ما ان عادا حتي دخل ادهم الي صافي حدثها علي انفراد.. اقنعها ان ملك حقا (استوت) ويجب ان تصالحها.. وانه سيضمن لها عدم تصرف ملك بأي طريقة تضايقها مرة اخري.. ابتسمت له صافي و قالت:" انا كنت هجنن واصالحها بس مسكت نفسي.. بس فهمها ان رضيت بالعافية.. وانها محتاجة تثبتلي بعد كده انها اتعلمت الصح"
ادهم ضاحكا:" والله يا طنط انتي خسارة في البت دي.. متجيش تبقي امي انا و تسيبك منها"
عبثت في شعره بحنان وقالت :" اعتبرني امك يا ادهم.." ثم صمتت وحدقت بجدية في وجهه لبرهة ثم انفجرا ضاحكين ، قالت وهي تضحك:" ده كان حتة من فيلم ايه ده؟.."
ادهم مبتسما:" مش فيلم واحد.. دي من كذا فيلم.. "
امسك بيدها وقبل ظهرها وقال:"شكرا علي العرض يا ست الكل.. هندهلك بنتك بأة"
تابعته بحب و هو يخرج من الغرفة ودعت في نفسها:" يارب يا ادهم تبقي من نصيب ملك"
كانت مصالحة ملك لها مختلفة عن المصالحة المتعارف عليها من حوار و عتاب و اسف.. ما وطأت بقدمها في الغرفة حتي القت بنفسها في حضن امها وظلت تبكي لمدة طويلة قبل ان تتحدث.. خرج ادهم من الغرفة متظاهرا انه يتركهما علي نفراد، ولكن الواقع انه لا يحتمل بكاء ملك..
قالت ملك وسط الدموع:" اوعي تزعلي مني تاني يا مامي و متكلمنيش.. انا عمري ما هزعلك تاني ابدا.. انا مليش غيرك في الدنيا.. لو انتي خاصمتيني هيبقالي مين.."
مزقت كلماتها قلب امها، فصارت تبكي معها.. دخل عصام ليجد اربع عيون حمراء غارقة في الدموع، ظن ان امرا جللا قد حدث.. وعندما علم انه مجرد صلح بينهما.. قال وهو واضعا يده علي قلبه محاولا ان يهديء من روعه:" ربنا يشفيكوا!.." وخرج من الحجرة حانقا
قالت ملك وسط الدموع وهي تتابع عصام مندهشة:" هو ازاي عمل زي ادهم كده؟!"
قالت صافي في خنفان و هي تمسح انفها بمنديلا:" ادهم هوة اللي زيه! "
ابتسمت الاثنتان و تعانقتا ثانيا..
***
اصبحت علاقة ادهم وملك اقوي تدريجيا، صارا صديقين .. نشأ بينهم نوعا قويا من التفاهم، اصبح يعرف كل تفصيلة عنها كما عرفت هي عنه، صار يقراءها جيدا وكانها كتابه المفتوح، كان يري في اعينها الاهتمام ويستمتع به.. والوقت الذي يمضيانه معا صار ممتعا لدرجة ان كلاهما خشيا ان يفسداه باعتراف احمق قد يهدد ذلك الانسجام.
استغلت ملك التفاف البشر حولها في الجامعة ، كانت تقودهم كالقطيع نحو الكثير من المشرعات الخيرية التطوعية والتبرعات لصالح عدة جهات محتاجة.. لقد كانت خبيرة بها، فلطالما اقامت مثلها من البرامج و المشاريع الصغيرة ولكن هذه المرة الامر مختلف، سابقا كانت تفعلها بهدف الظهور وخصوصا في حفلات التبرعات التي كان ينفق علي اقامتها اكثر من مبالغ التبرعات..ولكنها اعادت التفكير.. ستفعل كما اعتادت ان تفعل ولكن هذه المرة بالطريقة الصحيحة.. الان هي تجند عدة اشخاص اكفاء لعمل دراسة لأفضل فكرة خيرية و اكثر الجهات احتياجا، و مجموعة اخري اكبر مكرسة للتنفيذ، اما المجموعة الاصغر ولكن الاهم والتي هي بقيادة ملك شخصيا هي مجموعة التأثير علي الطلاب للتطوع او المشاركة اوحتي مجرد التبرع والذي كان اقل ما يقال عنه "طائلا" نظرا للمستوي المادي لجميع الطلاب.. لقد صار الانضمام لحملاتها هو طموح كل من في الجامعة، اصبح بسببها العمل الخيري هو الموضة!.. كانت مثلا ترتدي (تي شيرت) يحمل شعار احدي حملاتها الخيرية فتصير (التي شيرت) هي ما يرتديه الجميع، فتصبح الدعاية اكبر من محيط الجامعة.. صارت مليكتهم! ليس لقبا جديدا عليها .. ولكنها هي الجديدة عليه.. تخلت تماما عن صورة الملكة المتاعلية المتعجرفة.. واصبحت ملكة القلوب الجميلة.. يكفي ان تبتسم فيقع الجميع في حبها.. تؤثر عليهم عن طريق رغبتهم في يكونوا مثلها.. ليس لنيل رضاها اواتقاء لشرها كما كان الحال في جامعتها السابقة.. لقد كان ذلك التغير في البداية لكي تظهر لأدهم قدرتها علي تكون احسن.. ولكن ما ان بدأت غمرها ذلك الاحساس بالقدرة علي الانجاز .. اندمجت في الامر وتعمقت فيه وصارت سعيدة بالنتائج ، وترغب في المزيد..
تتسائلون عن كريم؟.. لم يحضر بعد! اشيع عنه انه قدم اعتذارا عن السنة و في مقولة اخري انه ارسل شهادة مرضية تعفيه من الحضور و سياتي علي موعد الامتحانات..
اما ياسمين حاولت تجميع شلة اخري من حثالة الجامعة .. هاهي تجلس في وسطهم تأخذ وضعها ..تعنف احداهن لأنها اتت بحذاء رياضي علي شنطة كلاسيك.. وتطردها من الشلة..
كانت ملك احيانا تتذكرها فتذهب لأدهم ..تحدثه همسا او تسند رأسها الي كتفه وتوجه نظرة "موتي!" الي ياسمين.. كانت تعترف الي نفسها انها كانت تفعل ذلك ليس فقط لتكيد ياسمين بل لأنها وجدت نوع من السعادة و هي تعامل ادهم و لو بالكذب معاملة الحبيب..
كانت ملك مازالت علي اتصال برفيقة عمرها سارة، ولكن صارت المكالمات اقصر والرغي اقل، لم يعد حديث سارة عن اخر الاخبار في المجتمع السكندري يهم ملك، وصار حديث ملك عن انجازاتها و برامجها الخيرية مملا جدا بالنسبة لسارة.. ولكن العشرة و الصداقة اجبرتهما علي استمرار العلاقة ..
اصبحت لملك صديقة جديدة.. انجي، فبعد حوارات مطولة و مباحثات استمرت لمدة حوالي اسبوع .. استقر الحال بأنجي وحازم علي ان تتم خطبتهم بعد ظهور النتيجة.. كانت انجي تري ان ملك هي الضوء الذي انار لها طريقا مختلفا في التفكير.. وانها سبب غير مباشر في عودة حازم حبيبها اليها.. اما حازم.. فقد اوشك ادهم ان يلكمه مرة من كثرة حديثه عن ملك و شكره فيها، كان يقدر دورها بشدة في الوصول الي الموقف الحالي الذي احياه واسعد قلبه بعد ان كان تعيسا لمدة عامين بدون انجي..
كل ما سبق يعطي ايحاءا باقتراب النهاية السعيدة.. كله تمام.. السيء اخذ جزاءه، و المتخاصمين اصالحوا، والعيوب انقلبت لمزايا.. و الاحبة سعداء.. بقي ان يعترفا البطل و البطلة بحبهما المتقد لبعضهما البعض..
بعينكم!
في احد الايام بينما اجتمع الجميع علي السفرة..غمرت صافي لعصام غمزة زاد معني، فقال عصام موحدثا ملك:" ملك انا عندي ليكي خبر.. من وجهة نظري انا و مامتك هو رائع.. بس طبعا رأيك هو الاهم.. جالك عريس!"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق