حاول النوم لم يستطع .. هناك شيئا ما.. تبا للاكل قبل النوم.. كلما حاول اغماض جفنيه لسبب ما ..يفتحان..وكأن مخه منفردا يرسل لهما اشارة بالبقاء مفتوحين.... سيأخذك علي (قد عقلك) ايها المخ.. فلتبقيا مفتوحان يا جفنيه ان اردتما و ولكنه سينام شئتم ام ابيتم!.. فكل شيء معدا للنوم ..البيت خالي.. هاديء تماما بلا صوت.. درجة حرارة الغرفة مناسبة تماما .. و الظلام يسود.. نعم الظلام.. حتي وان كانت هناك ظلالا.. تلك الظلال التي تترامي في ارجاء المكان نظرا لوجود تسريبات خافتة لضوء بمكان ما بالخارج.. اي كان كنهِكِ ..سينام.. فهو مرهق و قد انتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر.. ولكنه مازال غير قادرا علي النوم..هناك شيئا ما..
دار بعينه في الغرفة علي سبيل تمضية الوقت.. لعله إن ابعد عن رأسه فكرة النوم، اتاه مباغتا.. حتي في الظلام الامر جلياً..كم هو مهمل؟؟ ملابسه في كومة فوق ظهر كرسي المكتب.. فلنلتمس له العذر كان مرهقا، فالقاها.. من المضحك ان وضعيتها تصنع كيان جالسا علي الكرسي.. الاعيب البصر المرهق في الظلام.. و تلك المرآة.. ان اوان تغييرها.. فهي قديمة قدم الدهور..صورتها مشوهه و النظر اليها صباحا يصيب بالاحباط ، ويجعل المرء قبيحا اكثر مما هو عليه... حتي الان انعكاس الحجرة فيها يظهر خيالات لاشياءاً ليست موجودة بالمرة.. هل تحركت احدي الخيالات؟؟ يالخداع البصري والارهاق.. يجب عليه النوم الان .. ولكن لم صارت فكرة النوم غير محَبَذة الان؟؟ هناك شيئا ما..
شد الغطاء علي جسده الممدد علي السرير.. هل زادت برودة الغرفة؟! حتي انت يا درجة الحرارة تتأمرين عليه.. الا يحترم احد رغبة انسان مرهق في النوم؟.. ولكن اين النوم الان؟؟ لقد انشغل فكره تماما بتلك الظلال انها تاخذ اشكالا .. فليسلي نفسه بتمييز كل شكل..هذه تبدوا فعلا علي هيئة شخص.. شخص برأس ضخم و جسد ضئيل.. ابتسم ساخرا و هو يتخيل لو كان للظل صاحب حقيقي.. لبدا مرعبا بحق.. اما هذا فيبدوا وكان صاحبه شخص برأس حيوان.. حيوان بأذنين عالية طويلة.. ام ربما قرون.. انها حقا معقوفة مثل القرون ..لقد صرت تهذي تماما.. انت مرهق نم!
لم سرت تلك القشعريرة الباردة في موخرة رأسك؟؟ هل اخافتك الظلال؟؟ ام انها درجة حرارة الجو المستمرة في الانخفاض؟؟ ام ان ما اخافك هو تلك الخيالات في المرآة؟؟ لقد تشكلت .. و يالصدفة ان احدها اتخذ شكل رأس عملاقة فوق جسد صغير.. واخر هو لرأس مرعب لديه قرونا شيطانية.. لو كان شخص اخر هنا ، لقال ان تلك الظلال تخص تلك الخيالات!.. غريبة انها تظهر بظهرها للمرآة.. لابد ان تدع عقلك المتعب يرتاح.. ما هذه التخيلات المريضة.. انت مرهق بشدة.. ما كان يجب اتتناول ذلك العشاء الدسم..
البرودة تزداد.. لقد تدثر حتي وجهه مبقيا مسافة لانفه تتنفس.. هنا تحت الغطاء حيث الدفء و الظلام الدامس.. والامان.. والهدوء.. انعما بالنوم الان يا جسده و عقله.. و لكن هناك شيئا ما.. بذكر الهدوء.. ما هذا الصوت؟؟
انه صوت خافت .. يكاد الا يُسمع .. ولكن الهدوء الشديد في الحجرة جعله واضحا.. هو صرير ممزوجا بتكتكة.. رفع الغطاء من علي وجهه متوقعا ان يري مشهدا من فيلم رعب حيث يفتح الباب ببط مسربا ضوء مصفّرا ومن خلاله يدخل الشر.. ولكنه رأي شيئا اخر.. شيء جعله يبتلع لعابه بصوت مسموع.. و يشعر بقلبه و هو ينزل نزلولا الي امعاءه.. كومة الملابس التي تتخذ هيئة شخص..اتذكرونها؟؟ كانت تستمع بالدوران البطيء بكرسي المكتب.. كان هذا هو صوت الصرير.. الكرسي يدور ببط حاملا ما بدا انه .. لن نقول انسانا.. فاالإنس لا يتكونون من مجموعة ملابس ملقاة باهمال علي كرسي المكتب...حسنا! فلنكتفي بهذا القدر من الظلام..حان و قت ايقاد النور.. وذلك يعني النهوض و عبور الحجرة الي الحائط المقابل حيث زر النور بجوار الباب.. الامر يحتاج تماسك.. فالفزع والاضطراب لن يفيدا احدا.. ثم كيف سيفسر للجيران عندما يملاء الدنيا صراخا بان كومة ملابس علي الكرسي هاجمته..لربما صاحت به احدي الجارات:" هذا من جنس عملك يا مهمل!" ثم تذكر شيئا اخر.. ليس لديه جيران!.. شقته في عمارة جديدة لم تكتمل، انها تلك المناطق الغير مأهولة بعد... ليكن..النور هو الحل... قام مرتجفا من السرير...لم يدر ان كانت البرودة ام الخوف السبب في الرجفة.. القي نظرة علي الزر البعيد الغير واضح في الظلام.. لقد ضغط عليه قبل قليل بكامل ارادته معلنا رفضه لأي ضوء.. والان يستجديه عن ان يضييء النور من تلقاء نفسه.. النور الجميل ..موضح الاشياء .. قاتل الخيالات..
نهض واقفا ليصبح مواجها للمرآة علي الحائط المقابل.. دقق النظر اليها.. مازالت الخيالات تبدوا فيها بظهرها، ولكن هناك شيئا ما... بدت اصغر.. خيرا.. هذا يعني انها تتلاشي.. الم نقل انه مرهق ويتصور اشيائا؟!...لا لحظة! انها تصغر وكانها سارت مبتعدة عن المرآة.. نظر الي الظلال علي الارض و جد مكانها قد تغير لقد صارت قربه.. اعاد نظر للمرآة من مكانه عن بعد.. اذا كان ظهر تلك الاشياء هو للمرآة .. فإلى اين وجهها؟
"الظل يتبع صاحبه".. رنت في رأسه تلك الجملة و هو ينظر مرتجفا للظلال علي الارض و هي تحاوطه علي بعد خطوة منه .. ان كانت كانت تلك الظلال هي ظلالها.. اذن...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق