اثناء الطريق لم تتحدث ملك كثيرا، كانت سارحة تحاول تخيل عدة سيناريوهات لما سيحدث في الاسكندرية، كيف ستقابل كريم؟ ما رد فعل جمهورها هناك؟ كيف ستتخلص من ادهم؟ لما هو صامت الان؟ .. ما علاقة هذ السؤال برحلة الاسكندرية؟ لم تشغل بالها بصمته؟؟
رن هاتفه فقام بالرد..
"الو.. ايوة انا.. مين؟ لأ مش عارف انتي مين ؟"
انها فتاة! اثارت المكالمة اهتمام ملك و فضولها فانتبهت لها جيدا..
ادهم:" ايه ده؟؟ انجي؟؟! انتي فينيك يا بنتي؟ سمعت انك هتتخطبي... طب اهدي بس.. احكيلي قالك ايه طيب.. مممم ....مممم....ما هو مضايق اوي يا انجي انتي مشفتيش حالته.. ده طردني من البيت في وسط العصبية.. ممم ... معلش يعني وانتي رديتي عليه ليه اصلا مدام انتي مش طايقاه كده؟.. مالاخر يا انجي.. انتي لسة بتحبيه؟ ... طب انا افهم ايه كم سكوتك ده متردي عليا... بتحبيه و هتتخطبي لغيره؟؟؟ انتي بتعيطي ليه دلوقتي؟؟ بصي يا انجي انا في اسكندرية دلوقتي.. ممكن لماارجع نتقابل.. لازم نتكلم بس تكوني هديتي.. اهدي بقي دلوقتي .. سلام"
كاد فضول ملك ان يقتلها، ارادت ان تسأله عن المكالمة و عن انجي و عن الشخص المضايق ولكنها ابت ان تبدو فضولية.. امسك هاتفه ثانية واتصل باسم ما وما ان رد الشخص حتي صاح ادهم:" حازم انت اتهبلت؟! انت كلمتها ليه؟؟ لخبطلها حياتها وتفكيرها و خليت شكلك وحش.. البنت مكلماني منهارة.. ايه الكلام الهباب اللي قلتهولها ده.. هي يابني خانتك ولا حاجة؟؟.. واحدة مش مرتبطة و جالها عريس ووافقت .. ليه تكلمها تلومهاو تغلط فيها كده؟؟ .. قصتكوا خلصت وفات عليها وقت كتير.. عموما انا لما ارجع هنزل اكلم معاها.. في ايه يعني؟ في موضوعكوا!.. معرفش في امل ولا لأ! ..انا سألتها اذا كانت لسة بتحبك سكتت... مش عارف يا حازم.. لما ارجع يا حازم.. بلاش زن.. سلام... سلام..سلام يا حازم"
وانهي الكالمة..
لم تتمالك ملك نفسها هذه المرة سألت:" ده صاحبك اللي عرفتني عليه وانا مع ياسمين؟"
ادهم دون ان ينظر لها:" ايوة.."
ملك:" و البنت دي صاحبته؟"
ادهم بنفس الاسلوب:" كانت.."
ملك:" وسابوا بعض وهي جالها عريس؟"
ادهم:" اه.."
ملك بغيظ:" متحكي يا ادهم.. انا هجر الكلام من بقك!"
نظر اليها بطرف عينيه نظرة احتقار ولم يرد
ملك مستفسرة بعصبية:" هو انت مخاصمني او حاجة؟"
التفت لها ببرود وقال :" مخاصمك انتي؟! انا عشان اخاصم حد لازم يكون فارق معايا اصلا.. انا ساكت عشان مصدع وياريت متزوديش الصداع"
لم يخاطبها بتلك الطريقة الجافة من قبل.. هي معتادة علي سخافاته و لكنها كانت في اطار ان يغيظيها او يلاعبها.. او اي كان ..ولكن كانت دائما هناك لمحة اهتمام في سخافته عليها.. ولكن الان يبدوا انه غير مهتم بها.. ضايقها جدا الاحساس.. لم هو غير مهتم؟ ماذا حدث ليفقد اهتمامه.. فتحت مرآة السيارة امامها لتتأكد من طلتها الجذابة.. عدلت خصلات شعرها بيدها.. لم تر في نفسها ما يجعله يفقد اهتمامه.. مازالت جميلة جذابة كعهدها الدائم..
اما هو فكان يتابعها بجانب عينيه ، احس بتوترها و لم يفهم سببه.. لم تنظر في المرآة ؟ هل تتوقع مقابلة شخصا؟جرت العادة ان يلتقي المسافرون في استراحة الطريق المشهورة.. كانا بالفعل قد اقتربا من الاستراحة.. وكان سيتوقف لليدخل الحمام.. اذن لن يتوقف سيمسك نفسه الي ان يصلا.. لن يدعها تقابل ايا كان الذي ترتب من اجله شعرها.. علي الاقل ليس وهو معها..
ارادت ان تجذب انتباهه بأي شكل، كانت ترغب بشدة في فهم سر تجاهله المفاجيء لها، فقالت:" مامي و باباك لايقين قوي علي بعض.. ربنا يسعدهم"
ادهم باقتضاب:" يا رب.."
احبطت من بروده، فصمتت برهة ثم صرخت وضعت يدها علي احدي عينيها:" في حاجة دخلت في عيني.... مش عارفة افتحها.. انا اتعميت"
التفت لها ادهم ملهوفا حاول ان يري وجهها من موضعه و هو يقود الا ان شعرها المتناثر عليها ويديها التي تغطي وجهها منعته.. وتره صراخها .. فاوقف السيارة بجانب الطريق و هو يقول مخضوضا:" دخلت في عنيك ازاي .. الشباك مقفول؟؟؟"
بعد ان وقفت السيارة و ادار ضوء الانتظار التفت لها قائلا بطريقة حانية حاول ان يجعلها جادة علي قدر استطاعته:" طب وريني كده.. وريني بس.. شيلي ايدك؟"
لقد نجحت.. لمست الاهتمام في نبرته.. فاادارت وجهها اليه.. بعيونها التي كادت ان تفقأهم باصابعها ليدمعا.. واشارت الي احداهم وقالت برقة بالغة متصنعة الالم:" دي.."
نظر لوجهها الموجه له نظرة واحدة ثم ادار رأسه بعيدا في تردد.. ثم عاد واقترب ليري ما الذي دخل بعينها عن قرب في توتر... ولكنه لم يجده لأنه لم يكن يبحث.. كان يتأملها.. كل سم من وجهها.. كم هي جميلة.. سبحان الخالق.. ان هذا الوضع خطيرا حقا.. ستحدث كارثة ان لم يبتعد الان.. خبطها علي رأسها برفق وقال بجدية:" بصي قدامك ! مفيش حاجة في عينيك"
مسحت ملك عينيا بيديها مرة اخري..(تنحت) لثانية ثم اسندت ظهرها الي الكرسي بينما ادرا هو السيارة بتوتر.. وانطلق بها مرة اخري.. لقد رأت الاعجاب بعنينه واضحا.. انها تعرف نظرة الاعجاب جيدا حين تراها.. حسنا هذه المرة الاعجاب كان قويا و ظاهرا وهذا هو الجديد.. ولكن الاجدد منه انها كانت تتأمله هي الاخري، لقد احست بشعور عجيب.. نوعا من الانجذاب .. ليس فقط لملامحه الرجولية الجذابة وانما لشيء خلفها.. وكأن قوة من داخله تشدها ناحيته.. تذكرت يوم ان كان يضايقها وهو يلف يده علي عنقها، ونظريتها عن تشويهه لفكرة (الحضن الاول).. لقد ضايقها الامر وقتها بشدة ورغبت في قطع يده .. ولكن.. لكم تمنت ان يفعل ذلك مرة اخري الان.. لامت نفسها بشدة.. اي سافلة اصبحت؟ كيف تفكر بمثل تلك الامور.. في نظرها تلك الاشياء هي احلام رومانسية سوف تعيشها مع الحبيب المجهول.. والحبيب هو من ستتزوج به.. كيف سولت لها نفسها ان تتمني ان يعانقها ادهم..
تقوقعت علي نفسها في المقعد و ظلت تعيد الموقف في ذهنها الي ان راحت في النوم..
اما ادهم فكأنه لامس سلكا مكشوفا.. ظل منكبا علي القيادة و الطريق متوترا الي اقصي حد محاولا حتي الا ينظر لملك النائمة.. ظل يردد في نفسه.." امسك نفسك.. مش عايزين مشاكل".. لم ورط نفسه و اصر علي ان تركب معه.. انه يجاهد نفسه الان حتي لا يتصرف تصرف يندم عليه لاحقا و يكون كارثة علي مختلف الاصعدة.. كان الغروب قد حل وبدأء الظلا يخيم علي طريق السفر السريع، حسنا لا يوجد ردارات الان .. فليزيد السرعة حتي ينهي تلك الرحلة الموترة في اسرع وقت.. ضغط داسة الوقود وتاكد من وضعه لحزام الامان.. القي نظرة علي حزام ملك ليجده غير مربوطا.. تردد لثواني ثم مال عليها بشدة و تمكن من جذب الحزام من جانبها وثبته في قفله بجانبها الاخر..لن يسامح نفسه ابدا ان- لا قدر الله - تسبب في اذي لها نتيجة لقيادته، كان الطريق المظلم امامه عبارة صورة مكبرة لوجهها الجميل..
بقي اقل من ربع الطريق، رن هاتف ملك.. استيقظت علي صوته ثم نظرت في تكاسل الي الرقم الظاهر انها ياسمين.. نظرت بتوجس الي ادهم ولكنها قررت الرد..
ملك:" ياسسو.. ايه اخبارك؟"
ياسمين:" انا بطمن.. وصلتي؟"
ملك:" لسة..قربنا" ثم سألت ادهم:" ادهم فاضل اد ايه؟" الذي تجاهل سؤالها.
ياسمين مندهشة:" هو انتي مع ادهم؟"
ملك:" ممممم"
ياسمين:" ليه بقي و فين السواق؟"
ملك:" مممم"
ياسمين:" مش عارفة تكلمي طبعا.. طب اسمعي ، هتقابلي كريم؟"
ملك:" بلليل.."
ياسمين:" طب ابقي احكيلي..لازم تخرجوا متضيعوش الفرصة"
ملك:" ماشي.." وانهت المكالمة
قال ادهم علي الفور:" ايه اللي بلليل؟؟"
ملك ببرود:" انت حكيتلي عن مكالمتك.. عشان احكيلك عن مكالمتي؟؟؟"
ادهم:" قولي يا ملك واتقي شري!"
رفعت رأسها بتكبر ونظرت للأمام دون ان ترد..
فمد يده و جذبها من شعرها وقال متسائلا بسخرية :" كلميني عن حبوب الشجاعة اللي انتي واخداها!"
صرخت وامسكت بيده لتخف وطأة الجذب عن رأسها وقالت:" بقولها هكلمك بلليل! سيب بقي.."
كان المفروض ان يتركها فقد اعترفت ، ولكن يدها الممسكة بيده بثت فيه احساسا بعدم الرغبة في تركها ابدا.. حسنا انها المرة الاخيرة التي سيلمسها فيها.. فهو ان لمسها مرة اخري، لن يمسك نفسه عنها..
دفعها عنه بقوة كرد فعل غير ممقصود لذعره حتي كادت ان تصطدم بالزجاج الجانبي لولا انها تفادت الاصطدام بيدها..
وقالت:" علي فكرة لو انت مستقوي نفسك عليا.. انا ممكن اجيبلك اللي يمسكوك يعجنوك.."
لم يتمالك نفسه ونقض عهده الذي قطعه مع نفسه منذ لحظة وجذب شعرها مرة اخري و صاح بحرقة:" تجبيلي مين؟ كريم البسكوتة بتاع الاعلانات بتاعك.. هتجبيلي مين ؟"
نجحت ملك ان تفلت منه و صاحت بعجرفة وهي تبتعد عنه اقصي ما تسمح مساحة السيارة:" انت ناسي انك جاي عندي، انا بس لو شاورت هتلاقي الف اتلموا عليك يقطعوك"
ضحك ساخرا وقال:" اه قصدك شوية العيال السيس اللي وقفوا يتفرجوا عليا وانا بمسح بكرامتك الارض عشان جرحتي عربيتي.. لأ فعلا خفت.."
عضت ملك علي شفتيها في غيظ.. فعلا كيف وقفوا جميعا كمشاهدين وقتها..(سييس) هي احسن وصف لهم!
فاعتدلت في الكرسي ونظرت امامها عاقدة حاجبيها وقالت غاضبة كالاطفال:" متكلمش معايا تاني!"
فابتسم ، كانت حلوة وهي غاضبة.. (مأموصة) مثل الصغار..
فقال بنص ابتسامة وقد بذل جهدا لأخفاء قدرا من مشاعره التي تصرخ هياما بها:" مش بمزاجك..اكلمك براحتي!"
قلبت (بوزها) ولم ترد
***
اوصلها المنزل اخيرا.. واطمان انها دخلت من البوابة امامه.. وجد ميكو تخرج لاستقبالها وقد خرج اليه رجلين حياه باحترام وحملا حقائبها من سيارته..
اتصل بابيه وطمأنه و صافي علي وصل البرنسيسة ملك بالسلامة. ثم ذهب مسرعا الي بيت عمته هيام الحبيبة حيث الحمام.. فقد كان علي مهددا بانفجار المثانة..
***
اول ما وصلت ملك اتصلت بسارة و الفتيات الاتي توافدن علي بيتها فورا، ثم اتصلت بكريم الذي اخبرها انه قادما في الطريق و قد رتب لها برنامج حافلا من المرح..
امضت الوقت حتي وصول كريم .. في الرغي مع فتياتها.. الوصيفات المخلصات، حكين لها عن كل تفصيلة حدثت في غيابها، وحكت لهم عن كل ماحدث في القاهرة وعن ادهم و تحكمه الغير مبرر في تصرفاتها..
انتقت من دولابها الذي نقلته في حقائبها ما سترتديه .. يجب ان يكون ظهورها الليلة مبهرا، لقد اشتاق الرعية لمليكتهم الجميلة و يجب ان تكون عند توقاعاتهم.. لا بل اعلي بكثير!
لن اصف ما ختارت لأنه مهما حاولت لن انجح في تصوير الطريقة التي جعلها تبدو مبهرة ، ملفتة ساحرة، مثل فنانات البساط الاحمر، ولكن سأكتفي بالقول بأن علي قدر حسنه، ادهم لن يكون سعيدا به علي الاطلاق..
صرخن الفتيات في حماس عندما خرجت اليهم به من حجرة الملابس .. لو كن من طبقة اجتماعية اقل درجتين تلاتة لقلن " هياكل منك حتة!"، ولكنهن اكتفين بـ:" اووه !" و "واو!" و "اوه ماي جود! تحفة جدا".
***
كانت سعادة عائلة هيام عمة ادهم غامرة بقدومه، بعد ان دخل الحمام، جلس بينهم ينعم بدفئهم العائلي الذي طالما حاوطه، و بعد ان فرغوا منه اخذته جايلان ليتحدثا كعادتهما
فقالت بخبث:" خبر مجي ملك مكسر الدنيا في الجامعة.. كل الناس مستنياها تظهر انهاردة"
قال ادهم بضيق:" جايلان.. انا بحب ملك!"
لطمت جايلان علي صدرها وكأنها الولية بائعة العيش:" ايه؟؟ انت تحب ملك؟ .. ده انت جربت بنفسك جزء بسيط من سفالتها.. ايه اللي عاجبك فيها بالظبط؟؟"
ادهم سارحا:"مش عارف ! بس حاسس اني مش عارف اعد علي بعضي وهي مش قدامي.."
جايلان:" يابني دي ملهاش كبير.. كفاية الاطتها"
ادهم:" ما انا هبقي الكبير بتاعها.. انا مربيها دلوقتي.. متقدرش تكسرلي كلمة"
جايلان ومازالت مندهشة:" يعني انتوا مرتبطين ببعض دلوقتي؟"
ادهم:" لأ خالص.. علاقتنا زي ما شفتي اخر مرة.. اخوات قدام اهلنا و اعداء برة البيت"
جايلان وقد احتارت :" طب وهي بتسمع كلامك بناء علي ايه؟؟؟"
ابتسم ادهم في ثقة وتذكر ملك و هي مذعورة بين يديه وهو ممسكا بالمقص وقال:" بلطجة!"
سرحت جايلان مفكرة ثم خبطت ادهم علي ظهره في حماس:" ايوة كده الرجالة.. متزعلش مني يا ادهم .. انا طول عمري نفسي اشمت في ملك دي.. ربنا يخليك ليا يا حبيبي وتحققلي احلامي دايما.."
رن هاتفه ، اندهش عند رؤية اسم احمد .. فهو لم يحدثه منذ الموقف اياه..
ادهم مرحا:" اخيرا رضيت عني.. فينك يا واد؟"
احمد بجدية شديدة:" بقولك ايه؟ مش معني اني بكلمك .. اني مش قافش.. بس الحركة دي رجولة مني مش اكتر... عشان تعرف ان مش انا اللي بعد قاعدة خالتي و بجيب في سيرة البنات.."
تذكر ادهم حواره مع احمد في الموضوع فقال باهتمام:" حاجة علي ملك؟"
احمد وهو يضغط علي كل حرف في انفعال:" ايوة.. كريم باشا اللي وقفت تدافع عنه قدامي وتقوللي الولد مغلطش في حاجة .. اتفضل اسمع بيقول ايه علي ملك... قريبتك!"
وحكي له بالتفصيل ما سمع ورأي في جلسته مع كريم وشلته..
وضع ادهم الهاتف عن اذنه بعد انتهاء المكالمة.. كان يسمع صوت الدماء تمر في شرايين وعروق رأسه..
جايلان:" مالك يا ادهم..شكلك عجيب.. انت ودانك احمرت كده ليه؟؟ انت ايه؟ ضغطك عالي؟.. مترد ياله .. مالك؟"
لم يرد عليها بل تركها وتوجه للباب، نادته عمته :" علي فين يا ادهم؟" لم يرد ..لم يسمعها اصلا، خرج و هو ينوي ارتكاب جريمة.. بمن سيبدأ بكريم الحقير..ام بملك الغبية الكاذبة.. كانت تحدث كريم طوال هذه المدة دون علمه! ثم بطريقتها الغبية رسخت في ذهنه فكره انحلالها.. له كل الحق كريم ان يظن بها الظنون و يتلهف لقضاء وقت ممتع معها حيث تبقي ليلتين بمفردها.. وليس فقط ذلك بل يجلس ليتفاخر بملء فمه عن الامر وسط اصدقائة الذين لا يتخيرون عنه..
ماذا سيفعل الان؟ هل يتركها تتحمل عواقب تصرفاتها الغير مسؤلة؟ لن يسطيع ذلك.. ثم انه يجب ان يجد كريم ليقنه درسا علي الاستخفاف به ...ولكن كيف سيعلم مكان مقابلتهم؟ وهل سيلقاها كريم بتلك النية الخبيثة في مكان عام؟؟ فكر قليلا، توصل الي ان شغفها بالظهور سيدفعها اكيد للخروج في مكان معروف حتي تصنع ظهورا خاصا كعادتها.. اتصل بجايلان التي كانت في غاية القلق عليه وسألها بعد ان طمأنها،عن المكان المعتاد لتجمع الشباب من عينة ملك وشلتها الليلة، اجابته جايلان بدون فهم علي وعد منه ان يشرح لها لاحقا..
كان في السيارة يفكر..هل سيقصد المكان؟ ثم ماذا؟؟ يمسك بكريم و يقذفه في البحر ؟؟ لا غير كافي.. وغير مهين كفاية.. يحتاج اكثرمن قذفه في البحر ليبرد غضبه.. وماذا عن ملك؟؟ ولا صفعة ولا حتي عدة صفعات متوالية ستكفيه.. تخيل نفسه و هو ينزل صفعا علي وجهها الجميل.. برغم كل الغيظ منها المته الفكرة.. سرح في خدها كم يبدوا ناعما.. هنيئا لك يا كريم الكلب ! خبط بعنف علي عجلة القيادة.. كان لديه من الغضب ما يكفي لتحطيم السيارة.. تمالك اعصابه ..جلس يفكر.. يجب ان يهدأ ، كل هذا العنف المكبوت لديه الان لن يحقق له شيئا.. لربما ارتكب بسببه جريمة (توديه في داهية).. كان غير قادر علي ابعاد ملك عن رأسه... يفكر في الامر من ناحيتها.. لقد اخبرته من قبل انها تعلم حقيقة كريم و هي قادرة علي التعامل معه.. اتراها مدركة لنواياه ؟ وتظن بغرورها و ثقتها الزائدة بنفسها انها تستطيع السيطرة عليه؟؟ ام هي علي عماها تماما و تظن ايضا بنفس غرورها انها جعلته شخصا افضل بتأثيرها الساحر، وقد صاركريم تابعها المحب؟؟ ولكنه استبعد تماما فكرة ان تكون متجاوبة معه وان ظنون كريم بها في محلها..
رن هاتفه.. انها ياسمين.. ماذا تريد الان؟! ضغط زر التجاهل فآخر ما ينقصه هو حوار سخيف معها.. اتصلت ثلاث مرات ولاقت نفس النتيجة.. الي ان ارسلت له رسالة تقول:" ادهم.. اريد اخبارك امرا هاما يخص ملك قريبتك العفيفة! اتصل بي"
لقد انتشرالامر اذا في الجامعة.. الكل صار يعرف بلقاء كريم وملك في الاسكندرية و معهم الاستاذ (قُفّة) الذي هو ادهم..
اتصل بها ..
ياسمين:" لازم يعني ابعتلك مسج عشان تتصل!"
ادهم:" خلصي يا ياسمين.. ها.."
ياسمين:" هدي نفسك.. الموضوع مش مستاهل عصبيتك دي كلها.. انت مالك مهتم اوي كده هو انت كنت ابوها..دي حايلاة بنت مرات باباك!"
ادهم:" قدامك ثانيتين لو مكلمتيش هقفل.."
ياسمين غاضبة:" ايه يا ادهم الطريقة دي.. اتكلم معايا احسن من كده.. انا غلطانة يعني اني قلقانة عليك"
ادهم:" خلصوا ..هقفل!"
ياسمين بلهفة:" استني.. هقولك اهو.. اصل ملك حكيتلي انها هتقابل كريم في اسكندرية من وراك.. وانا عشان خايفة عليها اصلها بقت زي اختي.. كلمت كريم اطمن منه اذا كان بيحبها بجد ولا زي كل بنت عدت عليه.. فقالي ان علاقتهم عبارة عن وقت لطيف وخلاص.. هو حتي مبيفكرش يصاحبها اساسا.. ولعلمك هي كمان قالتلي عليه كده.. انها مش واخداه جد.. شوف انت بقي لما اتنين بيتلسوا ببعض.. في سفرية زي دي!"
ادهم:" وانتي بقي كلمتي كريم اللي انتي اساسا مش بطيقي تسمعي اسمه ولا هو بيطيق يشوف خلقتك.. عشان يصارحك بالموضوع المهم ده!"
صمتت ياسمين و قد ادركت عدم ابتلاع ادهم للكلام.. اما ادهم بمعرفته القوية بياسمين وبتاريخها معه المليء بخطط الايقاع بينه وبين أي انثي تقربه، استتنج الحوار الحقيقي الذي دار بينها و بين كريم.. هي بالتأكيد من بث في رأس كريم فكرة ان ملك هي فتاة من بتوع التسلية ، قد تكون بالفعل اتصلت به لتتأكد من مشاعره التي صارت واضحة ناحية ملك وعندما اخبرها انه يريد خطبتها اخبرته كلام ملك الذي قالته فعلا عن عدم رغبتها في الارتباط بكريم لأنها مازالت تختبره، ولكن بطريقة محرفة.. مثل انها لن ترتبط بكريم جديا لانها غير جدية في العلاقة.. واقد اكدت ملك الغبية المعلومة بدعوتها للقاء كريم هنا وذكر انها بدون امها..
برغم ان كريم ضحية الاعيب ياسمين الا انه مازال حقيرا ..فقد وعد ادهم وعد رجال انه لن يحدث ملك، بينما في الحقيقة ظل يحادثها من وراء ظهره.. كما انه منذ ان وضع ملك في قائمة "فتيات التسلية" بفضل ياسمين فقد صار يتشدق بالامر وكأنه حصل علي وسام الجمهورية..
ادهم:"ياسمين! انا لو سمعت انك جبتي سيرة ملك تاني في الموضوع ده.. امش هحكيليك رد فعلي معاكي هيكون ايه!"
ياسمين منفعلة بشدة:" انت ايه؟ اعمي.. مش شايفها علي حقيقتها.. دي زيها زي كريم بالظبط.. بتتسلي بالولاد.. دي.."
قاطعها ادهم:" فعلا واضح ان ملك زي اختك! اقفلي يا ياسمين متخلنيش اغلط فيكي.. "
واغلق الخط في وجهها..
زاد غضبه من ملك.. لقد نصحها بالابتعاد عن ياسمين و كان ردها "ياسمين دي بنت كويسة" لقد حكمت عليها ظاهريا بمجرد ان رأتها تتشابه مع صديقاتها التي تربت معهن ، غرورها منعها ان تستمع اليه.. هاهي قد اوقعتها ياسمين في مصيبة و لا نعلم الي اي مدي سيكون صداها..
يجب ان تلقن ملك درسا.. العصبية وحتي العنف لن يجدي معها نفعا..
اتصل بها ..
ردت ملك:" ايه يا ادهم في حاجة؟"
ادهم:" برضه ايه؟ مفيش حتي الو.."
ملك:" انا نازلة هخرج مع اصحابي وانت معطلني عن اللبس.. سيبني افك بأة عن نفسي.. بدل الخانقة الي انت عاملهالي في مصر.. اظن هنا ولا في كريم ولا ياسمين.. سبني بقي.."
ادهم:" تصوري اني لمحت واحد شبه كريم اوي راكب عربية زي بتاعت كريم..انتي متأكده انه مش هنا؟"
ملك وقد اصابها بعض التوتر:" لأ.. وحتي لو هنا انا هعرف ازاي .. هو انا بكلمه؟؟.."
ادهم:" انا بس بسألك عشان اديكي اخر فرصة تقولي لو مخبية حاجة.. عشان لو اكتشفت حاجة بنفسي.. ليلة ابوكي هتبقي سودة.."
ملك متصنعة الحزن:" ابويا الله يرحمه.."
ادهم:" قديمة! بس متزعليش اوي كده، ده في احتمال تقابليه الليلة.. "
صمتت ملك تفكر.. هل علم شيئا؟؟ وحتي ان علم.. ملوش حاجة عندها.. ابوها المسؤول الاوحد عن تصرفاتها مات!
ملك:" خلصت سخافة عليا؟؟ ارتحت؟ ممكن تقفل بقي عشان مش فاضية.."
ادهم:" انتي لسة شفتي سخافة.."
وانهي الكالمة دون سلام..
جلس في سيارته ممسكا بشريحة الخط الجديد الذي اشتراه للتو.. وضعه في هاتفه و ارسل منه رسالة لهاتف كريم تقول:
" كريم.. انا ملك لا تحاول الاتصال بي علي رقمي ولا ترد علي اي مكالمة منه.. ادهم اخذه مني.. ربما يستخدمه لأكتشاف ما يحدث من وراء ظهره.. يمكنا فقط ان نتراسل علي هذا الرقم.. اين انت الان؟"
ثم قام بارسال رسالة الي هاتف ملك:
" ملك انا كريم.. لقد وصلت ثم قابلت ادهم مصادفة و انا اجلس معه الان.. انه يتصرف بغرابة و يعبث بهاتفي بحجة رغبته في شراء واحد مثله.. اظنه يحاول اكتشاف ما بيننا.. لحسن الحظ انه لم يلمح هاتفي الاخر.. لا تتصلي بي، يمكننا ان نتراسل فقط علي هذا الرقم.."
جاءه رد كريم:
"ملك افتقدك بشدة.. لقد وصلت.. اتريدين ان امر عليكي ام تأتين انت؟ انا اقيم حفلا ببيتي.. اريدك ان تاتي .. ستكونين ضيفة الشرف.. اخلصي من ادهم المجنون واتصلي بي"
كذلك رد ملك:
" اعرف انه صار متشككا، عموما لم اعد اعبأ فهو لا حكم له علي.. متي سنتقابل؟ انا معي الفتيات ونريد الذهاب الي (--) سأنتظرك لنذهب كلنا معا "
اطمائن قلب ادهم ان اسلوب ملك لا يدل علي انها متجاوبة مع نية كريم الحقيرة، برغم انه لم يكن لديه شكا..
فقام ادهم بالرد علي كريم اولا اراد ان يختبر مدي سوء نيته و تصميمه:
"كريم لا استطيع ان احضر الي منزلك لا يصح ذلك.. ارغب في الخروج في مكان ما ومعنا اصدقائي"
كريم:
" هيا يا ملك لا تكوني سخيفة.. لقد ظننت انك بنت متفتحة و ليس لديك عقدا مثل البنات المتأخرين لا يمكن ان اخرج بمكان عام انا لا ارغب في مشاكل مع ادهم.. فقد اخبرته سابقا اني لن احدثك.. الاسكندرية صغيرة وقد يقابلنا مصادفة .. ثم اني قد اعددت للحفل، لا تقومي باحراجي.. انت نجمة الحفل.. "
اذن فانت لست تختبرها يا كريم لتري الي اي مدي تصل حدودها..بل انت مصرا علي ما في رأسك.. وتقوم باستمالتها ..
فارسل له ردا:
" برغم من ان هذا ليس من طبيعتي ولكني اثق بك يا كريم فقد اقنعتني.. سأتي.. ارسل لي العنوان.."
كان رد كريم الاخير:
"هذه صغيرتي المطيعة.. العنوان..."
ادار ادهم السيارة وتوجه الي العنوان..
اثناء القيادة كان يتبادل الرسائل مع ملك منتحلا شخصية كريم، وقد دعها مثل كريم لتاتي الحفل بمنزله.. فكان رد ملك مختلفا عن رد ادهم علي دعوة كريم..
ملك: " حسنا ولكني سأتي و معي خمس صديقات، علي شرط ان مررت علي حفلتك قليلا وحييت اصدقائك يجب ان تأتي بعدها معي الي (--) حيث اصدقائي انا.. موافق؟"
كل ما تفكرين به هو الظهور بكريم يا ملك.. الا تدركين اي اساءة تسيئيها الي نفسك و موقفك.. برغم من انها اتخذت حيطتها و ستذهب بيته ومعها مجموعة، الا انها مازلت غبية!
كاد ادهم ان يرسل لها سبة في رسالة ولكنه لم يريد ان يفسد خطة تلقين الدرس..
اجابها انه موافق وسيتصل بها عندما يصل لبيتها..
وصل ادهم الي بيت كريم.. عمارة فاخرة مطلة علي البحر، ارسل له رسال :" لقد اتيت .. اضغط زر فتح البوابة"
وبالفعل في خلال دقيقتان كان ادهم امام باب الشقة الفاخر.. كما توقع لم يكن هناك اي مظهر من مظاهر الحفل.. ولا حتي صوت موسيقي. . طرق الباب .. حضر قبضته استعدادا للكمة الاولي.. ولكنه فوجي برسالة من كريم علي الهاتف:
" صغريتي.. الباب مفتوح ادخلي.. هناك مفاجأة لكي.."
زاد غيظ ادهم ودفع الباب في غل و دخل، رأي في الاضاءة الخافتة للصالة الواسعة،علي مسافة منه قرب النافذة المطلة علي منظر البحر.. طاولة بكرسيين عليها شمع مضاء وبعض الورود..
ثم قفز كريم من خلف الباب قائلا:" ايه رأيك؟؟؟"
كاد ان يصاب بسكتة دماغية حين رأي ادهم.. فتح فمه و عيناه ذاهلا ..
ادهم متصنعا الرقة :" لأ ذوقك تحفة.. يا كوكو.. " ثم قال بحدة:" هي دي كلمة الرجالة يابن الـ (لفظ منتهي البذائة)" تبعها اللكمة التي تشوقت قبضته لمناولتها...
تراجع كريم خوفا واضعا يده علي وجهه الذي المه بشدة وقال مذعورا:" هي اللي قالتلي تعالي اسكندرية، وهي اللي قالت لي نكلم وماقولكش.... هي اللي قالت والله.."
ادهم:" وانت ايه (لفظ بذي) ؟ هي اللي بتمشيك؟؟.. انت مش اديتني كلمة يا (نفس اللفظ)؟"
كريم:" ما هي قالتلي ادهم ملوش كلمة عليا.. "
ادهم:" ولما انت مقتنع بكدة.. موقفتش في وشي ليه ساعتها وقلتلي وانت ومالك؟؟ ليه قدامي تقولي حاضر و رايح من ورايا تكلمها.. وكمان بتقولها عامل حفلة كبيرة وانت محضرلها كمين.. هتضحك عليها بالشمع والورد؟؟ امال لو مكنتش قلتلك اعتبرها كانها اختي!! .. وعلي فكرة كل كلمة قلتها عليها انت والـ (جمع للفظ بزيء مختلف) اصحابك وصلتني.. وليهم لسة حساب معايا"
كان يصفعه علي وجهه اثناء الحديث عدة صفعات، كان كريم يحاول حماية وجهه، ولكنه كان اجبن ان يهاجم ادهم فهو يعلم انها معركة خاسرة ..
بصق عليه ادهم ثم خرج وتركه.. حتي لم يحذره الا يحادث ملك مرة اخري، بالعكس كان يود ان يفعل حتي يصير من حقه ان يقتله دون ادني شعور بالذنب..
ضحك و هو ينزل في المصعد ويتخيل الراحل انور وجدي في فيلم (امير الانتقام) وهو يرفع رأسه في شموخ قائلا "الأول"، لم يكن يتخيل ان كريم بهذا الجبن، لم يرفع يده حتي ليدفعه عنه.. فعلا صفة الخسة تأتي دائما مع صفة الجبن..
الان حان دور الثاني، "تعاليلي يا لوكي!" قالها بصوت عالي وهو يدير السيارة..