح مش هتعتبي برة البيت ده غير معايا.."
شهد مستنكرة:"يا سلام! طب افرض عوزت حاجة وانت برة.. ده المعلم مرعي نفسه مكانش بيعمل معايا كده! كنت طول اليوم في الشوارع"
جو:" تحبي ترجعيله؟! ده بيدور علي اللي اشتراكي عشان يدفعله مبلغ كبير و يرجعك تاني.. تحبي؟!"
تراجعت شهد و قالت:" اقصد يعني لازمتها ايه الحبسة.. هو انا ههرب؟"
ابتسم جو بشدة و قال ساخرا:"لا.. لا سمح الله.. دا حتي مش من طبعك"
لم ترد بل صمتت غاضبة و وضعت وجهها في الطعام..
قال جو:" و علي فكرة لبس الراقصات بتاعك ده مش عايز المحه ابدا.."
لم ترد ايضا..
فعاد ليقول:"و بعد كده .. لما هدومي تتوسخ تتغسل.. و البيت يبقي نضيف .. و لو مجبتش اكل معايا تعملي انت"
رفعت اليه شهد اخير رأسها و قالت بحدة:" انت شاري خدامة بأة؟!"
ابسم ساخرا و قال و هو ينهض :" خدامة بس؟! انت لسة شوفتي حاجة.."
وتوجه لغسيل يده.. بينما جلست هي تاكل في نفسها غلا..
القي بجسده علي السرير و قال:" انا هنام.. وانتي بتلمي الاكل و توضبي الدنيا مش عايز اسمع صوت.. لو صحتيني هقوم اكسر دماغك!"
و اعطاها ظهره و تظاهر بالنوم و هو يخفي ابتسامة تشفي..
اما شهد فبقيت جالسة تفكر في ما الت اليه الامور.. فجو الكريم العطوف اصبح مطلبا ،سخيفا ، عديم الذوق ، يريدها خادمة.. ناهيك عن الحبس و تقييد الحرية.. لم يرغمها شخص ابدا علي ارتداء ما لا تريد ..فيأتي جو ليمنعها عن ارتداء ما تريد؟!! ثم ما قصة الخدمة .. ان كان يريد خادمة لكان عين و احدة باليومية اوفر و بدون العناء الذي بذله من اجلها!! ماذا يريد منها حقا؟!!
***
فتحت شهد عيناها الدامعتين لتجد جو يجثوا بقربها و يحدق بوجهها قائلا:"طب عدوي وخلصنا منه مين اللي جالك في الكابوس المرة دي؟.. اكيد انا بقي!"
استغرقت لحظة لتدرك اين هي و انها كانت في كابوس و ان الواقع هو وجودها في بيت جو امنة و هو بجوارها منزعجا..يبدوا انها نزعته من نومه بصراخها..
فقالت بصوت متعب:" لامؤاخذة.. "
فقال حانقا:" كسبت انا ايه بللامؤاخذة بتاعتك؟ حرام عليكي انا مش هشوف النوم تاني قبل فجر بكره! كان مين بقي بيجري وراكي؟ منا ضاربهولك بالنار..وكنت هموته.. خايفة من ايه؟"
فقالت:"متحطش في بالك.. الليلة الي فاتت كانت صعبة عليا .. كان لازم تطلعلي في الحلم!"
جو:" طب بما انك صحتيني بدري.. قومي اعملي فطار!"
اغمضت شهد عينيها في يأس و تنهدت..
فقال:" انتي هتعمليلي فيها نايمة؟! قومي فزي!"
قالها و هو ينهض متجها للحمام ليغتسل..
لم تنهض شهد كانت متعبة حقا..لم تنم طوال الليل تفكر.. حتي عندما هدأ عقلها وسقطت في اعمق نومة.. جائها عدوي مطاردا و لم يكتفي بافزاعها بل انه اطلق الرصاص من سلاحه ليصيب جو بدلا منها فتصرخ مولولة بعد ان سقط صريعا بين ذراعيها.. لهذا لم ترغب في ان تحدث يوسف عن الامر.. فليس من السهل اخبار شخص عن رؤيته مقتولا في المنام.. راحت في النوم مرة اخري بدون ان تشعر..تسلل اليها النعاس ثم اجتاحها..
عندما استيقظت مرة اخري و جدت جو غير موجودا و قد ترك علي المائدة كيس به شطائر فول و طعمية..
***
وقف جو يحدث حمادة امام الدكان الصغير الذي يمتلكه حمادة في السوق، حيث يدير اعماله كمحترف توزير من داخله و يقوم ببيع بعض الاغراض المتعلقة بالامر..
حمادة:" طب و النبي الخواجة ده راجل مجدع!"
جو:"معلش مانا كمان مقصرتش معاه ابدا.. وفديت حياته اكتر من مرة..لامؤاخذة يعني لولايا كان زمانه يا متصاب يا ميت!"
حمادة :" المهم بقي البت بقت من حقك رسمي.. هنيالك يا عم! متبيعهالي .. انا ممكن اقسطلك علي 36 شهر"
جو:"والله ساعتها هتلاقيها هي اللي بايعاك وكمان ناصبة علي الزبون و قابضة منه اكتر ما تسوي انت"
حمادة:" طب احكيلي.." ثم غمز بعينه بمعني فهمه جو
فقال جو:"بطل وساخة.. هو انا واخدها عشان كده.. بالعكس والله و ربنا يشهد..انا عايز احافظ عليها"
حمادة:" يا سلام.. هتحافظ عليها لمين؟ للمشتري اللي بعدك؟ ولا لابن الحلال اللي عمره ما هيجلها؟"
صمت جو فقد ضربه السؤال في رأسه و لكنه لم يجد لديه اجابة " لمن ؟؟!"
فقال:"هي اصلا مش النوع ده.. وانا عمري ماغصب واحدة علي حاجة"
حمادة:" يعني هي بذمتك مش عاجباك؟ دي عاجبة المنطقة كلها.. و بعدين نوع ايه الي هي مش منه.. هي مش برضه كانت بترقص عند عطا؟!!"
جو بنفاذ صبر:" اسكت يا واد يا حمادة انت مش فاهم حاجة.. ولو سمعتك بتكلم عليها كده تاني وربنا هتضايقني منك!"
حمادة:"عيب يا جو انت عارف اني عمري ما اكلم علي واحدة تخصك.. انا بس بنصحك.. "
ضربه جو علي رأسه مازحا:" تنصح مين يا واد يا اهبل انت.. انا هفهمك.. شهد هربت من عدوي عشان اللي في دماغه نفس اللي في دماغك كده.. و انا اللي هربتها منه عشان اطلعها من القرف ده.. اقوم اجي في الاخر افكر انا بنفس الطريقة وانا عارف هي هربت ليه.. ده حتي مش جدعنة "
حمادة:" عنك حق.. بس اصل البت متتسابش يا جو" قالها و عض علي شفتيه في اسلوب فج.. و برغم من ان جو يعرف جيدا مدي ميل حمادة للعبث و المزاح فهو قد خرج لتوه من مرحلة المراهقة و التي يبدوا انه لم يتخلصها من اعراضها بعد.. وايضا برغم ان حديث كهذا علي النساء امرا معتاد بينهم.. وهو يعلم انه لم يخطيء بشيء.. الا ان جملته الاخيرة باسلوبه الوقح، اثارت شعورا غريبا بالضيق لدي جو..كاد ان يفجر لكمة في شفتي واسنان حمادة في هذا الوضع المتشابك .. و لكنه تماسك، في النهاية حمادة هو اقرب صديق له و اخيه الصغير وانه لا يعني ما يقول فهو نظيف القلب.. لذا اتخذ منه صديقا برغم قارق السن
رن هاتفه فقام بالرد بسرعة حتي ينسي فكرة لكم حمادة.
"ايوة... انا جو... لا مش واخد بالي .... اهلااااا يا باشا.. دا ايه الشرف ده؟! دي اكيد حاجة مهمة اوي اللي خليتك تدور علي رقمي و وتشرفني بمكالمة.. طبعا انت تؤمر..."
ثم انقلب وجهه فجأة وقال ردا علي المتحدث:"ايوة.. تقصد شهد... فعلا اخدتها امبارح.. والله يا باشا مش عارف اقلك ايه.. يعني من غير زعل .. انت عارف انا تحت امرك في اي حاجة.. بس شهد مش هينفع .. باشا انا لسة شاريها امبارح.. ابيعها انهاردة؟! اسف يا باشا مش هقدر اخدمك.. اطلب اي حاجة تانية.. طب ليه بس الغلط؟!.. الو..الو"
نظر جو الي حمادة وقال:" ابن الـ(..) قفل السكة في وشي... الله يخرب بيتك يا شهد و يقل راحة بالك ..ابتدينا القرف"
ضحك حمادة و قال:" اشرب.. مش عايز تحافظ عليها.. حافظ بقي ..ده كان مين اصلا؟"
جو:" زبون تقيل عند عطا .. عارفين بعض بحكم اني بشوفه كل يوم.. اول ما عرف اني اشترتها شبط ابن الـ(..) ولما قلتله لأ، بيشتم!"
ضحك حمادة في شماتة.. مما جعل جو يلكمه في صدره غيظا و يسلم سلام مقتضبا و يذهب تاركا حمادة غارقا في الضحك..
***
جلست شهد بمفردها في البيت علي شفي الجنون.. لا تصدق انها تمتثل لامر جو و تُبقي نفسها محبوسة، هو لم يغلق الباب او النافذة باي اقفال او مفاتيح.. اهو واثق بها لهذه الدرجة؟.. ام و اثق في نفسه و قدرته علي السيطرة؟! جلست تقضم اظافرها و تحدق في الباب.. ان ارادت الخروج الان لن يكلفها الامر سوي ثلاث خطوات للباب وان تدير بيدها المقبض فتصبح في الخارج.. ولكن هناك شيئا ما يبقيها مكانها.. يمنعها من الخروج.. اهو الخوف منه؟! ام انها لا تريد اغضابه ؟ فهو لا يستحق منها هذا... ام انها ترغب في البقاء؟!
دخل عليها هو فجأة ليجدها تجلس متقوقعة علي الاريكة صامتة وتنظر للباب.. ابتسم في شماتة فهو فقد راهن نفسه انه سيعود ليجدها..وقد اعجبه انه فعل!
قال:" مالك مسهمة كده.. مبتشتغليش في البيت ليه؟"
نظرت له شهد غير فاهمة
فقال:"تنضفي .. تغسلي.. متشوفي وراكي وايه"
ثبتت شهد نظرها اليه في غيظ ثم اشاحت بوجهها.. و قالت غير ناظرة اليه:" انا كان ممكن اهرب علي فكرة!"
اقترب منها جو و ابتسم في برود:" متقدريش!"
فقالت:" اقدر طبعا! لكن انا بحترمك وشيلالك جمايلك و مقدرش اغدر بيك!"
فقال جو ببرود:"اضيفلك سبب كمان.. لو هربتي هجيبك .. انا مش غبي زي عدوي هعد ادلل بالايام...هتتجابي في لحظتها.. وساعتها هتشوفي مني وش .. انسي بقي معلمك و عدوي و الناس الاي كلام دي.. هتقولي ساعتها: يارتني مت قبل ما يلاقيني"
نظرت له شهد بسخافة محاولة اخفاء التوتر الذي سري بها من اسلوبه المخيف و قالت:"مش ده اللي هيمنعني عشان تبقي عارف.. انا مبخافش.. اللي منعني ان عندي اصل !"
فابتسم ساخرا وكانه غير مصدقا..
ثم قال:" طب يلا لو عايزة تجيبي حاجتك عشان انا مش فاضيلك طول اليوم.."
فقامت شهد بعصبية مسرعة لترتدي حذائها ولكنها فقدت توازنها لتسقط و تصدم راسها بحافة المائدة..تأوهت بصوت عالي و امسكت برأسها و هي تجلس علي الارض..اما يوسف فلحظة ان اختل توازنها حاول ان يمسك بها و لكنه لم يكن سريعا كفاية ، جلس علي ركبتيه بجوارها ووسط تأوهاتها حاول ان يبعد يدها عن رأسها ليري ان كان هناك جرحا او كدمة..كانت تبعد يديه بحركات عفوية من شدة الالم..
كان جو يحاول ان يهدئها بعبارات مثل:" طب وريني راسك و مش هوجعك".. "طب بصي انا ايدي بعيد ..شيلي انتي ايدك".. "يا شهد بلاش غباوة.. خليني اشوف.. يا حبيبتي لو في جرح للازم يطهر"
كان يتألم لالمها و قلقا عليها و لكنها تتصرف مثل الاطفال فانتهي الامر به ممسكا بيدها الاثنتين باحدي يده بينما ثبت رأسها بيده الاخري و اقترب بنظره ليري ما الامر.. بالفعل كانت هناك كدمة كبيرة فوق حاجبها و بها جرح صغير جدا نزف بعض قطرات الدماء..
فقال بهدوء ونبرة حانية كانه يحدث طفلة:" مافيش حاجة..هنحط تلج و نتطهر التعويرة.. كل اللي انت عاملاه ده علي دي؟!"
هدأت شهد قليلا عندما و جدت انه لم يؤلمها اثناء فحصه للجرح.. كانت رأسها تؤلمها بشدة مكان تلك الكدمة لذا عقدت حاجبيها في ضيق و الم بينما تتابع جو وقد ذهب مسرعا للثلاجة ليأتي لها بثلجا و الي احد الادراج ليجلب المطهر..
جلس بجوارها مرة اخري علي الارض و اقترب منها ليعتني بالجرح.. كانت تتأمله و هو منهمكا وكل تركيزه في رأسها.. لم يعتني احدا من قبل بها هكذا..
تمتمت:" متشكرة يا جو!"
ثبت نظره علي و جهها وقال:" اياك يتمر" و عاد مرة اخري يضع الثلج برفق..
ولكنه عندما اعاد نظره الي وجهها مرة اخري و جد دموعا تنساب في صمت من عينيها.. فابعد يده بسرعة عن رأسها وقال مخضوضا:"انا بعمل براحة اوي.. بتعيطي ليه؟!
ابتسمت و سط دموعها و قالت بصوت مخنوق:" لا انت تمام.. انا بس صعبت عليا نفسي"
فقال هو محاولا ان يبدوا ساخرا ليغطي علي الم انفطار قلبه عليها:" يادي نكد النسوان..صعبت عليكي نفسك عشان اتخبطي في الترابيزة.. طب بتعملي ايه لما تقعي علي السلم؟"
فضحكت بشدة و سط انهمار دموعها..
فقال هو مستكملا السخرية:" يااما...دي طلعت مجنونة!"
فقالت شهد:" اصلي افتكرت لما كنت بترمي زي الكلبة في سريري في البدروم باليومين محدش يعرف عني حاجة..و مش لاقية اللي يناولني قطنة بمكركروم"
فقال جو محاولا تخفيف الامر:" ايه يا شهد انتي بتقعي كتير اوي كده؟!"
ولكنه تذكر قول عدوي له عن قيامه بضرب شهد ورقادها بسبب الامر..
سأل جو برغم من ان الامر يسبب له ضيق في صدره و لكنه اراد ان يفهم:"هو كان بيضربك ازاي يا شهد.. وكان فين معلمك؟"
اندهشت شهد لمعرفته بالامر و لكنها لم تسأل بل قالت:" لما كان بيقرفني في عيشتي و يرزل عليا كنت بشتمه في الرايحة و الجاية.. و لما يقل حياه كنت احاول اضربه بس الناس كانت بتحوش بنا.. بس في مرة رزعته قلم علي و شه علم..قام قلع حزامه و ضربني .. وساعتها الكل قالي لو المعلم عرف هيضربني هو كمان عشان عدوي مهم عنده اوي و انا اللي اتجرأت عليه و مديت ايدي..فسكت!.. و من ساعتها فضلت اسكت، و كان الموضوع بيتكرر.. كان يضربني لما ارد عليه او اشتمه..كنت بضربه برضه بس هو بقي ربنا يهده وميوعاش يقوم من اللي هو فيه، كانت ايده تقيله"
كان جو حانقا بشدة يشعر بقلبه يكاد ينفجر من الغضب..و في نفس اللحظة كان يشعر تجاه شهد بالاسي و العطف الشديدن.. اراد ان يضمها و لكنه خشي ان تظن به ظن سوء وتتحول من تلك الطفلة الباكية الي النمرة الشرسة الغاضبة فينتهي ذلك الموقف الانساني نهاية سيئة.. اكتفي بان ربت علي كتفها في حنان و قال:" انا مش عايزك تفتكري الحيوان ده تاني.. انسيه خالص.. هو كل عيشتك هناك.. انسي المعلم و انسي البدروم و انسي كل حاجة.. وقسما برب العزة.. محد منهم هيهوب ناحيتك تاني!"
نظرت له شهد في امتنان شديد كان تود ان تلقي بنفسها في صدره و تختبيء بين ذراعيه.. ليته كان ابيها او اخيها اللذان لم تحظي بهما في الدنيا.. لو كان لديها ابا مثله لما حملت للحياة هما..
تركت نفسها تماما حتي يعتني هو بكدمتها و كرست نفسها لـتتأمله.. كل سم في جهه يشع رجوله ووسامة.. لها الف حق زوزو ان تجن به وتصير مهووسة..
قالت فجأة:" مش هنروح لزوزو؟"
جو:" لما تحسي انك قادرة و مش تعبانة قولي.."
شهد في دلال:" انت مش قلت انك مش فاضيلي.. و عايز تخلص من المشوارده بسرعة"
جو وقد ادرك انها توقعه في الكلام ..فقال هائما بصوت هامس:"لأ منا لقيت ان زوزو وحشاني اوي..فلغيت اللي ورايا "
فابعدت شهد يده فجأه و قامت من مكانها وهي تقول بعصبية:" طب اوعي.. انا بقيت كويسة.." ثم اكملت ساخرة وبنفس الاسلوب العصبي :"قوم نروحلها احسن شكلك مش علي بعضك من شوقك ليها!"
فابتسم فرحا بما انجزه لتو.. كان برغم تعاطفه معها ..الا انه لم ينسي لها ما تسببت هي فيه طوال ايام عملها عند عطا..
***
استقبلتهم زوزو بوجه عابس.. فهي حانقة و مستأة منذ ان عملت ان جو اشتري شهد.. ولكنها عندما رأت الكدمة فوق حاجب شهد..افرجت عن ابتسامة و رحبت بهما..
شهد:" انا جاية الم حاجتي.. علي عيني يا زوزو سيباكي..حكم القوي"
جو:" كويس انك عارفة مين القوي..يلا خلصينا .. واسمعي الهباب اللي انتي لابساه من امبارح ده تغيريه دلوقتي و مش عايز اشوفه تاني!"
زوزو لجو في شماتة :" حرام عليك يا جو دي بت غلبانة..متستقواش عليها" قالتها و هي تعني العكس تماما و عينها لم تنزل عن الكدمة..
توجهت شهد الي حيث متعلقاتها بينما اخذت زوزو جو ليجلسا في الخارج في السطح..
زوزو بلهفة:" اشغلك الشيشة.. تشرب ايه؟"
جو:" تسلمي يا زوزو مش مستاهلة ..هنمشي علي طول"
زوزو:" انت ناوي بقي تعمل ايه بيها؟"
جو:" ولا حاجة .. اهي متلقحة عندي.. زي ماكنت موجودة قبل ما تجيليك"
زوزو:" يعني انت دفعت فيها و مش هتستفيد؟!!!"
جو وقد راقه ان يغيظها قليلا:" ومين قالك اني مش مستفيد؟" وابتسم ابتسامة خبيثة..
كاد ان يقسم انه رأي دخانا يخرج من اذنيها..
ولكنها قالت :" بس انا عندي ليك اكتر من و احد مستعدين يكعوا قد كده فيها"
جو:" قوليلهم ينسوا! "
زوزو:" ليه بس؟! دانت هطلع كسبان.."
فقال بحزم ضاغطا علي كل حرف:" شهد مش للبيع!"
لم تملك نفسها و قالت منفعلة:" انا عارفة انت عاجبك فيها ايه؟!! ولما انت ليك في الشرا.. منا كنت قدامك عمرك حتي ماعرضت عليا .. مع انا وانت يعني .. اللي بنا..."
جو مقاطعا مستنكرا:" اللي بنا ده ايه؟! عمر ما كان في بنا حاجة غير القعدة الحلوة..جارلك ايه يا زوزو متركزي كده"
نظرت له زوزو بغيظ و قالت:" مدام مش عايز تشرب حاجة..اما اقوم اجيب لنفسي كوباية مية ابلع بيها كلامك"
وبالفعل قامت لتدخل لشهد التي كانت مازالت تجمع اغراضها
زوزو:" حتوحشيني اوي يا بت"
شهد:"والله يا زوزو القلوب عند بعضيها و اللي في القلب في القلب"
زوزو:" خلي بالك بقي علي نفسك.. جو مش سهل.. ربنا يستر عليكي و يصبرك ..من عدوي لجو ماسخم من سيدي الا ستي"
شهد:" ليه بتقولي كده..ده ده حاجة و ده حاجة تانية خالص ..ميتقارنوش من اساسه"
زوزو:" بس يا بت يا خايبة.. دول متربيين مع بعض..شاربين من نفس المعلم..كان راجل سو ومجرم.. سيبك من ان جو عامل فيها برنس بعد ما ربنا كرمه ونضف وبقي مع الخواجة و الريس عبود..ركك بس يعد مع الشلة القديمة و ينسي نفسه..بيرجع لأصله..ميفرقش حاجة عن عدوي"
شهد وقد ادركت ان زوزو تسرد اكاذيبا من غيظها.. فهي قد رأت الفارق بعينها..
فقالت:" طيب هخلي بالي.."
زوزو:" بعد ايه؟ هو مش ابتدي يمد ايده اهو..ماهو باين علي خلقتك"
ضحكت شهد ووضعت يدها علي رأسها وقالت:" اهه قصدك دي.. بالعكس باة دانا اللي وقعت و متشوفيش حنيته عليا بعدها "
احست زوزو ان سير الحوار لا يخدمها ..فبسرعة بديهتها قررت ان تسلك اتجاه اخر
فقالت:"اهو ده بقي الفرق اللي بين عدوي جو"
لم تفهم شهد ، فقالت زوزو:" شوفي همة الاتنين من طينة واحدة و بيفكروا بنفس الطريقة..اللي عدوي عايزه نفس اللي جو عايزه بس الفرق في الطريقة..عدوي عشان بطبعه عنيف كان بيعاملك كده ،مع انه هيجنن عليكي.. انما بقي جو..اسأليني انا،استاذ في الحنية و النحنحة.. هياخد اللي هو عايزه بس بالراحة .. باله طويل و صبور.. امال هو ليه بيقول عليا مش صاحبته مع انه بيني و بينه حاجة تانية..عشان انا كشفته و عرفت اسلوبه..و مطالش مني حاجة..بس مع ذلك لسة متعلقة بيه.. اعمل ايه بقي في قلبي..خلي بقي بالك علي نفسك يا شهد.. فكري فيها كده.. اشتراكي و مش ناوي يبيعك و لا يستفيد.. يبقي عايز ايه؟؟ لو لقيتي نفسك هتدبسي اهربي يا بت.. ده كله الا الشرف! احنا اه بنرقص و نخرج و نصاحب، بس اكتر من كده و معطلكش!"
صمتت برهة لتري ان وجه شهد بدأ ينقلب فاكملت:" دانا سألته وش كده..قلتله بيعها عشان تستفيد..قالي مش بايع و مين قالك اني مش هستفيد!! يعني البجح بيقولي انا في وشي و مش مكسوف"
برغم ادراك شهد و ما اختبرته قبل ذلك من غدر و خداع زوزو الا ان كلامها جاء علي وترا حساس لديها.. كما انها بالفعل لا تجد تفسيرا لابقاء جو عليها دون اي استفاده له.. ثم ان كلامها يتماشي مع حنية جو الغريبة معها و التي طالمة ادهشتها و تسائلت عن سرها..
كانت قد انتهت من جمع اغراضها وتغير ملابسها ، فحملت الحقيبة كما حملت الهم.. و خرجت صامتة..
خرجت زوزو خلفها مباشرة ..و قبل ان تودعهم قالت باسلوب ساخر لجو امام شهد لتسجل اخر هدف :" ربنا يقدرك و تستفيد كويس!"
فنظر اليها جو بخبث و قال:" عيب عليكي.."
لم يتخيل جو ان شهد وصل اليها حديثه مع زوزو ، فعندما رد هذا الرد كان استكمالا لعبثه بمشاعر زوزو واغاظتها حيث انها تستحق جراء كل ما تفعله في شهد .. فنظرت زوزو لشهد نظرة"صدقتيني؟!"
اما شهد فقد هالها ان تجد زوزو صادقة!
انحني جو واخذ حقيبة الظهر من يد شهد ليحملها، تركتها له في سلاسة وكانها لا تعي فهي لا تزال تحت تأثير حديث زوزو. مشيا معا في صمت..
ثم قطعت شهد الصمت قائلة:" هو انت ليه عمرك ما كان عنك واحدة؟! قصدي يعني ماشترتش قبل كده؟"
جو:" كنت بحط فلوسي في حجات اهم.. "
شهد:"بس انت ربنا فتح عليك مع الخواجة بقالك فترة ..صح؟"
جو:مكنتش محتاج اشتري واحدة..يعني مكنتش ناوي اشغل واحدة واكسب من وراها.. مش انا"
صمتت شهد تحاول انتقاء كلامها في التعبير عن فكرتها .. الا انه اكمل و كأنه قراء افكارها
جو:" ولو قصدك جو حب و غرام و الكلام ده.. اولا مكانش في واحدة عليها النظر.. ثانيا لو مكنتيش واخدة بالك يعني..انا مش محتاج اشتري.. انا اشاور بس!"
شهد ساخرة :" اه طبعا في مليون بنت تتمني انك بس تشاور"
جو:"طب مانتي حافظة اهه.. "
شهد:"طب و ايه اللي غير كل ده!"
جو:" مين اللي قالك انه اتغير ..لحد دلوقتي.. مش محتاج اشتري..و عمري ما هشغل و احدة.. و برضه المليون بت مستنيين"
شهد مندهشة:" طب مانت اهه اشترتني و دفعت فيا فلوس ، ولا انت مش معتبر نفسك اشترتني.. لو كده طب متأصر و تسيبني اروح لحالي"
ضحك جو ساخرا:" لا يا حبيبتي انتي حاجة تانية... انا واخدك تخليص حق! زي متقولي كده كان نفسي انكد علي عدوي.. و منولوش غرضه"
كالعادة لم تخرج منه باي مفيد لذا انتابها الاحباط و الغيظ فاكملت الطريق صامتة بينما هو راض عن قدرته علي اصابتها بالفرسة!
قطع الصمت قائلا:" تعالي من هنا" واشار الي طريق غير متجها للبيت..
تسائلت:" مش هنروح البيت؟"
جو بغلاسة:"لا هنتغدي.. بس متاخديش علي كده.. الاكل ده شغلتك!"
وبالفعل توجه بها الي العربة الشهيرة و جلسا امامها علي الكراسي البلاستيكة و قد طلب جو كمية لا بأس بها من القائمة..
كانت شهد بعد كل ما حدث، تحتاج لتلك النزهة في الهواء الطلق و حيث الطعام الشهي ..
حاولت ان تبعد عن تفكيرها كلام زوزو.. برغم من ان عزومة و نزهة مثل تلك تندرج بشدة تحت ما قالت زوزو عن اسلوب الاستمالة .. تركت نفسها تستمع ببعض النسمات التي تخللت شعرها.. وكانها تأخذ الافكار بعيدا عن راسها و تطيرها الي مكان بعيد..
اما جو فقد كان يتأملها و هي سارحة تماما ..بدا عليها الرضا لاول مرة ..كان وجهها صافيا بلا اي توتر و عصبية.. اجتاحه احساس بالسعادة و الرضا هو الاخر.. احقا اعطته اخيرا الدنيا سببا ليكون سعيدا؟ كيف يمكن ان تتلخص سعادته في هذا الكائن الضئيل الجميل الجالس امامه.. ود لو استطاع ان يداعب شعرها مثل تلك النسمات..ادرك للتو معني كلام الاغان التي طالما شعرانها مبالغ فيها حين يقول الشاعر انه يغار من النسيم.. كان هو حقا في تلك اللحظة يحقد عليه حقدا شديدا.. ابتسم للفكرة .. انه يستمتع بوجودها.. عندما تتحدث معه وتسأله تلك الاسئلة و التي دائما ورأها غرض.. كان يتمني الا تسكت.. التحاور معها امرا مسليا.... كم هي جميلة حتي في صمتها.. ثم ما قصتة مع غضبها و انعقاد حاجبيها الجميلين ؟!! هو امرا يحب مشاهدته ..كيف يصير احدا جميلا في غضبه؟!!.. وحتي عندما يتعمد اذلالها او مضايقتها فهو يعلم انه مثل الاب الذي يربي طفله.. فهي و الحق يقال طفلة عن حق! ..بنفس عدم الادراك و التهور..بالاضافة الي ان انها لم تمر عليها اي نوع من انواع التربية.. كان يشعر ان الامر صار مسؤليته.. يجب عليه تأهليها لتتمكن من العيش..
عندما جاء الطعام لم يحتاج ان يجبرها علي الاكل.. فقد بدأت في الاكل بسلاسة ونهم..
قرر ان يتركها و الا يحدثها خشية ان يقطع عليها الاكل.. كان يشعر بالرضا حين يراها تأكل..
انشعل بطعامه بدوره.. الي ان قطع الصمت سؤالها:" طب يعني هو انا مش هخرج ابدا؟ هتفضل حابسني كده؟"
جو:" انت مش متهببة خارجة اهه؟"
شهد:"طب بالنسبة للريس عبود؟"
جو:" ماله؟"
شهد:" يعني.. دي كانت الحاجة اللي مرتبة عليها حياتي.. اني اقابله و يشغلني معاه.. ابوس ايدك متقف في طريقي.. ده مستقبلي!"
جو:" مش فاهم!..حبيبتي.. انت حياتك اتغيرت!.. رتبي حاجة تانية..عشان انت ملكي دلوقتي.. انسي اي ترتيبات برة القصة دي"
عقدت شهد حاجبيها و توقفت عن الاكل
فقال: " وعشان تريحي نفسك.. الريس عبود ميلزموش واحدة زيك! انت لو شفتي واحد من اللي بيشتغلوا معاه هتخافي تتنفسي قدامه"
شهد:" مهو الخواجة شغال معاه و دراعه اليمين و لا مرعب و لا حاجة..دانا لو شفته من غير رجالته افتكره واد سيس بعنيه الحلوة دي"
جو ساخرا:"انتي كمان مركزة في عنين الخواجة؟! يا خسارة خدتك منه.. تحبي ارجعك؟!"
شهد متجاهلة تعليقه:" و بعدين الناس دي انت اللي تخاف منهم! انا مبخافش"
فاجأها بامساكه بيدها في قوة و لفها حتي صرخت الما ثم تركها و هو يقول:" افتكري دي ..كل ما تيجي تغلطي" نظرت حولها لتري من يشاهد من الناس و هي تتحس يدها..
ولكنه قال:" محدش هيرفع عينه.. انا لو دبحتك و احنا قاعدين مش هيبصوا..اطمني"
قالت شهد وقد غيرت اسلوبها باخر هاديء و مسايس :" يا جو ..انا متأكدة ان الريس عبود لما يقابلني.. هيعرف انه محتاج واحدة زيي معاه..كل اللي معاه خشنين و جامدين بس معندوش حد خفيف و سريع و عنده امكانياتي.."
ضحك جو من اصرارهاو قال:" شهد! انسي الحكاية دي"
قطع الحوار رنين هاتفه..
جو بعد ان قراء الاسم و تعجب:" اهلا يا باشا.. تمام ..وانت اكتر.. ايوة انا فعلا قاعد هناك..مين ده اللي بيراقبي و خبصلك؟.. هاهاها دي ضريبة الشهرة.. لا لسة قاعد شوية.. تشرف و اعزمك كمان علي طاجن من اللي قلبك يحبه.. خلاص..سلام"
قلب شفتيه في تعجب بعد ان انتهت المكالمة وتمتم :" من امتي؟؟!"
لم تهتم شهد فقد كانت تفكر بعمق في موضوعها..
وفي لمح البصر ظهر شابا في مثل عمر جو تقريبا وهل عليهما و سلم علي جو بحرارة بينما القي اليها تحية مهذبة برأسه.. واضح انه المتصل قبل قليل..
جو:" انت كنت بتكلم من الترابيزة الي ورايا و لا ايه يا عم؟!"
الشخص:"حاجة زي كده.. انا اصلي كنت رايحلك البيت و بدور عليك..و لما عرفت في السكة انك هنا ، جيت بسرعة..كنت قريب اوي"
بدا علي و جه جو تعبير قلق و اندهاش وقال:" خير ؟!!"
اشار له الشخص كي يعرفه علي شهد..فاقال جو بقليل من الضيق:" اكرم يا شهد.. معلم كبير و زبون جامد عن عطا..طبعا مش محتاج اعرفك يا كرم ان دي شهد.."
فقال لجو بينما هو ينظر لشهد و يمد يده:" طبعا حد ميعرفش شهد"
مدت شهد يدها في امتعاض.. بدا فعلا مألوفا و لكنها كانت في مزاج لا يسمح بالاجتماعيات و اللطف.
اما جو فقد بدأ يضايقه نظرات و انبهار اكرم بشهد..
فقال:" خير يا اكرم بتدور عليا ليه؟!"
اجابه اكرم و هو يشير اليه ان يبتعدا:" طب اقوم معايا اقولك!..بعد اذنك يا شهد!"
قام جو معه وقد بداء يشعر بالقلق..
كان جو يقف ظهره الي شهد علي بعد عدة خطوات بينما يقف امامه اكرم و جهه ناحية شهد..
قال اكرم و عيناه زائغتان بين جو ز شهد:" انا جاي اعرض عليك عرض متحلمش بيه.. وانا عارف انك بتعزني و مش هترفضلي طلب"
ادرك جو ماهية الامر فانقلب و جهه و قال بسخافة:" لو قدرت!"
اكرم:" لأ هتقدر بعون الله .. الموضوع مش صعب.. الطلب عندك اهه موجود!"
جو:" خلص يا اكرم..عايز ايه؟"
اكرم وهي ينظر الي شهد:" هدفعلك اللي انت عايزه قصاد شهد!"
صارت نظرات اكرم لشهد فوق احتمال جو و لكنه تماسك و قال ببرود:" اسف مش هقدر.."
اكرم:" ليه يا جو؟ دنا اللي هديهولك هيخليك تتنطر..ممكن تسيب شغلك و تبتدي حاجة مع نفسك وتبقي زيي معلم كبير "
جو:" لأ مش محتاج.. ومين قالك اني عايز اسيب شغلي و ابقي زيك.."
اكرم:" حرام عليك يا جو.. انا من يوم ما شفتها و انا هجنن عليها.. و كنت فاكرها حرة فقلت هبتدي ارسم عليها ونتصاحب..بس مدام طلعلها صاحب.. اسهلي اشتريها.. وخصوصا لما يبقي صاحبي و بيعزني"
كان اكرم و هو يتحدث عن شهد يحدق بها عن بعد..
فجأة امسك جو بذقن اكرم بقوة و حول رأسه ليكون مواجها له تماما و اقترب منه كانه علي وشك تقبيله و قال ضاغطا علي اسنانه:" وانت بتكلمني تبصلي انا.. "
دفع اكرم يده و قال غاضبا:" انت اتجننت ؟!"
فقال جو:" انت اللي مش محترم وقفة الرجالة اللي احنا واقفنها! وجنان بجنان بقة..لو لمحت عينيك و قعت علي شهد لكون مدغدغلك و شك كله!"
لم يكن حديثهم صاخبا و لكن بدي عن بعد انهم رجلان يحتدان علي بعضهما مما جعل شهد تهتم وتتابع..
ادرك اكرم انه لا يقدر علي العراك مع جو، فبمقارنة بسيطة..جو يسحقه! لذا قرر اتخاذ اسلوب "الانسحاب مع الجعجعة"..
تراجع خارجا من المكان و هو يقول منفعلا:" ليك ريس يترد عليه.. انا مش هنزل مستوايا و اتخانق مع جارد.. انا غلطان اني عملتلك احترام و جيتلك لحد عندك.."
جو:" امشي يا بني بدل ما اجنن عليك.. لما تعرف يعني ايه احترام الاول ابقي اكلم عليه.. امشي!"
بالفعل رحل اكرم، بينما عاد جو للطاولة ينفث..
شهد ببرائة واندهاش:" ايه ده؟اتخانقتوا ليه؟"
رد جو كان عنيفا :" انتي تخرسي خالص!"
لم تكن تتوقع الرد فصعقت ولكنها اثرت الصمت رهبة من مزاجة الحالي..كان مخيفا حين يغضب..
نهرها قائلا:" يلا!" و نهض وقافاً
قالت شهد في ذعر و حيرة وهي تنظر للمائدة:" طب بقية الاكل ده كله؟!"
حاولت في سرعة و ارتباك ان تجمع الطعام في طبق واحد لتأخذه..
في وسط جام غضبه نظر اليها و هي تجمع الطعام بلهفة..كاد ان يبتسم.. اشفق عليها بشدة.. لذا وقف لبرهة وتركها تجمعه.. و بعد ان انتهت في خلال لحظات امسكت الطبق و غلفته بكيس بلاستيكي وتجهت حيث يقف جو..فوضع يده علي ظهرها و دفعها برفق امامه.. كانت شهد تتلفت باحثة عن شيء ما اثناء سيرهم مبتعدين.. الي ان فجاة صاحت:" استني و النبي يا جو!"
ثم توجهت حيث يتجمع عدة قطط بجوار كومة من القمامة و القت لهم محتويات كيس اخر اصغر..كان به عظام دجاجة وفتات طعام.. ثم عادت لتسير بجوار جو مرة اخري..وهي تقول مفسرة:" اشمعني احنا ناكل كل ده..الجوع وحش.."
لم يرد عليها.. كان مازال يغلي داخليا.. ولكنه شعر انه للتو رأي جزء مختلف من شخصيتها..